|
فتاة المطر
حسين محمود التلاوي
(Hussein Mahmoud Talawy)
الحوار المتمدن-العدد: 5957 - 2018 / 8 / 8 - 00:51
المحور:
الادب والفن
1 لم تكن "مشيرة" مِمَّن يخفن الذهاب إلى الأماكن التي لا يعرفنها. لذلك راحت تتجول بهدوء في الشوارع الخاوية في تلك المنطقة النائية بحثًا عن العنوان المذكور في إعلان الوظيفة المغرية الذي دفعها إلى أن تقطع نحو 30 كيلومترًا ذهابًا ومثلها تنتظرها إيابًا سعيًا للحصول على الوظيفة. لكن أعصابها بدأت تهتز قليلًا، عندما تساقطت فوق وجهها قطرات ماء بسيطة؛ فنظرت إلى الأعلى بحثًا عن المصدر المحتمل لتلك القطرات لتفاجأ بأن السحب القليلة التي كانت متفرقة في السماء قد تكاثفت لتكوِّن سحابة كبيرة راحت تمارس ما جُبِلَتْ عليه من إسقاط الأمطار في الشتاء. رفعت "مشيرة" حقيبتها لتغطي رأسها اتقاءً لهذا البلل غير المتوقع، وأسرعت في خطاها، وتمنت لو قابلت شخصًا تستدل منه على العنوان الذي ترغب في الوصول إليه، ولكن تساقط الأمطار ازداد كثافةً لتصبح مطرًا صريحًا لا مجرد رذاذ. هنا توقفت أسفل شرفة الطابق الأول في أحد منازل ذلك الشارع المنعزل الذي قادتها إليه قدماها، وقد تملكتها الحيرة. ولكن قبل أن تصل إلى إجابة محددة، بدأ المطر يتزايد إلى الحد الذي شوَّش الرؤية تمامًا أمامها، وبدأ ذعر مجهول السبب يغزو قلبها جعل أعصابها تهتز أكثر فأكثر. وما زاد الأمر سوءًا أنها لم تكن تدري سببًا لهذا الذعر الخفي؛ فالمطر يتساقط حقًّا بوتيرة أعلى من المعتاد، ولكن ليس إلى الدرجة التي تثير كل هذا الذعر في قلبها. وفجأة... أدركت السبب في الذعر الذي انتابها؛ فالماء الذي تكاثف مشوٍّشًا الرؤية أمامها لم يكن يتساقط من السماء، بل كان يصعد من الأرض! لوهلة لم تصدق ناظريها، ولكن بعد أن دققت النظر جيدًا، وجدت أن المياه تتصاعد من أسفل إلى أعلى لتكون مع المطر المنهمر بغزارة شديدة كتلة مائية كبيرة حجت الناحية المقابلة من الشارع تمامًا أمامها. فكرت في أن تصرخ، لكن الصرخات أبت أن تغادر حلقها، كما أن الشارع لم يكن فيه من يمكن أن تستغيث به؛ فقررت أن تجري مبتعدةً عن مكان تلك الدوامة المائية، وقد تحولت إلى كتلة من الهلع الأخرس. ولكن قبل أن تتحرك قدماها، ارتفع الماء من الأرض ليشترك مع الماء المتساقط من السماء في تكوين جدار مائي حال بينها وبين الابتعاد. وعندما التفتت إلى الجانب الآخر، وجدت جدارًا مائيًّا مماثلا يرتفع لتصبح في النهاية مسجونة بين أربعة جدران مائية. 2 كان أول ما خطر ببال "مشيرة"، عندما أدركت موقفها أن هناك عفريتًا في الأمر... وراحت تردد في همسات لم تتجاوز شفتيها: "سلامٌ قولًا من ربٍ رحيمٍ". استمر الموقف للحظات بدت لها دهرية قبل أن تنهار الجدران المائية فجأة ليحتشد الماء الذي كان يكونها في كرة مائية في مستوى ناظري "مشيرة" التي هوت وسط مياه الأمطار فاقدة الوعي. لم تدر "مشيرة" كم بقت فاقدة الوعي، لكنها استيقظت بفعل قطرات المطر التي راحت تتساقط بعنف فوق وجهها؛ فأفاقت لتجد الكرة المائية لا تزال فوق رأسها؛ فحاولت النهوض لكن جسدها لم يطعها؛ فظلت في رقدتها ترقب الكرة المائية في هلع رهيب، وقد ارتجفت شفتاها بكل الصرخات المكتومة في أعماقها. ولوهلة بدا لها أن قطرات من الكرة المائية بدأت تتفرق رويدًا رويدًا، ولكن بعد فترة من الوقت أدركت أن هذا يحدث بالفعل؛ إذ راحت القطرات تحتشد مرة أخرى لتشكل أمام عيني الفتاة المذهولتين فتاة أخرى بدت كتمثال من الماء. هنا لم تستطع "مشيرة" أن تصبر على وضع الرقود الذي كانت فيه؛ فأخذت تحاول النهوض، ولذهولها مدت الفتاة يدًا مائية وكأنها تدعو "مشيرة" للإمساك بها والنهوض. لكن "مشيرة" المذعورة لم تلق بالًا إلى تلك اليد، واستندت إلى جدران المنزل الذي كانت تحتمي بشرفته لتقف على قدمين مرتعشتين بلغ من ارتجافهما أن راح الماء يتناثر من فوقهما. وعندما اعتدلت في وقفتها تمامًا، نظرت إلى الفتاة المائية، وقد اعتلت وجهها نظرة هلع ملأها التساؤل.