أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد الهلالي - ما مكانة مكيافيللي في سياسة الدولة المغربية؟














المزيد.....


ما مكانة مكيافيللي في سياسة الدولة المغربية؟


محمد الهلالي
(Mohamed El Hilali)


الحوار المتمدن-العدد: 5886 - 2018 / 5 / 28 - 10:36
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


يستندُ الحكامُ على تصورات سياسية في حُكمهم. وقد يَضطلعون بهذه المهمّة وحدَهم أو يستعينون بخدام لهم في حاشيتهم. وقد يختارون هذه المَرجعية أو تلك طبقا لمصالحهم وأمزجتهم. ويبدو أن المرجعيَة المُفضلة للحكام في البلدان التي لا تنعمُ بالديمقراطية كما تبلورتْ وطُبِقَتْ في الغرب هي مرجعية مكيافيللي. ولما نتأملُ كيف تتعاملُ الدولة المغربية، من خلال أجهزتها المختلفة، مع قضايا ومِلفات معينة لا بد من التساؤل عن مكانة مكيافيللي (1469-1527) في ممارسات هذه الدولة وتعاملها مع المواطنين.
كتب مكيافيللي كتابَه "الأمير" كدليلٍ للحاكم يَستعمله في حكمه للشعب. وكان ينوي تقديمه للأمير لورانزو الثاني "لأن المرءَ إذا أراد مَعرفة طبيعة الشعب معرفة جيدة فينبغي أن يكون أميرا، وإذا أراد معرفة طبيعة الأمراء معرفة جيدة فينبغي أن يكون من الشعب". ويشترط مكيافيللي في الأمير أن يكون قادرا على التمييز بين الخير والشر حتى لا يخدعه الوزراء. كما ينصحُه بتجنب المدّاحين ومحترفي الإطراء، لأنهم لن يقولوا له الحقيقة، وأن يختار أشخاصا حكماء يحتكرون قول الحقيقة له حول القضايا التي يَسأل عنها فقط. لذلك عليه أن يُتقنَ فنّ السؤال وفنّ الإصغاء وأن يتمتّع بالصبر على الإنصات للحقيقة.
إن أشهر جملة تُنسبُ لمكيافيللي، وهي "الغاية تبرر الوسيلة"، لا أثر لها في مؤلفاته. لم يكن مكيافيللي مُنظرا للجريمة السياسية ولم يؤيدْ استعمال العنف بدون شروط، وركز على العكس من ذلك على تنويع الوسائل في مجال الحكم أي: استعمال القوانين والإقناع والقوة والحيلة والمظاهر.
وبالرغم من ربط اسمه بالحيَل والخداع فلم يذكر في كتابه الأمير إلا حيلتين هما: الحيلة الأولى هي تَخلصُ الحاكم (سيزار بورجيا) من نائبه الأول على أحد الأقاليم لوحشية تعامله مع السكان. وكان هذا الأخير يظنّ أنه لنْ يجرؤ أحد على تقديم شكاية ضده، وأن الحاكم لنْ يجرِؤ على محاكمته، فلما أعدمه الحاكم "شعر الشعبُ بالرضا وأصابه الذهول مما فعله الحاكم". وبدا للناس أنه عادل، وتخلص في نفس الوقت من شخص خطير يهددُ مُلكه. والحيلة الثانية تتعلق بإمبراطور روما الذي كان يواجه منافسين له على الإمبراطورية، فاقنع أحدهما باقتسام الإمبراطورية معه إذا ساعده على التخلص من المنافس الثاني، ولما تحقق الهدف تخلص من المنافس الأول.
وقبل تمجيدهِ استعمالَ الحاكم للحيلة، اشترط أن يتحلّى بخصال ضرورية هي: الحزم، والحذر، والتبصر، والقوة. ونصح بعدم إساءة معاملة أيّ شخص، وعند الضرورة ينبغي تجريده من القدرة على الانتقام. وبخصوص الإقناع أكد على أن طبيعة الشعب متغيرة، وإذا كان من السهل إقناعه بفكرة ما، فإنه من الصعب ضمان استمرارية اقتناعه بها مدة طويلة، والحلّ حسب مكيافيللي هو العمل بالوسائل الضرورية لإقناع الرعايا بالقوة بما يرغب الحاكم أن يقتنعوا به. فالرعايا يشعرون بأنهم أحرار في ظل حكم الأمير بقدر ما يخدمونه، لكن بمجرد ما يكفون عن خدمته فلن يتردد في صب كل غضبه وعنفه عليهم.
يتضح أن الحيلة لا تستعمل إلا للتخلص من وضعية التبعية، لكن التبصر والحذر يُستعملان لتجنب المشاكل من الأصل. والمسألتان الأساسيتان الحاسمتان في فكر مكيافيللي هما: كيف يتم الوصول للسلطة؟ وكيف يتم الحفاظ عليها؟ وكلما كانت طريقة الوصول للسلطة سهلة كلما كان الحفاظ عليها صعبا، ما عدا في حالة الحكم الوراثي، شريطة عدم تجاهل الأمير لمؤسسات الأجداد والتكيف مع الإحداث المستجدة.
أما المهمة الضرورية التي على الأمير إتقان القيام بها فهي: التحكم في المظاهر. عليه أن يكون سيد المظاهر، أن يمتلك فن الظهور أمام الرعايا ليضمن التأثير عليهم. عليه أن يتقن التظاهر والادعاء والإخفاء والتصنع. فالناس بسطاء وينخدعون بسهولة، والخداع من خلال المظاهر وسيلة دقيقة للإخضاع. والخداع أكثر فعالية من العنف. فالتحكم في المظاهر أداة من أدوات السلطة. وهذه الأخيرة تُمارَس إما عن طريق القوانين، وإما عن طريق القوة، وقد يضطر الأمير لعدم احترام ما يراه الناسُ صائبا، والتصرف ضد ما وعدَ به الناس وضد الإحسان والإنسانية والدين، لأنه يكون مضطرا للحفاظ على حكمه. فعلى الحاكم "أن لا يحيدَ على الخير ما استطاع، وأن يعرف كيف يكونُ شريرا عند الضرورة"، كما عليه أن يتمكن من تجنّب "احتقار وحقد رعاياه له"، فمن أهم المشاكل التي تواجهه "إرضاء الشعب وإسعاده"، ومن الضروري "أن يكون صديقا للشعب"، لذلك عليه أن يتحلى بفضائل أخلاقية مثل الكرم والوفاء والأمانة. لكن "ليس من الضروري أن يتحلى بكل الصفات المطلوبة في الحكم، لكن من الضروري أن يتظاهر بالتحلي بها". وإذا كان جميعُ الناس يملكون عيونا يبصرون بها، فإن الأقلية منهم فقط هي التي تملك القدرة على الفهم، وهذه الأقلية لا تستطيع معارضة الأغلبية المؤيدة للأمير.لذلك يخطبُ الأميرُ ودّ الشعب ودعمَه ولا يعبأ بدعم أو بمعارضة المثقفين الذين يعتبرون أقلية. فالأمير يعتمدُ على الأغبياء الذين لا يستطيعون التعرف على الجانب الشرير للأمير الموجود وراء مظهره الخيّر.
إن الأساس الوحيد الذي تقوم عليه السياسة بالنسبة لمكيافيللي هو الفعّالية التي تمكنُ الأمير من الاحتفاظ بالحكم. ألا يبدو من خلال ما سبق أن مكيافيللي حاضر بيننا يتجول في شوارعنا؟



