|
أشواك البراري وطفولة الحرمان
ميسون سلوادي
الحوار المتمدن-العدد: 5950 - 2018 / 8 / 1 - 00:05
المحور:
الادب والفن
ميسون سلوادي أشواك البراري وطفولة الحرمان صدر كتاب "أشواك البراري-طفولتي" للأديب جميل السلحوت مؤخرا عن مكتبة كل شيء الحيفاوية، ويقع الكتاب الذي يحمل غلافه الأوّل لوحة للفنان التشكيلي محمد نصرالله في ٢٠١٤ صفحة من الحجم المتوسط.
من يقرأ كتاب "أشواك البراري ...طفولتي" للكاتب الفلسطيني جميل السلحوت يجد نفسه أمام تاريخ من نظم فكرية سيطرت على فلسطين في الاربعينيات والخمسينيات والستينيات من القرن الماضي حين ساد الجهل والفقر والحرمان والخرافات والتخلف وغياب حرية واحترام الفرد .ظروف سياسية قاسية وقاهرة من الاحتلال البريطاني والاسرائيلي لفلسطين، وما لحقه من تبعات اقتصادية خانقة ومدمرة وصحية متردية وتعليمية بائسة، وأثر ذلك على الناحية الاجتماعية من تمسك بالفكر القبلي. عايشنا الكاتب تفاصيل طفولته الدقيقة المؤلمة والحزينة وهو في الواقع لم يعش الطفولة بسبب قساوة الحياة. يقول الكاتب " أنا في تركيزي على طفولتي الخاصة لا أنقل معاناتي الشخصية بمقدار ما أكتب عن واقع اجتماعي عايشه الملايين من أبناء شعبي وأمّتي " . تردد الكاتب في الكتابة عن طفولته لكن تردده تلاشى بالكم الهائل من التفاصيل الدقيقة التي زودنا بها عن طفولته، وعن النهج الفكري الذي كان سائدا في تلك الفترة، حيث نقل تجاربه الشخصية والخبرات الحياتية التي مرّ بها للجيل الحالي والأجيال القادمة للوقوف عندها وأخذ العبر منها، حيث كان قادرا على الجمع ما بين الحاضر والمستقبل، وتأتي الاستفادة على المستويين الفردي والجماعي ، وهذه ميزة تحسب لصالح الكاتب. لقد كان لكتابة السيد السلحوت القدرة العظيمة لتحريك عواطفنا ونحن نعلم انه المظلوم في مراحل طفولته، حيث يشعر القارئ بالضيق وهو يقرأ، هذا الشعور وهذا التعاطف دليل على صدق الكاتب وصدق تعاطف القارئ معه. لقد كان الكاتب مدافعا عن نفسه، عن أهل بيته، عن الحق عن الوطن عن الهوية، . وآثر أن يبقى في الوطن عندما أتيحت له خيارات للسفر خارج الوطن. كتابته تدعو الى التفكير العميق لكل ما حدث له ولأبناء البلد في تلك الفترة الزمنية، وتدعو القارئ للتفكير والتحليل للاستفادة والاستنتاج للخروج بأوضاع انسانيةأ افضل لكل نواحي الحياة للأجيال القادمة. لقد دافع الكاتب عن نفسه كثيرا اثناء طفولته وحياته طالبا العلم في ظلمة الليل. يقول : "منفذ الهروب الذي أتيح لبعضٍ منا ......هو بوابة التعليم ". ويقول أيضا " رغم كل الحرمان الذي عشناه فقد كنا متفوقين في الدراسة ونحظى باحترام وتقدير معلمينا ومديرنا. " تطرق الكاتب الى مواضيع كثيرة هي عصب الحياة، مثل دور المراة في المجتمع والمهام القاسية التي كانت توكل اليها، ومع ذلك لم يكن للمرأة أيّ اعتبار على الرغم من كل هذه المهام مثل: الانجاب، الزراعة، الحصاد، صنع الاجبان والسمن، الفلاحة، غزل الصوف ونسيجه، و تربية الاغنام يقول :" ممنوع على المراة أن تقول لا حتى ولو كانت مريضة"! ." تطرق الكاتب الى المقاومة والى خذلان العرب للفلسطينيين عام ١٩٤٨. كما كتب عن الثقافة الشعبية من زواج وطلاق، موقف المجتمع