|
السيد مقتدى الصدر : الاشارات والتوظيفات !
عارف معروف
الحوار المتمدن-العدد: 5893 - 2018 / 6 / 4 - 16:24
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
السيد مقتدى الصدر : الاشارات والتوظيفات ! ------------------------------------------- في أحيان كثيرة لا تحتاج السياسة الى الكلام الكثير بل الى مجرد إشارات وتلميحات ، قد تنفتح الأبواب بعدها ، على فضاءات مهيئة او مسارات مطلوبة .وفي هذا المجال ، وكلما عَظُم حجم او تأثير الجهة او الشخصية مصدر الإشارة او التلميح ، عظمت التوقعات وتوسعت القراءات .... وهذا لا يعني وجوب ان تفيد كل كلمة او إشارة بمقاصد خفية او غياب العفوية والتعبير الاني في تصرفات الشخصيات العامة ، لكن الناس تعودوا ان يروا الى القائل لا القول ، ويحددوا أهمية وخطورة ومغازي القول ، استنادا الى القائل والظرف والموقف والتوقيت والحاجة ، وتعودوا ، كذلك ، ان لا يضعوا إشارات وتلميحات وكلمات الشخصيات المؤثرة والقوى المهمة في خانة العفوية وانعدام القصد .... لقد نشر مكتب السيد مقتدى الصدر بالأمس ، وتم تداول ذلك عبر وكالات الانباء والمواقع الإخبارية والفضائيات ، ما بدى على انه إجابة منه على سؤال احد الاتباع فيما اذا كان يحق لليهود عراقيي الأصل العودة الى العراق وقد صيغ السؤال على النحو التالي :" هل يحق لليهود عراقيي الأصل العودة الى العراق بعد ما هجرتهم السياسات السابقة في منتصف القرن الماضي ؟ علما ان لهم أملاك وكانوا سابقا جزء من المجتمع العراقي " وقد أجاب السيد الصدر : " بسمه تعالى ، اذا كان ولائهم للعراق فأهلا بهم " . نحن ، هنا ، امام افتراضين :الأول ، ان يكون السؤال مرتّب ، لغرض اصدار تصريح ، وهذا امر مألوف جدا في عالم السياسة . والترتيب قد يعني معرفة السيد الصدر به وحاجته لأطلاق مثل هذا التصريح في هذا الوقت بالذات لغرض سياسي يعنيه ، او ترتيب بعض المحيطين به دون معرفته بالغاية أصلا ، لكي يوظفوا الإجابة فيما يهدفون ، او ان جهة خارجية ، لا ترتبط بالتيار الصدري اوعزت لشخص ما بالسؤال لكي توظف الإجابة .... اما الافتراض الثاني ، فهو ان يكون السؤال عفويا ، وقد صدر عن احد الاتباع حقا ، لكن صيغة السؤال وتوقيته ومهارته الواضحة في الصياغة والمرامي، و( حتى اسم الشخص السائل الذي يبدو مفتعلا ومتسرعا وناتجا عن التداعي : سعد رعد !) ، تبعد هذا الافتراض ، تماما . ان مضمون السؤال الذي لا يخفى هو حق الإسرائيليين من اصل عراقي في العودة الى العراق والمطالبة باملاكهم المصادرة وحقهم في استعادة الجنسية العراقية ، وهذا ما ينطوي عليه القول بان سبب هجرتهم هو السياسات الظالمة السابقة ،وانهم جزء من المجتمع العراقي يتعين رفع الظلم عنهم واستعادة حقوقهم وبالأساس منها حق المواطنه ، التي ستكون مزدوجة ، ربما ! فاذا اضفنا الى ذلك ما سينطوي عليه أي تطبيق في ظل الوضع العراقي الحالي وفساده ، فسيكون كارثيا حتما ولا يتعلق بواقع الأملاك ومن هاجراو هُجّرمن اليهود حصرا ، ودليلنا هوما حصل بالنسبة لقرار الرعاية الاجتماعية وكيف شُمل عشرات الألوف من غير المستحقين واصبح الامر ميدانا للمتاجرة (الفضائية ،حسب التعبير العراقي ) في حين لم يشمل بها الكثير من المستحقين . وكذلك الامر بالنسبة لقانون الفصل السياسي وقانون السجناء السياسيين ...الخ ناهيك عن النوايا والاغراض الأخطر والابعد مراما بكثير ، وكثير جدا ! لقد كانت إجابة السيد مقتدى هي الإجابة التي يمكن توقعها من أي شخصية عامة او مسؤول ، عراقي او عربي ، وهي لا تحمل الكثير ، فمن الطبيعي لأي مسؤول عربي ان يجيب بما يشبهها وان يعلق حق عودتهم بولائهم للوطن ، ولكن ما هو معيار قياس هذا الولاء الواقعي والعملي ، خارج نطاق التعابير الجميلة والدبلوماسية ؟! المسألة الأخطر ، كذلك ، هي طرح " حق العودة " للاسرائيلين الحاليين الى " بلدانهم " السابقة التي هجروا ظلما منها ، كما تركز الصحافة الإسرائيلية ، وخصوصا على لسان داعيتهم " العربي " ايدي كوهين ،وليس هاجروا برغبتهم او تعصبهم ازاء " حق العودة " الذي يطالب به الفلسطينيون ؟! في مطلع الستينات ، وفي مواجهة حكم عبد الكريم قاسم وللتهيئة لاطاحته وذبح الشيوعيين ، الذين ارجح ان كل جمهورهم ، ماكان معنيا