#محمد_الهلالي (هاشتاغ)       Mohamed_El_Hilali#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- السلطة في حياتنا اليومية: من يحكمنا؟
- المقاطعة الاقتصادية: السلاح الجديد في الصراع الطبقي
- صدور العدد 3 من مجلة الحرية (المغرب)
- التحليل النفسي والعلاج النفسي: الموضوع والمنهج والنتائج
- علاقة الفلسفة بالصحافة: الفلسفة صحافة راديكالية
- لِمَاذا اسْتولى الأشخاصُ الرّديؤون عَلى السّلطة؟ حوارٌ مع ال ...
- المدرسة اليابانية في عصر العولمة ريوكو تسونيوشي ترجم النص إل ...
- هل ينبغي تدريس الفلسفة لتلاميذ البكالوريا المهنية؟
- كيف صار الشاب ماركس ثوريا؟ -الفلسفة والثورة من كانط إلى مارك ...
- راني زعفان - من ستيفان هيسيل إلى أنيس تينا
- جيل دولوز يجيب عن سلسلة من الأسئلة حاوره آرنو فيللاني(1) Arn ...
- من هم الطلبة القاعديون المغاربة(1)؟
- اليَسارُ العَالمِيُ بيْنَ فشَل الأمَمِياتِ والبَحْثِ عنِ الم ...
- مَارْكس وَصِراعَاتُ الْورَثةِ
- السياسة الدينية في المغرب بين التدبير والإصلاح
- ذنوب الحب
- المناهج في الفلسفة
- حَنَّ آنُ التَّولُهِ
- صلي من أجلي
- عزف على أوتارك


المزيد.....




- إسرائيل تجري مشاورة أمنية لاستئناف الحرب على غزة وترامب واثق ...
- هجوم أوكراني بـ49 مسيرة على روسيا يشعل النار في مصفاة نفط فو ...
- -نفعل الكثير من أجلهم وسيفعلون ذلك-.. ترامب أكيد من قبول عما ...
- إتمام ثالث عملية تبادل بين حماس وإسرائيل في إطار الهدنة
- الجيش الإسرائيلي يعلن شن غارات على أهداف لـ-حزب الله- في الب ...
- بعد تهديد ترامب.. الصين تؤكد تمسكها بشراكة -بريكس-
- وزير الخارجية المصري يتوجه إلى لبنان
- الرئيس اللبناني يوجه قائد الجيش بتفقد الجنوب
- ترامب يهاجم صحفية بعد -سؤال غير ذكي- عن تحطم طائرة واشنطن (ف ...
- زاخاروفا: 90% من وسائل الإعلام الأوكرانية تعيش على المنح الأ ...


المزيد.....

- الخروج للنهار (كتاب الموتى) / شريف الصيفي
- قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا ... / صلاح محمد عبد العاطي
- لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي / غسان مكارم
- إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي- ... / محمد حسن خليل
- المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024 / غازي الصوراني
- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد الهلالي - ما مكانة مكيافيللي في سياسة الدولة المغربية؟