|
قريش
مراد زهري
(Mourad Zahri)
الحوار المتمدن-العدد: 5929 - 2018 / 7 / 10 - 01:15
المحور:
الادب والفن
هنالك في تلك الجزيرة . جزيرة الحرارة واللهيب ،أرضيتها رملية كموقد النار. مركزها مجمرة تشبه خزانا كبيرا من من صهارات الباراكين . تصدر منها رياح مسمومة ملهبة شديدة الحرارة ؛ تشوي الوجوه شيا و تجف العروق . هذه الرياح قاسية الحركة قوتها مخيفة حرارتها كالإثير سريعة الإلتهاب : كل صغيرة وكبيرة بهذه الجزيرة إلا و أهلكتها و الزرع والضرع إلا وأفنته والأخضر و اليابس إلا سحقته ومحقته. بهذه الجزيرة الأمطار قليلة الى حد الإنعدام ، فجفت الأرض وأجدبت وحل الهلاك والفناء بها وعلى القطعان والرعاء ، ليس في هذه الجزيرة لا بحيرات و لاغابات و لا أنهار جارية . فحفزت و ترجمت هذه البيئة القاسية على أهلها فجعلتهم بجسمانية قوية وضخمة دفعتهم الى الشجاعة و الجسارة . فأصبحوا مهوولين و مرعبين كالحيوانات المفترسة . بشرة جلودهم سمراء ، وعيناهم كظلام الأنفاق ، شفاتاهم أسمك من خراطيم الفيلة ذات الشوارب المتتلئة بالشعر الأسود وأنيابهم كالأوثاد الغلاظ، رؤوسهم أضخم من جبال الهمالايا و قاعدة أرجلهم أكبر بكثير من آسيا . هم بدوا رحل ليس لهم سكن ولا موطن . ينتقلون وراء مساقط الغيث ومواضع الكلأ. الخيام مبيتهم، الخنجر والسيف لا يفارقهم ، دائما مفزعون حتى في النوم فإذا نامو لم ينم قلبهم بل ظل يكلؤهم ويرعاهم خفية عدو راصد من وحش أو إنسان ؛ يعرفون جيدا أنهم وسط الأخطار والظلم . هذه هي الصحراء مليئة بالمخاوف والمخاطر ، وفيها حنادس الليل المظلم المخيف . وفي تضاعيف ذلك كان يتربص بعضهم ببعض ، إذ كانت حياتهم كما قدمنا حياة حربية دامية . أعرفت هذه الجزيرة ؟ أعرفت مصدر معاناتك من الحرارة ؟ إنها خازوق العالم إنها قبلتك أجل قبلتك إنها شبه جزيرة العرب . قبل قريش يجب أن نبحث عن معنى كلمة عرب . العرب لغة :الصحاري ، القحط ،القفار ، الجفاف و الجدب و الأرض المجدبة التي لاماء فيها ولا نبات . هذا هو اللفظ الذي أطلق منذ أقدم العصور على جزيرة العرب كما أطلق على قوم قطنوا تلك الأرض ، واتخدوها موطنا لهم . إذن كيف إتخذوا هذه الأرض موطنا لهم رغم كل ما وصفناه سالفا؟ "واحسرتاه" !!! أجل إنها لهفة وحسرة : أن هذه الأرض أو جهنم هي قبلتنا نركع ونتذلل لها وزرياتها فريضة علينا . لفهم جيدا هذه المخلوقات الغريبة يجب فهم و استعاب جيدا "قريش". قريش هي التي يقبع فيها السر العجيب . قريش معناها : (( القرش : الجمع والكسب والضم من ههنا وههنا . يضم بعضه الى بعض ...ومنه قريش ، كانوا يتقرشون البياعات فيشترونها .وقيل سميت قريشا لأنهم كانوا أصحاب تجارة ولم يكونوا أصحاب زرع وضرع )). م_"لسان العرب " لابن منظور حلت المشكلة اللغوية . المكر ،الخداع ،الغش ،التدليس ،القوة ، الإكراه أو التقرش مصدر رزقهم . يتخذون الإحتكار و المصادرة و الغزو والصعلكة وسيلة من وسائل عيشهم ولأجل تحقيق السيطرة على الأخرين أو إبادتهم ، وهو عيش مشوب بالضنك والشظف وهذا الصراع العنيف، فهم يقطعون مفازة النهار ، فإذا جنهم الليل وجدتهم في مفازة أخرى . فإن القبيلة إن لم يكن لها حماة يذودون عنها تخطفتها القبائل من حولها وفنيت فيها . سيوفهم معلقة التي لاتلبث أن تستقر في صدور من يهجمون عليهم ومن يغتنمون منهم ، وعلى هذه الشاكلة. هم دائما مستوحشون . هذا ما فسره لنا ابن خلدون الحكيم أن: ((《العرب أمة وحشية》 ، 《عرّبها خربها》 . وله ايضا فصل في مقدمته تحت عنوان " ان العرب إذا تغلبوا على