|
-معضلتي- مع الكتابة ! (2)
يحيى علوان
الحوار المتمدن-العدد: 5891 - 2018 / 6 / 2 - 23:09
المحور:
الادب والفن
تَرَجّلْ .. ! فالنسيانُ دابّـةٌ حَـرونْ ! تَرَجّلْ ! فمـا أَنتَ بالأوَّلِ ولا الأخيـر .. ! كانَ /النسيانُ/ حماراً ! لَـه عليكَ فضلٌ ... وفَّـرَ لَكَ ، بعـدَ عقـودٍ ، فرصَةَ الإطلال على ذاكرتِكَ والإستمتاعِ بأعادةِ صيـاغَةِ ، وتشكيلِ ، تَلوينِ ، بلْ ومُساءَلَةِ ما مَررَتَ بـه – دونَ حُـزنٍ أو نَـدَمٍ – من أجلِ الفَـوزِ بمعرفِـةٍ تَمتَـدُّ لجِـذورِ الأشياءِ ... من أجلِ إستنباطِ "الثابِتِ" و"الكامِنِ" تحتَ قِشرَةِ اليوميِّ ، بهَدَفِ جَلْوِهِ من غُبـارِ العابِرِ ... فَقَـدْ أَورَقتِ المُفرداتُ والمعانِـي .. تَعَتَّقَتِ المَشاعِرُ ، رَحُبَتِ الظِـلالُ وغــدا النَـصُّ قانِـيَ الحُمـرةِ .. يَستَفِزُّ/ يَتَحَرَّشُ بـ " ثَـورِ" الكتابَـةِ المجيـدِ ! عَـلَّ الذِكـرى تُضـيءُ دَربَ المعنـى فـي غَبَشِ الكلمـاتِ ، وفِـي غَسَقِ العُمـرِ .. فالحَنينُ لَمّـا يَزَلْ "صغيراً" ، مـا شِبَّ عنْ "غِمـده " بَعـدُ ! يُمسِكُ بنياطِ النسيان ، يكـادُ يُقطّعهـا .. تَرَجَّلْ ، وإبحثْ عن لُغَةٌ ، تَرفِسُ لحظةَ الخطابةِ والشعار ، فتكونُ واحَـةً للتأمُّلِ .. ................................ ................................
عقُـودٌ مرَّتْ سِراعاً .. تَغَيَّرَتْ أشياءٌ وأَشياء ! لكنَّ ذلكَ الحبل أمسى متيناً ... ستُضيفه إلى ما تعلّمتـه في مجـرى الحياة : .." شيئان تزدادُ قيمتهما ، يَغـدوانِ أَطعَمَ ، إنْ تَعَتَّقَا ... النبيذ والجبنة " وستُضيفُ لهما ، من عندكَ ، ذلك الحبلُ ، الـذي يشدُّكَ إلى مَنْبَتِك الأوّل ، الذي لَـمْ تَخْتَره !!
عَلَّمَكَ " الجَبَلُ " ، وقبلَـه المُعْتَقَلُ ، مـا دونـه كل شيء ، فِقـهَ الحُـريَّـةِ .. ! تـَعَلّمتَ كيفَ تَصنَع حبـلاً سِريّاً " ليسَ من مَسَدْ !" معَ أَرضِ البِدايـاتِ ، أرضِ الحروفِ الأولـى ، ا لحبِّ الأوَّلِ ، والرعشَةِ الأولى ... والـ"كَفِّ" الأولـى ، التي تلَقّيْتَهـا على وَجهِكَ ... تُحِسُّها بعدَ أكثر من خَمسين عاماً، فَتَمُـدَّ يَدَكَ – لا شُعوريَّـاً – تَحُكّ مكـانَ الصفعَـةِ ، كأنهــا حَدَثَتْ تَـوَّاً .. وما زالَ أَثَرُهـا حـارّاً .. !
على حَجـرِ النِسيانِ ، سَتَصقِلُ الذِكـرى وتَشحَذُ شَفيرَهـا ، حيثُ مُمكنة تَغدو الكتابَـةُ عمّـا تَخَمَّرَ في جُنُبـاتِ اللاوعيِ .. ولَمْ يَتَغَيَّرْ بِفِعلِ عادِيـاتِ الزمـانِ ... أضحَى ملجأً يُبَدِّدُ مرارةَ العيشِ .. ويَصيـرُ حُلمـاً ، تَغـدو الحيـاةُ منْ أجلـهِ مُبَرَّرَةً . فالعَيشُ يقتَضَي بقـاءَ الحُلُمِ .. فأِنْ تَحَقَّق " أَخْفَقَ " !
