هيام محمود
الحوار المتمدن-العدد: 5914 - 2018 / 6 / 25 - 00:41
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
* مثال ثالث ( بعد مثال "طبيب النساء" و "الفلسفة" التي تَكلمْتُ فيه عن عبد الرحمن بدوي ) : أنتَ "الرَّيِّسْ" !
كما هو معلوم مفهوم "الحرية" عليه كلام كثير , لكني سأتجاوزه للإشادة باستثنائية الكلام بحرية في هذا المكان مع قطع كل طريق على المنتقدين , والوصفة ليست "سحرية" لكني أعلنتها منذ بداياتي في الحوار وفي أغلب كتاباتي : مخاطبة ( الفرد ) لا المجتمعات .. كل من سيأخذ كلامي أنه موجّه لِـ "الجميع" سيكون "محقا" في وصفه بالتخريف واليوتوبيا لكنه لن يستطيع ذلك مع ( الفرد ) !
أنطلق من تجربتي الشخصية وأنا ( فرد ) وأؤكد أني لست صاحبة ذكاء خارق أو أملك شيئا زائدا على أبسط قارئ يمر على مقالاتي وأقول وبثقة مثلا أن مسألة الإله تتطلب ساعة من الوقت وربما أقل للقضاء عليها وإفنائها من عقلك .. الثقافة "الإلهية" / الدينية شيء آخر , الخلاص منها أصعب أكيد لكن "من أراد" التعافي بالكلية سيصل إلى تحقيق ذلك .. كلامي هذا لمن سيستسهله ينسفُ نسفًا تاريخًا بشريًّا مَرَّ فيه آلاف "المفكرين" و "الفلاسفة" "العظام" الذين لم يستطيعوا تَجاوز خرافة "الإله" بالرغم من تجاوزهم لآلهة الأديان .. هؤلاء تركوا "فلسفات" يلزمها إفناء أعمار لفهمها ونتيجتها تكون تأصيلا لفكرة خزعبلية أصلها ترهات كتبها كمشة بدو ! ما رأيكم في هيگل مثلا ؟!!
أعود لِـ "الرَّيِّسْ" .. الإله أنتَ , ولفهم قصته عليك الانطلاق من ذاتك عوض إفناء عمرك في تَتَبّع أقوال فلان وعلان .. هل حقا أنت في حاجة للأنطولوجيا والأبستمولوجيا والأكسيولوجيا لتعلم الحقيقة ؟! انظر لبلدك وللغالبية الساحقة من هؤلاء المتفلسفة الذين درسوا تلك "العلوم" وصاروا فيها "دكاترة" و "بروفسورات" , بماذا خرجوا من "فلسفاتهم" تلك ؟! .. الجوابُ : بمتدينيهم وبملحديهم وبألوهييهم "كلهم" ( عرب ) مع أن خرافة الإله في بلدانهم ثلاثة في واحد "الله / الإسلام / العروبة" أي كلهم وأنت وأنا مثلهم سمعنا بخزعبلة الإله من أفواه أمهاتنا وآبائنا ومعها أننا "عرب" و "مسلمون" .. ما قيمة فلسفة ديكارت وسبينوزا وكانط و .. و .. وحتى ماركس وراسال ما دام هؤلاء لم ينطلقوا من الموجود في أراضيهم ؟!
"الرَّيِّسْ" ليس مطالبا بمعرفة كل شيء لينجح في حكمه وفي قيادة شعبه نحو الكرامة والرفاه , مستشاروه ووزراؤه يتكفلون بالتخصص كل في مجاله لكن تحت "الأصول" التي يُحدّدها ويرسمها ليسيرَ عليها الجميع .. لستُ "سياسية" ولا أستطيع أن أكون , أنت ربما , إذا حدث ذلك أطالبك بمحاكمة كل من درس الفلسفة والتاريخ وإذا أردتَ رأيي : كل مُختصي الفلسفة مكانهم السجون !
( الموقفُ مِنَ الماضي ) أَصْلٌ مِنْ أهمّ الأصولِ التي أَبْنِي عليها : نحنُ شعوبٌ متخلِّفة لأنّنا مَحْكُومُون إلى اليوم بماضٍ مُزَيَّفٍ مِنْ أَلِفِهِ إلى يَائِهِ , ماضي كانَ هدفُه الأول صناعةَ "عرقٍ" "عربيٍّ" مُسْلِمٍ ليَسُودَ العالَمَ ببداوته "الإلهية المُقدَّسة" وقد تَحقَّقَ له ذلك في عصور الخيل والسيوف والهراوات والافتخار بالأنساب والمُعلقات . ماضينا "العربي" أو "البدوي" لم يُنتِجْ أيّ حضارة بل سَرَقَ بقايا الحضارات التي سَبقَتْ سيادة الأسطورة "العربية" - الإسلامية على بلداننا وفي غَفْلَةٍ من تاريخٍ مُتَقَلِّبٍ وأرضٍ لا تَزَالُ تَئِنُّ مِنْ ثقافة البدو الكارثية على كل مكانٍ حَلَّتْ فيه وسَادَتْ بالسَّيفِ عَليْهِ .