؛ فلاحظت ما يشبه الابتسامة فوق شفتي الفتاة المائية، التي كان يمكن ملاحظة أنها كانت لتصبح بارعة الجمال، فقط لو كانت من لحم ودم مثل بني البشر! وفجأة اكتست ملامح الفتاة المائية ألمًا، وتعالى من بين شفتيها صوت رقيق يقطر حزنًا يقول: "ساعديني". ارتعدت "مشيرة" بشدة، لكنها لم تحر جوابًا؛ فعادت الفتاة تقول في الألم والحزن نفسيهما: "ساعديني يا مشيرة". ومن جديد اكتفت "مشيرة" بالارتعاد دون أن ترد على الفتاة المائية؛ فعادت الفتاة تكرر طلبها عدة مرات إلى أن استجمعت "مشيرة" شجاعتها لتقول في صوت مبحوح من فرط الخوف: "أساعدك؟!". تهللت أسارير الفتاة المائية قليلًا قبل أن يعود الحزن ليسيطر على ملامحها لتقول: "ساعديني كي أروي حبيبي!". هنا حل التساؤل والفضول محل الحزن في ملامح "مشيرة"، وتمالكت أعصابها قليلًا لتقول: "ماذا؟!". فقالت الفتاة المائية في سرعة، وكأنها تخشى أن تعود "مشيرة" لحالة الهلع ثانيةً: "أنا شبح!". كان من المفترض أن تشعر "مشيرة" بالهلع بسبب هذه العبارة، ولكن ابتسامة سريعة على شفتيها، وشعرت بالارتياح؛ فوجود شبح في الأمر يفسر كل شيء، وخلافًا لذلك كان الموقف سوف يبقى على رعبه! ولكن مع ذلك علا ملامحها تعبير يقول: "وكأنها تنقص!". لكن الفتاة المائية (التي بتنا نعرف الآن أنها شبح) لم تلق بالًا لتعبيرات "مشيرة"، وقالت لها: "سوف أحكي لك الحكاية من البداية". أرهفت "مشيرة" سمعها، وركزت كل انتباهها في انتظار ما سوف تقول الفتاة المائية الشبح، التي قالت: "كنا نحب بعضنا بشدة، وكان الجميع يقولون منذ أن كنا صغارًا إن ممدوح لـ هبة وهبة لـ ممدوح. وصرنا هكذا إلى أن وصلنا إلى الجامعة. التحق هو بكلية في محافظة أخرى، والتحقت أنا بكلية في محافظتنا هنا"، وفجأة استعادت ملامحها طابع الأسى، وهي تضيف قائلة: "ومن هنا بدأت المشكلة". نظرت إليها "مشيرة" في استفهام دون أن تقول حرفًا، فتابعت الفتاة المائية: "ظهر طارق في حياتي... شاب وسيم من عائلة ميسورة ينتظره مستقبل أكيد مضمون"، وتنهدت في ألم، وهي تكمل قائلةً: "أشعرني أنني أميرة من أميرات الأحلام، وكان ممدوح يتابع كل هذا في ألم وصمت دون أن يعلق في انتظار أن نتخرج ويخطبني رسميًّا". عند هذه النقطة وجدت "مشيرة" نفسها تقول في غيظ: "وبالطبع رفضت، وفضلت عليه طارق". أومأت الفتاة المائية برأسها في أسى صامت، وخيِّل لـ "مشيرة" أن هناك دموعًا تنسال من عيني الفتاة، واندهشت من أنها في مثل هذه الظروف تساءلت في أعماقها عن الكيفية التي يمكن للماء أن يبكي بها ماءً! لكن صوت الفتاة المائية وهي تكمل حكايتها أجبرها على تنحية دهشتها وسؤالها جانبًا لتتابع الفتاة، وهي تقول في سخط كاسح: "لولا أنني أحتاج إليك، لأغرقتك في بركة حقيرة مملوءة بطين الشوارع!". كادت "مشيرة" تلقي برد لاذع لولا أن تذكرت أنها تحادث شبحًا؛ فلاذت بالصمت الذي استمر طويلًا، قبل أن تعود هبة الشبح المائية لتقول متابعةً حكايتها: "انتحرت..."، ولكن هنا قاطعتها "مشيرة" متسائلة في فضول: "كيف؟!". نظرت الفتاة المائية هبة الشبح في نفاد صبر إلى "مشيرة" قبل أن تقول في لهجة توحي بالاشمئزاز من فرط غباء "مشيرة": "أغرقت نفسي بالطبع! ألا ترين أنني أخرج لك من الماء؟!"