أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - رياض حسن محرم - دلالات فوز حركة النهضة فى تونس















المزيد.....

دلالات فوز حركة النهضة فى تونس


رياض حسن محرم

الحوار المتمدن-العدد: 5872 - 2018 / 5 / 14 - 01:12
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


أخيرا، أفصحت صناديق الاقتراع عن نتائجها في الانتخابات البلدية في تونس، التي أبرزت تقدم حزب حركة النهضة عن بقية المنافسين بما في ذلك حركة نداء تونس، ما يعكس بدرجة كبيرة إستقرار المجتمع التونسى معتمدا التعددية وتداول السلطة، مهما كانت خلافاتنا مع ما تفرزه صناديق الإنتخاب لكن يجب أن نعترف أنها فى المحصلة الأخيرة تمثل نتاج حركة الديموقراطية، كما ليس لدّى أى مشكلة فيمن ينادون بأن العملية الثورية لا يجب أن تعترف بالديموقراطية التى تمثل " فى رأيهم" تعبيرا عن الفكر البرجوازى وأداة من أدواته، وأن الإديلوجية الثورية يجب أن تطبق نوعا مختلفا تماما من الديموقراطية وتطبق القانون الثورى على المجتمع كما حدث فى كل الثورات الحقيقية عبر التاريخ، أقول من حقهم تبنى هذا الرأى لا فرضه بالقوة على الجميع، وللحقيقة فقد رفضت جماعة الإخوان فى مصر نصيحة راشد الغنوشى لها بقبول الإنتخابات المبكرة وقبول نتائجها أيا كانت بدلا من الإنتحار السياسى، ولكنها فى الواقع فضلت الإنتحار.
تبقى حركة النهضة جزء من الفضاء العام لحركة الإخوان المسلمين حتى وإن كانت قد أعلنت الإنفصال عنها كما فعلت حماس، غير أن الجديد هو إعلانها فى 2016 عن الفصل بين الدعوي والسياسي، والانفتاح على قوى وفئات جديدة خارج دائرة الحركة، وهذا تقليد لما إتخذه حزب العدالة والتنمية فى المغرب، ويبدو أنها قد بدأت بالفعل فى تطبيق هذا الفصل بشكل حقيقى وليس كما فعل حزب الحرية والعدالة وجماعة الإخوان فى مصر، وقد أثارهذا التوجه في بدايته ارتيابا في بعض الأوساط النهضوية التي خشيت من أن يؤدي إلى ابتعاد الحزب عن توجهاته الإسلامية التقليدية، لكن الانتخابات البلدية الأخيرة وفرت فرصة عملية للنهضة كي تقطع خطوات جدية باتجاه ترجمة التوجهات السياسية التي أعلنت عنها في مؤتمرها العاشر، مثلما أتاحت للتونسيين اختبار مدى جدية التوجهات الجديدة للحزب وحجم تقدمه في الانفتاح السياسي على فئات مجتمعية جديدة خارج قاعدتها التقليدية، وفِي هذا السياق، تم ترشيح النهضة لشخصيات نسوية مستقلة ومن غير المحجبات على راس قائماتها في الانتخابات البلدية في العديد من الدوائر الانتخابية، فى نفس الوقت فإن مرشحي النهضة في مختلف جهات البلاد كانت مناصفة بين المنتسبين للحزب والمستقلين من النساء والرجال والشباب، لكن ظلت حركة النهضة متهمة من المخالفين بأن ما تقوم به مجرد مناورة، وهكذا تظل النهضة متهمة في كلتا الحالتين، فهي إما متهمة من خصومها بكونها قوة دينية تقليدية ومجرد فرع من فروع الإسلام السياسي المناهض لكل قيم الحداثة والديمقراطية، أو مدانة من بعض أعضائها بخيانة أصولها وتوجهاتها الإسلامية، لقد ساهم ذلك التحول فعليا في ضخ دماء جديدة في الحياة السياسية التونسية، من خلال دخول وجوه وقيادات جديدة للمشهد السياسي والحكم المحلي، مثلما أعطى زخما وحيوية للجسم النهضاوي، حيث تصدر هؤلاء حملاتها الانتخابية وعملها التواصلي الميدانى، ان انفتاح النهضة على مختلف الطاقات، بما فيها غير المتحزبين والمستقلين، وخصوصا من النساء غير المحجبات، يعكس توجها سليما يستوعب قاعدة اجتماعية موسعة ويعكس حالة التعدد والتنوع التي توجد في المجتمع التونسي.
المجتمع التونسي شديد الانسجام ولا تشقه صراعات طائفية أو دينية، وما يشغله حقيقة اليوم ليس سؤال الأسلمة أو العلمنة (فهذه قضايا النخب) بقدر ما يهمه الارتقاء بأوضاعه المعيشية والتنموية، من تعليم وصحة ونقل وشغل وتحسين للقدرة الشرائية وغيرها، ولابد من الإعتراف أن موقف حركة النهضة فى مؤتمرها العاشر بفصل العمل الدعوى بشكل نهائى وتام عن العمل السياسى كحزب مستقل يعد فى حقيقته جرأة متناهية وتجديف فى الفراغ راهن عليه ويبدو أنه كسب الرهان، ليس فقط بسبب تماسكه ووحدته لكن أيضا بسبب تفكك وضعف تيار النهضة نتيجة الإنقسام والإنشقاقات المستمرة منذ مولده، ناهيك عن الضعف البنيوى الممثل فى اليسار بعنوان حركة النهضة التى لم تحرز الاّ نسبة تقل عن 5% من الأصوات، بينما فاق ما حصلت عليه النهضة عشرة نقاط عمّا حصل عليه نداء تونس، فحصلت النهضة على 34.6% ونداء تونس على 24.4% على التوالى.
