حسام محمود فهمي
الحوار المتمدن-العدد: 1504 - 2006 / 3 / 29 - 00:53
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
المنطقُ، مبادلةُ الحُجةِ بالحُجةِ، مقياسُ رقي المجتمعاتِ، بقدرِ ما يسودُ يعلو الهدوءُ والتفاهمُ. يستحيلُ أن تسمو أمةٌ إذا سادَ الشِجارُ والتلاسُنُ، إذا تكلمَ الجميعُ في آنٍ واحدٍ، إذا غلبَ عليهم الشكُ وتَوَهُمُ اِحتكارِ الصوابِ، إذا سالَت الدماءُ، تلاكُماً وقَتلاً. الحياةُ اليوميةُ مرآةٌ لتحَضُرِ المجتمعاتِ، اِحترامُ قواعدِ المرورِ، الوقوفُ في الطوابيرِ دون تكاتفٍ أو تدافُعٍ، صِدقُ الصحافةِ في التناولِ والعرضِ، تطبيقُ القوانينِ علي الجميعِ، علي الكبيرِ قبل أن يُفتحَ واسعاً بابُ خروجِه.
المشاجراتُ لأتفهِ سببٍ تعكسُ وضعاً مَرَضِياً، مجتمعٌ يُعاني الظلمَ، القهرَ، البطالةَ، الفقرَ، المرضَ، التعصبَ. محترفو الحكمِ لم يقدموا إلا المثلَ الذي لا يُحتذي، اِمتهنوا الإساءاتِ لمعارضيهم، تشويهَ سمعتِهم، تكبيلَهم بالتهمِ، إدانتَهم ولو شحَت الأدلةُ، اِستخدموا الإعلامَ لترويجِ كلِ خطأٍ، داسوا القوانينَ بدمٍ باردٍ. حتي من اِعتلوا المنابرَ جافوا الهدوءَ والإقناعَ، اِنعَدَمَ فكرُهُم، علا صوتُهم، نَفَرَت عروقُهم، توترت نبضاتُهم، بدلاً من أن يكونوا دليلَ تَعَقُلٍ أصبحوا سبباً لعنفٍ أهوجٍ.
الصوتُ العالي يعوقُ التركيزَ، يحجُبُ التفكيرَ، التروي، تصرفاتٌ هوجاءٌ ولو أُضفيت عليها هالاتُ النجاحِ. ما أكثرَ ما رَوجَت الأنظمةُ العربيةُ لخطاياها، أموالٌ أُنفِقَت بلا حسابٍ، ضاعَت هباءً، ما أكثرَ ما أثبتَ التاريخُ الكَذِبَ والزَيفَ، ما خَدَعَته لو تَوهَمت، الشعوبُ تدفعُ الثمنَ، يعودُ عليها الفشلُ ولو لم تشارك في صنعِه. شعوبٌ تقدمَت واِكتسَحَت باِحترامِ العقلِ، لسنا منها، هدأت أعصابُها، تفرغَت للتخطيطِ والتدبيرِ، لا تهتزُ لها شعرةٌ من فرطِ ثقتِها بنفسِها وقدرتِها علي الفعلِ، ردُ الفعلِ للضعفاءِ فقط، طائشٌ، أهوجٌ، بائسٌ، مدمرٌ، للذاتِ، دون سواها.
الصوتُ العالي لا يُكسِبُ حقاً، دليلُ إفلاسٍ وقلةِ حيلةِ، كلامٌ متشنجٌ حلَ مكانَ العقلِ. يا لُِعُلوِ صوتِنا، شعوباً وحكوماتِ، ما أكثرَ إخفاقَنا، لم يسمعنا أحدٌ، ولم يُصدقنا، لم نتعِظ، أصبحنا الظاهرةَ الصوتيةَ التاريخيةَ، بلا مُنازِعٍ،،
#حسام_محمود_فهمي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