، ثم أضافت في سخط قائلة: "لو تركتيني أكمل الحكاية لعرفت الكثير من التفاصيل... فقط اتركيني أتابع". لم ترد "مشيرة"، ولكن علامات الانتباه على وجهها كان فيه الكفاية؛ فقالت الفتاة الشبح المائية: "انتحرت... تناولت كمية كبيرة من الحبوب المنومة، وتركت نفسي لمياه البحر في مرسى مطروح، عندما ذهبت أسرتي لقضاء الأجازة الصيفية هناك على أمل أن يخفف ذلك من همومي"، وتنهدت وهي تتابع قائلة: "غرقت... ولم يعثروا على جثتي للآن"، وبرقت عيناها المائيتان في ترقب وهي تقول: "ولهذا أطلب منك أن تساعديني". سألتها "مشيرة": "هل تطلبين مني أن أخبر أسرتك بمكان جثمانك؟! ولكن... لماذا لا تخبرينهم أنت؟!". ظهر الغضب على وجه الفتاة هبة المائية الشبح، وهي تقول في غيظ: "متسرعة دومًا، وسوف تقتلينني كمدًا بسبب تسرعك هذا". ابتسمت "مشيرة" قائلة في سخرية: "ولكنك ميتة بالفعل؟!". استشاطت الفتاة المائية هبة الشبح غضبًا، وقالت: "سوف أقتلك أنا إذن، إذا لم تكفي عن إثارة غيظي". انزوت "مشيرة" في وقفتها إزاء هذا التهديد الصريح، فيما قالت هبة الشبح المائي: "لا أحد يعرف مكان جثماني... ولكي يعرفوا مكانه، يجب أن أستريح... خلافًا لذلك سوف أبقى هكذا هائمة بين العوالم لا أستطيع أن أجد الراحة". ولوحت بيديها المائيتين في الهواء فتناثرت منهما قطرات الماء لتختلط بقطرات المطر الذي استمر في التساقط، وقالت في ألم هائل: "أحترق... مهما حكيت لك عن الهول الذي أعيشه، فلن تصدقيني... أحترق... أشعر أن روحي تحترق في اليوم آلاف المرات... لا راحة لي ولا هناء... لا مستقر ولا مقام... عذاب مقيم أبدي... لن أستريح إلا عندما يستريح". كادت "مشيرة" أن تقول إن ذلك الذي يجب أن يستريح لتستريح هي هو "ممدوح"، لكنها خشيت أن تثير حفيظة "هبة" المائية فتصب غضبها الجهنمي عليها وهي في هذه الحالة من القهر، فاستمرت على صمتها، بينما تابعت "هبة": "يجب أن يستريح ممدوح... ولن يستريح إلا عندما أرويه من حبي... لقد مات عطشًا إلى حبي... قتلته الغربة... قتله الفرار من ذكرى حبنا... أنا قتلته... ولكي أستريح يجب أن يستريح، ولن يستريح إلا عندما يرتوي من حبي". في حذر سألتها "مشيرة"، والحروف تتبعثر فوق شفتيها: "كـ... كـ... كيففف؟". لكن بدلًا من أن تجيبها الفتاة المائية قالت لها في سخط: "كفي عن غبائك... لن أقتلك لمجرد سؤال... اسألي ما تشاءين، ولكن فقط اسألي بذكاء، وتكلمي بحكمة... أهذا صعب؟!"، ثم زفرت مطلقة شلالًا من الماء في وجه "مشيرة" قبل أن تقول: "سوف أخبرك كيف...". وبعد الإجابة ساد الصمت، وراحت الاثنتان تتطلع كل منهما إلى الأخرى حتى شعرت "مشيرة" بأن الوقت قد حان لأن يقول أحدهما شيئًا؛ فقالت: "حسنًا... أخبريني". هنا اندفعت الفتاة المائية قائلة: "سوف أخبرك... يجب أن تنثريني على قبر ممدوح ليرتوي مني. وعندها سوف يستريح؛ لأنني روتيه من حبي، وأستطيع أن أستريح أنا الأخرى، وأخرج من هذا العذاب المقيم". مرت 5 دقائق كاملة على "مشيرة"، وهي تحاول استيعاب الطلب، قبل أن تسأل في صوت مبحوح: "ولماذا أنا؟!". أجابتها هبة بسؤال آخر: "ولماذا أي شخص آخر؟!". لم يبد الرد مقنعًا لـ "مشيرة"، لكنها لم تعلق، وإنما تساءلت ثانيةً بالصوت المبحوح نفسه: "وإذا رفضت؟!". قالت هبة: "لن تري هناءة في عمرك، وإن نجح شخص آخر في أن ينثر الماء على قبر ممدوح وارتحت أنا. سوف أحيل حياتك جحيمًا، وأذهب أنا إلى راحتي الأخروية". ودت "مشيرة" لو سألتها: "ومن أين لك أن تعرفي أنك سوف ترتاحين في آخرتك؟!"