|
شكسبير بالكردية
جودت هوشيار
كاتب
الحوار المتمدن-العدد: 5935 - 2018 / 7 / 16 - 17:52
المحور:
الادب والفن
كتب وليم شكسبير ( 1564 – 1616 ) شاعر الإنجليزية الأكبر 38 مسرحية ، و 158 سونيته ، وقصتين شعريتين ، وبعض القصائد الشعرية . وهي كلها شعر ، ويندر أن نجد فيها من النثر ، إلا صفحات معدودات من حين الى حين . مزايا هذا الشعر وخصائصه ، والتغيير الذي احدثه شكسبيرعلى مفهوم المسرحية - حيث انتقل بها من عالم البطولات والخوارق في المسرحيات الاغريقية، الى العالم الحقيقي في عصره ، بشخوصه من الناس العاديين - هي التي جعلته يتبوأ مكانة رفيعة في الأدب العالمي ، ويصبح أدبه جزءاً مهماً من التراث الإنساني . الذين قرءوا أعمال شكسبيرفي اصلها ، باللغة التي كتبت بها ، يدركون مدى صعوبتها ، ويعرفون إن ترجمتها الى أية لغة أخرى مجازفة ، لا يقدم عليها - أو ينبغي أن لا يقدم عليها - إلا من كان صاحب موهبة شعرية ، ومتمكناً من لغة شكسبير ، التي تختلف إختلافاً بيناً عن اللغة الإنجليزية المعاصرة ، لذا فإن معرفة اللغة الإنجليزية الحديثة ، لا تؤهل صاحبها للتصدي لترجمة أعمال شكسبير ، إذا لم يكن قادراً على فهم لغة عصر شكسبير ومصطلحاته ، والكتابة بلغة ذلك العصر ، لا بلغة عصره هو . قد يلجأ المترجم الى الحذف المتعمد لبعض العبارات والمصطلحات في اللغة التي يترجم عنها لعجزه وعدم فهمه لها ، أو لإعتبارات إجتماعية أو دينية أو أخلاقية أو سياسية ، ولكن الأمانة لا تبيح الحذف ، حيث لا قيمة لترجمة لا تكون صورة صحيحة للأصل . وهذا يقتضي ترجمة الأصل كما هو، دون حذف أو تلخيص . وللمترجم بعد ذلك أن يسجّل ملاحظاته وتعليقاته في حواشي الكتاب الذي يترجمه . يمكن تقييم درجة نجاح أي مترجم لأعمال شكسبير بمدى اقترابه من روح شكسبير الشعرية . وكل مترجم يترك بصماته ، وبصمات زمنه على الترجمة ، وهي بصمات تختلف من مترجم الى آخر . فالترجمات العربية مثلاً تتباين تباينا كبيرا في مدى التزامها الدقة والامانة ونقل روح المؤلف . بعضهم ترجم مسرحيات شكسبير في قالب من الشعر الموزون المقفى . وآخرون ترجموها نثراً مع الحفاظ على لغة المؤلف ، بما تشتمل عليه من صور واستعارات وتراكيب . . ولا تختلف الترجمات الروسية في تباينها ومدى توفيقها في نقل روح النص الشعري الشكسبيري ، وقد ترجمت مسرحية " هاملت " الى الروسية أكثر من عشرين مرة ، لعل أشهرها هي ترجمة بوريس باسترناك لهذه المسرحية شعراً ، دون الألتزام بالأصل ، ودون تمكن من اللغة الإنجليزية بالقدر الذي يؤهله لهذا العمل . لا شك أن باسترناك شاعر عظيم . و لكنه تصرف بالنص الانجليزي الى حد كبير ، واضاف اليها ما لم يرد في الاصل .وقد اعترف باسترناك ان عمله " خيال حر حول موضوع هاملت "، وليست ترجمة دقيقة .