أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دلور ميقري - إلِكْترا: الفصل الثامن 1














المزيد.....

إلِكْترا: الفصل الثامن 1


دلور ميقري

الحوار المتمدن-العدد: 5896 - 2018 / 6 / 7 - 06:39
المحور: الادب والفن
    


الخريف، فصلُ العمل المثمر على أثر عطلةٍ طويلة، كان للبحر منها النصيبُ الأوفر. سحابٌ فضيّ، بلون الرصاص، ما عتمَ أن أصابَ الصيف بطلقة الرحمة. كان مطراً على شكل موجات البحر، لا يرتدّ لثوانٍ إلا كي يمتدّ بدفعةٍ أقوى، مُعرياً النخيلَ من آخر ثماره المقدّسة. شقيقاته من أشجار الليمون والزيتون، المزيّنة شوارعَ مراكش، اكتست أوراقهن الخالدة الخضرة بلمعةٍ شبيهة بأحمر خدود فتيات الشارع الملكيّ، المتبرجات والحريصات على المشي تحت الظلال.. بأحمر عمارات المدينة، المنطفئة حرارةُ جدرانها وأسطحها كما وأجساد ساكنيها، المُعرَّفين بالميل إلى المرح والبهجة والشهوة والشبق. على أثر انحسار موجة الأمطار عند العصر، راحت سيارة " غوستاف "، الرياضية المكشوفة والباهظة الثمن، تخترقُ الشارعَ المليء بأصداء الضربات الأولى لطبول ساحة جامع الفنا. فيما هوَ مستسلمُ الجسد لرخاء النسمات الخريفية المعتدلة، ومشغولُ الفكر بخطة إحياء حفل الليلة، جاست عيناه اليقظتان، المحتفظتان بطفولة الخرز الأزرق، فوقَ الملامس الحريرية والبرونزية لأفخاذ تلكم الفتيات، الساطعة تحت الملابس الخفيفة.
" فيفا ميني جوب..! فيفا موضة السبعينات! الوداع لعقد السبعينات الرائع! "، صرخَ بهنّ ملوّحاً بيده قبل أن تدوسَ رجله ثانيةً على منشّط البنزين. نداءاته، كانت تستثيرهن وتشعل حماستهن: " بونجور صديقنا الفرنسيّ، المجنون! ". وهيَ ذي إحداهن، ترصُده عند إشارة المرور الحمراء مهددةً بحقيبة يدها: " ألا تدعوني لحفلة رأس السنة، أيها الكَاوري القذر؟ ". كانت ثملة، ولن تلبث سيارة شرطة أن توقفها لتختتم يومها بين أحضان ضابط فاسد. هذه الفكرة، أعادته خمسة عشر عاماً إلى الوراء، إلى ذلك اليوم المقدّر له أن يتعرّف فيه على الملازم أول " العُرْبي ".
مثلما سبقَ وجرى تفصيله، في مكانٍ آخر، تخلّصَ " غوستاف " من ورطةٍ مع الشرطة بفضل ضابطٍ كان على ما يبدو على معرفة بزوج عشيقته. وإنها " نفيسة " نفسها، مَن أخبرته لاحقاً أن ذلك الضابط لم يرضَ إقفال التحقيق إلا بعدما نالَ وطره منها. وشاءت ظروف العمل بالتجارة، المشروعة منها والمقيّدة بالقوانين الصارمة، أن تتوثق العلاقة رويداً بين " العربي " والعشيقين. كان يقدم لهما بعضَ الخدمات، مقابل مكافآت صغيرة. ومع كلّ تطوّر بلغة " غوستاف " المحكيّة، كان صديقه يرتقي في سلّم الرتب. كذلك كثيراً ما شارك الضابط في التواصل بفتياتٍ رخصات، اعتدنَ على التواجد في شقة بضاحية الغزوة، مستأجرة من لدُن " الكَاوري ". هذه الصفة، المشنوعة نوعاً، ما أنفكّ يوصمُ بها الصديق الفرنسيّ، هزلاً أو جدّاً، حتى بعدما أعلن إسلامه. إلى ذلك، كان الضابط يُضفي أهميةً مبالغاً فيها على حمايته لصديقه. كأن يخبره، مثلاً، بكونه تحت رقابة البوليس السريّ لشبهة التجسس لحساب المخابرات الفرنسية ـ كذا ـ وأنه يُحاول إقناعهم بزيف هكذا تهمة.
ذاتَ ليلة، كانا في الشقة لوحدهما بعدما تخلصا من الفتيات. قال له الضابط بلسانٍ ثقيل مخمور: " إنهم يشكّون في نفيسة، فلتأخذ حذرها وتحتاط لأمرها. بلى، لديهم معلومات مؤكدة.. على ما يزعمون، بطبيعة الحال! قلتُ، أنها بحَسَب معلوماتهم، تقوم كلّ مرة بتهريب كيسٍ من الهيروين عبرَ منفذ مدينة سبتة.. كيس من 200 غرام، تخفيه بمهارة في فَرْجها. إنه مثلما تعلم يُساوي الكثير، ثمة في اسبانيا.. أعني، الهيروين! "
" وكيفَ لي أن أعلم، بحق الشيطان؟ ثمّ ماذا كانت تفعل في سبتة، وهيَ لا تعرف من المغرب سوى الصويرة ومراكش؟ "، قال في حدّة للرجل الثمل. بدا جلياً من ارتباكه، المعبّر عنه بحركة يده، أن تلك المعلومة قد لفقت بقصد التباهي أو ربما الابتزاز. ولكي لا يتنزّه الضابط الفاسدُ مرة أخرى في هكذا حديقة، عادَ " غوستاف " للقول مشدداً: " أياً كان مَن تفوّه بتلك القذارة في حق نفيسة، فإنّ عليك إفهامه بأنه لن يحصل على شيء من وراء ذلك. إننا ندفع لك ما تستحقه من خدماتك لنا، ومن عملنا بمجال التجارة الحرة الخالية من أيّ شبهة ". جواباً، همهمَ الرجلُ ببعض الكلمات في وهن، دونما أن يجرؤ على النظر في عينيّ جلّيسه: " الثرثرة، هيَ أصل المشكلة. فتياتك، يخرجن من هنا لينشرن بين معارفهن أنك لم تختن نفسك، وفي التالي، أنّ إسلامك باطلٌ "
" وما هيَ علاقة الختان بموضوعنا؟ يُخيّل إليّ أنك أفرطتَ في الشراب! "، هتفَ به وهوَ يكبتُ ضحكة مخنوقة في صدره. نظرَ الآخرُ تلقائياً إلى زجاجة الشراب شبه الفارغة، ثم أجابَ في وقار: " هكذا نحنُ المغاربة، نتعلق بقشور الأشياء لا عمقها. وكذلك هوَ تديننا، مظاهرٌ أكثر منه إيماناً حقاً. حينما يتحول الكَاوري إلى الإسلام، يُصبح ذا أهمية لا تقاس وتلبى كل طلباته. أما لو شكّوا بحقيقة إسلامه، فإنهم لا يتورعون عن حشو فمه، الذي نطق الشهادتين، بعضوه الذكريّ المقطوع ".
قبل وهلةٍ، كاد " غوستاف " أن ينفجرَ ضاحكاً لما طرقَ أذنه حديثُ الختان. ذلك كان بسبب حادثة قديمة، حصلت بُعيدَ تعرّفه على هذا الضابط، الطريف الطبع ـ كأغلب من هم على شاكلته من أصحاب الكروش الكبيرة والقامة القصيرة.