، لكنها آثرت السلامة، وراحت تتطلع إلى "هبة" الشبح التي وقفت تنظر إليها في تصميم وتحدٍ. ****** 3 عندما عادت "مشيرة" إلى منزلها ممسكةً زجاجة المياه المعدنية التي تحوي "هبة"، لم تكن قد أفاقت. كانت لا تصدق أنها تحدثت مع شبح هكذا بكل بساطة... لم تكن قادرة على تصديق أنها في مهمة لأجل إراحة روحين تحابا في يوما ما، وفرق بينهما الطمع. وحتى عندما سألتها أمها عما دار في المقابلة، اخترعت لها قصة لا أساس لها مفادها أنها لم تقبل الوظيفة لضعف الراتب. ولما سألتها عن الكيفية التي عادت بها، قالت لها إنها استقلت سيارة أجرة، لكن الحقيقة هي أنها لا تذكر كيف عادت، وكل ما تذكره هو أنها سارت حتى وصلت إلى أحد الأكشاك، وهناك اشترت زجاجة مياه معدنية شربتها كلها في جرعة واحدة أمام عيني البائع المذهول قبل أن تقف لتلتقط فيها قطرات من ماء المطر من مكان بعينه. كانت هذه القطرات هي "هبة"... الفتاة المائية... الشبح... بعدها لا تذكر سوى أنها وجدت نفسها أمام باب شقتها، وهي تمسك بزجاجة المياه المعدنية التي تحوي شبحًا مائيًّا كان في يوم ما اسمه "هبة". لا تزال "مشيرة" تذكر ما قالت لها الفتاة المائية، عندما أعلنت موافقتها: "سوف يأتي إليك في الحلم ليخبرك أنه وافق على أن تكوني الشخص المختار. وعندها سوف تنتظرين حتى العصر التالي على يوم الحلم؛ أي إذا حلمت في فجر أحد الأيام، اذهبي في عصر ذلك اليوم. وإذا حلمت في أحد الأيام بعد العصر، اذهبي عصر اليوم التالي. سوف تجدين القبر في مقابر السيدة عائشة. اسألي عن مقابر عائلة الحضريوي، وعندما تصلين اسألي على قبر ممدوح الحضريوي. سوف تجدينه بسهولة؛ لأنه مواجه لمسجد صغير هناك. انثري الماء، واقرأي الفاتحة، وارحلي ولا تستديري. ويجب أن تنتهي قبل الغروب". بعد أن اغتسلت "مشيرة" من الماء والموقف، دخلت حجرتها، ومعها زجاجة الماء، وأغلقت الباب، واستلقت فوق الفراش، وهي لا تكاد تصدق ما جرى. ولولا وجود الزجاجة معها وفيها ماء لا يبدو نقيًّا لقالت إنها تحلم. شبح... قصة حب فاشلة... غدر... وفاة فجائية... انتحار... شبح... لقد خاطبت شبحًا اليوم! وعند هذه الفكرة، جلست على فراشها، وقد عقدت ساقيها أسفلها، وراحت تضرب كفًّا بكف تعجبًا، وهي تضحك. وفجأة تعالى طرق على باب حجرتها، وصوت أمها تقول: "مشيرة... هل أنت بخير؟!". سارعت بإخفاء الزجاجة، قبل أن تقفز من فراشها لتفتح الباب، وتقول لأمها مفتعلة المرح: "نعم يا أمي... لكنه المطر". لم يتبدد القلق من ملامح أمها، ودخلت لتجلس على طرف الفراش، وهي تسألها ثانية: "تبدين غير طبيعية يا مشمش. ماذا هناك؟!". لكن "مشيرة" تمالكت نفسها، وهي تقول: "يا أمي لا شيء سوى أن المطر انهمر بغزارة فوق رأسي اليوم مع صدمة ضعف الراتب، كل ذلك أصابني بالارتباك، وضغط على أعصابي بالإضافة إلى بعد المسافة، وتوتر المقابلة مع صاحب العمل". لم تجب الأم، وإنما ظلت تنظر إلى وجه ابنتها طويلًا إلى أن قالت "مشيرة" في توتر: "أمي... صدقيني لا يوجد شيء، ولكن نظراتك هذه سوف تجعلني أتوتر فعلًا"، وضحكت واحتضنت رأس أمها، وقبلتها، وهي تقول في مرح حقيقي: "صدقيني كل شيء على ما يرام. فقط النوم وبعده غداء من يديك الجميلتين، وينتهي كل إرهاق". قبلت الأم جبين ابنتها، وقالت لها، وهي تربت على خدها: "دائمًا بخير يا ابنتي"، وغادرت الحجرة. بعد أن خرجت الأم، سارعت "مشيرة" بالرقاد على الفراش، وتغطت جيدًا، وبدأت في قراءة القرآن الكريم، وقد اعتزمت أن تقرأ كل ما تحفظ، لكن بعد خمس دقائق نال منها التعب والبرد... فنامت... ودخلت في عالم الأحلام. ****** 4 صحراء... صحراء قاحلة تصفع أشعة الشمس النارية رمالها؛ فتضيء حبات الرمال كألف شمس حارقة تنبعث من الأرض إلى السماء. صحراء