حيدر لازم الكناني
الحوار المتمدن-العدد: 5870 - 2018 / 5 / 12 - 01:35
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
نقد طابع الشخصية الوطني(القومي) وفق البحوث والدراسات
هناك مقولة قديمة يعود تاريخيها لعام 1837 في نقد دراسة الطابع الشخصية الوطني التي ادعت بان وصف الطابع الوطني بأنه مغالطات واكاذيب متجمعة ، مثل وجهة النظر هذه للصور المنمطة للطابع الشخصية الوطني يتشارك بها إلى حد كبير علماء الاجتماع المعاصرين ، (1) ، وفق هذه المقدمة نبدأ مقالنا الذي يسلط الضوء حول الالتباس واللغط في ما يسمى الشخصية الوطنية (القومية) والتي تصنف فيها البلدان وفق سمات معينة بعيدة عن المصداقية العلمية ، ومقالنا يستعرض بشكل خاطف بعض أهم الدراسات التي تناولت هذا الموضوع والتي أخذت فيها عينات كبيرة تقدر بالألاف والتي توصلت إلى نقد هذه التصورات حول وجود خصائص معينة لأفراد ثقافة أو مجتمع تميزه عن الثقافات أو المجتمعات الأخرى والتي تشكلت من الانطباعات وتم تناقلها بين الأفراد أو الكتاب أو وسائل الاعلام دون التمحيص أو التدقيق بمصداقيتها ، كما يتم تداولها بشكل كبير في مجتمعنا العراقي حول وجود خصائص مميزة للشخصية العراقية (مثل شخصية ازدواجية أو شخصية زورية أو شخصية متقلبة أو عقلية انفعاليّة مزاجيَّة وغيرها من المسميات والصفات الغير دقيقة). وان هناك للأسف بعض الأكاديميين الذي يرجون لهذه الافكار في ببعض الكتب أو المقالات التي تصف الشخصية العراقية بهذه التصنيفات الغير دقيقة (ولو أن الدراسات لم تتناول خصائص الشخصية العراقية الا أن الحديث ينساق لجميع الثقافات بدون تحديد) .
ومن الاعتقاد حول خصائص الشخصية المميزة الشائعة لأعضاء من ثقافة معينة هي اشارة إلى (الشخصية الوطني أو القوميNational character ) أو الصور المنمطة للطابع الشخصية الوطني ، الصورة المنمطة للشخصية الوطنية تتضمن الاعتقاد عن الخصائص الاجتماعية والجسمية والعقلية لثقافة ما .
وهناك عدد من العوامل التي يعتقد تأثيرها على تلك التصورات وأنها قد يتم تعميمها بالاستناد على ملاحظها سمات الشخصية لأعضاء الفرد ، وقد تسند أيضا هذه التصورات على الروح الوطنية وأنها ترتبط بالظروف الاجتماعية والاقتصادية والتاريخية والقيم والاساطير والأعراف Customs ، وأنها قد يتم تشكيلها من خلال المقارنات أو التناقضات مع جغرافية الثقافات القريبة ، والطابع الشخصية الوطني تعكس أساليب المعدل العاطفي والتفاعل البين الشخصي والاساليب الخبراتية والاساليب الاتجاهية والدافعية لأعضاء الثقافة .
وهناك محاولات قليلة لفحص دقة الصورة المنمطة لطابع الشخصية الوطني (3,5-7) وربما سبب ذلك أن الباحثين يفتقرون إلى المعايير المناسبة .على أي حال التقدم الحالي في بحوث علم النفس الشخصية والبحوث العبر ثقافية ممكنة للمقارنة الخصائص الوطنية المدركة مع البيانات الشخصية المتجمعة (التي تشكل وسيلة لعينة من قيم الأفراد) عبر مدى واسع من الثقافات ، فالطابع الشخصية الوطني قد يكون بنى اجتماعية الا أن سمات الشخصية هي متجذرة في البيولوجيا .
واثبتت بعض الدراسات أن العوامل الجغرافية والتاريخية ارتبطت مع العوامل الثقافية على سبيل المثال ارتباط النموذج الشخصية الالماني مع نموذج الشخصية النمساوي وكذلك ارتباط نموذج الشخصية الكندي مع نموذج الشخصية الامريكي واظهرت تشابه بروفيل الشخصية لهذه الثقافات (13) واغلب تلك النتائج كررت بدراسات لاحقة استخدمت فيها تقديرات الملاحظ من 51 ثقافة (14،10) .
وهناك ادبيات اساسية ظهرت في تقييم دقة الصور المنمطة (3) واظهرت بأنها قد أو لا قد تعكس الواقع على سبيل المثال الصور المنمطة للقضايا الجنسانية تجلت بان الاناث دافئات والذكور حازمون ، وهي صور منمطة واسعة الانتشار عبر العالم (12) . أن الدراسات العبر ثقافية استخدمت كلا تقديرات الذاتي وتقديرات الملاحظين التي اظهرت بان الاناث فعلا كانت درجاتهن أعلى على مقياس الدفء ، في حين تبين أن الذكور كان درجاتهم أعلى على مقياس الحزم (10،6) الفروق الجنسانية التي تم تقييمها هي فروق صغيرة الا أنها توافق بشكل كبير مع الصور المنمطة للنوع الجنساني (18,17) ، كذلك فان هذه الوجهات النظر التي اظهرت بان الاناث دافئات والذكور حازمون انبثقت من كونها وجهات نظر لديها أساس فعلي لخصائص الأفراد ، الادبيات المتاحة حول الطابع الشخصية الوطني قدمت دعم ضعيف بالنسبة لدقة المعتقدات التي تدور حول الشخصية الوطني .
وفي دراسة أخرى استخدم فيها مقياس قائمة الشخصية لكوستا ومك كري NEO-PI-R (McCrae, 1992 &NEO-PI-R Costa) حيث لم تجد دعم للصور المنمطة للشخصية الرئيسية للإيطاليين الجنوبيين والايطاليين الشماليين (21)
واظهرت قائمة مسح الطابع الوطني (NCS) على عينة متكونه 39989 مستجيب واغلبهم طلبة جامعة ومن 49 ثقافة أو من هم في عمر الطلبة وطلب منهم وصف العضو النموذجي لثقافتهم بعد ذلك طلبوا منهم وصف نموذج للشخصية الامريكية (المستجيبون لم يتم اخبارهم في البداية عن تقدير النموذج الشخصية الامريكية أو المقارنة مع الثقافة الأخرى لتجنب التأثيرات المقابلة) وتم الحصول على اداة ذات ثقة كبيرة واغلب النتائج خرجت بشعور واحد وهو أن الكنديين يحملون على أنفسهم بانهم مقبولين والانكليز كتومين والاستراليين منبسطين والالمان كادحين .
وهناك تصورات يشترك فيها الناس وهي أن الكنديين على سبيل المثال منصاعين ومقبولين وبالمقابل الامريكان قبيحين ومتكبرين وانانيين ، واللاتينيين لديهم طبع حاد مثل هذه المعتقدات تم دراستها من قبل علماء الانثربولوجيا وعلماء الاجتماع وعلماء النفس كطابع للشخصية الوطنية هذه التصورات يتشارك فيها الناس عن نماذج خصائص الشخصية لمواطنين إحدى البلدان .
وللكشف عن صحة تلك التصورات والمعتقدات أجريت العديد من الدراسات (19) التي استخدمت عدد من الادوات القياسية وهي قائمة مقياس العوامل الخمسة للشخصية (20) وكذلك قائمة مسح النمط لطابع الشخصية الوطني وأيضا تم استخدام التقدير الذاتي وتقديرات المراقبين الذين لديهم معرفة جيدة في المجموعة التي يريد معرفتها . ومن خلال مقارنة تلك الأساليب التقديرية لعدد من المجموعات المختلفة فانه يساهم بإعطاء تصورات عن المجموعات وبالتالي يعطي صور منمطة عن تلك المجموعات . واظهرت الدراسات (مثل دراسةTerraciano and colleagues(2005) and (2009)Jüri Allik , René Mõttus, Anu Realo and Robert R. McCrae and Antonio Terracciano(2016) ) أن الصور المنمطة للشخصية الوطنية على ما يبدوا أنها مجرد خيالات وهي تذكير إلى علماء الاجتماع بانهم يجب أن يستمروا لمجابهة الجمهور العام بهذه المغالطات الجذابة ، واكد عدد من الباحثين أن بعض الصور المنمطة للشخصية الوطنية تظهر لان تكون مرتبطة بالعوامل الاقتصادية والجغرافية والتاريخية .
وأنها قد تكون تشكلت من المقارنات أو التناقضات مع الثقافات القريبة جغرافيا أو الثقافات المتناقضة . في حين أن أصل الشخصية الوطنية والصور المنمطة قد تم تجسيدها من خلال نظام معالجة المعلومات المستند على الانتباه والادراك والترميز وادماج للمعلومات (2,30) وأنها أصبحت ظاهرة ثقافية وانتقلت من خلال وسائل الاعلام والتاريخ والتعليم والنكات والحكايات .
كذلك أن الشخصية الوطنية لديها الكثير من الجانب المظلم فعندما الصور المنمطة للمجموعات الاثنية أو القومية غير مفضلة فأنها تثير مشاعر التعصب أو التمييز العنصري أو مشاعر الاضطهاد ، والتاريخ الماضي أو في الوقت الحالي فأنها مليئة بالأمثلة المأسوية . أن التحليل الكلاسيكي للصور المنمطة للطابع الشخصية الوطنية تم تجسيدها كنتاج للتسلط (31) أو التعصب (32) واكثر الطرق الحالية قد اعتبرتها نتيجة للعمليات المعرفية العامة (2) وعلى الرغم من ذلك فان علماء الاجتماع على مر الوقت كانوا يشككون حول دقة الصور المنمطة للطابع الشخصية الوطني .
د حيدر لازم الكناني
Robert R. McCrae and Antonio Terracciano .(2006) National Character and Personality National Institute on Aging, National Institutes of Health, U.S.Department of Health and Human Services.
Costa, P.T., Jr., & McCrae, R.R. (1992). Revised NEO Personality Inventory and NEO Five-Factor Inventory (NEO-FFI NEO-PI-R) professional manual. Odessa, FL: Psychological Assessment Resources.
C. M). . Judd, B. Park, Psychol. Rev. 100, 109 (1993
J. C. Brigham, Psychol. Bull. 76, 15 (1971).
R. R. McCrae, J. Pers. 69, 819 (2001).
A. T. Church, M. S. Katigbak, in The Five-Factor Model of Personality Across Cultures, R. R. McCrae, J. Allik Eds. (Kluwer Academic/Plenum Publishers, New York, (2002), pp. 129–154
Jüri Allik *, René Mõttus, Anu Realo (2010) Does national character reflect mean personality traits when both are measured by the same instrument? Journal of Research in Personality 44 (2010) 62–69).
Fiske, S. T., Cuddy, A. J. C., Glick, P., & Xu, J. (2002). A model of (often mixed)
stereotype content: Competence and warmth respectively follow from perceived status and competition. Journal of Personality and Social Psychology
82(6), 878–902.
Furr, R. M. (2008). A framework for profile similarity: Integrating similarity
normativeness, and distinctiveness. Journal of Personality and Social Psychology,
76, 1267–1316.
#حيدر_لازم_الكناني (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