مقداد مسعود
الحوار المتمدن-العدد: 5864 - 2018 / 5 / 4 - 14:30
المحور:
الادب والفن
الشاعر مجيد الموسوي يوقد شمعة الأربعين في اتحاد أدباء البصرة
أعد الملف : مقداد مسعود
في السابع عشر من آذار 2018أقام اتحاد الأدباء في البصرة حفلا تأبينيا للشاعر الراحل مجيد الموسوي حضره جمع غفير من أدباء البصرة وبحضوره نجله الأكبر السيد فراس عبد المجيد الموسوي وكان حفل التأبين من تقديم : مقداد مسعود . بدأ الحفل بقراءة سورة الفاتحة وقوفا على روح الشاعر القدير مجيد الموسوي ، ثم تحدث رئيس اتحاد الأدباء في البصرة الدكتور الناقد سلمان كاصد عن علاقته الحميمة مع الموسوي وهما استاذان في معهد إعداد المعلمين في البصرة .وأشاد لدكتور بالسجايا الاخلاقية الراقية للشاعر الراحل مجيد الموسوي وانتباذه عن الخلافات والاحتدامات ونهجه الرصين مع الجميع وعلى المستوى الشعري رأى الدكتور الناقد سلمان كاصد ان الموهبة الشعرية لدى الشاعر الموسوي كانت ثرة ومتنوعة الاساليب فهو يكتب العمودي الشعري الرقيق كما تميز بقصائد التفعيلة وله تجارب جيدة في قصيدة النثر. وله مشاركات في الحراك الثقافي البصري والعراقي .
ثم تساءل مقدم الجلسة مقداد مسعود : الأدباء يجمعهم الإبداع لماذا تفرقهم المقابر ؟!
(*)
الموت في حلم
فوزي السعد
في رثاء مجيد الموسوي
(قبيل وفاته )
أيقظيني من النوم
قبل فوات الأوان
أنا في حلمٍ مثلما جبلٍ هرمٍ
يجثم الآن فوقي ،
ويكتم آخر ما تنشق السمكةْ .
من هواءٍ مذاب .
كان خبأه نهرها المتهالكُ
فوق جفاف السنين
أيقظيني من الموت في حلمٍ
علّني أستفيق
لألقى الذي عشته
حلماً كان في زمنٍ
قد تولّى بلا رجعةٍ
وأنا صائرٌ في زمان
كطيرٍ الخرافة فينق
أنهضُ منتفضاً من رمادي
وأخلقني من جديد .
مجيد وأنا في محنة الثلاثينين
كاظم الحجاج
قبل عامٍ تقريباً ، وأنا أقدّم صديقي الشاعر مجيد الى جمهوره ، في رابطة مصطفى جمال الدين.. قلت : اننا مواليد الأربعينات قد عشنا طفولتنا وصبانا وشبابنا في أسعد ثلاثين عاماً من تاريخ البشرية , وهي الخمسينات والستينات والسبعينات .. بعد نهاية الحرب العالمية الثانية ، واندحار الفاشية والنازية ، وبروز اوربا جديدة متحضّرة ومرفهة وصانعة للجمال في السينما والمسرح والأدب والرسم وكلّ شيء ..
ولقد أبدى مجيد اعجابه يوما بقصيدة لي ، بعدما تجاوزت الستين .. حين قلتُ : " عمري ثلاثينان" ..
حيث عشنا مع العراقيين ثلاثين عاماً أخرى قاتمة السواد أعني ، ثمانينات الحرب العراقية الإيرانية وتسعينات غزو الكويت والحصار الكارثي .. ثم السنين العشر الأولى من الألفية الثالثة .. التي جاءتنا بالاحتلال الأمريكي ، الذي أفضى الى برلمان طائفي قومي ..جاءنا بأسو الشيعة واسوأ السنة واسوأ الأكراد ، الذين نهبوا العراق لثلاثين عاماً قادمة أو أكثر .. ومهدوا لداعش الذي استباح العراق مستغلاً صراع لصوصه مع بعضهم ..