> مستهل الفصل الثامن/ الجزء الثاني، من رواية " كعبةُ العَماء "













#دلور_ميقري (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سيرَة أُخرى 70
- إلِكْترا: الفصل السابع 5
- إلِكْترا: الفصل السابع 4
- إلِكْترا: الفصل السابع 3
- إلِكْترا: الفصل السابع 2
- إلِكْترا: الفصل السابع 1
- إلِكْترا: الفصل السادس 5
- إلِكْترا: الفصل السادس 4
- إلِكْترا: الفصل السادس 3
- الدهليز والكنز
- إلِكْترا: الفصل السادس 2
- إلِكْترا: الفصل السادس 1
- سيرَة أُخرى 69
- إلِكْترا: الفصل الخامس 5
- إلِكْترا: الفصل الخامس 4
- إلِكْترا: الفصل الخامس 3
- إلِكْترا: الفصل الخامس 2
- إلِكْترا: الفصل الخامس 1
- إلِكْترا: الفصل الرابع 5
- إلِكْترا: الفصل الرابع 4


المزيد.....




- عاجل | حماس: إقدام مجموعة من المجرمين على خطف وقتل أحد عناصر ...
- الشيخ عبد الله المبارك الصباح.. رجل ثقافة وفكر وعطاء
- 6 أفلام تتنافس على الإيرادات بين الكوميديا والمغامرة في عيد ...
- -في عز الضهر-.. مينا مسعود يكشف عن الإعلان الرسمي لأول أفلام ...
- واتساب يتيح للمستخدمين إضافة الموسيقى إلى الحالة
- “الكــوميديــا تعــود بقــوة مع عــامــر“ فيلم شباب البومب 2 ...
- طه دسوقي.. من خجول المسرح إلى نجم الشاشة
- -الغرفة الزهراء-.. زنزانة إسرائيلية ظاهرها العذاب وباطنها ال ...
- نوال الزغبي تتعثر على المسرح خلال حفلها في بيروت وتعلق: -كنت ...
- موكب الخيول والموسيقى يزيّن شوارع دكا في عيد الفطر


المزيد.....

- تحت الركام / الشهبي أحمد
- رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية ... / أكد الجبوري
- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان
- مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111 / مصطفى رمضاني
- جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- رضاب سام / سجاد حسن عواد
- اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110 / وردة عطابي - إشراق عماري
- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دلور ميقري - إلِكْترا: الفصل الثامن 1