وكل من يقارن " هاملت " باسترناك بالأصل الإنجليزي ، يرى أنهما عملان شعريان مختلفان . ترجمت أعمال شكسبير الى كل اللغات الحية في العالم . وكان الشاعر والروائي صلاح بابان أول من تصدى لترجمة اعمال شكسبير الى اللغة الكردية . ثمة العديد من الأشخاص الذين يحملون اسم ( صلاح بابان ) ، ولكن صلاح بابان المقصود هنا ،هو الأستاذ الدكتور صلاح بابان ، الذي يقيم في المملكة المتحدة منذ حوالي 47 عاما ، وهو حاصل على شهادة الدكتوراه في الهندسة الميكانيكية من جامعة برمنجهام ، وعمل أستاذا في الجامعة ذاتها لحوالي ثلاثين عاما ، وهو في الوقت ذاته شاعر وروائي ، ومترجم كفء ، وعاشق كبير للأدب الكلاسيكي الأنجليزي والروسي . المنجز الإبداعي لصلاح بابان صلاح بابان رائد كبير ، وقد ترجم أهم أعمال شكسبير الى اللغة الكردية شعراً ، ترجمة أمينة ودقيقة ،واظهر شكسبير بمعانيه وتعبيراته ، وبصوره واستعاراته ، دون أي تحوير أو حذف أو إضافة ، وبذلك قدّم للأدب الكردي خدمة لا تقدر بثمن . ونشير هنا الى أهم مسرحبات شكسبير التي ترجمها الى الكردية شعراً ، ما عدا مسرحية " ما كبث " التي ترجمها مرتين ، الأولى شعراً ، والثانية نثراً فنياً ، وهذا ثبت بترجمات صلاح بابان لأعمال شكسبير : 1-ماكبث ، مطبعة كاك فلاح ، السليمانية ، 2007 2-هاملت ، مطبعة آراس ، أربيل ، 2009 3- روميو وجوليت ، مطبعة آراس ، أربيل ، 2010 4-ماكبث ( ترجمة بالنثر الفني ) ، مطبعة آراس ، أربيل ، 2010 5-الملك لير ، مطبعة آراس ، أربيل ، 2011 6-عطيل ، مطبعة آراس ، أربيل ، 2012 7-يوليوس قيصر ، مطبعة آراس ، أربيل ، 2013 وهو مستمر في ترجمة أعمال شكسبيرالأخرى الى اللغة الكردية. وقد أنجز نرجمة مسرحية " انطوني وكليوباترة ، وهي جاهز للنشر. ولعل أفضل تقييم لجهوده في نقل اعمال شكسبير الى الكردية ، هو قيام " المجلس البريطاني " بإختيار ترجمة صلاح بابان لمسرحية " ماكبث " كأفضل ترجمة لهذا المسرحية الى اللغة الكردية . وإضافة الى ترجمة أعمال شكسبير صدر لصلاح بابان باللغة الكردية الأعمال التالية : 1-ملحمة شعرية تحت عنوان " هل تتذكرين عندما كنا صغاراً " ، مطبعة كردستان ، السليمانية ، 2017 2- دوستويفسكي : حياته وأدبه ، دار الزمان ، دمشق ، 2018 3-رواية " منيرة " وهي جاهزة للنشر . وله دراسات فكرية عديدة عن حياة واعمال عدد من مشاهير الأدب ، والعلم ، الذين لعبوا أدواراً مهمة في حياة البشرية ، وعن بعض الأديان مثل الزرادشتية والكونفوشيوسية ، لعل من اهمها ما يلي : شكسبير ، بوشكين ، ليناردو دافنشي ، جارلز ديكنز ، ماركوس توليوس سيسيرو ، ارخميدس ، كوبيرنيكوس ، زرادشت والدين الزرادشتي ، كونفوشيوس ( كون فو تسي ) صمت جليل لمبدع كبير يعمل صلاح بابان ، في صومعته الفكرية بصمت ومثابرة يثيران الإعجاب ، كأي مبدع كبير وحقيقي ، بعيداً عن الضوضاء والضجة الإعلامية ، فهو لا يحاول تسويق نفسه كما يفعل عديمو الموهبة. لا يقيم حفلات توقيع لكتبه ، ولا يظهر على شاشات الفضائيات ، ولا يدلي بتصريحات لوسائل الإعلام ، ولا يروج لكتبه بالوسائل التي يتقنها تجار الكلمة . أنه طراز نادر من الأدباء ، نكاد لا نصادفه في أيامنا هذه ، طراز يهمه في المقام الأول الإبداع ، والإسهام في إغناء الأدب الكردي والثقافة الكردية . صلاح بابان هو الذي جعل شكسبير ينطق بالكردية شعراً . وكرّس لهذا العمل الهائل حوالي خمسة عشر سنة من عمره . وهو عمل تعجز عنه مؤسسة ثقافية كاملة . تذكروا هذا الإسم ، الأستاذ الأكاديمي ، والشاعر المرهف ، والروائي القدير ( صلاح بابان ) ، فهو جدير بأن يقام له تمثال في كلية الآداب بإحدى جامعات كردستان، أو في مقر إتحاد الأدباء في السليمانية أو أربيل .