وبين الثلاثين عاماُ الأزهى من عمرنا .. والثلاثين الأقبح – منذ الثمانينات – رحنا –مجيد وأنا – نرثي الثلاثين التي عشناها في كهولتنا وشيخوختنا . أعني ثلاثين الحروب والحصار واللصوص .. ورحنا نحنّ الى ثلاثيننا الأولى ، في الخمسينات والستينات والسبعينات . أنا قلت :
يا زمانَ الشناشيلِ دار الزمان ..
ومجيد الذي يكاد يكون توأمي راح يتوسل :
يا زمان الطفولةِ عدْ لي .
يا زمانً الصبا والصبابة عد لي .
يا زمان الرضا والهناءة عد لي .
يا زمانَ السطوح الكشيفة عد لي .
يا زمان الدموع البريئة عد لي .
يا زمان التراب الأليفِ
ورائحة الأمّ .. عد لي .
***
وأخيراً . أسجل لمجيد الموسوي عند أهل اللغة وأهل القواميس براءة اختراع أخيرة .. هي ( السطوح الكشيفة ) ،حيث لم يقلها أحد من قبل . وأن قالها شاعر آخر يوماً . فليترحم على مجيد الموسوي .
أيها الشاعر المتدثر بالبياض ... سلاماً
عبدالحسين العامر
ملاحظة : تعال أدعوك لتصفح دفاتر أيام كنا فيها معاً :
البداية قبل 53 سنة مرت عندما التقينا، كان ذلك عام 1965 عندما جئتنا مدرساَ للغة العربية في ثانوية مدينتنا الساحلية / الفاو . وأنت تسجل مباشرتك لأول مرة بمعية بعض المدرسين الساكنين في بيت خاص للعزّاب على شارع المدينة الرئيس المؤدي الى السوق الكبير قبالة أرصفة الميناء .. هل تتذكر ؟ .. لا أعتقد أنك تنسى .
سعدي يوسف ، بلند الحيدري ، مظفر النواب ، مجلة الآداب اللبنانية ، مجلة الكلمة لموسى كريدي ، سهرات أم كلثوم الإذاعية ، نادي المعلمين تلك هي المحطات التي كنا نلتقي ونحن نرتب اللقاء ، دائماً أما في بيتنا قرب بوابة الميناء أو في بيت المعلمين العزّاب.ومجسات السلطة آنذاك تراقب لقاءاتنا تلك ! بحضور القاص محمود الظاهر والقاص ريسان جاسم والقاص علي جاسم شبيب .
كل الأصدقاء يتذكرون : كم كنت معنياً بالجمال في حديثك وممارساتك اليومية ونظرتك للأشياء . وكم كنت هادئاً رقيقاً لحد عطر الورد ، وأنت تسمعنا قراءاتك الشعرية !
وكلنا نعرف تفسيرك المادي لحركة الأشياء والتحولات الاجتماعية من خلال الاستنتاج العلمي لحركة هذا الكون الأحدب . وكثيراً ما كانت تدور أحاديثنا في هذا الاتجاه في دكان صديقنا صالح حبيب ، بحضور الكثير من الأصدقاء الأدباء والمثقفين ... هل تتذكر ؟
في رحيل الشاعر مجيد الموسوي
جاسم العايف
بحضور عدد كبير من الأصدقاء والمعارف الذين غلفهم الصمت والأسف،في الحسينية العامرية،بانتظار التابوت الذي استقر فيه (مجيد الموسوي) ،لأداء صلاة الجنازة، تداعت إلى ذهني تلك اللحظة ، التي كنت اجلس فيها في دكان الخياطة الذي يعود إلى (كاظم محمد علي) في سوق حنا الشيخ ،وكان الوقت قبل ظهر شتوي ، أخمّن ، بثقة تامة ، انه يقع بين 10 - 20 / 1 / 1969 ، إذ كنت اجلس للراحة فيه ، من عناء متابعة معاملات حصولي على وثائق شخصية لابد منها ، كي أتمكن من أن أؤثث حياتي لتعويض الزمن الذي تسرب مني مكرهاً منذ 18 - 2 - 1963. دخل مهدي كعادته إلى الدكان ، لكن هذه المرة برفقة شاب معه على درجة واضحة من الوسامة والأناقة والهدوء ،أمسك مهدي يدي ووضعها بيد ذلك الشاب قائلاً : (مجيد الموسوي)، مذ ذلك الظهر بدأت العلاقة بيننا ، أي بحدود نصف قرن وأيام كونه غادر هذا العالم فجر 26 / 1 / 2018 طوال هذه المدة لم تطرق أذني نهائياً ، منه ، كلمة واحدة تخدش الحياء ، أو نميمة ، أو ذم لأحدٍ ما نهائياً. في السبعينات تلازمنا كثيراً ، مجيد وبعض الأصدقاء ،ثم تبعثرنا بعد منتصف 1978 وتعددت مصائرنا لكن قطعاً لم تتعدد توجهات بعضنا. القلة منا اختفت عن الحياة لأسباب مختلفة ، وأخرى نأت مجبرة عن هذه الأرض بعيداً، وبعضنا ابتعد عن التواجد في مركز المدينة إلا للضرورات القصوى. بعد سقوط النظام تلازمنا كثيراً، وعندما يلمس احتدامي يهمس بأذني : " هوّنْ عليكَ يا رجل..؟!". .. ليس لدي الآن غير أن اردد قصيدته في رحيل "مهدي محمد علي"، صديق الشباب المتسرب ، كالماء بين الأصابع، الذي يخاطبه في قصيدته (موت المغني) بعد رحيله منفياً:
باردةٌ
وموحشةٌ
تلك الغرفةُ النائية
التي كانت عامرةً
بالدفءِ والطبول
أيتها المزاميرُ
كفّـي عن الغناء
فقد انتهى الحفل!.
*
وقد آن لي
أن أقول
وداعاً، إذن
يا أميري الجميل!.
...................
أهذا، إذن ، آخرُ المنتأى ،
آخرُ الأرض،
آخرُ
هذا
الطواف
الطويلْ ؟.
أهذا ،إذن، آخر الحلم:
شاهدةٌ نصفُ مائلةٍ
وترابٌ نديٌ
تسفسفهُ
الريحُ
تـأتي وتمضي..
وتأتي وتمضي..
وكفّــاكَ مسبلتانِ
وعيناكَ مطبقتانَ
ليلٌ يطوّق قبركَ
ليلٌ ثقيل..؟
أهذا إذن آخر العمرِ ؟.
..................
يا للزمانِ البخيلْ!.
في أربعينية الراحل مجيد الموسوي
محمد المادح
اربعون يوما مضت
كأوراق الخريف تساقطت
وروحك تزهر في ذاكرتنا
اربعون. كومضة برق مضت
انسربت قبل ان يرتد الينا بصرنا
بالأمس كنت معنا
روحا و ثقافة وشعرا
واليوم معنا بروحك وارثك الثقافي
المنحوت في ذاكرتنا مشغلا ابداعيا
دائم العطاء .
من منا لم يصغِ
وانت تقرأ شعرك الابهى
محلقا في اعالي الفضاء
انت ايقونة الشعر الماسية
انت الشاعر الشاعرالشاعر
انت الغائب الحاضر
يا مجيد.
الشاعر مجيد سيد سلمان السويج أو( مجودي ), كما كنا نناديه ايام الطفولةوالصبا والشباب, في محلتنا الفرسي , وبعد ان اصبح شاعرا مقتدرا بامتياز , لم يكن يسعى للشهرة او منافسة الاخرين من الشعراء و الكتاب , بل آثر العزلة . ليس لحد الانطواء طبعا . بل كان يتجنب الاختلاط حتى مع اقرب واحب الاصدقاء اليه. كما يؤكد في قصيدته (ترسيم شخصي)
اتجنب الجلوس في المقاهي
والثرثرات والتشدق
بامجاد فارغة
اتجنب الوقوع في مفارقات الصحبة
او تبادل المدائح الفارغة
اتجنب البريق الهش
والعزلة المتنطعة
اتجنب الشهرة والشهوة و الهوى
واكثر من ذلك
اتجنب الخيانه التي تقودني الى مقاصدي.