بكل ما تعنيه الكلمة... وفي قلبها سيارة مقلوبة يتصاعد منها دخان كثيف مع ألسنة لهب مستعرة. وفوق سقف السيارة المحترقة جلس شاب... كان يجلس وقد تدلى ساقيه من فوق سقف السيارة، فيما استند بكفيه إلى السقف... لم تدرك "مشيرة" أين تقف، ولا كيف وصلت إلى هذا المكان... وكذلك لم تستطع أن تميز ملامحه، لكن إحساسًا راودها بأنه كتلة من الغضب والحزن والألم... وفجأة، نظر إليها الشاب، وقفز من فوق السيارة، واندفع جاريًا نحوها. شعرت "مشيرة" بضيق في نفسها، وحاولت أن تجري، لكن قدميها كانتا ثقيلتين، وكأنما ثُبِّتَتا إلى الأرض بمسامير من فولاذ... استسلمت، وظلت واقفة مكانها، حتى وصل إليها ولا يزال الظلام يغطي ملامحه... وفجأة، مد إليها يده. في البداية، لم تدرك ما يريد، ولكن ثانية أدركت أنه يريد الزجاجة؛ فأبعدتها عنه بحركة لا إرادية، لكنه استمر مادًا يده قبل أن يقول في صوت عميق: "أعطيني الزجاجة..."، لكنها هزت رأسها نفيًا دون أن تقوى على أن تقول كلمة واحدة، فعاد يقول: "أعطيني الزجاجة، وإلا ندمت طوال عمرك". هنا استطاعت أن تقول، ولكن في صوت تكاد تنطمس كلماته من فرط الارتجاف: "سوف أجعلك تستريح". لكنه قال في الصوت العميق نفسه وإن اختلط هذه المرة بحزن ساخط: "أنا مستريح... لا أريدها هي أن تستريح". فقالت: "اعف عنها... لقد قتلت نفسها لأجلك". لكنه قال: "العفو بيد الخالق... أنا مجرد بشر". عادت تقول: "لقد أدركت خطأ ما فعلت... لقد قتلها الإحساس بالذنب... لقد مزقت زهرة شبابها بإرادتها لأجلك؛ فلا تجعلها تخسر آخرتها كما خسرت دنياها". قال هو بدوره: "الآخرة بيد الخالق... أنا مجرد بشر"، ثم صاح غاضبًا: "أعطني الزجاجة". ارتجفت "مشيرة" في هلع إزاء غضبته المفاجئة قبل أن تقول في تردد: "ولكن... ولكن الزجاجة ليست ملكًا لك". فقال في غضب هادر وهو يلوح أمامه وجهها بإصبعه السبابة: "احذري من أن تسكبيها عند قبري... سوف أجعلك تندمين على ما فعلت طيلة حياتك. أنت وجميع من في قلبك". اتسعت عيناها في ذعر، فقال: "أنت لم تجربي انكسار القلب... وتستهينين به... لذلك سوف أجعلك تتذوقينه في أحب الناس إليك". لم تدر ماذا تقول، لكنه أراحها من عناء البحث عن رد بأن عاد إلى جلسته نفسها فوق سقف السيارة، وإن أخذ يتطلع إليها في غضب، قبل أن تهتز صورته، و... فتحت "مشيرة" عيناها لتجد أمامها زجاج الشرفة، وقد بدت تبلل من قطرات المطر المستمر في الهطول؛ فأدركت أنها في حجرتها، وأنها حلمت بالفعل كما قالت لها "هبة" المائية الشبح، ولكن... كان حلمًا غير متوقع... لم يستطع "ممدوح" أن يسامح... لقد انكسر قلبه، ومات حزينًا، وبات مستعدًا لكسر قلب كل من يتدخل في الأمر... ماذا تفعل؟! كيف تتصل بالفتاة المائية؟! لم تقل لها "هبة" كيف يمكنها أن تتواصل معها... لقد تركتها هكذا دون أية تعليمات للطوارئ. وأية طوارئ؟! وفجأة شعرت بالسخط من "هبة" هذه... إنها أنانية حيةً وميتةً... تريد أن تحقق مصلحتها دون النظر إلى الآخرين. ألف لعنة عليك يا "هبة"... لو كان الأمر بيدها لأفرغت الماء وسط المطر، وأنهت الكابوس... لكنها ليست بالقوة الكافية. ظلت لساعات تفكر حتى سمعت صوت أمها تحاول فتح باب الحجرة لكي توقظها لتتناول الغداء. وهنا قفزت من فراشها، وفتحت الباب، واحتضنت أمها، وكأنها تستمد الأمان من حضنها، وقالت لها: "مساؤك سكر يا أحلى الأمهات". ابتمست الأم، واحتضنت ابنتها بشدة، وقالت لها: "هيا يا حبيبتي... لقد أعددت الطعام، وحضر أبوك وأخوك". ذهبت لتغتسل من بعد النوم، ثم جلست على المائدة، وقبلت أباها الذي كان جالسًا بجوارها، وقالت له: "مساء الخير على أغلى أب"؛ فقال الأب: "مساء الخير على أجمل البنات... هل تريدين شيئًا؟!"