أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حنان محمد السعيد - الحمار مسعود يواجه حرب الشائعات














المزيد.....

الحمار مسعود يواجه حرب الشائعات


حنان محمد السعيد
كاتبة ومترجمة وأخصائية مختبرات وراثية

(Hanan Hikal)


الحوار المتمدن-العدد: 5949 - 2018 / 7 / 31 - 01:15
المحور: الادب والفن
    


الحمار مسعود يواجه حرب الشائعات
مسعود حمار يعمل مع صاحبه العربجي منذ الصباح وحتى يجن الليل دون كلل ولا ملل، لم يشتكي مسعود في يوم من الأيام من العمل مهما كانت الاحمال التي ينقلها كبيرة وصعبة الحمل، ولم يشتكي يوما من قذارة الحظيرة التي ينام فيها في اخر الليل او مما بها من حشرات تقض مضجعه وتحرمه النوم المريح.
لم يرفع صوته منهقا اعتراضا على ما يقدمه له العربجي من غذاء هو بالاصل مجموعة من المخلفات التي يلقيها الناس هنا وهناك فيضعها امام مسعود ليأكلها لتقيم أوده وتعينه على مشقة العمل.
لم يتوانى مسعود عن الخروج يوما للعمل مهما ازداد حر الصيف وقست عليه الشمس، ومهما تسربت برودة الشتاء الى عظامه وتسببت له في الوجع.
لم يعترض مسعود حتى على ضرب صاحبه له كلما تعثر تحت ثقل الحمولة التي يقوم بجرها، وكلما تدفقت الدموع من عينيه الحزينتين كان صاحبه يؤكد له أن ما يفعله "يصب في مصلحته" وأن عليه ان ينظر الى غيره من الحمير التي تبيت في العراء ولا تجد الطعام والتي تعيش في دول اخرى تعاني من ويلات الحرب، وأن يحمد الله على أنه يجد حظيرة مهما كانت قذرة ليبيت فيها وأنه يجد طعاما مهما كان مدى سوءه ليأكله.
وكان مسعود يقتنع بحديث صاحبه ويعتقد أنه بالفعل يبحث عن صالحه، وأن ما يناله من أموال من جراء عمل الحمار تذهب كلها بناء الحظيرة الجديدة وما تحتاجه من بنية تحتية وأنه وبعد الانتهاء من الانفاق على هذه المشاريع ستنتهي الاوقات الصعبة ويشعر اخيرا بالراحة والرفاهية.
لم يصدق مسعود الاشاعات التي كانت تصل اليه من باقي الحيوانات حول ما يفعل بالحمير، وكيف أن اصحابها يبيعون جلودها ومنهم من يذبح الحمير ويبيع لحمها للبشر الذين اصبحوا لا يفرقون بين اللحوم ويأكلون كل ما تصل اليه ايديهم.
لم يصدق مسعود أن ما يأكله من طعام ليس الا مخلفات كان من الواجب اعدامها بالطرق الصحية المعتمدة لا اطعامها للكائنات المسكينة مثله.
لم يتمرد على معاملة العربجي السكير له ومهما احدث به من جروح وحمله فوق طاقته وتسبب له في الأذى والألم.
وبعد ان كبر مسعود، ولم يعد يستطيع القيام بما كان يقوم به من اعمال سابقا، قال له صاحبه انه قد آن الآوان ليتم ترقيته ومكافئته على عمله الجيد، وأنه سيعيش ما بقي له من عمر في حديقة جميلة وسيحمل جسده خطوطا رائعة، ومنذ اليوم سيصبح حمار وحشي يسير بفخر مرفوع الرأس ولا يحمل الأثقال او يتعرض للضرب.
صدق مسعود حديث صاحبه وظل يحلم بحياته الجديدة، وبعد ان وضع في الحديقة لعدة اشهر وهو في غاية السعادة ويشعر انه واخيرا قد نال ما يستحقه وسيستريح ما بقي له من عمر، تسببت حرارة الجو في اسالة الصبغة التي كانت على جسده ما جعل وسائل الاعلام ورواد الحديقة يتجمعون حوله ويلتقطون له الصور.
وانتشرت الصور في كل صحف وقنوات العالم، وصاح الجميع في وجه مسعود المسكين قائلين: أنت حمار بلدي ولست حمار وحشي، مسعود حمار بلدي، مسعود حمار بلدي.
صدم مسعود ولم يفهم ما الذي يدور حوله فهو لم يتعمد ارتداء جلد غير جلده ولكنه صدق صاحبه وأمن بأن كل ما يفعله صاحبه يصب في مصلحته، وكذب كل الشائعات التي كانت تنتقل اليه من هنا وهناك.
وبينما مسعود يشعر بالألم ولا يعرف أين تحديدا الخطأ الذي وقع فيه، جاء اليه شخص غريب وسحبه من القفص ومشى به الى خارج الحديقة، وفي مكان بعيد اخرج السكين ومرره على رقبته، وكانت هذه هي الصفحة الأخيرة في حياة مسعود البائسة.
لم يعرف مسعود الا في اللحظة الأخيرة أنه وقع ضحية جماعة من المستغلين المزيفين وأن ما ظنه شائعات هو واقع لا لبس فيه، وأن الحمير في هذا البلد وحتى لو اعتقدت انها في مرتبة اعلى من مثيلاتها ستلقى في النهاية نفس المصير.



#حنان_محمد_السعيد (هاشتاغ)       Hanan_Hikal#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- معجم السيساوي
- مصر والعراق الى أين ؟
- الوطن للأغنياء والوطنية للفقراء
- بين نارين
- القفز في الفراغ
- الشيطان في جسد الأبله
- مكافحة الفساد في دولة الفساد
- صمت القبور
- تأثير الفرد
- الخيانة عادة أهل الخيانة
- التنظيف على الطريقة السيساوية
- عندما يحكمك المجرمون والعملاء
- من ربط البطن الى ربط الرقاب
- أين الله؟
- قل احتلالا ولا تقل تحالفا
- طريق الاستبداد
- الغرق في شربة ماء
- الصراع الأبدي
- كيف تصنع شعبا من المجرمين؟
- الغرب يعرف أكثر


المزيد.....




- -البحث عن منفذ لخروج السيد رامبو- في دور السينما مطلع 2025
- مهرجان مراكش يكرم المخرج الكندي ديفيد كروننبرغ
- أفلام تتناول المثلية الجنسية تطغى على النقاش في مهرجان مراكش ...
- الروائي إبراهيم فرغلي: الذكاء الاصطناعي وسيلة محدودي الموهبة ...
- المخرج الصربي أمير كوستوريتسا: أشعر أنني روسي
- بوتين يعلق على فيلم -شعب المسيح في عصرنا-
- من المسرح إلى -أم كلثوم-.. رحلة منى زكي بين المغامرة والتجدي ...
- مهرجان العراق الدولي للأطفال.. رسالة أمل واستثمار في المستقب ...
- بوراك أوزجيفيت في موسكو لتصوير مسلسل روسي
- تبادل معارض للفن في فترة حكم السلالات الإمبراطورية بين روسيا ...


المزيد.....

- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حنان محمد السعيد - الحمار مسعود يواجه حرب الشائعات