أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - فاطمة ناعوت - الخوف من الخوف














المزيد.....


الخوف من الخوف


فاطمة ناعوت

الحوار المتمدن-العدد: 5943 - 2018 / 7 / 24 - 09:37
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    



أحيانًا، يصحو المرءُ على خوفٍ مبهم لا سببَ محددًا وراءه، ومتعددةٌ أسبابُه في آن. الخوفُ من الغد، من المرض، من الشيخوخة، من العَوَز. الخوف على الأولاد، والخوف من غدر الزمان، وهلمَّ جرّا. تلك مخاوفُ إنسانيةٌ طبيعيةٌ، بل ربما صحيّة، لأنها تحُثُّ المرءَ على العمل والأخذ بالأسباب. لكن ثمة مخاوفَ مرضيةً نمطيةً سجّلتها الموسوعةُ السيكولوجية تضمُّ ستمائة نوع من الفوبيا، Phobia. وهي كلمة إغريقية تعني "الرُّهاب"، وهو الدرجة العُليا من الخوف المَرضيّ. وكل الملحقات التي تتصل بها مفردات إغريقية كذلك. رهابُ الأماكن الضيقة Claustrophobia، الأماكن الواسعة Agoraphobia، المرتفعات Acrophobia، وغيرها. وبعضها شاذٌّ عجيب، مثل رهبة أشياء محببة للنفس؛ مثل الخوف من الزهورAnthrophobia ، من الذهب Aurophobia، من العدالة Dikephobia، من سماع الأخبار السارّة Euphobia، من المعرفة Gnosiophobia، من سماع الموسيقى Melophobia!!! أنا شخصيًّا مصابة بإحدى الفوبيات الشاذة، غير المدرجة في تلك الموسوعة، لأنَّ لا ترجمةَ إغريقيةً ولا لاتينيةً لها، ولا حتى بأية لغة سوى العربية، ذاك أن المفردة ابنةٌ كاملةُ الشرعية لثقافتنا الإسلامية. أخاف من المسحراتي! صوتُ دقات طبلته يرعبني! والسبب قديمٌ يعود إلى طفولتي. حين كانت مُربيتي تهددني لو لم أشرب كوب الحليب سوف تجعل المسحراتي يحبسني في "الطبلة"! ركضتُ إلى أبي أسأله ما معنى "طابية"، فقال حصنٌ يختبئ فيه الجنود. واستقرّ في عقلي الصغير آنذاك، الذي خلط بين الكلمتين، أن المسحراتي رجلٌ ضخم يحمل فوق ظهره حصنًا يحبس فيه الصغار الأشقياء.
ولأنني هذه الأيام أصلُ الليلَ بالنهار في مكتبي من أجل ترجمة روايتين ضخمتين سوف تصدران عن دار "المدى" ببغداد، فقد صحوتُ هذا اليوم على خوف مروّع من فقدان بصري! أرجو ألا يتوغّل داخلي ذلك الخوفُ فيغدو فوبيا العماء Scotomaphobia.
ولكي "أُخَوُّفَ" الخوفَ مني، قررتُ أن أفتِّشَ عن رهابه الخاص. ما قاله الفلاسفةُ والأدباء حول "الخوف”. فالهجومُ، كما تعلمون، خيرُ وسيلة للدفاع. فوقعتُ على مقولات جميلة، قررت أن أترجم لكم أجملَها، لنحتشدَ جميعًا صفًّا واحدًا منيعًا ضدّ عدو البشرية المزمن: الخوف.
يقول الرئيس الأمريكي فرانكلين روزفلت، في خطابه الأول بعد تولّيه الرئاسة العام 1933: "الشيءُ الوحيدُ الذي علينا أن نخافَه، هو الخوفُ ذاته، لأنه بلا اسم، بلا عقل، بلا مبرر، مجردُ رعبٍ يشِلُّ طاقاتنا التي نحتاجُ إليها؛ فنحوّلَ التراجعَ، تقدّمًا." ويقول كولريدج: "في السياسة، ما يبدأ بالخوف، عادةً ما ينتهي بالحماقة." ووضع فريدريك نوت، الخوفَ على رأس قائمة الدوافع الخمسة للقتل: "الخوفُ- الغيرةُ- المالُ- الانتقامُ- وحمايةُ من تحبُّ." وقال إدجار وليس في كتاب "دليل الشمعة المجدولة": "الخوفُ طاغيةٌ مستبدٌّ، أكثرُ رعبًا من مِخْلَعة، وأشدُّ فحولةً من أفعى." وأما "المخلعة"، فهي أداة تعذيب كانت تستعمل في بريطانيا القروسطية. يتم خلالها مطُّ جسم الإنسان على إطار خشبي مستطيل، حتى يتمزّق. ومازالت هناك نسخةٌ منها في برج لندن. ويقول المثل الألماني: "الخوفُ يجعل الذئبَ أكبر حجمًا، مما هو عليه فعلا." ويقول الروماني بوبليوس سيروس، في القرن الأول قبل الميلاد: "ما نخافه سوف يمرُّ أسرعَ مما نأمل فيه وننتظره." أما الفاتنة بريجيت باردو فقالت: "الوحدةُ تُخيفني. تجعلني أفكر في الحب، والموت، والحرب. أحتاج إلى أن يتشتت ذهني ليخرج من القلق، والأفكار السوداء." أما الجميل صلاح جاهين، فقال في إحدى رباعياته: "سَهّير ليالي وياما لفيت وطُفْت/ وفْ ليله راجع في الضلام قُمت شُفْت/ الخوف كأنه كلب سَدِّ الطريق/ وكنت عاوز أقتله/ بس خُفْت/ عجبي!"
أما أنا، فسأقول لنفسي ما قاله فرانك هربرت في تعويذة بيني جيزيريت "الابتهالُ ضد الخوف": يجب ألا أخاف. الخوفُ قاتلُ العقل. الخوفُ هو الميتةُ الصغرى التي تجلب المحوَ التام. سوف أواجه خوفي. سأسمحُ له بأن يعبرَ فوقي، ومن خلالي. وحينما يمضي سوف أشخصُ بعيوني الداخلية لأتأملَ طريقه الذي سلك. الخوفُ قد مرَّ ولن يكون هناك شيء. وحدي أنا سوف أبقى."