ملاحظة "مهمة جدًّا" قد تُزعج الكثيرين : لفظ "بدو" الوارِد في كل كتاباتي أقصد به "عرب" , العالَم بأسره اليوم يقول بالأكذوبة العروبية القائلة أن شعوبنا "عربية" وفي بلداننا يُعتبر ذلك "أمورًا بديهيةً" لا تُناقَش عند أغلب "سكانها" وحتى عند الغالبية الساحقة من "مثقفيها" ..
أنا أمري مختلف لأني أُعيد الأمور إلى أصولها وبالأصول أستطيع "تحدِّي" العالم بأسره ولو بَقيتُ وحدي , "عرب" صفة تَعْنِي "بدو" وليستْ "عرقًا" أو "جنسًا" / "عربي" = "بدوي" / "العرب" = "البدو" ..
في بعض كتاباتي السابقة أكّدتُ على اِختلاف طرحي عن القوميين وبَيَّنْتُ كيف في بعض النقاط , أضيفُ هنا أهم هذه النقاط والتي لا أتصوّر أنّ القراء فَهِموها فافهموها جيدا قبل اِصدار أحكامكم وقد طلبتُ منكم في المقال قبل السابق أن "تفهموا ماذا أقصد" ثم بعد ذلك "احكموا" :
القوميون عرقيّون أي يقولون أنّ شعوبنا غالبيتها أعراق أصلية ( سريانية , مصرية , أمازيغية إلخ ) و "العرق" "العربي" أقلية وطرحهم هو نفس الطرح "العرقي" للأيديولوجيا العروبية التي تدّعي أن شعوبنا "عربية" "عرقيا" لكنه يقول بالعكس .
أنا قولي مُختلفٌ يرفضُ رفضًا قطعيًّا طرحَ الإثنين , فأقول أن العروبة ليست "عرقًا" أصلا أي لا يُوجدُ أصلا شيء اِسمه "عرق عربيّ" بل يوجد أيديولوجيا عرقية نازية تدَّعي وجودَ هذا "العرق" أولا وثانيا تُلبسه لشعوبنا مُعتمِدةً في ذلك على كتبٍ إسلامية صفراء خرافية لا تُساوي فلسًا في سوق العلم والتاريخ الحقيقي , بهذه الأكذوبة تَستعمِرُ العروبة بلداننا وتحكم شعوبنا وبهذه الأكذوبة يستعبدنا الغرب الذي ساهَمَ في تأصيل أكذوبة عروبتنا قبل خروجه من بلداننا بتأسيسه للدول "العربية" ولجامعة دولها وهذه الدول لا علاقة لها بالشعوب : دولنا "عربية" نعم لا مشاحنة في ذلك لكن شعوبنا ليست "عربية" بل خُدِعَتْ بهذه الأكذوبة التي صارَتْ لها هوية "عرقية" ..
بمعنى أنا أرفض الأيديولوجيا العروبية ولا شأن لي بالأعراق , العروبة كالإسلام أيديولوجيا مُدمّرة لا يمكن أن تكون لشعوبنا حياة وكرامة بوجودها .. بمعنى القومي يقول "أغلبنا سريان وبيننا قلة "عربية" " أنا أقول "كلنا سوريون ولا يُوجدُ بيننا "عرب" أصلا" .. القومي أراهُ "غبيًّا" لأنه بلع أكذوبة العروبة ولن أتوّرع عن القول بأنه يوم سيحكم سيبحثُ عن تلك الأنساب "العربية" الخرافية ليُنَكِّل بها وليُطهّر "وطنه القومي" منها لذلك لا يمكن أن يُسْمَح له أن يَحكم .. أنا أقول لذلك القومي أنّ أولئك المخدوعين بتلك الأنساب الوهمية "سوريون" أكثر منك لكن يلزمهم فقط أن يُوقَظُوا من أوهامهم ..
سيقول العروبي هنا أنّي أُنْكِر "المسلمات" التي تقول بهجرة أعداد من بدو الصحراء واِستقرارهم في بلداننا أي أنا وكأني "أُدخل تلك الأعداد من الناس" إلى "أفران نازية" من نوع آخر , وجوابي بسيط : أولا أولئك البدو لم يكونوا بالملايين كما تُصوِّرهم أكذوبتك العروبية وثانيا هم اِنصهروا مع الشعوب التي وجدوها فصاروا سوريين ومصريين وعراقيين وليبيين و .. و .. الأوروبيون في أمريكا وكندا وأستراليا بعد هجرتهم لتلك البلدان "الغير أوروبية" لم يقولوا أنّ بلدانهم أوروبية بعد أن أبادوا السكان الأصليين بل أخذوا هُوية الأرض , عكس شوية البدو الذينَ اِستوطنوا بُلداننا والذِينَ لَمْ يُبِيدُوا السكان الأصليين بل فَرَضُوا عليهم هوية الصحراء مُعْتَمِدِينَ في ذلك على أيديولوجيا الإسلام "السّماوية" ولغة أيديولوجيا العروبة "الأرضية" ..
