|
الشرق يغرق في التقليد والأمريكي يركض في المريخ الأحمر
مروان صباح
الحوار المتمدن-العدد: 5881 - 2018 / 5 / 23 - 21:23
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
الشرق يغرق في التقليد والأمريكي يركض في المريخ الأحمر ...
مروان صباح / يعدّ تاريخ سقوط الأندلس عام 1492 م ، بداية نقطة التحول في الجغرافيا العربية ، خلال مائتين عام من ذاك التاريخ ، شهدت الحجاز ومصر محاولات أولى لبناء الدولة العربية ، ولعل تقليب التاريخ ، يكون فاتحة خير ، لأن المرء ، في كل المراحل يحتاج إلى إرشاد أو حكمة ، كانت هناك ، تساعد في فهم الحاضر الذي يهيأ لمعرفة المستقبل ، أقام محمد بن سعود ال مقرن إمارة الدولة العربية السعودية الأولى عام 1744 م في المقابل ، على الجهة الاخرى ، أسس محمد علي مؤسس الأسرى العلوية في مصر الحديثة عام 1805 م الدولة المصرية العربية التى كادت أن تسقط الدولة العثمانية في ذاك الوقت ، لكن ، تدخل الغرب أوقف محمد علي ، وأجبره على إعادة الأراضي للدولة العثمانية ، لاحقاً، شهدت الجغرافيا العربية ثورة الهاشمين بقيادة الشريف الحسين ، لكن الاستعمار كرر الخيانة المعتادة مرة تلو أخرى ، وصفى من جديد الحلم العربي ، عند هذه المراحل الثلاثة بالتحديد ، تبدأ الحكاية ومعها خمسة لاعبين على الجغرافيا العربية ، العرب الذين لم ينفكوا من محاولات اعادة الكيان العربي ، الذي كان قد تأسس في المدينة المنورة وثم دمشق ولاحقاً بغداد واخيراً قرطبة ، وبين الغرب والأتراك ، بالطبع ، يأتي بدرجة عاشرة الكاينين الايراني واليهودي الإسرائيلي ، لم تترك القوى الاستعمارية طريقة في الماضي من أجل استعادة الجغرافيا العربية إلا واستخدمتها ، لكن ، التحول الاستثنائي التى شهدته القارة الأوروبية ونشوء الولايات المتحدة الأمريكية ، أحدث تغير في التفكير ، بالطبع ، نتيجة فلسفة ، كانت قد نقدت عصر الهزيمة ، حيث جاء النقد الأول ، تحت دراسة الأسباب التى أدت إلى نجاح التجمع العربي الاسلامي في بناء الدولة ، وثانياً ، الحروب الصليبة وتبعها لاحقاً ، نقد فلسفي للعهود جميعها بما فيها ثورة الأنوار ، طالب النقد الأخير بتخطي الحداثة التى توسطت حول العقل الديكارتي ، هنا نجد أن ميشيل فوكو طالب بإفساح المجال لعودة من أقصتهم الحداثة من أجل ممارسة حريتهم وممارسة خطابهم التقليدي ، بل ، كانت دعودته صريحة لعودة الفكر الاستعماري التقليدي ومشاركة القوميين الأوروبين في صنع خطاب حداثي ، مرتكز على الاعتقاد الخالص لفكرة الاستعمار من خلال العولمة الابهارية والتمدد الصناعي .
بين الخطاب الديني المقدس وعدم أهلية شعوب العالم الثالث بحكم ذاتها ، تعطلت الشعوب المنطقة من إنقاذ أوطانهم ، وعلى أساس ذلك ، مارست القوى الكُبرى نهب ممنهج للمواد الخام والطاقة ، في حين احتفظت بموادرها في باطن أرضها ، الذي يشير عن حجم الانقسام بين صوف المستعمر ، من جانب ، هناك من يعتبر الجغرافيا مصدر إضافي للنهب ، وآخرين يسعون إلى تحقيق طموحهم المقدس ، وتسعى هذه الدول ، بوسائل متعددة افتعال حروب إثنية من أجل برهنة بأن هذه الشعوب خطر على السلم الدولي ، حسب زعمهم أو ما يحاول بعض مفكرين الغرب أسباغ هذه الثقافة من أجل تسهيل عودة الاستعمار ، هناك دون أدنى شك ، ثقافات متعددة في الغرب ، ترفض تبني صيغة الاستعمار بشكله التاريخي ، لكن ، قد لا يفلت من هذا الاتكاء الفكري أحد ، بما فيهم طبعاً ، كارل ماركس ، فالرجل كان قد سلم في مسألة عدم أهلية شعوب عالم الثالث بحكم ذاتها ، لهذا يوجد خلط لدى العربي في فهم ، المسألة الإسرائيلي عند الغرب ، بما فيهم الكيان الروسي ، وهذا الخلط ، وقع ايضاً السيار العربي فيه ، تحديداً في وصف كيانه ، حيث يُروج أدوات فاعلة ومهيمنة في الغرب ، بأن إسرائيل ليست حركة عنصرية بقدر أنها امتداد طبيعي للحركة الثقافية الغربية ، هذا حاصل مُنذ اعلان اليهود لدولتهم ، بل ، وجد الغرب بين مثقفين وسياسين العرب من يتبنى المشروع التفوق العرقي والصناعي ، فقبلوا بالتبعية وكانت تبعيتهم دامغة .
