عاد بن ثمود
الحوار المتمدن-العدد: 5960 - 2018 / 8 / 11 - 04:11
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
>> صلعم <<
*
يحكى أن أستاذاً مزهواً بنفسه دخل للقسم الجديد بداية السنة، و بدأ يعرف بنفسه و يعدّد مناقبه و خصاله الحميدة أمام تلامذته، و أنه أعظم أستاذ في المدرسة وهبته لهم الأقدار،
و أن طريقته في التدريس لا يقدر عليها سواه من شدة نبوغه و تمكّنه من أصول التدريس المستفيض و الشرح العريض.
و لم يفته أن يخبرهم بأن إسمه "محمود" و أن المدير نفسه قد أثنى عليه و شكره، و هو يثني عليه و يشكره دائماً كلما ذُكر إسمه في الإجتماعات أو حتى بين أفراد أسرة المدير و معارفه.
أستاذنا محمود - الذي أثنى عليه المدير و شكر - أوصى التلاميذ بأن يَحدوا حَدوَ المدير و أن لا يكُفّوا عن الثتاء عليه و شكره كلما ذكره الذاكرون فيما بينهم، و أنهم بهذه السُّنّة الحميدة سوف يضمنون إلتحاقهم بالقسم الأعلى في آخر السنة.
إقتنع كل التلاميذ بما قاله أستاذهم محمود الذي أثنى المدير عليه و شكر، و بدأوا يردفون إسمه عندما يتطرّقون للحديث عنه بلازمة " أثنى عليه المدير و شكر" حتى لو أنهم ليسوا متأكّدين من أن المدير قد أثنى فعلاً عليه و شكر.
*
مع مرور الأيّام، بدأ التلاميذ يمتعِضون من طول عبارة " الأستاذ محمود أثنى عليه المدير و شكر" لأنها تبدو سخيفة.
فاقترح عليهم أحد التلاميذ النجباء في القسم إختصار العبارة في أحرفها الأولى.
و يحكى – و الله أعلم – أنه منذ ذلك الحين أصبح إسم الأستاذ محمود مقروناً بلازمة (أعمش). (أثنى عليه مديره و شكر)
و تعاقبت الأجيال، و مات الأستاذ محمود، و لازال ذكره في المدرسة يُختزَل في "محمود الأعمش"
(على غرار "صلعم" التي تنوب "عن صلّى الله عليه و سلّم")
*
المختصر المفيد:
ما الفائدة في أن تردّد جملة فعلية بعد ذكر إسم أحدهم؟
خصوصاً أنه هو الذي أخبرك بحدوثها.
المصيبة العظمى هي أنك لست موقنا من حدوث الفعل الذي تتضمّنه الجملة.
آرمستروتغ مشى على القمر و مع ذلك لا يُقرن إسمه بلازمة "مشى على القمر و ثبّت الراية تثبيتا" ... أو يا أيها الفلكيون قولوا مشى على القمر و سلّموا عليه تسليما.
صلّى و يصلّي هو مجرّد فعل في الماضي و الحاضر، فلماذا تُلزم نفسك بترداده كلما ذُكر إسم المفعول من أجله حتى لو إفترضنا أن الجملة حقيقية و صحيحة ؟
و ما هي طبيعة الثواب الذي ستجنيه من نقل خبر زائف ؟
*
لله في خلقه شؤون
#عاد_بن_ثمود (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