سعاد الخراط
الحوار المتمدن-العدد: 5881 - 2018 / 5 / 23 - 18:49
المحور:
الادب والفن
تركنا البلد
دون أن نُشفى بعدُ من حبّه
ومن عبق العشق في دربه
تركنا البلد
وصمتَ الوقوف بأبوابه
وزخرفة من وعود
تركنا البلد
ولكنّه ظلّ ينخرنا للأبد
فليس بوسع المسافر أن يزرع وطنا غيره
كان لابدّ أن نسكن في بقايا الرحيل إلى الذاكرة
ونستنبت الفلّ والياسمين
وزيتونةً
وداليةً للعنبْ
كان لا بدّ أن نسكن في نُخاع البلدْ
ويلتبس وجهُهُ بالرغيف وطعم السباتْ
ويصطبغ لونه بالرحيلْ
كان لابدّ أن ننحر الشوق عبر المواني وأجنحة الطائراتْ
تركنا البلد
تركنا حُطام أحلامنا
تركنا عويل الرياحْ
سماسرة يجلدون الصباح
قد وأدوا ما تبقّى من الحُلُمِ
واستأصلوا شعلة من زهور الأمل
تركنا حين تركنا البلاد وجوها مدجّجة بالكفاحْ
تلامس أشواقنا
وتلتمس الصبر حينا
وتستسلم للغياب
تركنا البلاد
نسجنا من الحبّ خيطا رقيقا يشدّ رِحالَ الحنينِ إلى وطنٍ ظلّ يسكن فينا
نسجنا جسورا معلّقةً في الكلامْ
عسانا وإن طال عنّا الغيابْ نعود لأحضان هذا البلد
تركنا البلدْ
تركنا صرير الرياح
تطرق أبوابَ صمتٍ
ونافذةً للكلامْ
تركنا السهول
تركنا البحار
وأجمل ما في الخيال
تركنا البلد
حملنا الجسد
ونصف الرغيف
وذاكرة متعبة
ولذنا جميعا بحبّ البلد
#سعاد_الخراط (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