، ثم أطلق ضحكة طويلة؛ فابتسمت هي قائلة: "ألا أمدح أبي إلا إذا كنت أريد شيئًا... حسنًا، لأجل هذه السخرية، سوف أطلب شيئًا... هل تؤمن بالأشباح يا أبي؟!". نظر إليها أبوها في دهشة قبل أن يقول: "وما الفائدة من هذا السؤال الغريب على الغداء مع هذا الطعام الشهي الذي تبعت أمك في إعداده؟!". قالت في بساطة: "سؤال وخطر ببالي، وعليك أن تجيب بما أنك الأب". قال أبوها: "أؤمن طبعًا بوجود الأشباح، والجن، والعفاريت، ولكنني أؤمن أيضًا أنها أشياء تافهة لا تستطيع أن تؤذي المؤمن قوي الإيمان". هنا تعالى صوت أخيها الصغير قائلًا: "الإيمان يحارب الخرافات". ابتسموا جميعًا، وقال الأب: "بارك الله فيك يا محمود"، ثم التفت إلى ابنته قائلًا: "اسمعي يا مشيرة... لدي كتاب في المكتبة عن هذه الأمور، يمكنك أن تقرأيه؛ فهو يناقشها من زوايا علمية ودينية بأسلوب سلس. سوف أريك إياه بعد الغداء". وبالفعل بمجرد أن انتهى الغداء، ذهبت "مشيرة" مع أبيها إلى مكتبته، وهناك سحب من على أحد الأرفف كتابًا كبيرًا اصفرت أوراقه وتآكل أطراف بعضها؛ فأخذته منه، وانطلقت من فورها إلى حجرتها، وغرقت في عالم الأشباح والجن والعفاريت إلى أن انتصف الليل؛ فنهضت، وفكرت في أن تعيد الكتاب مكانه، لكنها شعرت بالخوف من أن تخرج من حجرتها بعد أن اكتشفت أن كل من في المنزل قد نام، وساد الظلام إلا من ضوء خافت لم يبدد الظلام، وإنها جعله أكثر رعبًا. فكان أن عادت إلى حجرتها، وأغلقت بابها خلفها بإحكام، ثم وضعت الكتاب بجوار فراشها، وغاصت في نوم عميق. ****** 5 دخان كثيف للغاية تصاعد من القبر... دخان رهيب أخفى كل شيء كجدار رمادي بات عالمًا في ذاته... وحاولت "مشيرة" أن تجري، لكن قدميها كانتا ثقيلتين للغاية مثلما الحال في الحلم السابق... حاولت أن تصرخ لكن صوتها جاء غليظًا، وكأنما ينادي على شياطين الجحيم... وفجأة، شعرت بلهيب حارق في أذنها اليسرى؛ فاستدارت لتجد نيرانًا تكاد تلتهمها... حاولت أن تصرخ مجددًا لكن حلقها بدا مسدودًا، لكنها حاولت، وراحت تحاول إلى أن انطلقت منها أخيرًا صرخة هائلة... صرخة كانت بداية سلسلة من الصرخات راحت تطلقها... وفجأة، انتبهت على صوت أمها وأبيها وأخيها الصغير يهتفون باسمها، وأمها تحتضن رأسها، وتربت على خديها في حنو، فقالت في صوت ضعيف: "ماذا... حدث؟!". قال أخوها: "كنت تصرخين، وكأنك تحترقين". كان وصف أخوها الصغير دقيقًا حتى إنها نظرت إليه في ذهول، وكادت أن تقول له ذلك، لكنها تراجعت في اللحظة الأخيرة خشية أن يفلت لسانها بكلمة عن الأمر كله؛ فقالت: "لا ريب أنني رأيت كابوسًا". نظر أبوها إلى الكتاب، وقال: "لا ريب أنك ظللت تقرأين فيه لوقت متأخر". أومأت برأسها إيجابًا؛ فقالت أمها في سخط: "هذا الكتاب الملعون"، ثم التفتت إلى أبيها هاتفةً في حنق: "قلت لك: تخلص منه يا عبد العزيز". لم يرد زوجها، و اكتفى بأن نظر إليها مبتسمًا، قبل أن ينظر إلى ابنته قائلًا: "قومي وتوضأي وصلي ركعتين لله تعالى، ثم واصلي نومك في هناء يا ابنتي". نفذت "مشيرة" توصية أبيها، وعادت إلى فراشها لتجد أمها في انتظارها، وقالت لها: "سوف أبيت بجوارك". لكن "مشيرة" قالت: "لا تزعجي نفسك يا أمي. نامي أنت، وكل شيء على ما يرام. لا تثيري فزع محمد". قالت الأم مبتسمة وهي تنهض: "وهل هناك ما يفزع أخاك؟!". وضحكتا قبل أن تعود "مشيرة" إلى فراشها، وتسقط في نوم بلا أحلام. ****** 6 استيقظت "مشيرة" في العاشرة صباحًا، وما إن طالعت الساعة حتى أصابها توتر حاد. لقد اقترب الموعد... العصر