مفتوحـاً ، طرِيَّـاً ظلَّ جُرحُ الذكـرى .. في عـالَمٍ ظَنينِ السعادة ، كريم الشقاء .. ! ................................ ................................
خيـاراتٌ وجوديَّـةٌ كثيرةٌ ، أَهملتَهـا ، كـي تُرضِــعِ ذاكـرتكَ البَصَريَّـةِ والحسيَّةِ .. حتى راحَتْ تُحضِـرُ لكَ روائـحَ وعطـوراً ، يَقْشَعِرُّ لهـا زَغَبُ " العِجْمَةِ "، وَتُقَدِّمُ لَكَ أَطباقَـاً من المباهِـجِ الصغيـرَةِ ، من قَبيلِ .. " أَنَّ حُـبَّ الوطَـنِ لا يحتَـــاجُ إلــى "وسـيطٍ "أو "سمسارٍ"، أَيَّـاً كانَ ! تماماً كمـا العلاقـةَ بالرب، لا تحتـاجُ إلـى وسيطٍ ! "
ما زالَت الحَيرةُ تَنهَشُكَ ، إنْ بالحُبِّ فاضَ قلبُكَ ، فهـو أَصغرُ من قلبِ لاعبِ كُرةٍ قدم! لكنَّه أكبَرُ ، قَطعـاً ، من قلبِ مُستبِدٍّ ! خِلافَاً لآخريـن إستوطنَ العاقول قُلوبهـم .. تروحُ تُغمِضُ عينيكَ فتستخرجُ وطناً آخـرَ ، غيرَ هـذا الخراب .. ستظلُّ حارِسَ الشرَرِ في الأحلام .. فقد تنسىِ الشرارةُ نفسها ، وتَتقـادم فتنتهي إلى ومضَةٍ خجـولةٍ . لذلكَ ستسرقُ ، من بابٍ موارَبٍ لَفحَةَ النُجيمـاتِ ، من مستورِ سَهرَتهـا ، فَلَرُبّمـا شاءَتْ مساءاتُ المنافي أنْ تَتَدفَّـأ بالذكـرى فقط .. حَدَّ التمادي ..! ................................
* أَنكونُ فَقَدنـا الأوطانَ لأنَّ القطيـعَ تاه عنّـا ، فلَمْ نَعُـدْ نُصـابُ بالحنينِ إلى جحيمهـا .. ؟! أَلذلكَ صَبرَتْ علينـا المنافـي ولم تأبه ، عندما يفيضُ بنا الحنين فـي نُحاسِ الصمت .. لشُرُفاتٍ هَجَرَهـا الحَمَـامُ وأَخَـذَ هَديلَـه معـه ... فنَظلَّ نرنو لنجـوم ليلٍ عتيـق ؟! ماذا جَنَيتَ حينَ أضرَمتَ المـاءَ في الصمتِ ، والصمتَ في الكلام ؟ ماذا جَنيتَ تبحثُ ، مثلَ قردٍ ، على صفحة المـاء عن شخصٍ آخرَ سواك ؟! لمـاذا تسألُ الرياحَ عن أُمِّهـا والموجَ عن أبيه ؟!تقولُ لنفسِكَ .
* عَتَبي على مَنْ وَرَّطَني بالمفردةِ ونَسِيَ أنْ يُوصيهـا كي تَتَرفَّقَ بِـيَ ! كانَ أبي يقولُ لِي ، وكنتُ صغيراً لايفقه المعنى سوى الحِفظ ، آفَـةُ الفيلِ عاجُـه ، وآفَـةُ البئرِ دَلـوُه .. وآفَـةُ الشِعرِ النَظمُ والجَرَسُ .. !
وبأزميلٍ من صوتِ حَنجرَتِه العريضةِ حَفَرَ في صخرَةِ ذاكرتي الفَتِيَّةِ ، بيتاً من الشِعرِ، قاله مُنبِّهـاً إيايَ يومَ حمَلتُ صينيةَ الشاي إلى غرفةِ الضيوف وشَرَعتُ أُقدِّم الكؤوسَ ، دونَ دِرايَةٍ ، إبتداءاً من أَقربِ شخصٍ إلى الباب يساراً .. قالَ: "مَنَعتِ الكاسْ عنَّـا أُمَّ عَمرٍ ....... وكانَ الكاسْ مَجـراهُ اليَمينَا "!
