حاتم البوعناني
الحوار المتمدن-العدد: 5940 - 2018 / 7 / 21 - 21:01
المحور:
الادب والفن
فتح عينيه على هذا العالم، وبنظرة متفحصة وشبه شاملة، أدرك أنّ كل شيء يسير نحو الانهيار، فهم أنه لم يفهم شيئا ..
كفر بكل شيء..
واعتزل الجميع ..
ثم اتّخذ من اللامبالاة شعارا، ومن انتظار المجهول خيارا.
كان كذلك إلى أن منّ الله عليه بقبس ملائكي، روح طاهرة نادرة الوجود في الواقع الذي ألفه، فقد كان نورا أضاء عتمة قلبه، وجعله يُعيد صياغة نظرته للوجود، وتمثُّله لذلك الانجذاب الوردي الذي لطالما كفر به.
لقد استطاعت السيطرة عليه، وعبثت بأركانه الأساسية التي كونها من خلال فهمه لهذا الكون، كانت بمثابة نازعات نزعت عنه ذلك الغطاء الرمادي الذي كثيرا ما شكّل جوهره، وفكّت شفرته المقنّنةَ التي كانت له حصنا من كل السّهام.
تقبّل الوضع الجديد، وأصبح واعيا بوجوب الإيمان بهذا الإحساس العجيب،
فلقد ظل ردَحا من الزمن غارقا في سوداويته، منعزلا في وحدته، لكن اليوم آن الأوان ليُجرّب هذا الشعور، وينغمس مع هذا النظير الروحي.
لقد أصبح مع نظيره في كوكب واحد، تُشرق عليهم شمس واحدة، ويتقاسمان حلما واحدا، بعدما كانت أرواحهم منعزلة في كآبتها، يائسة من هذا العالم الديستوبي.
فلقد بدأت بوادر التقاء الساكنين، وطفقا معا يتحركان ويُبادران.
واصلا معا الظهور والاختباء؛ لكن في وسط جوّ يسوده الصمت والسّكون، إذْ لم يكن الكلام خاصيتهما، ولم يكن هناك من داع للكلمات. وعلى الرغم من كونهما معاً عن بعد، فقد كان ذلك كافياً كي يشعرا بالاطمئنان، والنشوة، والسعادة.
هي إذن بذرة بدأت تنمو، تبتغي الوصال بعد دمعة وابتسامة، وكل الرّجاء في ألا تقع بين عناد وكبرياء فيتوقف المسير.
في انتظار أن يرسخ هذا الإيمان، وتبدأ بذلك رحلة الحفاظ عليه من الشك والتوهان.
#حاتم_البوعناني (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