يؤذن له في الثالثة إلا الثلث... هل تذهب؟! أين الزجاجة؟! ها هي... اللعنة... ما الذي يحدث لها؟! هل قابلت بالفعل شبحًا؟! أليس من الممكن أن تكون هلاوس؟! اللعنة... مرت ساعات اليوم بطيئة؛ فساعدت أمها في الأعمال المنزلية، وأعدت معها الغداء، وعندما اقتربت الساعة من الواحدة، تظاهرت بأنها تتحدث في الهاتف قبل أن تقول لأمها: "سوف أخرج الآن يا أمي... هناك موعد مقابلة وقد دعتني ريم للذهاب". كانت ريم صديقة بعيدة لها؛ فكان من غير المتوقع أن تتصل بها أو تحضر إلى المنزل في غيابها، ولذلك اختارت اسمها. فقالت الأم: "لا تتأخري يا بنيتي؛ فالطقس ليس مستقرًا، وقد تمطر في أية لحظة"، ثم سألتها: "أين المقابلة؟!". قالت "مشيرة" في سرعة: "في المقطم!". كان أول مكان خطر ببالها؛ لأن منطقة السيدة عائشة بها موقف المقطم؛ فقالت أمها في قلق: "بعيدة المسافة عن هنا يا مشيرة. دعك من هذه الوظيفة؛ فسوف تعانين في المواصلات إذا قبلت فيها". لكن "مشيرة" طمأنتها بأن مقر الشركة الإداري في المقطم بينما العمل في العباسية؛ حيث تسكن. عندما نزلت من المنزل، كانت الساعة قد اقتربت من الثانية، وقدرت أنها قد تصل في حدود الثالثة أو الثالثة والنصف حسب حالة الطريق. وبالفعل وصلت في حدود الثالثة والربع... ودخلت المقابر مستقلة أحد التكاتك. وبعد صعوبة وصلت إلى المقابر المنشودة، وراحت في سرها تلعن "هبة" هذه، وتسبها... أنانية...!! وبعد مسير طويل، وجدت نفسها في مواجهة القبر... "قبر المرحوم بإذن الله ممدوح عبد الله الحضريوي". قرأت الفاتحة ترحمًا على روح الشاب الذي مات مغتربًا، ثم مدت يدها لتخرج الزجاجة، وتبدأ في تنفيذ الخطة. ولكن قبل أن تخرجها من حقيبتها، لمحها أحد القائمين على رعاية القبر، فجاء إليها مسرعًا، وقال لها: "أية خدمة يا هانم؟!". هزت رأسها نفيًا، وقالت: "لا، شكرًا... سوف أقرأ الفاتحة، وأنصرف"، وأعطت له ورقة نقدية فئة العشرين جنيهًا؛ فأخذها شاكرًا، وسار مبتعدًا، فمدت يدها لتخرج الزجاجة، لكنه عاد ليسألها: "من حضرتك؟ لم أرك وقت الجنازة أو منذ الوفاة". أجابته في توتر: "أنا قريبة من بعيد للمرحوم... كنت في الولايات المتحدة، وعدت بالأمس فقط". قال لها مواسيًا: "البقاء لله... أي شيء تريدينه، نادي فقط وقولي: يا عباس، وسوف آتي كالحمامة". قالت له: "شكرًا. فانصرف، وبمجرد أن اطمأنت إلى أنه ابتعد، سارعت بإخراج الزجاجة، وتظاهرت بأنها سوف تشرب منها وهي جالسة بالقرب من القبر، قبل أن تتظاهر بالاشمئزاز من العكارة بداخلها، وتبدأ في إلقائها حول القبر، ولكن... بمجرد أن لامست أولى قطرات الماء أرض المقبرة حتى انفتحت أبواب الجحيم على "مشيرة"... ريح ساخنة هبت من كل مكان أطاحت بها لتلتصق بجدار المقبرة قبل أن يسود العالم اللون الرمادي... انفتحت ثقوب في الأرض في مكان تساقط قطرات الماء، وراح يندفع منها دخان أحمر، قبل أن ينفجر القبر ليخرج منه الشاب الذي رأته في الحلم، وهو يندفع ناحيتها صائحًا في غضب هائل: "لقد حذرتك... سوف تدفعين الثمن"، ثم أمسكها من ياقة معطفها الجلدي، ورفعها بقوة هائلة، وهي غير قادرة حتى على الصراخ. وحتى بعد أن ألقاها لتصطدم بشاهد القبر المحطم، لم تصرخ رغم الآلام المبرحة التي شعرت بها في عظامها. حاولت أن تصرخ منادية حارس المقبرة، لكنها لم تقو على فتح فمها، وفجأة لمحت "ممدوح" أو شبحه هعلى وجه الدقة واقفًا أمامها، وقد احمرت عيناه غضبًا... بدا لها عملاقًا، وهو يقف عند رأسها، وهي راقدة على الأرض، وضم قبضته ومال نحوها، وكأنه يهم بسحق عظامها بقوته غير البشرية، ولكن قبل أن تمس قبضته