يعني “الخروج من الإسلام السياسي” كما ذكر الغنوشى فى المؤتمر شيئين: الأول هو التخلي عن نموذج الحركة الإصلاحية الإسلامية المُوحَدة الشاملة، التي تنخرط في أعمالٍ سياسية، ودينية، وتعليمية، واجتماعية، وثقافية. لقد كان جوهر العديد من الحركات الإسلامية التي ظهرت في القرن العشرين هو تحقيق “نهضة حضارية” عن طريق الترويج إلى العديد من الإصلاحات في العديد من المجالات المختلفة (مثل التعليم، والعلوم، والقانون، وإصلاح المؤسسات الدينية)، اعتماداً على العديد من الطرق المختلفة (مثل الدعوة، العمل المجتمعي، المراكز الشبابية، المبادرات التعليمية)، ويمكن ملاحظة هذا النموذج في هيكل جماعة الإخوان المسلمين في مصر، حيث كانت تمتلك الجماعة شبكةً واسعة من المنظمات التعليمية والخيرية التى تساهم في مهمة الإصلاحيين المسلمين، وتضمنت كلمة الغنوشى فى المؤتمر رسائل محورية بخصوص توجهات الحزب المستقبلية) الدول الحديثة لا تُدار بالأفكار والشعارات الفضفاضة والمزايدات، بل بالبرامج والحلول الاجتماعية والاقتصادية التي تحقق الأمن والرفاهية للجميع).. يدل ذلك على إعادة تنظيم دور الحزب بإبعاد تركيزه عن إعادة إصلاح أخلاق الشعب التونسي، وتوجيهه إلى العمل على إعداد سياسات تناسب احتياجات التونسيين المادية اليومية – أو كما قال أحد المُعلقين" التخلي عن سياسات الهوية والتركيز على الخبز والزيت"، حقيقة الأمر هو تحول الحركة الى حزبٍ سياسي منفتح يضم التونسيين من كافة الخلفيات، سواءً أكانوا متدينين أو غير متدينين.
إن ما حدث لحزب النهضة فى الحقبقة لا يعدو التخلي عن العنف وأي نية للثورة، وقبول المؤسسات الاجتماعية، والاقتصادية، والسياسية القائمة… والالتزام بالانتخابات والإجراءات البرلمانية كقنواتٍ للحصول على السلطة ولعرض سياساتهم؟، ومحاولة لفهم ما جرى على وجه التحديد يجب العودة إلى تاريخ نشأة وتطور تلك الحركة، فقد ظهرت “حركة الاتجاه الإسلامي”(الاسم السابق لحركة النهضة)، في السبعينات لمجابهة نظام الحبيب بورقيبة الذي قاد تونس منذ الاستقلال عام 1956 الى عام 1987. لقد كان هدف الحركة منذ نشأتها أن تواجه ما رأته مشروعاً لبورقيبة يهدف إلى فرض قيمٍ غربية وإلى طمس هوية وتراث تونس العربية الإسلامية. تمحورت معارضتها للنظام حول القضايا الدينية، والاجتماعية، والثقافية في بادئ الأمر، إلا أنه مع الوقت انخرطت الحركة في الضغط على النظام بخصوص قضايا أوسع متعلقة بالإصلاح السياسي، وبالتقلبات السياسية. لقد اُستدرجت الحركة بشكلٍ متزايد تجاه مناقشاتٍ أوسع بخصوص الإصلاحات السياسية والاقتصادية التى تشمل الديموقراطية وحرية تكوين الأحزاب وحرية التفكير والتنظيم، تحديداً عن طريق أعضائها من الطلاب الذين نضجوا في عهد تأججت فيه القضايا السياسية والثقافية في حرم الجامعات التونسية، ومنذ نشأة الحركة عملت كحركة سرية داخل تونس، وحزباً سياسياً في المنفى بالخارج. وتركزت أنشطتها بشكلٍ كبير على التظاهرات ضد نظام بن علي، بجانب تقوية الروابط مع الحركات المعارضة الأخرى، ومنظمات حقوق الإنسان غير الحكومية، والعمل على لفت انتباه العالم لانتهاكات حقوق الإنسان والقمع الذي يرتكبه النظام في تونس، وفى أعقاب ثورة الياسمين مباشرة وجدت النهضة نفسها فوق كراسى الحكم فى إكتوبر من نفس العام بسيناريو قريب لما حدث للإخوان المسلمين فى مصر وذلك من خلال إرتداء مسوع المظلومية وترويجها لدعاية أنكم جربتم جميع الإتجاهات ماعدا الإتجاه الإسلامى، والميل العام اليها بصفتها الجسم الأكثر تنظيما فى المجتمع ورفضا للإتجاهات السلفية المتشددة، وهكذا فإن التسوية الجديدة، التي ساهمت النهضة في تشكيلها، تلتزم بتحرير الدين من سيطرة الدولة، ولكن السياسة أيضاً يجب أن تتحرر من سيطرة الدين. ومع هذه التطورات، انتهى جزء من مهمة النهضة الأصلية باعتبارها حركة اجتماعية تقاتل من أجل الحريات الدينية، لذا فإن حركة النهضة تُظهِر رغبة واضحة من جانبها لتأسيس نفسها حزباً وطنياً في مركز الحياة السياسية، وليس حزباً دينياً. في الواقع، وحتى فى مجال مناقشة حظر إرتداء النقاب فقد شددت الحركة على أنه أي تقييد لحرية اللباس تفرضه ظروف البلاد الأمنية يجب أن يحترم الحقوق المنصوص عليها في الدستور من تحقيق الحريات الفردية.
إن هذه الخطوة التي اتخذتها النهضة محفوفة بالمخاطر، فبتبني خطاب غير ديني، تخاطر الحركة بفقدان أنصارها، وكذلك بإخلاء الأرض التي يمكن أن تشغلها للأحزاب الأكثر محافظةً وتطرفا، كذلك فإن إشارات النهضة الواضحة على أنها ليست حزباً دينياً تترك مساحة مفتوحة لظهور أحزاب جديدة تلبي حاجة بعض الناخبين إلى حزب ذي أجندة دينية قوية، وتخاطر النهضة بهذا التعريف المحدود الجديد بتضييق قاعدة مؤيديها، وتخاطر كذلك بفقدان بعض شخصياتها العامة المعروفة بسبب الاختيار الصعب بين الأنشطة السياسية والدينية، لذا فإنها قبل إعادة تموضعها كحزب وطني على يمين الوسط، مفتوح للتونسيين من جميع الخلفيات الدينية وغير الدينية، تأمل النهضة في بناء قاعدة شعبية أوسع والوصول إلى شرائح أخرى من المجتمع كانت تنفر من النهضة باعتبارها حركة دينية أو اجتماعية، إن أحد محاور هذه الهوية الجديدة هو مفهوم “المصالحة”، أو إيجاد توازن جديد بين الحداثة والتقاليد، وبين الدين والأمة، وبين الإسلام والديمقراطية، لعلهم يفلحون .. السلام عليكم.