القومي مشكلته "عرق" "عربي" يُقِرُّ بوجوده , أنا مشكلتي أيديولوجيا / فكر / هوية / ثقافة / منهج حياة يُقدس البداوة ويستحيل تطويره والحل الوحيد الذي أراه معه هو القضاء عليه كأيّ فكر وكأيّ أيديولوجيا وبالمناسبة كلامي ينطبق أيضا على بدو الصحراء الذين بدورهم لو أرادوا التقدم فلا خيار أمامهم غير نَبذِ بداوتهم أي عروبتهم وهو أمرٌ مُستحيل بالنسبة لهم لأنهم بدو أولا وأكذوبة العروبة جَعَلَتْ منهم "جنسًا" بعد أن كانوا "لصوصا صعاليكا مُتوحِّشين همجيين" ثانيا وثالثا لأنهم بها يَستعبِدون شعوبنا !
حاوِل قارئي أن تتخيّل حَالَ أولئك البدو وشعوبنا كلها خَرَجَتْ مِنْ سجن العروبة ونبَذَتْ إسلامها الصحراوي الإرهابي واِعتدَّتْ بذواتها ! ثِقْ أننا يومها حتى الحج سنصنع له ألف كعبة وكعبة في بلداننا ولن نَدفعَ فلسًا لأولئك البدو الأقذار الذين حتمًا سيدفعون ثمنَ كل ما سببوه لبلداننا من خراب ودمار تحت أيديولوجيتهم الاستعمارية "العروبة - إسلام" ؛ هذا بالنسبة لتجاوز العروبة عند "أهلها" , أما نحن فالأمر أسهل مِنْ شربة ماء مع ( الفرد ) الذي أُخاطب أما شعوبنا فستأخذ الوقتَ الذي يلزم لكن أنْ تَستمرَّ "عربية" إلى الأبد فهذا هُوَ المُحَالُ بعينه !
كيفَ سنتقدّمُ و :
1 - نحنُ "بدو" ؟!
2 - ديننا وإلهنا "بداوة" ؟!
3 - لغتنا "بداوة" ؟!
4 - تاريخنا "بداوة" ؟!
5 - حاضِرُنَا مَبْنِيّ على الأربع نقاط السابقة أيْ حاضرنا "بداوة" 100 % ؟!
- عن الأولى : نحن لسنا "أَيّ بَدْوٍ" بل نحنُ "بدوٌ قدمنا مِنْ صحراء بعيدة" , البدويّ "الأصيل" في صحرائه لا يَعرفُ قيمةً للأرض لترحاله بحثًا عن الماء والكلأ لذلك يستحيلُ الكلام عن "وطن" و "وطنية" و "مواطنة" معه .
نحنُ "بدوٌ" لكن حالنا أتعس من ذلك البدويّ "الأصيل" فإضافة إلى اِنعدام ثقافة المواطنة والوطنية عندنا والتي يستحيلُ معها وجود نُظم وثقافات ديمقراطية وعلمانية , نَجدُ عندنا "ثقافةَ الغنيمة" التي تَزيدُ بداوتنا تأصيلا وقوةَ حضورٍ في ثقافة شعوبنا ونُخبنا وحكامنا : شعوبنا لا ترى بلدانها "أوطانًا" بل "غنائم" وحُكامنا لا يَرونَ شعوبنا "مُواطنين" بَلْ "رعايا وسبايا وعبيد" ..
بداوةُ شعوبنا أشدّ من بداوة بدو الصحراء وأبعدُ عن ثقافة المُواطنة , السعودي يقول أنه بدويٌّ اِبنُ بدويٍّ وتلك الصحراء أرضُ أجداده أما السوري والليبي والمغربي و .. و .. فيقول أنه بدويٌّ اِبنُ بدويٍّ قَدمَ من الصحراء والأرض التي هو عليها اليوم كانت "غنيمةً" لِـ "أجداده" , أَضِفْ إلى ذلك "ثقافة الاستلاب" التي تُؤَصِّل لتبعيّةِ "الفرع" إلى "الأصل" ستَجدُ أنَّ شعبك "كله" قِبلته آل سعود بِمَنْ فيه "مُثقّفوه" الذين يَصرخون "نحنُ بدوْ ونَفتخرْ !" وفي نفس الوقتِ يزعمون أنهم "أَرقى من بدو آل ضب وآل جراد" ويَنتقدونَهم - كانتقادِ الأزهر للإخوان الذين لا يُمثِّلونَ الإسلام ! - في شيزوفرنيا دراماتيكية آنَ أوانُ "اِعتقالها" وعِلاجها ( Psychiatric internment ) ! أو أحسن من ذلك التعامل معها - الشيزوفرنيا - كما كان يَفعلُ مجلسُ شيوخ القبائل في صبارطا مع المواليد الجُدد الذين ليسوا جَيِّدِين للصحةِ والقوةِ المَطلوبَتَيْنِ ( The precipice of Mount Taygetus ) !
.... المقدمة لم تَكتملْ بعدُ ..
#هيام_محمود (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