أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فداء الحديدي - القصة القصيرة














المزيد.....

القصة القصيرة


فداء الحديدي

الحوار المتمدن-العدد: 5948 - 2018 / 7 / 30 - 03:54
المحور: الادب والفن
    


قصة قصيرة

شوك صغير

تهوي برأسها إلى المكتب , تنهمر الدموع من عينيها كنهر جريح , تنهدات من روحها شهقاتها تتعالى كهدير موج متراكم فوق شاطئ حزين , تنظر إلى صورة طفل . تحضنها , تعود إلى البكاء من جديد , يد رقيقة تداعب خصلات شعرها الداكن كليل مظلم . صوت هامس يطرق أذنيها , جعل بريق عينيها يخمد شيئا فشيئا كجمر متّقد في مدفأة مشتعلة ...كنسمة ربيعية هادئة أطلّت صديقتها برقة لتضم يديها , تساعدها على الوقوف للخروج , و هي ترفع لها رأسها بهدوء من على طاولة المكتب .
تأخذ يدها برفق إلى ذلك الطريق , حيث التقت به أول مرة , الاشجار المتزاحمة يختبئ خلفها ضباب البرد القاسي , الرذاذ يسقط بقوة على نافذة السيارة , عيونها تنظر بحزن و قسوة , كقسوة الريح على المطر, كقسوة المطر على اوراق الشجر , كأنها تلاحقه .. تعاقبه على الحياة .
الموسيقى تتعالى في داخل السيارة , تعبث باشجانها , الهدوء يخيم داخل قلبها , الضجيج في الخارج يسمعه قلبها , ضباب في الروح , كانما يختلط و يمتزج يالمطر المنهمر فينسكب على خدودها الورديتين في بكاء جارح , اجساد بالية تتحرك في كل مكان , قلوب مسكونة بالخوف والهلع تمضي و تبتعد , وهي تمضي وصديقتها إليه في ذلك المكان الذي استوطنت فيه جراحاته و آلامه .
توقف الزمن لحظات حيت توقفت سيارة صديقتها قرب الشاطئ الحزين , على نافذة السيارة يطل الصغير الأسمر , يملؤ وجهه الغبار الشقي , القميص الممزق ذاته يرتديه , كحال قلوب من حولها , عيونه تستجدي , تلمع, ابتسامة خجلى تخفي ذل و ضعف مهين.
رمقها بنظرة رقيقة , خطفت قلبها , وهو يعطيها وردة الأسبوع الصفراء , كلما مرّت به و ابتاعت الورد , جففّت دموعها و هي تأخذها من يده , تبتسم برقة , تغادر وصديقتها المكان ببطء شديد , تغلق النافذة بهدوء , تغرق عينيها بالدموع من جديد وهي تضمّ بيدها الوردة الصفراء , تسير السيارة ببطء و هي لازالت تنظر خلفها إلى ذلك الصغير و هو يلوّح لها بيده مودعا .
أسندت رأسها على المقعد , تنظر إلى اوراق الوردة بحزن و ألم , تلتفت إلى الطفل و تنظر إليه و هو يجلس وحيدا ينتظر مرور العابرين وهويحمل شقاء العمر على ظهره ,
مزّقت بغضب اوراق الزهرة الصفراء , نظرت إليه و هو يبتعد , يصغر , لم يبق من الزهرة الا عودها الغض الندي الأخضر , أشواك حادة تحيط به , غرزت أظافرها في ثناياه , كانها استلت شوكها لتغرسها في صدر ندي .
صوت من بعيد جعلها تطلب من صديقتها أن تتوقف , سيارة سريعة تقترب بسرعة فائقة تقترب منه , الصغير ينتظر بلهفة , خرجت من السيارة , بخوف , هلع , تركض صوبه بسرعة ,تصرخ , تستغيث , ترجو, الصغير متسمر يقف أمام السيارة المسرعة .
عندما يقتحم الغدر ارواحنا , يسلب منا ارادتنا, يجبرنا على المضي في غربة لا نعرف طريقها او عنوانها , نستجدي القدر ان يسمع, ان يتدخل . ان ينقذ ما تبقى من احلامنا او امانينا قبل ان تسحق , قبل ان تدفن , قبل ان ترديها دموع حمراء تلوّثت بكل دماء الطاهرين
لحقت به قبل ان يسحق و تدفن احلامه , تسارعت خطواتي , اصبحت انا ذلك القدر إليه في لحظة صمود أخيرة , اهرول بقلبي و عقلي ,عيونه تنظر الي, تترقب لحظة وصولي , ذراعيه تجمدت في مكانها , لم يستطع أن يمدّهما إليّ لأضمهم او حتى استقبل ما تبقى من خوفه , الغبار يلف وجه, يغلفه بغطاء ابيض تحول الى الاسود كلما اقتربت منه ذلك الجبار على شقاء الحياة .
خطواتي تقترب , العيون غائرة , الكل يترقب بخوف , صمت مقيت . توقفت المكابح بحدة بجواره , خرج السائق الضخم الموسوم بوشم غريب , أخذ باقة الأزهار الصفراء من يد الصغير , تناول بخفة منه مغلفات صغيرة مطوية , ربت على كتفه وناوله نقوده , وقبل ان يضع يده على مقود سيارته , استنشق ما بداخل المغلف و مضى بعيدا .

القاصة فداء الحديدي
الاردن



#فداء_الحديدي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قصة قصيرة


المزيد.....




- أكاديمية السينما الأوراسية تطلق جائزة -الفراشة الماسية- بمشا ...
- آل الشيخ يقرر إشراك الفنان الراحل سليمان عيد في إحدى مسرحيات ...
- نظرة على فيلم Conclave الذي يسلط الضوء على عملية انتخاب بابا ...
- فنان روسي يكشف لـCNN لوحة ترامب الغامضة التي أهداها بوتين له ...
- بعد التشهير الكبير من منع الفيلم ونزولة من جديد .. أخر إيراد ...
- على هامش زيارة السلطان.. RT عربية و-روسيا سيفودنيا- توقعان ...
- كيف كسر فيلم -سينرز- القواعد وحقق نجاحا باهرا؟ 5 عوامل صنعت ...
- سيمونيان تكشف تفاصيل مذكرة التفاهم بين RT ووزارة الإعلام الع ...
- محمد نبيل بنعبد الله يعزي في وفاة الفنان المغربي الأصيل الرا ...
- على هامش زيارة السلطان.. RT Arabic توقع مذكرة تفاهم مع وزارة ...


المزيد.....

- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة
- تحت الركام / الشهبي أحمد
- رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية ... / أكد الجبوري
- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان
- مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل / كاظم حسن سعيد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فداء الحديدي - القصة القصيرة