يومها إحمرَّ وجهي خجلاً ، كما أظنُّ ، لأنني إستشعرتُ حرارةً في أُذني .. وما نسيت البيتَ أبَداً ! ...................................... ......................................
نَـمْ قَريرَ العينِ .. ! فَصغيرُكَ صـارَ شيخاً هَرِماً... لكنه لَمْ يُشفَ من ظَمَئه .. لَمْ يُغـادر بُستانَ الحَرْفِ ، ما فتِىءَ يصطادُ شُهُبَ المعنى وظلالَهـا .. لَمَّـا يَزَلْ على تِلكَ الدرب ، التي سَلَكها ، أَبونـا الأوَّل مسكوناً بشَغَفِ إنبلاجِ المعنى .. لَمْ يُرهِبه التابـو ، ولا الوعيـدُ ، ولا حتى الخروجُ من الجنّـة .. !!
#يحيى_علوان (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
معضلتي مع الكتابة (1)
-
وَجعُ الماء ..!
-
المَتنُ هو العنوان !!
-
طيف
-
-جلالة- النسيان
-
الواشمات
-
لهفَة ديست فوق الرصيف
-
عن الجواهري وآراخاجادور ...
-
صقيع
-
صاحبي الشحرور
-
مِعجَنَةُ سراب !
-
رحلَ صادق الصَدوق - صادق البلادي
-
أسئلة حيرى
-
.. تلك المنازل و-الشِريعه-
-
هو الذي تَبِعَ سربَ القَطَا
-
رواية داريغو : ترنيمة للبحر... ملحمة عائد من الحرب ... غنائي
...
-
مقاصير نصوص (4)
-
ومضات
-
هو الذيبُ .. صاحبي !
-
غِرّيدٌ أَنبَتَ صداهُ .. ومضى
المزيد.....
-
الرياض.. دعم المسرح والفنون الأدائية
-
فيلم -رحلة 404- يمثل مصر في أوسكار 2024
-
-رحلة 404- يمثّل مصر في -أوسكار- أفضل فيلم دولي
-
فيلم -رحلة 404- ممثلاً لمصر في المنافسة على جوائز الأوسكار
-
فنانون من روسيا والصين يفوزون في مهرجان -خارج الحدود- لفن ال
...
-
اضبط الآنــ أحدث تردد قناة MBC 3 الجديد بجودة عالية لمتابعة
...
-
كيف تمكنت -آبل- من تحويل -آيفون 16 برو- إلى آلة سينمائية متك
...
-
الجزائر: ترشيح فيلم -196 متر/الجزائر- للمخرج شكيب طالب بن دي
...
-
وفاة النجم الأمريكي الشهير تيتو جاكسون
-
مصر.. استعدادات لعرض فيلم -إيلات- الوثائقي في ذكرى نصر أكتوب
...
المزيد.....
-
توظيف التراث في مسرحيات السيد حافظ
/ وحيدة بلقفصي - إيمان عبد لاوي
-
مذكرات السيد حافظ الجزء الرابع بين عبقرية الإبداع وتهمي
...
/ د. ياسر جابر الجمال
-
الحبكة الفنية و الدرامية في المسرحية العربية " الخادمة وال
...
/ إيـــمـــان جــبــــــارى
-
ظروف استثنائية
/ عبد الباقي يوسف
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
سيمياء بناء الشخصية في رواية ليالي دبي "شاي بالياسمين" لل
...
/ رانيا سحنون - بسمة زريق
-
البنية الدراميــة في مســرح الطفل مسرحية الأميرة حب الرمان
...
/ زوليخة بساعد - هاجر عبدي
-
التحليل السردي في رواية " شط الإسكندرية يا شط الهوى
/ نسرين بوشناقة - آمنة خناش
-
تعال معي نطور فن الكره رواية كاملة
/ كاظم حسن سعيد
-
خصوصية الكتابة الروائية لدى السيد حافظ مسافرون بلا هوي
...
/ أمينة بوسيف - سعاد بن حميدة
المزيد.....
|