-الصمود والهوية في لوحات فلسطينية - الجزء العاشر-

سعيد رمضان على

الحوار المتمدن-العدد: 5945 - 2018 / 7 / 27 - 04:36
المحور: الادب والفن
    

14- الفنان صلاح فروخ
---------------

تعتبر لوحة القدس تجسيداً مخيفا لمشاعر الفنان صلاح فروخ تجاه واقعه، فهي تصور منظراً طبيعياً
صاخبا، لكنها في الأساس تعبر عن أحداث واقعية .
في جميع أجزاء اللوحة السفلية نرى أمواج متلاطمة وبالأعلى سماء مكفهرة، مع فرجة تشبه الطاقة
ينفذ منها الضوء.
بوسط الأمواج مركب يترنح صورته بعيده ، على المركب شخص، يظهر كصياد يرتدى قبعته، يرمى
بسنارته محاولا أمساك قبة القدس المتأرجحة.
تناقض لوني الأبيض والأسود ، مع مسحة أرجوانية خفيفة للسحب ، ومزج رمادية الأمواج بأخضر
خفيف يفجر قوة انفعاليه ، وبناء بصرى تراجيدي .
السماء والطبيعة المحيطة والألوان الداكنة تضفي أجواء خاصة مزعجة ، وتكثف شعوراً كلياً بالقلق
والخوف.
المركب هو تجسيد شبحي للضآلة والضعف والوحدة ، وسط محيط هائل يعبر عن معانى القوة الوحشية،
القدس برمزيتها عن فلسطين معرضة للغرق وهى تترنح وسط هذا المحيط ، بينما الصياد الذى يرمز
للشعب الفلسطيني يحاول الإنقاذ ، لكنه هو نفسه بحاجة إلى انقاذ، ولا احد بجانبه ليمد له يد المساعدة.
روعة اللوحة موجودة في المخيلة التي أبدعتها ، إن الظلام المتراكم داخل اللوحة ، تم شقه بنور يسقط من
طاقة علوية ، عكستها الأمواج الرمادية . إن الشحن العاطفي المتدفق امتزج مع الفكرة الغائرة في العمق،
ومهارات الإبداع الفني .
نلاحظ اهتمام الفنان بالتفاصيل في المنظر الطبيعي , وبالمقابل اختفاء تفاصيل الإنسان والمركب ، ولا تظهر
من القدس سوى القبة بلونها الذهبي تأكيدا على البناء التراجيدي، فعملية الإنقاذ، رغم أن المنقذ معرض
للغرق هو ومركبه الصغير، في ذلك المحيط الهائل ، تضفى نوعا من النبل .. انه خلق الإنسان المؤمن ،
ففي مشهد درامي مؤثر يبزغ الضوء من مسقط سماوي، فيضيئ جزء كبير من اللوحة ، تاركا بعض الظلال
والظلام على الباقي موحياَ بالبعد المظلم والقسوة، مع الشعور بالمعاناة.

#سعيد_رمضان_على (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات