أيمن غالى
الحوار المتمدن-العدد: 5865 - 2018 / 5 / 5 - 20:22
المحور:
كتابات ساخرة
إعتاد المصريون فى عهود سابقة على ختان الأطفال عند الحلاقين و بخاصة فى المناطق الريفية، يعنى الكبار يحلقوا شعر و دقن و الأطفال شعر و طُهور*، و عادى إنك تلاقى لافتة محل حلاقة بعنوان " الأسطى فلان، شعر و دقن و طُهور على ماية بيضا " ..
و عاهدنا الكثير من مشاهد الحلاق فى أفلامنا المصرية - الأبيض و الأسود - و لجوء أهالى الريف و المناطق الفقيرة للحلاق لتشخيص بعض الأعراض المرضية و طلب العلاج, و هى الصورة التى قد نراها فى بعض القرى الريفية النائية حتى اليوم ..
لكن الغريب فى الأمر هو علاقة الأسطى الحلاق بالطُهور و الطب ..
و النهاردة بس لقيت الإجابة إللى حيرتنى سنين طويلة و هى إن علاقة الحلاقة و الطب كانت علاقة وثيقة جدا - ربما - منذ أكثر من 200 سنة، و حسب مشاهدات المستشرق الإنجليزى إدوارد وليم لين Edward William Lane فى خلال زيارتيه لمصر فى النصف الأول من القرن الـ 19 و بالتحديد ما كتبه بعد زيارته الثانية سنة 1833 - 1835م فى كتابه " المصريون المحدثون شمائلهم و عاداتهم The manners and customs Of The Modern Egyptians " و صدوره مطبوعاً بلندن سنة 1836م و ملاحظته أن الأطباء و الجراحين حلاقين، أى أنهم يعملون بالطب و الحلاقة، لأن ممارسة مهنة الطب لم تكن تكفى ﻹعاشتهم حيث كان عدم إعتقاد العامة فى الإحتياج إلى زيارة الطبيب فى حال مرضهم و إرجاع سبب المرض و الشفاء للغيبيات و العلاج بالدجل و السحر و الوصفات الشعبية ..
و حتى بعد هجرة الأطباء عن ممارسة الحلاقة - مؤكد بعد تحسن أحوالهم و تطور المجتمع المصرى - أصبح مترسباً فى الفكر المصرى " فى المجتمعات الفقيرة " الثقة الكاملة بالحلاق فى إمتلاكه للإمكانات الكاملة فى تشخيص الأمراض و علاجها؛ مما دفع الحلاقين للإهتمام ببعض مفردات مهنة الطب و علاج الجروح و غيرها من باب الرزق و " أكل العيش "
و أرى إحتمال قيام الحلاقين لعملية الختان لإمتلاكه الأدوات الكافية لإتمام العملية, و يكفى إمتلاكه لموس الحلاقة ..
و جرى العرف إن إللى بيحلق يِطاهِر ..
و مع التطور، هاجر الأطباء مهنة الحلاقة و حافظ الحلاقين على تكنولوجيا الطهارة ..
يعنى القصة بدأت بإن إللى يِطاهر يِحْلْق و إنتهت بإللى يِحْلَق يِطَاهِر ..
* إعتاد المصريون فى لغتهم المصرية الحديثة على إطلاق تعبير ( الطهور / الطهارة ) على عملية الختان ..
#أيمن_غالى (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