سامي الذيب
(Sami Aldeeb)
الحوار المتمدن-العدد: 5906 - 2018 / 6 / 17 - 03:52
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
انقل لكم جزءًا من مقال مطول صدر لي عام 2003 بينت فيه العلاقة بين النازية واليهودية
----------
وزّع عضو الكنيست المحافظ ميخائيل إيتان ورقة تقارن بين نصوص مشروع القانون إقترحه الحاخام مائير كهانا على الكنيست في أيلول عام 1984 وبين القانون الذي تبناه البرلمان الألماني في ظل حكم أدولف هِتْلَر عام 1935. وسوف نقتصر هنا على نصِّ مقترحات الحاخام كهانا التي تُشبه بشكل غريب مقترحات هتلر:
ـ لا يحق لغير اليهود أن يسكنوا قي مدينة القدس.
ـ ليس لغير اليهود حقوق قوميَّة، ولا مشاركة لهم في الحياة السّياسيَّة وسط دولة إسرائيل. ولا يحق تعيين أي شخص غير يهودي في أيِّ منصب له سلطة أو مشاركته في انتخابات الكنيست أو في أيِّ جهاز حكومي أو عام.
ـ يُحظَّر على اليهود المواطنين أو المقيمين في إسرائيل، رجالاً ونساءً، أنْ يتزوَّجوا من غير يهود داخل أو خارج إسرائيل، ومثل تلك الزّيجات المختلطة لا يعترف بها القانون.
ـ هناك فصل تامٌّ مطلق بين المُؤسَّسات التّعليميَّة اليهوديَّة وغير اليهوديَّة.
ـ يُحظَّر العلاقات الجنسيَّة كاملة أم جزئيَّة بين مواطنين يهود، رجالاً ونساءً، وبين غير يهود. وهذا يتضمَّن العلاقات الجنسية التي هي خارج نطاق الزّواج. وسوف تُعاقَب الخروقات بسنتَيْ سجن.
ـ إذا أقام شخص غير يهودي علاقات جنسيَّة مع عاهرة يهوديَّة، أو مع ذَكَر يهودي، فيعاقب بالسجن لمدة خمس سنوات. وإذا أقامت عاهرة يهوديَّة أو عاهر يهودي ذَكَر علاقات مع رجل غير يهودي، فيعاقب كل منهما بالسجن لمدة خمس سنوات.
ـ تُلغى كُلُّ مُخيَّمات العطل وكُلُّ النّشاطات الأخرى المختلطة بين يهود وعرب. وتُلغى كُلُّ برامج الزّيارات بين طُلاَّب يهود وطُلاَّب عرب في قراهم أو بيوتهم. وتُمنع الرّحلات إلى الخارج التي يكون فيها طفل يهودي ضيفاً على عائلة غير يهوديَّة، كما تُمنع زيارات غير اليهود المماثلة إلى إسرائيل
- يجب إقامة شواطئ لغير اليهود منفصلة عن شواطئ اليهود[1].
وبطبيعة الحال يمكن لمناصري إسرائيل الرد على مشروع قانون الحاخام كهانا بأن المحكمة العليا الإسرائيليَّة قد اعتبرته عنصرياً في 18 تشرين الأوَّل 1988، ومنعت حزبه "كاخ" من المشاركة بالانتخابات في ذاك العام ولكن علينا أن لا ننسا أنَّ الكنيست المنتخب عام 1988 كان يضم ثلاث أحزاب سياسيَّة أخرى تُشارك مائير كهانا أفكاره: تحيا (ثلاث مقاعد) تسوميت (مقعدَيْن) وموديليت (مقعدَيْن). وعلينا أيضاً أن لا ننسا أنَّ بعض آراء الحاخام كهانا توجد حتّى في البرامج السّياسيَّة لحزب الليكود وحزب العمل. فهذان الحزبان يُنكران على اللاَّجئين الفلسطينيِّيْن حقَّ العودة إلى بلدهم، لأنَّهم غير يهود. وتجدر الإشارة أيضاً إلى أنَّ كهانا كان قد دُعم من السّلطة الدِّينيَّة العليا الإسرائيليَّة مثل الحاخام الأشكنازي شلومو غورين. ونذكّر هنا إلى أن هذا الأخير قد وقف ضد تبني قانون مناهض للعنصريَّة في إسرائيل لأنَّه يهدف إلى إلغاء الحدود الفاصلة بين غير اليهود واليهود[2].
