|
معركة الدجاجة ( المقدسة ) في القادسية
حمزة الكرعاوي
الحوار المتمدن-العدد: 5891 - 2018 / 6 / 2 - 23:07
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
المعارك في المنطقة العربية كثيرة ، وخصوصا التي بين العشائر العربية ، لأسباب تافهة ، منها : ( بسبب فقدان حذاء ، نصرة لحمار ، إختلاف برأي حول أمر ما ، رؤوية منام ، مباراة كرة قدم أو ما شابه ذلك ) ، وجميع الدول العربية تشترك في عامل العصبية القبلية والعشائرية ، وجميع عوامل التخلف ، وأشهدها الثأر لأبسط الاشياء ، المشرق العربي هو المكان الخصب للقبلية العشائرية ، ويتفاوت الامر بين بلد وآخر ، كلما وجد الفقر والامية ، يتصاعد ليتحول إلى قانون وكابوس ، تسقط القتلى والجرحى في أية معركة لإسباب تافهة . العراق واليمن وليبيا ، من أشد البلاد العربية تمسكا بالعادات والتقاليد العشائرية التي تذهب بالمجتمع إلى قعر التخلف ، وهناك أنظمة سياسية تدفع بإتجاه أن يستمر القانون العشائري ، وتغيب الدولة والقانون . بين حين وآخر ، تنشب معركة بين قبيلتين أو بين أبناء القبيلة الواحدة ، أو داخل حي في مدينة ، بين الجيران ، لسبب بسيط ، ويتحول المكان إلى مجزرة ، ويتقدم شيوخ العشائر لأخذ مكان القضاء ، وهي فرصتهم الذهبية ، للبروز وتسويق الذات ، وتقديم الحلول ، منها الاموال التي تكسر ظهر العشيرة المعتدية ، تقديم فتيات قاصرات ، لأولاد من سقطوا في معركة من أجل حمار ، أو بسبب فقدان حذاء ، أو دجاجة مقدسة . الحديث هنا عن معركة الدجاجة المقدسة في القادسية ( جنوب العراق ) ، ولا يتوهم أحد أنها مشابهة لمعركة القادسية التي أسقطت الامبراطورية الفارسية ، ولا هي قادسية صدام حسين ، إنها معركة نصرة للدجاجة المقدسة . وربما يتخيل الانسان الغربي ، ويظن أن العرب أشد من الشعوب الغربية إحتراما للحيوان ، ولهذا تقاتلوا من أجل أن يعيش الحيوان بأمان ، وغير مسموح إيذاءه ، أو أن العشائر تطبق الاسلام الحقيقي الذي يحرم الاعتداء على الحيوان فضلا عن الانسان ، وأن إمرأة دخلت النار بسبب حبسها قطة حتى الموت ، لا هذا ولا ذاك ، التخلف والامية والجهل ، وتشجيع السلطة الظالمة ، ومباركة رجل الدين وراء هذه المعارك التافهة . معركة القادسية عام 1920 ( الدغارة ) إستمرت 8 أيام ضد المحتل البريطاني ، وتوقف قطار الانكليز بسبب إحتدام المعارك بين العشائر وبين الجيش المحتل ، وكان المقاتل في تلك المناطق يسطر أروع البطولات ، السؤال : كيف تحول ذلك الانسان العراقي من الدفاع عن الوطن والشرف ، إلى أن يقتل أخاه بسبب تافه ، ويشرف على معاركه المحتل وغلمانه ؟. في السبعينيات والثمانيات ، إنتهت في العراق سطوة رجل العشيرة ، وولت النعرات الطائفية ، وإذا بذلك المقاتل العشائري الذي يعقل رجله في الخندق اثناء المعركة مع عشيرة أخرى ، حتى لا ينهزم ، ويلحق به العار ، ويقاتل حتى الموت أو ينتصر ، يتأدب أمام هيبة الدولة والقانون ، إذا مر شرطي في المنطقة ، ليبلغ شخصا ما بالحضور في المحكمة أو المثول أمام مدير الناحية ، نجد كل الابطال