#رياض_حسن_محرم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الجانب الصوفى فى حياة خالد محيى الدين
- الحشاشون والإخوان المسلمين .. بين البنّا والصبّاح
- ذكرى صلاح حسين..شهيد الحركة الوطنية المصرية
- بهدوء ...مصر قبل 1952
- ما أشبه البارحة بالليلة !!
- فيسبوك مصرى .. المسخ الجديد
- تدهور أوضاع الحريات وأزمة الديموقراطية فى مصر
- ثورة من أعلى فى السعودية
- تصاعد الصراع فى الشمال السورى بين تركيا وأمريكا
- تشويه الثورات .. بين الثورة العرابية وثورة يناير
- الإنتخابات الرئاسية المصرية بين برزخين
- حول إنتخابات الرئاسة 2018
- مهندس / عبد المنعم شتلة... بطل ليس من هذا الزمان
- سابع جار ... دراما الأماكن المغلقة
- عن صلاح عيسى والوطن...رحيل مناضل
- مدنية أم دينية؟
- ما بعد قرار ترامب...ومآل عملية السلام
- تراجع ردود الفعل الشعبية على القرار الأمريكى بنقل السفارة
- إمام ونجم ..متلازمة الثورة والفن والغضب
- حديث عن الحوثيون


المزيد.....




- لثاني مرة خلال 4 سنوات.. مصر تغلظ العقوبات على سرقة الكهرباء ...
- خلافات تعصف بمحادثات -كوب 29-.. مسودة غامضة وفجوات تمويلية ت ...
- # اسأل - اطرحوا أسئلتكم على -المستقبل الان-
- بيستوريوس يمهد الطريق أمام شولتس للترشح لفترة ثانية
- لندن.. صمت إزاء صواريخ ستورم شادو
- واشنطن تعرب عن قلقها إزاء إطلاق روسيا صاروخا فرط صوتي ضد أوك ...
- البنتاغون: واشنطن لم تغير نهجها إزاء نشر الأسلحة النووية بعد ...
- ماذا نعرف عن الصاروخ الروسي الجديد -أوريشنيك-؟
- الجزائر: توقيف الكاتب الفرنسي الجزائري بوعلام صنصال
- المغرب: الحكومة تعلن تفعيل قانون العقوبات البديلة في غضون 5 ...


المزيد.....

- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال
- الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية / خالد فارس
- دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني / فلاح أمين الرهيمي
- .سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية . / فريد العليبي .


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - رياض حسن محرم - دلالات فوز حركة النهضة فى تونس