وآراء الحاخام كهانا لم تنبع من فراغ ولم يقم هو باختراعها، بل استقاها من تعاليم التوراة والتلمود ولها صدى في التعليم الديني في إسرائيل. وقد أجرى هاركابي، أستاذ العلاقات الدّوليَّة في الجامعة العبريَّة في القدس، تحليلاً مُفصَّلاً لإيديولوجيَّة القوميَّة الدِّينيَّة اليهوديَّة التي ينتمي إليها كهانا[3].
بالنّسبة لهذا التَّيَّار فإنَّ مُجرَّد وجود العرب على أرض إسرائيل يجعل منهم مجرمين. يجب إذاً طردهم، أو حتَّى إبادتهم. ويذكر هاركابي أن عدَّة حاخامات إسرائيليِّيْن يؤمنون بأن التّوراة تأمر بسلب حقوق كُلِّ سُكَّان أرض إسرائيل واستبدالهم بيهود. بحسب هؤلاء الحاخامات لا يحق لأي غير يهودي أنْ يقيم في القدس أو حتى على أرض إسرائيل، وإنَّ الإبقاء على غير اليهود داخل أرض إسرائيل هو تدنيس لاسم الله. وهم يشبهون العرب بالعماليق الذين يجب على اليهود محي ذكرهم من تحت السماء، حسب أمر يهوة في سفر تثنية الإشتراع الذي يقول:
إذا أراحك الرب إلهك من جميع أعدائك الذين حواليك في الأرض التي يعطيك الرب إلهك إياها ميراثاً لترثها، فامح ذكر عماليق من تحت السماء. لا تنس (الفصل 25، الآية 19).
أمَّا الحاخام إسرائيل هيس، وهو مُرشد الحَرَم الجامعي في جامعة بارإيلان في تل أبيب فقد نشر مقالة في مجلَّة الطُّلاَّب وعَنْوَنَهَا: "وصيَّة الإبادة الجماعيَّة في التّوراة"، ويقول فيها إنَّه سوف يأتي زمن يصبح فيه اليهود مدعوِّين لإتمام هذه الوصيَّة الإلهيَّة بتدمير عماليق. تستثني هذه الوصيَّة أيَّ رحمة، وتأمر بقتل وتدمير حتَّى الأطفال والرُّضَّع. ويستشهد هذا الحاخام بأقوال موسى ابن ميمون ليُؤكِّد أنَّ عمليَّة قتل غير اليهودي لا تخالف الوصيَّة القائلة: "لا تقتل"[4].
ويكتب هاركابي بشأن هذا التَّيَّار:
إنَّ إبادة الهولوكوست هي لطخة لا تُمحى في ألمانيا الهتلرية، وكون تلك الإبادة لم تثن بعض الأوساط الدِّينيَّة المُتطرِّفة عن المطالبة بإبادة العرب الذين يُشبّهون بـ "عماليق" هو أمر غير مفهوم بالنّسبة لي. وقد يقول البعض إنَّ مثل تلك الدّعوة إلى الإبادة هي أخطر بكثير من النّازيَّة؛ لأنَّها أتت بعدها[5].