رأسها، توقفت، وراح ينظر إليها في غضب هادر قبل أن يقول: "لماذا؟! لماذا ألقيت الماء؟! ألم أحذرك؟!". واكتسى صوته بالألم وهو يقول: "لا أريدها... لا أريد أن أتذوق الحب... ماذا يجدي؟! لم أتذوقه حيًّا... لقد قتلتني، وأنا على قيد الحياة؛ فهل أقبل منها قبلة الحياة وأنا ميت فعلًا؟!" حاولت "مشيرة" أن تقول شيئًا، لكن لم يخرج من فمها سوى اللهاث؛ فقال لها: "لا تحاولي أن تقولي شيئًا... اذهبي... اذهبي ولا تعودي... لولا أنك فعلت ما فعلت بدافع الوفاء بالوعد، لقتلتك، ودفنتك هنا دون أن يعلم إنسي بوجودك... اذهبي". وفجأة، تغير المشهد كله، واهتز رأسها، وكأنها نامت وهي واقفة، وفتحت عينيها لتجد أن كل شيء على ما يرام، و"عباس" يقف أمامها مذهولًا، وهو يقول: "يا هانم، هل أحضر لك طبيبًا؟! يا هانم... ردي عليَّ". فقالت في صوت مرتعش: "لا شكرًا... شكرًا... فقط أحضر لي سيارة أجرة". وعندما انطلقت بها السيارة الأجرة، نظرت خلفها نحو المقابر لتجد تغفو في ضوء الشمس الغاربة. عندها أخرجت الزجاجة الخاوية التي كانت في حقيبتها، وألقتها من نافذة السيارة؛ فقال لها السائق في شيء من اللوم: "يا هانم، لماذا ألقيتها؟! كنتِ أعطيتها لي؛ فأنا في حاجة إليها". اعتذرت له، وفكرت في أن تنظر إلى المقابر ثانية، لكنها نظرت إلى الطريق أمامها، وقرأت الفاتحة ترحمًا على روحي "ممدوح" و... "هبة"... الفتاة التي ظهرت لها وسط المطر. ******
#حسين_محمود_التلاوي (هاشتاغ)
Hussein_Mahmoud_Talawy#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
من هنا... وهناك...
-
رؤى... خماسية شديدة القصر
-
حكاية ثورة: ليس على سبيل التأريخ ولا التحليل... (2) الشباب..
...
-
حكاية ثورة: ليس على سبيل التأريخ ولا التحليل... (1) لماذا ال
...
-
المشهد المصري: إنهم يأكلون البطيخ...
-
المصريون... حياة الحد الأدنى
-
الإيمان الهش... على سبيل النقد لأحد روافد الإلحاد (3)
-
الإيمان الهش... على سبيل النقد لأحد روافد الإلحاد (2)
-
الإيمان الهش... على سبيل النقد لأحد روافد الإلحاد (1)
-
شفيق يترشح للرئاسة... مرشح ل-الفلول- في انتخابات الدم
-
عندما مات النهار...
-
وضربوهم وهم يصلون... في بئر العبد
-
طبق من ورق العنب
-
أمطار...
-
جمهورية العبيد
-
عبد الحليم... صوت مصر إذ يخفت وسط صخب الانفتاح...
-
مصر... هل تسير على الخطى الروسية؟!
-
الكاتب الذي طار في الهواء...
-
حنان الصناديدي في -آنست نورًا-... في فن البوح
-
دولة الأقوياء... هل أصاب لينين؟!
المزيد.....
-
طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
-
ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف
...
-
24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات
...
-
معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)
-
بيع لوحة -إمبراطورية الضوء- السريالية بمبلغ قياسي!
-
بشعار -العالم في كتاب-.. انطلاق معرض الكويت الدولي للكتاب في
...
-
-الشتاء الأبدي- الروسي يعرض في القاهرة (فيديو)
-
حفل إطلاق كتاب -رَحِم العالم.. أمومة عابرة للحدود- للناقدة ش
...
-
انطلاق فعاليات معرض الكويت الدولي للكتاب 2024
-
-سرقة قلادة أم كلثوم الذهبية في مصر-.. حفيدة كوكب الشرق تكشف
...
المزيد.....
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
-
السيد حافظ أيقونة دراما الطفل
/ د. أحمد محمود أحمد سعيد
-
اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ
/ صبرينة نصري نجود نصري
-
ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو
...
/ السيد حافظ
المزيد.....
|