اصحاب الشوارب التي تتحرك نصرة لدجاجة أو حمار ، تأخذ وضع الانبطاح في الحفر والخنادق وتختفي الاسلحة تحت التراب ، حتى يغادر (عريف إمحيسن ) المنطقة هو وحصانة المرعب للعشائر ، ومنهم من يتملق له ، ويقدم الدجاج والرشوة لكسب وده . في مدينة ( الديوانية ) اذا مرت سيارة شرطة النجدة أو مسلحة للشرطة ، كل الاشقياء يتحولون إلى دجاج مقدس ، خوفا من السلطة والقانون . وأتذكر عمي الشرطي ( عليوي ال عبد إسحاق ) رحمه الله ، عندما يسير وسط مدينة الديوانية وهو شرطي نجدة ، يحول الديوانية إلى مدينة مثالية كالتي يريدها فلاطون ، وهو لا يحمل سلاحا ، غير العصا البلاستيكية ( صوندة ) اي كيبل . الذين دخلوا معركة ضارية ، سقط فيها قتلى وجرحى ، من أجل نصرة دجاجة مقدسة ، هم وجه العراق الجديد الاسلامي المبارك من قبل المرجعية الدينية في النجف ، والذي يريده الامريكي والايراني ، واللجوء إلى القانون العشائري مهدوا لتشريعه ، بأن يستمر كما كان في أزمنة التخلف ، بتقديم نجل السيستاني الفصل العشائري لعائلة ( الزوجة المقتولة ) في مدينة العمارة ، التي زنا بها وكيل سيستاني ( مناف الناجي ) ، فتحرك برلمان المحتل ، وشرع قانون العشيرة ، حتى يتفكك المجتمع العراقي ، وتتم السيطرة عليه ، ويتحول مضيف شيخ العشيرة إلى قبلة للاحزاب الفاسدة ، وهذه مشورة بريطانية . في بداية الاحتلال الامريكي للعراق ، كلما أطلقت العشائر الرصاص في الهواء ، إستعراضا للقوة في الاعراس أو المآتم ، يتم قصفهم من قبل طائرات حربية أمريكية ، فتدخل البريطاني ، وقال للامريكان : يارعاة البقر : لا تتعرضوا للعشائر ، ولا تقصفوهم ، لانهم لم ولن يطلقوا النار عليكم ، لاننا وضعنا لهم صمام آمان ( المرجع الاعلى ) ، ليسيرهم حسب مانريد ، عليكم أن تتركوهم في حالهم ، أو تشجعوهم وتسلحوهم ، حتى يتقاتلوا فيما بينهم ، فتوقف الامريكان عن قصفهم . في ذروة الحرب الطائفية في العراق ، صرح دونالد رامسفلد : دعوهم يتقاتلوا فيما بينهم . الذين تقاتلوا في الديوانية بسبب دجاجة مقدسة عفيفة شريفة ، لم تخن زوجها يوما ما ، ولم تسمح لديك آخر أن يدنس شرفها ، شرع لهم المحتل وغلمانه في المنطقة الخضراء القانون العشائري ، وباركه المرجع الاعلى في النجف . هؤلاء أهم أدوات ورافعات المحتل الامريكي والايراني ، ولقب شيخ في عموم العراق ، أفضل من مفكر أو من يحمل شهادة دكتوراه في اي مجال . وصل الامر أن يجر الاخ أخاه لمقاضاته أمام شيخ العشيرة . أمن شيخ العشيرة خطوط الامداد لقوات الاحتلال الامريكي ، وإستقبل أبو ريشة في مضيفه غرب العراق ( جورج بوش الابن ) وذبح له 60 خروفا ، ومثل ذلك في وسط وجنوب العراق 140 خروفا مقدسا نحرت إكراما لزيارة هادي العامري شيخ تهريب نفط البصرة . طبعا لانعمم هناك شيوخ عشائر شرفاء ، لامجال للحديث عنهم في هذا المقال ، وقد سجلوا المواقف المشرفة في رفض إستقبال الاحزاب الفاسدة التي تروج للانتخابات . بقانون العشيرة الذي شرعه برلمان الاحتلالين ، تم تغييب الدولة العراقية ، وإفساد القضاء وتهشيم