|
اسمها غضب-4-
نادية خلوف
(Nadia Khaloof)
الحوار المتمدن-العدد: 5912 - 2018 / 6 / 23 - 12:38
المحور:
الادب والفن
للحب أجنحة من أثير. تصفّق على مدار السّاعة ، تستعد للطيران، تنتظر الفرصة المناسبة كي تحلّق، وترتفع فتلامس قلب الله ، يبارك العشق ، ويكتمل القمر في تلك اللحظة، نخرج إلى التل القريب نلوّح للقمر ونبكي. يسمونني مجنون في الحب ومجنون القمر. أصبح اسمي لوناتيك. يشيرون إليّ ويهربون خوفاً من جنوني. يسرقون بعض كلماتي حول القمر، يدورون ويلفون ، يبنون من كلماتي قصيدة لا أحد يعرف كيف يفكّ لغزها. مجنون القمر يا صديقتي لا يخيف. لماذا تخافين منّي وأنا أبكي من الحبّ؟ ما أصعب طبع النساء. إن بكيت الحبّ لا يسمينك رجلاً، وإن زرعت الورد لا يعترفنّ لك بالفضل. خلقت هكذا أحبّ الأقمار. لا تغيّرينني صديقتي فما "يأتي في الأبدان يذهب في الأكفان" ترغب أن تتطور علاقتنا، وتصبح حبيبتي، لكنها ترفض ان أعشق الأقمار. أحبها، أحتمي منها بها، وينجلي الليل بينما يعانقنا الحرام، يغار من حبنا النهار، لكنّني أبكي عندما يكتمل القمر، ففي عشقي له أسرار. . . . تعاتب فتاة أمّها لماذا لم تهرب من القفص الذهبي، لو أخذت معها الذّهب وباعته، ورمت القفص لكانوا بأحسن حال، وتجادلها الأمّ بأنها كانت حياتها، وليست حياة ابنتها، لكن عبثياً يجري ذلك الجدال، الاتّهامات تنهال على رأس الأم، وتحاول الدّفاع عن نفسها دون أن تستطيع. تسمع الأمّ اتهامات ابنتها، تسجلها على الورق: لماذا قبلت يا أمي أن أتزوج من صعلوك زمانه، وحسبته عليّ رجلاّ؟ الجواب: ضقت ذرعاً بمصاريفك، وكنت أخشى عليك العنوسة. لم أرغمك فقط شجّعتك. قالت ابنتي أنّ عائلتنا تشبه داعش في جميع الأشياء. ما أكذبك يا ابنتي! نحن متحررون من جميع الأشياء إلا فيما يفرضه المجتمع، والقانون، والدين، والأعراف، والجارة أم محمد . لحظة من فضلك يا أنا! ماذا قلت. حرّية، متحررون، حرّ. عفواً يا ابنتي. رغبت بتزويجك كي تغار جارتنا أم محمد، وكي أحقق نصراً اجتماعياً. كأننا فعلاً نشبه سيئة الذكر داعش. لدينا نسخاً من المرحوم أبو بكر البغدادي. يقال أنّه أشدّ وقعاً من المهدي المنتظر، أحياناً يلبس ثوب الإنسانية، ويستقبله أنصاره عراة، وأحياناً نتحجب إكراماً له. آه يا أبو بكر! كم حلمت بالزواج منك. لو تمّ الأمر كنت سوف أعيش في منزل في ضواحي باريس، لكنك عائد لا محالة. لو تزوجتك ليوم واحد لكنت رددت على ابنتي بأنّك لست الأسوأ فهي تعيرني فيك. ما الضير أن يكون أبو بكر أباً لابنتي ، وتعيش معزّزة مكرّمة في ضواحي هوليود ، ثم تغيّر اسمها وكنيتها من عائشة بنت أبو بكر البغدادي إلى لوليتا أندرسون فهي في النهاية لا تعرف أباها لأنّه متفرّغ للقتال. يمكنك تسميته إله الحرب. كنت سوف أرد على ابنتي فاسترسلت بأحلامي. ورحل ذهني إلى باريس حيث ربما يظهر البغدادي من خلال هيئة أخرى. يقال أن ما تراه من باريس ليس هو الحقيقة فهناك طبقة مسحوقة أيضاً. بالتأكيد هناك طبقة مسحوقة ، لكن أن تكون مشرّداً في باريس ربما أفضل من أن تكون عظيماً هنا. . . . أغفو عندما يحلو السّهر، ويتعب حبيبي من الانتظار، لكنه يحبّني بقدر أحذيته القديمة، ويتكئ على كتفي فليس معه اليوم ثمن الجنس. لا ما نع عندي أن يشتري الجنس من الخارج، فأنا أحبّ النوم في السّاعة الحمراء من الليل. لا أعرف كيف أخذني النوم. إليك حساب اليوم ، اذهب فلا قدرة لي على الاستيقاظ، ويرحل حبيبي في عز الليل بينما أسمع تمتماته. يا ابنة الكلب! هل تريدين أن أقضي ليلتي بتلك القروش؟ وأكتب اسم حبيبي على جدران شتلات الأرضي شوكي، فقد عشقته، ودفعت فيه من حساب أبي. قالت أمّي نشتري رجلاً بالمال، وهو فهم هذا التعبير من الصفقة. حبيبي عزّ الرّجال. . . . نتناقش أنا وصديقتي حول المرأة وحقوقها، وأنا لست من الحركة النسوية بينما هي متحمسة. لم أكن أعرف معنى أن تعمل بالمجتمع المدني يمكن أن تتطور من خلال أن يكون لك أجراً وعلاوات. اعتقدت أن الكلمات الجميلة مثل حقوق الإنسان، وحقوق المرأة ، والوطن، والحبّ آيات سماوية، فإذ بها آيات من كتاب سليمان رشدي. كلها مدفوعة الثمن مقدماً. قالت صديقتي أن عمها تحرّش بها عندما كانت طفلة، تطلب مساعدتي- المادية- كي تقوم بحملة ضد التحرش على نمط مي تو، حركة #مي عادي يسلمو الأيادي. ثم أضافت: اتبعت خط النسوية كي أتحدث عن هذا الحدث الأليم. ذكّرتها بابنة الجيران التي قتلها أهلها غسلاً لشرفهم بينما حملت وأنجبت من والدها. قلت لها لا تتدققي كثيراً فالتحرّش فعل مستحبّ. يدينه المجتمع لفظاً، لكنّه يبرّئ المتحرش خوفاً من انتشار فساد أخلاق النساء لأنّهن المتسبب الأوّل، فنظرية المتسبب الأول آخر ابتكار في العلوم الإنسانية. تصوري أن الملايين يتسببون بموت أنفسهم. هذه نظرية حديثة. أعود إلى ابنتي لأحدتها، ولا أجد كلمات. أدنت نفسي قبل أن تدينني هي.لا بدّ من جلسة مصالحة تجمعنا. أضربها على قفاها حيث لم أضربها في طفولتها، ومن ثم أطلب منها أن تتفلسف، وتجعلني أقوم برحلة وجدانية مليئة بالعذاب، وأجلس معها ، أضعف أمام عيونها. أقول لها :لا شيء حقيقي في هذا العالم يا حبيبتي إلا أنت. لم أخطئ، ولم تخطئي. عشنا حياتنا حسب الظرف المعين. ثم أخرجت لها صوراً لمجموعات من الناس. قلت لها : لأيّة دولة ينتمي هؤلاء؟ قالت فرنسا، وأولئك؟ قالت إيطاليا، وأولئك قالت يبدون في عظمتهم وتعقيدهم من بلادنا. الآن انتهيت من النّقاش. نعم هؤلاء هم نحن. نحن لا نكذب. الكذب مهنة. نحن نتوهم، مصابون بعصابات تنطبق على الأوصاف التي وصفتني بها. نظرت ابنتي إلي، وسألتني: هل عصاباتنا تحتاج إلى طبيب نفسي. أجبتها: أن مجمع الطبّ النفسي لا يستطيع تغيير شخص واحد. نحتاج لتغيير أماكننا، لتغيير لون شعرنا، لتغيير طريقتنا في العيش. طريقة عباداتنا، نسافر، نهاجر، نسقط، ننحني ثم نقف، وربما لا نقف، وعندما يحين الوقت لسلخ جلودنا نسلخها. وبينما كنّا على ما يرام. صعقني سؤالها: هل يمكن لي أن أتزوج البغدادي وأشتري قصراً في باريس، فالنساء ذوات الشّهرة لا مشكلة لديهن في زواج شرعي محدد المدة لليلة مثلاً طالما تحققت شروط الزواج، ولا نقول في عقد الزواج أنه محدد المدة كي لا يبطل شرعاً. ابنتي تنافسني على البغدادي، وهدفنا واحد. هدفنا إنساني هو أن نجمع المال كي نفيد الإنسانية بقدراتنا . من باريس، من واشنطن، من لوكسمبورغ. لا بأس ما دمنا نخدم الإنسان. عقدنا صفقة أنا وابنتي. بأنّه لا مشكلة لنا مع أيّاً من البغداديين. من تسبق فلا بأس. نظرت إلي بابتسامة طفولية وقالت: لم يخب ظنّي. أنا معجبة فيك يا أمي. نرغب أن نعيش وأن لا نصبح أبطالاً أليس كذلك؟ بالطّبع يا حبيبتي! مقياس البطولة يتغيّر عليك أن تصحّحي التعبير فقط بأن تقولي لا نقبل أن نكون ضحايا، ونسمى أبطالاً. قالت: أمّي ! أبوح لك بسرّ. لست نادمة على ذلك الصعلوك. تحرّر قلبي من الألم، ومقبلة على حبّ جديد . يكون فيه الرّجل رجلاً، ولا يفلسف لي الحياة. أحب أن ألبس الثياب، والكعب العالي، والمجوهرات، وأن أضع أرقى العطور، وأحضر حفلات الطّرب. أنحب أن أكون ساذجة بعمر طفلة. أرغب أن أعيش. هل ما أفكر فيه صحيح؟ ما دمت ترغبين بذلك كي تكوني أنت فهو صحيح. كوني أنت على الدوام. قبلتها من جبينها، وأسرعت، وأغلقت خلفي الباب. لا أرغب في حوار آخر. في طريقي إلى البغدادي المناسب.
#نادية_خلوف (هاشتاغ)
Nadia_Khaloof#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
آلام صحفي إيطالي تحت حراسة الشّرطة
-
اليوم العالمي للاجئين
-
رسالة من الهبيلة
-
عندما يحين موعد سبات المرأة
-
لا تدعي هذا يحدث!
-
اسمها غضب -3-
-
فيلم هوليودي. يخاف بطله الأصدقاء والأعداء
-
في ميلاد الحصاد
-
إن سمعتم جعجعة على اللايف اعرفوا أن الطاحونة فارغة من القمح
-
يحدث حتى في السّويد
-
في اليوم الوطني لدولة السّويد
-
لا . لدستور يمثّل الدّعارة السّياسية
-
خطاب القسم
-
رمضانيات
-
إنّها غضب -2-
-
اسمها غضب-1-
-
اللعبة السياسية لا تهتم سوى باستغلال الحدث والمتاجرة به
-
لا اندماج في الغرب إلا للقلّة المجتهدة
-
متلازمات سورية
-
زواج ملكي متعدّد الثقافات
المزيد.....
-
شباب كوبا يحتشدون في هافانا للاحتفال بثقافة الغرب المتوحش
-
لندن تحتفي برأس السنة القمرية بعروض راقصة وموسيقية حاشدة
-
وفاة بطلة مسلسل -لعبة الحبار- Squid Game بعد معاناة مع المرض
...
-
الفلسفة في خدمة الدراما.. استلهام أسطورة سيزيف بين كامو والس
...
-
رابطة المؤلفين الأميركية تطلق مبادرة لحماية الأصالة الأدبية
...
-
توجه حكومي لإطلاق مشروع المدينة الثقافية في عكركوف التاريخية
...
-
السينما والأدب.. فضاءات العلاقة والتأثير والتلقي
-
ملك بريطانيا يتعاون مع -أمازون- لإنتاج فيلم وثائقي
-
مسقط.. برنامج المواسم الثقافية الروسية
-
الملك تشارلز يخرج عن التقاليد بفيلم وثائقي جديد ينقل رسالته
...
المزيد.....
-
مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل
/ كاظم حسن سعيد
-
نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111
/ مصطفى رمضاني
-
جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل
/ كاظم حسن سعيد
-
رضاب سام
/ سجاد حسن عواد
-
اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110
/ وردة عطابي - إشراق عماري
-
تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين
/ محمد دوير
-
مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب-
/ جلال نعيم
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
المزيد.....
|