أي تواضع هذا ؟؟ نجده مقلا في الحضور والمشاركة بالمنتديات الأدبية خصوصا الشعرية منها , فهو حين يحضر للاستماع او المشاركة يأخذ مكانا قصيا , .. اقصد لا يتقدم الجالسين ولا يأمهم...يتجنب اللقاءات المتلفزه والمذاعة, ينسل بهدوء تاركا المكان , وغالبا لا يشعر احدا من الحاضرين وهو يترك المكان , هل في هذا نوع من التصوف ؟ . او حالة فيها شيء من التوحد؟ ام هو قمة التواضع ورقي الاخلاق ؟ انا ابصم بالعشرة على انها رفعة الاخلاق لديه.. اما عن وفائه لاصدقائه, فهو يقدم صورة تقطر حبا وصدقا ووفاء.
رثاؤه الراحل محمود عبد الوهاب صديق عمره وتوأم روحه, أنموذجأ لذلك ,يرثيه في قصيدة ( مرثية ادم) .
كل شيء يضيع
انت والشعر والحلم واللغة الحانية
وانا والمسافات والنجم
والغابة الدانية
كيف ادخلتني في المتاهة ثانية
ومضيت الى اخر الارض؟
كيف انتبذت مكانا قصيا ,
وخلفتني للدموع ؟
وفي (حلم يتكرر دائما) ..
يصف محمود عبد الوهاب قائلا :
كان يبدو حائرا قلقا بعيدا
صرت ادنو نحو منبذهِ
اقارب ظله الرقراق
المسه قليلا ً
بغتةً قد صار يناى ,
كيف
صرت اراه منبثاً خفيفاً فائضا
ناديت " محمود انتبه "
محمود لم يسمع ندائي
كان ينأى مسرعا
ينأى ويحجبه المدى الابدي عن عيني
ويتركني وحيدا .
كلنا نعرف ان مجيد هده المرض اللعين واشقاه سنوات طوال , وقبل ذلك فقدان اخويه (حسيني ورضاوي ) اثناء حرب الثماني سنوات الدامية , فبلا شك انعكس هذا في نتاجه الشعري المضمخ بالحزن .. كان يترقب ايامه ويعد العدة للرحيل .
في قصيدته ( رحيل اخير ) يقول :
هكذا ارحل ,
أو ترحل عن عيني بلادي
فأرى النخل الذي احببته ينأى
وينأى الاهل والنهر ونيران القرى
ويصير السهل صخراً ورماداً
ويصير الحد بين البيت و البيت خيوطا من رماد
انني ارحل في الارض وحيدا
مثقلا باليأس والهمّ ,
الذي يقطر كالقطران في القلب
اراني هائماً مستوحداً
تحملني الارض الى ما لست ادري
من ترى يفتح باب الجنة الاخرى
لهذا التائهِ الحائرِ
من يمنحه بعض الامان ؟؟
..................................
مللت الصمت , الاوراق , الكتب , الاحلام
سأفتح صدري للريح
واركض في الساحات
اصيح بأعلى الصوت
سلاما للارض
سلاما للناس
سلاما للنهر
سلاما للطير
سلاما للبستان
سلاما .
تسمعُ الأرض تبكي
كاظم اللايذ
رأيتـُـــكَ في النومِ ..
كنتَ حزيناً ،
ومنخطفَ الوجهِ
تلبسُ ثوباً كثوب الحجيجِ
وطاقيةً مثلما يلبس الأولياءْ
ومن غير خفٍّ اليَ تجيء
بكفك تحملُ قبعةً
كنتُ أهديتُها لك ذات شتاءْ ...
تقدّمتَ مني
دفعتَ إليّ بها
قلت : خذْها
هنا لا يحلّ من الثوبِ الاَ ّالبياضْ
*****
وأمضيت عمرك كالراهبِ المتبتّـل
في غسق الليلِ
من كوة الكهفِ
ترقب سير النجوم ْ.
وترصد نبضّ المجراتِ
تعرف سرّ منازلها
وتشتمّ قبل الأوانِ
رياحَ الفصولْ.
فهذا الشتاء يجيء ويمضي ..
الخريفُ يجيءُ ...
الطيور على صفحة الأفقِ
عبر المواسمِ
تأتي وتمضي..
الغيومُ
الهلالُ يفقّس من بيضة في المحاقِ
يطلّ هلالاً
و ينداحُ بدراً
وشيئاً فشيئاً
يكتم انفاسه في الأفول .