منظومة القيم والاخلاق ، وهذا هو مشروع المحتل في العراق . علينا كعراقيين أن نحتفل بذكرى إستشهاد الدجاجة المقدسة في القادسية ، مثلما نحتفل بالذكرى السنوية لنجاح عميلة ( بواسير ) الشيخ المعمم خالد العطية ، ونخلد اسماء ( الشهداء ) الذين سقطوا دفاعا عن كرامة سيدتنا الدجاجة في الديوانية ، ونكرم من شارك في المعركة ( المشرفة ) معركة أم ( الدجاج ) ونضع جميع اسماءهم في سجل في المتحف البريطاني ، لنؤرخ لبطولاتنا ، حتى تطلع عليها الاجيال اللاحقة ، ونذكرهم عندما نذكر ( شعلان ابو الجون وثوار العشرين ) . سلام عليك ايتها الدجاجة ، لانك مقدسة ، ونتمنى أن تشفعي لنا يوم القيامة ، لانك برئية من كل ذنب ، وذهبت شهيدة ، والشهداء في الجنة . نترحم على جميع شهداء الاسلام ، ولا فرق بين شهداء دولة الخلافة والحشد المقدس ودجاجة الديوانية المقدسة ، وشهداء معركة الحمار المقدس في اليمين السعيد .
#حمزة_الكرعاوي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
خصخصة المظاهرات في العراق
-
جامعة الكفيل وتفريس العراق
-
تشريعات برلمان النكاح
-
مقتدى الصدر و إصلاح الاحتلال
-
النزاعات العشائرية في العراق
-
متى يتحرر العقل العراقي ؟
-
الترحم على الحصة التموينية
-
بشراء الاصوات والذمم سقطت الدولة العراقية
-
ظاهرة دونالد ترامب
-
ثورة السحل في العراق قادمة
-
إعلان ولاية فقيه في العراق
-
من القدس إلى النجف هدم المنازل
-
نهاية زمن الدولة الوطنية
-
خطورة حكم رجال الدين على الانسانية
-
حلم أحفاد كسرى في العراق
-
حج كربلاء محو لذنوب الساسة
-
إنقراض الدولة العراقية
-
أبناء بريطانية العظمى في العراق
-
مهندسو الخراب في العراق
-
التبعية
المزيد.....
-
بلينكن يزور مصر في أول زيارة إلى الشرق الأوسط لا تشمل إسرائي
...
-
الجيش الأمريكي يكمل انسحابه من النيجر بعد حوالي سنة من انسحا
...
-
لحظة واحدة أنقذت ترامب.. فوهة البندقية كشفت ريان ويسلي روث
-
الجيش الأميركي يعلن اكتمال انسحابه من النيجر
-
البيت الأبيض يعلق على منشور إيلون ماسك المحذوف عن بايدن وهار
...
-
-ديلي ميل-: بريطانيا غير جاهزة على الإطلاق لتصعيد الصراع مع
...
-
إصابات في حادث انقلاب حافلة سياحية عائدة من موقع -ماتشو بيتش
...
-
الكابينيت الإسرائيلي يعتمد إعادة سكان الشمال لمناطقهم أحد أه
...
-
هل عادت خطة تخفيف الأحمال في الكهرباء بمصر؟ -الإدارة المحلية
...
-
بايدن يجري محادثة هاتفية مع ترامب بعد محاولة الاغتيال
المزيد.....
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
-
الخطاب السياسي في مسرحية "بوابةالميناء" للسيد حافظ
/ ليندة زهير
-
لا تُعارضْ
/ ياسر يونس
-
التجربة المغربية في بناء الحزب الثوري
/ عبد السلام أديب
-
فكرة تدخل الدولة في السوق عند (جون رولز) و(روبرت نوزيك) (درا
...
/ نجم الدين فارس
-
The Unseen Flames: How World War III Has Already Begun
/ سامي القسيمي
-
تأملات في كتاب (راتب شعبو): قصة حزب العمل الشيوعي في سوريا 1
...
/ نصار يحيى
المزيد.....
|