وقعت النخبة العربية في اخطاء جسيمة ، عندما جمعت بين المحاولات الثلاثة في بناء الدولة العربية أو استعادتها وأخرى ظهرت لاحقاً ، أولاً ، انحصرت المحاولات بين ال سعود ومحمد علي والهاشميين ، هنا ، نجد أن تكوين هذه النهضات الثلاثة ، اعتمدت على إنهاء الاستبداد والانحدار التى شهدته المنطقة العربية في عهد حُكم العثمانيين ، بالطبع ، في عقوده الأخيرة ، صحيح أنها أستندت جميعها على اكاذيب الغرب ، بوعود المساندة بلاستقلال ، لكن، المستنهضون ومن تبعهم انقسموا لاحقاً إلى ثلاثة حركات ، كانت الاولى هدفها التخلص من العثماني كضرورة من أجل استنهاض المنطقة العربية بخطوات معاصرة جديدة مع الاحتفاظ بذات الفكرة التى كانت قد قامت في المدينة المنورة ، أما الاستنهاضات التى تعاقبت لاحقاً ، اعتقدت بضرورة فصل الاستنهاض العربي ، كقومية عن شمولية الاسلام مع القوميات المسلمة أخرى ، بالطبع الثالثة ، وجدت بالدولة الوطنية أمر يناسب المعيار الدولي والاقليمي .
تمسك الغرب الاستعماري بالاقتراح الأخير ، بعد ما شهد مقاومة شرسة ومتنامية ، استسلم للدولة الوطنية ، الذي اعتبر بناء هذه الدول سيكون على أساس انتماءات مفككة في باطنها ، بقدر ما توحي في ظاهرها ، من خطاب قومجي عروبي لحوح ، لكن ، سرعان ما تحولت هذه الدول إلى حواضن طبقية أو فئوية ، شكلت بشكل كبير ، ضرباً من الضياع الوطني ، وحوصرت بجغرافيا حدودية من قوميات إقليمية ذات مطامع استراتيجية ولديها امتدادات داخلية ، تلك الدّول الطامعة ، في حال واقعها ، تحمل في تركيبتها راسخين من القناعة ، اللذين تشكلا عبر القرون ، فالعربي بالنسبة للاعتقاد إياها ، لا حضارة له وايضاً من جانب أخر ، سبب انهيار الحضارتين ، فإيران تقع بين بحر قزوين ، وايضاً الخليج العربي ، تمكن النظامين المتعاقبين على الجغرافيا الإيرانية من احداث متغيرات جوهرية في الجغرافيا العربية ، لكن ايران ، لم تسجل أي تغير في محيطها القزويني والدول روسيا التاريخية ، بل ، استفاد ويستفيد الكيان الروسي على اختلاف تسمياته ، من اختراق إيران للجغرافيا العربية ويتمدد عبرها ، يسكان ايران 83 مليون نسمة ، الشيعة في العالم بما فيهم ايران لا يشكلون سوى 10 % من مسلمين العالم ، في المقابل ، الوطن العربي بشقيه الشرقي والمغربي ، والتى تعتبر مواقعه المختلفة حساسة ، قد حددت الفتوحات في عهد الخليفة عمر بن الخطاب رضى الله عنه ، شكل الطبوغرافية العربية ، يسكان على هذه الجغرافيا ما يقارب 400 مليون عربي ، حسب التقديرات العالميّة ، هي أكثر الجغرافيات ارتفاعاً لمعدل الزيادة السنوية للسكان ، على الجانب الاخر ، تركيا يبلغ تعداد سكانها 81 مليون ، نسبة الأتراك 85 % والأكراد 10 % ، تمتلك تركيا مواقع ايضاً جيوستراتيجية ، اعتمدت تركيا الحديثة مع القارة الأوروبية ، اُسلوب مغاير للايراني ، اعتمدوا الأتراك التمدد فيها بطريقتين ، توريد الصناعات والزراعة والأيدي العاملة ، أما تتعامل تركيا مع الجغرافيا العربية والافريقية ، بنظرة الأحقية التاريخية والصراع على حصتها مع الدول الطامعة اقليمياً ودولياً ، خوفاً من التقسيم الذي سيطولها ، وعلى الطرف الشرقي للبحر الأبيض المتوسط في غرب اسيا ، تمكن الغرب مجتمعاً على استقطاع فلسطين من الجغرافيا العربية ، أنشأوا على ارضها الكيان الإسرائيلي ، تعداد سكان اسرائيل 9 مليون نسمة ، اليهود يشكلون 74 % والعرب 21 % ، المهم من الأمر ، أن الدول الكبرى ، سمحت وتسمح لجميع الدول المحيطة بالجغرافيا العربية بعمليات استنهاضية متفاوتة ، بإستثناء المنطقة العربية ، لأنها من جانب ، تشكل الأغلبية وهي أرض البدايات ، ومن جانب أخر، ابناءها أصحاب رسالة .