بالشيوعية فعلا ، وانما بالوطنية العراقية التي كانت، يومذاك ، في فتوتها المرتبكة ، بعث البعض بسؤال الى آية الله محسن الحكيم ، وكان في حينه رأس المرجعية ، بسؤال صيغ بطريقة ذكية ، ومرتّبة ، عن الشيوعيين ، فأجاب بتكفير الشيوعية وقال انها كفرٌ وإلحاد ... في ظاهر الحال كانت فتوى الحكيم ، منطقية ومنسجمة مع طبيعة السؤال وما قدمه، وكأنها بريئة وخلو من أي سياق اذ انها اجابت بان الشيوعية كفر والحاد اذا كان الامر على النحو الذي قدمه السائل . انها لم تعن الشيوعيين او تكفرهم كأشخاص او كحزب ، كما انها علقت التكفير على شرط ورد في مضمون السؤال ، لكنها في الواقع ، وظفت توظيفا رهيبا ، واسست ، شرعيا ، لمذبحة راح ضحيتها الألوف ..... هل كان الحكيم يجهل ما اريد بذلك السؤال وتلك الفتوى ؟ هل " رُتب " السؤال والاجابة من قبله شخصيا ام من المحيطين به واتباعه ، ام انه كان من اعداد وتوظيف قوة مستفيدة أخرى مثل الجبهة القومية او حزب البعث ، يومذاك ، ام ان من وراءه كان ابعد بكثير أساسا وغاية ؟! علم ذلك عند عّلام الغيوب ، لكن التاريخ متخمٌ بالاقوال التي تبدو بسيطة ظاهرا ولكنها إشارات لتحولات وانقلابات خطيرة في الواقع ، وهو مفعم كذلك بكلمات الحق التي اريد بها باطل، كما ان فيه الكثير من الإشارات الخلو من المضمون الحقيقي والتي تبغي تحقيق نفع سياسي ، وكل ما اتمناه في هذا السياق ، ان يكون السيد الصدر وما يريده ويسلكه خارج نطاق أي توظيف مريب وسوء قصد، من قبل القوى السوداء المتربصة ، داخلية وخارجية ....
#عارف_معروف (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
هل سنشهد تغييرا حقيقيا ؟!
-
قانون شركة النفط الوطنية العراقية 2018: طبيعة القوى الاجتماع
...
-
قانون شركة النفط الوطنية العراقية وآفاقه : ابعد من الخصخصة !
-
ماذا يقول العراقيون ؟!
-
محمد بن سلمان واحلام العصافير العراقية !
-
الإسلام السياسي: خطابُ قوةٍ ام اعلان افلاس ؟!
-
اذا كنت لا تدري فتلك مصيبة ....
-
الديمقراطية الممكنة والديمقراطية المستحيلة: ننتخب ام نقاطع؟
...
-
الدوامة...
-
امتان لا امةٌ واحدة . شعبان لا شعبٌ واحد !
-
كوارث أقارب الخياط !
-
هل المشكله في الشعب العراقي ؟ (محاولة في الشخصية العراقية )
...
-
هل المشكله في الشعب العراقي ؟!
-
اوراق في المقامره الكبرى القادمه !
-
ذهب البارزاني ، جاء البارزاني ، عاش حيدر العبادي !
-
انصفوا الطلبه : صدام يلغي قرارته المجحفة ونحن نتمسك بها !
-
العائلة الحاكمة ولعبة الولد الضال .....
-
استفتاء اربيل ومحتويات الصندوق الاسود .....
-
البارزاني وشركاءه .....محرقة جديده ؟
-
من ايران الى السعودية .... روهينجا يامسلمون !
المزيد.....
-
على ارتفاع 90 مترًا.. عُماني يغسل سيارته مجانًا أسفل شلال -ا
...
-
في إسطنبول نوعان من القاطنين: القطط والبشر في علاقة حب تاريخ
...
-
بينها مرسيدس تُقدّر بـ70 مليون دولار.. سيارات سباق أسطورية ل
...
-
هل فقد الشباب في الصين الرغبة بدفع ضريبة الحب؟
-
مصدر دبلوماسي لـCNN: حماس لن تحضر محادثات الدوحة حول غزة الخ
...
-
مقاتلتان من طراز -رافال- تصطدمان في أجواء فرنسا
-
حافلة تقتحم منزلا في بيتسبرغ الأمريكية
-
دبابات ومروحيات أمريكية وكورية جنوبية تجري تدريبات مشتركة با
...
-
كاميرا ترصد الاعتداء على ضابط شرطة أثناء المظاهرات في فيرجسو
...
-
طلاب بنغلاديش من المظاهرات إلى تنظيم حركة السير فإدارة الوزا
...
المزيد.....
-
الخطاب السياسي في مسرحية "بوابةالميناء" للسيد حافظ
/ ليندة زهير
-
لا تُعارضْ
/ ياسر يونس
-
التجربة المغربية في بناء الحزب الثوري
/ عبد السلام أديب
-
فكرة تدخل الدولة في السوق عند (جون رولز) و(روبرت نوزيك) (درا
...
/ نجم الدين فارس
-
The Unseen Flames: How World War III Has Already Begun
/ سامي القسيمي
-
تأملات في كتاب (راتب شعبو): قصة حزب العمل الشيوعي في سوريا 1
...
/ نصار يحيى
-
الكتاب الأول / مقاربات ورؤى / في عرين البوتقة // في مسار الت
...
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
هواجس ثقافية 188
/ آرام كربيت
-
قبو الثلاثين
/ السماح عبد الله
-
والتر رودني: السلطة للشعب لا للديكتاتور
/ وليد الخشاب
المزيد.....
|