محمد ليلو كريم
الحوار المتمدن-العدد: 5909 - 2018 / 6 / 20 - 17:51
المحور:
الادب والفن
يُحكى ، أن كلمةً من حبر خرجت تبحث عن ورقةٍ مناسبة لتستلقي عليها وتحيا الخلود ، وبعد بحثٍ حثيث ومرهق وجدت المطلوب ، واستلقت ، وإذا بأصابع بارزة المخالب أمسكت بها كأخطبوط أنقض من تحت الماء على فريسة تطفو على السطح ..
ما الأخطبوط ؟ ؟ . .
المهم :
العجيب في الأمر أن الحبر لم يُطالب ببعضه الذي في الكلمة ، ولا القلم طالب بما هو نزيف منه ، ولكن الحبر والقلم أجتمعا بعد أن غادر المكتب المفكر المترهل ، ونظرا في أمر الكلمة ، الضحية ، وبعد نقاشات طويلة ، طويلة جداً ، خرجا بقرار مدوٍّ :
نُعلن أن النقاش الطويل أفضى لتأسيس مجلس النقاش الأطول ..
مرت أعوام ، والكلامُ لم يتعد الكلام ، أما المفكر المترهل فقد ترهل أكثر ، وهرِمَ القلم ، وشاب التكلس الحبر ، وعلى جدار المكتب الكئيب المتحفِز عُلِقت لوحة تقص الإنقضاض على الكلمة وأذرع الأخطبوط تلتف حولها تجرها لتُغرقها ، وفي آخر إجتماعٍ للمجلس خطبَ القلم قائلاً : من قيم الوفاء التي تمسكنا بها إننا لن نضجر ونمل من الاجتماعات الدورية الطويلة جداً وسنستمر في اجتماعاتنا الى أبد الآبدين ، ولكن ؛ ولأننا أزددنا حكمة ورسوخ في تجربة الوفاء أرى أن نستبدل الشعار الذي نردده كل بداية اجتماع حيث نصرخ : الوفاء للكلمة ، بإضافةِ كلمة عظيمة ، فيكون الشعار الجديد : الوفاء لذكرى الكلمة .
صفق الحبر ، وكُل أدوات المكتب ، وبدى التأثر والعاطفة الجياشة ..
في ليلةٍ لا نور فيها ولا خير ، نفث الأخطبوط حبره الداكن ، ومع ما يتبخر من البحر صعد الحبر ، ومع المطر نزل على المكتب ، مكتب المجلس ، فلامس القلم والحبر وأدوات المكتب ، وبتحول سحري صار القلم أصبع الله ، والحبر ؛ الحبر الأعظم ، وتحولت أدوات المكتب الى رموز ، وزعامات ، ونُصِبَ ألف نصب تذكاري للكلمة ، ورُفِعَ علم داكن تلون بحبر الأخطبوط ، وتحول المجلس الى مجالس ، وبعد فترة تضاربت آراء المجلس ، وسبب التضارب الكلمة ، وتبددت كلمتهم ، أما الكلمة الأولى فلها النسيان ، وبنى عليها التأريخ ألف زيف ..
مات القلم وألف غيره ولِد ، وتكلس الحبر وجاءت غيره أحبار ، وتغيرت الأشكال والألوان ، وكلٌ يدعي المعرفة بالحقيقة ، أما الحقيقة بعينها فعند الأخطبوط وهو من يعرفها حقاً ، والحقيقة تقول أن الكلمة في قبضة الأخطبوط ..
ما الأخطبوط ؟؟ ..
هو حبرٌ سري ..
#محمد_ليلو_كريم (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