أثناء هذا الإغراق الإقليمي في استنهاض القوة العسكرية والالتحاق بالتكنولوجيا ، وفي غمرة ذلك كله ، احتلت الولايات المتحدة الأمريكية الفضاء الخارجي دون من ينازعها عليه أحد وهي لا تكف ولا تكل عن استكشافه ، بهدف السيطرة والاستفادة منه وتحويله إلى أماكن بديلة للجيوستراتيجية الارضيّة ، بهذا الطموح وبتحقيق أهدافها ، سترسل جميع الأماكن الإستراتيجية على الأرض إلى المتحف ، عندما تتمكن من وضع مرّكبات فضائية تحمل سلاح قادر على إصابة مواقع أرضية ، حينها ، سيسمع العالم صوت الامريكي وهو يركض في المريخ الأحمر ، ويردد ، أركض أيها الأمريكي فالعالم القديم تحتك . والسلام كاتب عربي
#مروان_صباح (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
العراق بعد تحجيم داعش ونتائج الانتخابات / مقتدى الصدر امام ا
...
-
الانتقال بمهارة من تمزيق الحضارة العربية إلى الاسلامية
-
يَوْم زفافي للإسرائيليون ومأتمي للفسلطينيين ...
-
فضائل تيار المستقبل ...
-
تسول شوارعي وأيضاً عقلي ..
-
ذكرى الخامسة لرحيل ابو محمود الصباح / ياسر عرفات ابو صالح اخ
...
-
في ذكرى رحيل ابو محمود الصباح .
-
البقرة والملك مفتاح المملكة اليهودية ...
-
بين الاهتداء إلى الذات والتيهة داخل الذات .
-
دولة اللصوص
-
تحالفات ما قبل القيامة .
-
تغير نمط التفكير ..
-
الانحياز الكامل
-
السادة معهد غوتة المحترمين ..
-
نبيه بري يأسف وباسيل يفشل في تقمص شخص بشير الجميل .
-
الحقيقة ليست خيانة للحق .
-
الاستفادة من الماضي ، يعطي نفس أطول للانتفاضة الحالية
-
إيقاع القوة والخوف
-
توازن القوة / يكفل الخروج من دائرة التخبط والابتزاز
-
ترمب يغرق بالمحاباة ..
المزيد.....
-
البيت الأبيض يقلل من شأن الخلاف بين ماسك ونافارو ويعلق: الأو
...
-
لا للتهجير.. المصريون يستقبلون السيسي وماكرون في العريش بمظا
...
-
نتنياهو.. لا نتائج لزيارة البيت الأبيض
-
من الرسائل المتبادلة إلى المحادثات غير المباشرة: إيران وأمري
...
-
حماس: ما يجري في غزة -انتقام وحشي- من المدنيين
-
وزير الخارجية المصري يجدد رفض بلاده تهجير الفلسطينيين من غزة
...
-
نتنياهو: الخيار العسكري لا مفر منه إذا طالت المحدثات النووية
...
-
البيت الأبيض: المفاوضات المقبلة مع إيران في عُمان ستكون مباش
...
-
حل لغز نيزك كوستاريكا.. -كرات غامضة- قطعت مليوني عام قبل الو
...
-
نيبينزيا: روسيا والولايات المتحدة تبحثان إيجاد حل طويل الأمد
...
المزيد.....
-
فهم حضارة العالم المعاصر
/ د. لبيب سلطان
-
حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3
/ عبد الرحمان النوضة
-
سلطة غير شرعية مواجهة تحديات عصرنا-
/ نعوم تشومسكي
-
العولمة المتوحشة
/ فلاح أمين الرهيمي
-
أمريكا وأوروبا: ملامح علاقات جديدة في عالم متحوّل (النص الكا
...
/ جيلاني الهمامي
-
قراءة جديدة للتاريخ المبكر للاسلام
/ شريف عبد الرزاق
-
الفاشية الجديدة وصعود اليمين المتطرف
/ هاشم نعمة
-
كتاب: هل الربيع العربي ثورة؟
/ محمد علي مقلد
-
أحزاب اللّه - بحث في إيديولوجيات الأحزاب الشمولية
/ محمد علي مقلد
-
النص الكامل لمقابلة سيرغي لافروف مع ثلاثة مدونين أمريكان
/ زياد الزبيدي
المزيد.....
|