#فاطمة_ناعوت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لماذا الأوغاد لا يسمعون الموسيقى؟
- من الذي جرح ساقها؟
- كتاب الأخلاق … يا وزير الأخلاق
- كارما… المسيحيُّ في قلب المسلم
- لكي لا ننسى صناع الهلاك!
- خطأٌ مطبعيٌّ ... بالقلم الكوبيا
- محمد صلاح ... وجه مصر … من وجوه الفيوم
- باقي زكي … مفتاح كسر صهيون
- جدتي … المعمارية الأولى
- زحام في بيتي ... ولا أحد
- ابتهلوا أيها الأئمة … وسوف نقول آمين!
- أمي … تموت مرتين!
- المصريون
- رمضان … شهرُ الأقباط
- رحلة العائلة المقدسة … عيدًا قوميًّا
- البئرُ المقدسة
- لماذا تُدهشنا دولةُ الإمارات؟
- الرقص داخل الأغلال … محاولة للطيران
- السؤالُ أم الإجابة؟
- العالم يُحذّر من كتاب فاطمة ناعوت الجديد


المزيد.....




- -رمز الرومانسية-..هذه المدينة اليابانية المغطاة بالثلوج تعان ...
- كيف ترى الصحافة السعودية مستقبل العلاقات بين الرياض ودمشق؟
- روبيو: السلفادور توافق على استقبال المرحلين والمجرمين الأمري ...
- السفير الروسي: علاقاتنا مع مصر تتطور بثقة ونجاح وانضمامها إل ...
- أول ظهور علني لزوجة أحمد الشرع في السعودية (فيديو)
- تحليل لـCNN: هل الصين مستعدة لحرب تجارية ضد أمريكا بعد فرض ت ...
- المتمردون يعلنون وقف إطلاق النار في الكونغو الديمقراطية -لأس ...
- الولايات المتحدة تطالب بانتخابات في أوكرانيا
- من سيحصل على القارة القطبية الجنوبية
- سحب القوات الأمريكية من سورية يطلق أيدي تركيا وإسرائيل


المزيد.....

- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - فاطمة ناعوت - الخوف من الخوف