أوطان أسرع اليها الخراب" يقول : 《والسبب في ذلك انهم امة وحشية باستحكام عوائد التوحش واسبابه فيهم فصار لهم خلقا و جبلة , وكان عندهم ملذوذا لما فيه من الخروج عن ربقة الحكم , و عدم الانقياد للسياسة . هذه الطبيعة منافية للعمران و مناقضة له . فغاية الاحوال العادية كلها عندهم الرحلة و التغلب و ذلك مناقض للسكون الذي به العمران》)). أيضا نجد قصيدة ابن طفيل الحماسية ، جاء في مطلعها : أقيموا صدور الخيل نحو المضارب ** لغزو الأعادي واقتناء الرغائب. واذكوا المذاكي العاديات على العدا ** فقد عرضت للحرب جرد السلاهب. هكذا هم قريش يتقرشون أو يفترسون كل من رأوه لقمة صائغة لهم . وليس صدفة ان يسمى ذلك السمك الكبير الذي يفترس الأسماك الأخرى الضعيفة بالقِرْش و تسمى صنف من النقود بالقروش. ولازالت قريش تفترس عدة قبائل أو دول منها : ( العراق ، اليمن ، سوريا ، ليبيا و قطر.. إلخ) . هذه هي قريش الذي قال عنهم مسلم بن الحبيب أو مسيلمة الكذاب 《لنا نصف الأرض و لقريش نصفها، ولكن قريش قوم يعتدون 》. لقد أطلت في هذا التمهيد لأصل الحديث . نعم و أكيد وأعرف أن كل هذا أكلت منه قريش وشربت ولازالت ، لكن تجارتهم الحقيقية التي لاتزول أو كما قال محمد لأهله أي لقريش 《هل أذلكم على تجارة لن تبور 》. من معاني قريش أيضا في معجم البلدان :(( وقيلت سميت قريش قريشا لتقرشها الى مكة ومن حواليها )). وهذا هو الأهم ، تقرش قريش والإسلام بمكة ومن حواليها . إذن هل يجود الزمن بتحقيق الهدف بالبحث لإستخراج : تضارب أسياد قريش و محمد على الكعبة ؟ وكيف إتخذوها رزقا لهم من قبل الإسلام إلى يومنا هذا ؟ يتبع...
#مراد_زهري (هاشتاغ)
Mourad_Zahri#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
هل كنت اعبد شيطانا ؟ Did you worship Satan
-
أزمة الخليج أو حرب داحس و الغبراء
المزيد.....
-
أفلام أجنبي طول اليوم .. ثبت جميع ترددات قنوات الأفلام وقضيه
...
-
وعود الساسة كوميديا سوداء.. احذر سرقة أسنانك في -جورجيا البا
...
-
عيون عربية تشاهد -الحسناء النائمة- في عرض مباشر من مسرح -الب
...
-
موقف غير لائق في ملهى ليلي يحرج شاكيرا ويدفعها لمغادرة المسر
...
-
بأغاني وبرامج كرتون.. تردد قناة طيور الجنة 2023 Toyor Al Jan
...
-
الرياض.. دعم المسرح والفنون الأدائية
-
فيلم -رحلة 404- يمثل مصر في أوسكار 2024
-
-رحلة 404- يمثّل مصر في -أوسكار- أفضل فيلم دولي
-
فيلم -رحلة 404- ممثلاً لمصر في المنافسة على جوائز الأوسكار
-
فنانون من روسيا والصين يفوزون في مهرجان -خارج الحدود- لفن ال
...
المزيد.....
-
توظيف التراث في مسرحيات السيد حافظ
/ وحيدة بلقفصي - إيمان عبد لاوي
-
مذكرات السيد حافظ الجزء الرابع بين عبقرية الإبداع وتهمي
...
/ د. ياسر جابر الجمال
-
الحبكة الفنية و الدرامية في المسرحية العربية " الخادمة وال
...
/ إيـــمـــان جــبــــــارى
-
ظروف استثنائية
/ عبد الباقي يوسف
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
سيمياء بناء الشخصية في رواية ليالي دبي "شاي بالياسمين" لل
...
/ رانيا سحنون - بسمة زريق
-
البنية الدراميــة في مســرح الطفل مسرحية الأميرة حب الرمان
...
/ زوليخة بساعد - هاجر عبدي
-
التحليل السردي في رواية " شط الإسكندرية يا شط الهوى
/ نسرين بوشناقة - آمنة خناش
-
تعال معي نطور فن الكره رواية كاملة
/ كاظم حسن سعيد
-
خصوصية الكتابة الروائية لدى السيد حافظ مسافرون بلا هوي
...
/ أمينة بوسيف - سعاد بن حميدة
المزيد.....
|