من المرأة، مفهوم انجاب الذكور والاناث، زواج البدل، زواج الأقارب وضرره، الزواج المبكر، ختان الذكور، البطالة، ثقافة الولادة التي كانت تتم خارج المستشفى، كما كتب عن أثر تركه و أشقائه لزوجة الأب لترعاهم وهم صغار بحكم تربية الأغنام في منطقة اخرى بعيدة عنهم حيث يقول : " أيتام في حياة الوالدين." " . كتب أيضا عن العادات والممارسات الصحية السيئة والخطرة التي كانت تُتخذ بحق الاطفال، انعدام النظافة، الملابس السيئة، الفقر وعدم القدرة على الحصول على المستلزمات الاساسية للحياة وخصوصا التعليمية، شح مصادر الرزق، الجهل وكيف فقد عينه، الاهمال في تسجيل المواليد الجدد، البطالة. كما وصف التآخي الاسلامي المسيحي في طفولته، تجربته عند دخوله الصف الاول ، السفر وعن خبرته في المنطقة الجغرافية ما بين القدس وأريحا كطفل خبرة ممزوجة بفطرة عايشها بحكم عمل الأهل في تربية الأغنام وما تحتويه الأرض من خيرات ونباتات صالحة للأكل، حتى عطلته الصيفية كان فيها الكثير من التعب و الشقاء للكسب المادي. تطرق الكاتب ايضا الى الموروث الشعبي من الأغاني في تلك الفترة وذكر مناسباتها وأوقاتها. لقد كانت الحياة صعبة بكل المقاييس خاصة المتعلق منها بالتعليم ، يقول الكاتب:" مع أنني وابناء جيلي عشنا طفولة تعيسة بكل المقاييس أو بالأحرى لم نعش مرحلة الطفولة ولم نشعر بها، فقد كان الكبار يعتبرون الطفل رجلا من يوم ولادته" . لقد عمل الكاتب أثناء طفولته برعي الأغنام و المشاركة بالحصاد ودراسة الحبوب ونقلها وتخزينها وحراثة الأرض. بعض الاطفال عملوا في البناء مثل الطراشة والدهان والتنقيب عن الآثار. كان الأطفال محرومين من الألعاب، ومع ذلك كانوا يخترعون الألعاب التي تُلعب بشكل جماعي وهي كثيرة وبعض منها لا يزال يمارس حتى الآن. حمل الكاتب ولا يزال الهمّ الانساني والهمّ الوطني، لقد كان ذلك وآضحا من خلال كتابته، من خلال سيرته الذاتية، إنّها قصة حياته ممزوجة بقيمة أخلاقية عليا حتما ستستفيد منها الأجيال القادمة كل الشكر و الاحترام للسيد جميل السلحوت على جرأته و مبادئه الإنسانية. 31-7-2018
#ميسون_سلوادي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
-
ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف
...
-
24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات
...
-
معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)
-
بيع لوحة -إمبراطورية الضوء- السريالية بمبلغ قياسي!
-
بشعار -العالم في كتاب-.. انطلاق معرض الكويت الدولي للكتاب في
...
-
-الشتاء الأبدي- الروسي يعرض في القاهرة (فيديو)
-
حفل إطلاق كتاب -رَحِم العالم.. أمومة عابرة للحدود- للناقدة ش
...
-
انطلاق فعاليات معرض الكويت الدولي للكتاب 2024
-
-سرقة قلادة أم كلثوم الذهبية في مصر-.. حفيدة كوكب الشرق تكشف
...
المزيد.....
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
-
السيد حافظ أيقونة دراما الطفل
/ د. أحمد محمود أحمد سعيد
-
اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ
/ صبرينة نصري نجود نصري
-
ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو
...
/ السيد حافظ
المزيد.....
|