وتأتي الجنائزُ
تركضُ مسرعةً
تعبر الجسر
كي تنطفي
مثلما ينطفي ألقٌ في العيونْ ..
ورهطُ الصحاب الذين الفت حناجرهم
وقرعت كؤوس محبتهم
واحداً واحداً .. يرحلون .......
وتسمع من باطن الارض
صوتاً يجيء !
أكان نحيباً ؟
نعم ... انها الأرض تبكي!
وقد كنتَ وحدك
من يسمع الأرض تبكي .
****
وفي باب ( طيبةَ )
أوقفكَ الحرسُ الملكيّ
والقوا عليك سؤالاً
وقالوا : اذا ما أصبت الجواب
ستلبس تاجاً
وتغدو علينا مليكاً ...
سُئلتَ :
فما كائنٌ في الصباحِ
يسيرُ على أربعٍ
وعند الظهيرةِ يمشي على قدمينِ
وحين يحلّ المساءُ
تكون له قدم ثالثة ؟ ...
..........
وكنت الحصيفَ
الذي علمته النجوم
وأمعن في وحدة الخلقِ
ذاق المعاني التي في المعاني ..
حللتَ لهم لغزهم ...
غير أنهم أخلفوا : ..
لم تعش ملكاً أو أميراً
بقيت كما كنتَ
في غسق الليلِ
ترقب من كوة الكهف
سير الكواكب
و تشتم قبل الأوانِ
رياح الفصول .
(*)
مضى الى الأفاق مرتجفاً ..
مقداد مسعود
أيها الموسوي الرخيم ،أيها السيد المكتسي بالمهابة, السلام عليك أيها الوديع المسالم. يانديم َ الليالي الرشيقة .يادليلي الى المنتأى، ياخليلي في خبز الخرّوب، لاأحد َ سواك، لاأحد َ يُشعل عشبة التتويج. وحدك ..وحدك .. من يُضيء المداخل َ بالشمعدانات. مَن يرسل القناديل َ الى الزوايا. السلام عليك وعلى فراشتك بنبرتها الخفيضة . السلام على اختياراتك الشفيفة في تناول العالم. السلالم على ضحى الجمعة وفنجان القهوة. ونحن نتلاسن حول الممكن والمستحيل
نقشّر معجزات الزن، ونخطف ختم الولاية من جبة ابن عربي، نتسكع في أسكندرية لورنس داريل، ونعانق محبوبنا شاعر بصرتنا عبد الصمد بن المعذل .تعال ياصاحبي ماتزال نصف ُ ليمونة ٍ تحاورنا في جوشن الليل .نصف ُ تفاحة ٍ طاهرة ٍ..وماتبقى من ثريا عنب البارحة : ذكرى مجففة ٌ نساقيها ماتأخر مِن يقظة ٍ فتناديني : يا أبا مهيار
،،المصاب ُ بلوثة ِ الشعر لا أمل في شفائه ،، فأجيبك َ : الصحراء تتذكر ؟ أم تفكرّنا ؟..... فجأة صارت الصحراء تتماوج في عينيك وصار شط العرب ترابا من قصدير، والحصى يتدحرج في روحينا فأقتسمنا زهرة الشوكران في مسلخ سقراط ....
أجالسك الآن في ليل مكتبتي أو بين شجرتيّ بمبر في ضحى الحديقة.هيأت ُ مائدة الكتابة، لتكتب َ لي عن شتوة ٍ غادرتنا منذ ثلث قرن : كان قميصك يتدفق عشبا والبنفسج يغني ليله في قميصي. أقتطفنا غيمة ً من طائر... فجأة جرحتنا صرخة ٌ غامقة ٌ: هذا الصيف يمضي تاركا خيطا ترابيا على القمصان ..ترابيا على الشرفات ..ترابيا على الاشجار والطرق العتيقة .الوجوه – الآرائك – التصاوير – الستائر – أغنيات الليل...لحظتها أفقت ُ أنا فغرت ُ فمي
رأيت ُعصفورا يبلله غبار البارحة .يرف ..يرف : أنت إذن أتيت إليّ ثانية ً تعال ..تعال ...صحتُ ثانية ً وكدت ألمسهً
فأهداني ريشة ً ومضى الى الآفاق مرتجفا وغاب
#مقداد_مسعود (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