#جودت_هوشيار (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الكتاب - قصة إيفان بونين* - ترجمها عن النص الروسي : جودت هوش
...
-
إبريق القهوة الثاني - قصة : إيفان بونين ترجمها عن النص الروس
...
-
ما قلّ و دلّ : ورش قتل المواهب
-
في أغسطس قصة لأيفان بونين - ترجمها جودت هوشيارعن النص الروسي
-
في أحد الشوارع المألوفة : قصة قصيرة للكاتب ايفان بونين - ترج
...
-
كامارغ
-
ثلاث قصص قصيرة جداً لفرانز كافكا
-
الكاتب الذي ركعت مارلين ديتريتش على ركبتيها لتحيّته !
-
مأساة الكتّاب الروس
-
تشيخوف الأميركي
-
من أدب الحرب : قصة -السعادة- لإيليا إهرنبورغ
-
إله الكتابة
-
الرواية البوليفونية الجديدة
-
الأدب العالمي ... مفهومه وقضاياه
-
البياتي في ذاكرة طلبة البعثات في موسكو
-
أوجه الإختلاف والتشابه بين الصحافة والأدب
-
عبدالوهاب البياتي في موسكو ... ملاحظات وإنطباعات
-
متعة القراءة العميقة
-
سحر الإستهلال الروائي الجاذب
-
حيّوا معي هذه السيدة العظيمة
المزيد.....
-
أم كلثوم.. هل كانت من أقوى الأصوات في تاريخ الغناء؟
-
بعد نصف قرن على رحيلها.. سحر أم كلثوم لايزال حيا!
-
-دوغ مان- يهيمن على شباك التذاكر وفيلم ميل غيبسون يتراجع
-
وسط مزاعم بالعنصرية وانتقادها للثقافة الإسلامية.. كارلا صوفي
...
-
الملك تشارلز يخرج عن التقاليد بفيلم وثائقي جديد ينقل رسالته
...
-
شائعات عن طرد كاني ويست وبيانكا سينسوري من حفل غرامي!
-
آداب المجالس.. كيف استقبل الخلفاء العباسيون ضيوفهم؟
-
هل أجبرها على التعري كما ولدتها أمها أمام الكاميرات؟.. أوامر
...
-
شباب كوبا يحتشدون في هافانا للاحتفال بثقافة الغرب المتوحش
-
لندن تحتفي برأس السنة القمرية بعروض راقصة وموسيقية حاشدة
المزيد.....
-
مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل
/ كاظم حسن سعيد
-
نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111
/ مصطفى رمضاني
-
جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل
/ كاظم حسن سعيد
-
رضاب سام
/ سجاد حسن عواد
-
اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110
/ وردة عطابي - إشراق عماري
-
تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين
/ محمد دوير
-
مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب-
/ جلال نعيم
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
المزيد.....
|