ونشير هنا إلى أن التوراة تمنع الزواج المختلط بين اليهود وغير اليهود لأن ذلك يؤدّي إلى إفساد صفاء الدم اليهودي. ونجد هذا الفكر العنصري اليهودي في أجلى صوره في سفر عزرا الكاهن. فهذا الكاهن يهيج غضباً ضد اليهود الذين اتخذوا زوجات من خارج الشعب اليهودي "فاختلط النسل المقدّس بشعوب البلاد" (2:9). ويحكي لنا سفر عزرا كيف أنه مزّق ثيابه ونتف شعره ولحيته غيظاً (3:9) وطلب من جميع الشعب الاجتماع في ساحة الهيكل "وأن كل من لا يأتي في ثلاثة أيّام تحرّم كل أمواله" (7:10). فاجتمعوا هناك في يوم ممطر فقال لهم: "إنكم خالفتم واتخذتم نساء غريبات، لتزيدوا في إثم إسرائيل. فاحمدوا الآن الرب إله آبائكم وأعملوا بما يرضيه، وانفصلوا عن شعوب الأرض والنساء الغريبات" (11:10). وهذا الجزء من الكتاب المقدّس اليهودي كان قد ألهم القوانين العنصريّة النازية في عصرنا[6]. وبما أن تلك القوانين العنصرية تتفق والقوانين اليهودية بخصوص منع الزواج المختلط فلم يعارضها اليهود، وخاصة الصهاينة منهم[7]. وما زال رجال الدين اليهود يعادون الزواج المختلط حتى يومنا هذا في إسرائيل ومن يريد من اليهود إبرام مثل هذا العقد عليه القيام به خارجها.
هذا وتخرج علينا الصحف من وقت إلى آخر بتصريحات عنصرية لرجال الدين اليهود ضد العرب وتطالب بطردهم. وتلك التصريحات تصدر خاصة عن الحاخام الأكبر يوسف عوباديا لطائفة اليهود الشرقيين وهو من أصل مغربي. وقد وصف هذا الأخير الفلسطينيين بالأفاعي مضيفاً بأن الله نادم على خلقه الشعب الفلسطيني[8]. وبطبيعة الحال لم يقم هذا الحاخام باختراع مثل تلك التعابير بل استقاها من الكتب والتعاليم الدينية التي بين يديه. مما يعني ضرورة إخضاع تلك الكتب وتلك التعاليم الدينية لفحص دقيق وغربلتها من الشوائب العنصرية التي تزرع الفساد في عقل المسؤولين الدينيين والسياسيين الإسرائلييين.
---
[1] La Liberté (Fribourg), 31 oct./1er nov. 1985 MEI, 22 nov. 1985, p. 15 أنظر مقارنة بين مشروع قانون الحاخام كهانا والقوانين العنصرية النازية في http://www.davidmargolis.com/popup_journalism_kahaneheil_comparison.html
[2] Jerusalem Post, 24 mars 1986, p. 3
[3] Yehoshafat Harkabi: Israel s fateful decisions, Tauris, Londres 1988, pp. 141-199
[4] Harkabi, op. cit., pp. 151-154
[5] Harkabi, op. cit., p. 189
[6] أنظر في هذا الخصوص تصريحات مجرم الحرب جوليوس شتراخير أمام محكمة نيورينبيرغ في 26 نيسان 1946 في: Der Prozess gegen die Hauptkriegsverbrecher vor dem Internationalen Militärgerichtshof, Nüremberg 14. November 1945 - 1. Oktober 1946, Nüremberg, 1947, vol. 12, p. 343
[7] أنظر في هذا الخصوص مقابلة كاريسكي، رئيس الطائفة اليهودية في برلين، في: Jewish Chronicle (Londres), 3 janvier 1936, p. 16 وأنظر المذكرة التي بعث بها الإتحاد الصهيوني في ألمانيا للحوب النازي في 11 حزيران 1933 في: Dawidowicz, Lucy S.: A Holocaust Reader, Library of Jewish studies, Behrman, New York 1976, pp. 150-155
[8] http://www.middleeast.org/archives/8-00-13.htm
المصدر
سامي الذيب: التّمييز ضدّ غير اليهود في إسرائيل مسيحيِّيْن كانوا أم مسلمين
https://goo.gl/u9CRXL
#سامي_الذيب (هاشتاغ)
Sami_Aldeeb#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