أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مظهر محمد صالح - مختبر الحرية














المزيد.....


مختبر الحرية


مظهر محمد صالح

الحوار المتمدن-العدد: 5857 - 2018 / 4 / 26 - 14:49
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


حدثني صديقي وهو من كبار الباحثين في تاريخ الفكر الاقتصادي وهو يشكو همومه اليومية بأننا عشنا في ازمنة اجتماعية قررتها الإرادات المتصارعة والقوى المجهولة ثم تتقدس النتائج لتلك الصراعات في مفهوم سرمدي مطلق للأبدية غير معرف الحدود.
فاختراق احدهم لحدود الآخرين يجعله يُؤْمِن بنفسه انه بلا حدود ولكن حدوده في النهاية تعتمد على تلك القوى السامية غير المنظورة لتسويغ انتهاك الحريات الانسانية في طريق مفتوح لا تغلق نهاياته.
واستدركت من فوري بعد صمت قليل لاستعيد ادراك ما قاله صديقي المفكر بزوايا اكثر وعياً ويقظة لماحة في مضمونها عسى ان التقط في تلك اللحظات مقاصد صديقي الفكرية العميقة وأعكف على فهم اخر لمفهوم الحرية يلامس المستقبل بعد ان أتعبنا الماضي.
هنا غرق صاحبي في أفكاره المجهولة وسقطت دمعة حقيقية من عينيه وهي تكثيف لبعض أبخرة الصراع العاصف الناشب في ذاته، ليباشرني قائلاً: ارجوك يا صديقي ان تستمع لهذه القصة حتى انتهي.
اجبته مبتسماً بنعم فضحك بلا سرور دون ان ينقبض قلبه خوفاً ثم سرد لي الحكاية الآتية:
قامت ماريَّنا ابراموفيتش الممثلة الصربية الشهيرة سنة 1974 بخوض تجربة لتتعرف أكثر على تصرفات البشر اذ منحت الجمهور المشارك ممن اخضع للتجربة حرية القرار بدون شرط.
فقررت يومها أن تقف لمدة 6 ساعات متواصلة بدون حراك وأتاحت للجمهور أن يفعلوا بها ما أرادوا.. ووضعت بجانبها طاولة بها العديد من الأدوات منها سكين، ومسدس، وأزهار .. وهكذا.
ففي بداية الأمر كان رد فعل الجمهور سلمي فاكتفوا بالوقوف أمامها ومشاهدتها .. ولكن هذا لم يستمر كثيراً فبعدما تأكد الجمهور انها لن تقوم بأي رد فعل مهما كان تصرفهم تجاهها .. أصبح الناس هنا أكثر عدوانية .. فقاموا بتمزيق ملابسها .. وقام احدهم بوضع المسدس على رأسها - ولكن أحد الاشخاص تدخل وأخذ المسدس منه - وقاموا بنكزها ببطنها بأشواك الازهار .. وتحرش البعض بها .. وبعد أن انتهت الساعات الست تحركت مارينا من مكانها بدون إتخاذ أي رد فعل عدوانى تجاه الجمهور ... وبمجرد أن بدأت بالتحرك همت الناس المتجمهرةً بالفرار.
أثبتت التجربة لمارينا ابراموفيتش والتي عرفت بالامرأة الأكثر غموضاً في التاريخ ان البشر الذين نتعامل معهم يومياً مهما اختلف عرقهم وسنهم وخلفياتهم قادرون على أرتكاب أفعال شنيعة، ولكن إن اتحيت لهم الفرصة فقط.
هذا ما يجبرنا يا صديقي على ان نقر دوماَ أن السلطة بحاجة إلى القوة وأن الحرية لا يمكن أن تمنح بصورة مطلقة من دون رادع أو قانون او نظام، ثم واصل كلامه بالقول:
إن حريتنا الشخصية تقف عند حدود الاخرين...و أتمنى ان يفهم الإنسان الحريــــــــــة قبل أن يطــــــــــــالب بهــــــــــا.
تركني صديقي الاقتصادي المفكر وسلك درب لا اعرف نهايته وودعني بحزن، وبدات من فوري في حوار الذات وقلت ان ما قامت به مارينا ابراموفتش يحكي
تجربة جرت في مختبر التصرفات الانسانية و برهنت هذه الإمرأة فيها ماياتي:
فعندما تختفي (حدود الآخرين )في تلك الساعات الست وترفع كليةً لكي تخترقها ممارسة الحريات البيضاء، فان تلك الحريات ستتلون وستخرج من الطرف الاخر بصورة تصرفات بعضها شديد الفوضوية معادي للفطرة السليمة وعدها قوة منفلتة كثيرة الضوضاء لا تجلب السعادة للناس بل تكثر من الشقاء.
انها تصرفات تنجم بالغالب عن ممارسة حريات فقدت نقاؤها الأبيض بعد ان مررت عبر جسد هامد فاقد للحراك والدفاع الشرعي عن الذات كي تنتهك حريته . هكذا يبقى قيد الحريات الشخصية الذي تمثله (حدود الآخرين) كما تناولها صديقي هي موشور الحريات غير النافذ ويعمل كالثقب الأسود في قدراته الفيزيائية الخارقة في التصدي للإشعاعات الملونة التي يعبر عنها بانتهاك الحريات الشخصية للناس وسلب الحريات العامة.فحدود الآخرين في قضية الحرية هي بمثابة قمة السيطرة على الضرورات necessities لبلوغ الحريات، التي تعني السيطرة على القوانين الموضوعية المقيدة لجعل الخير الأكبر للعدد الأكبر حتى يبلغ الناس سعادتهم.
ختاماً، فان فقدان الحريات عبر تصرفات بشرية فاقدة لنقائها الأبيض واستحالتها الى تصرفات ملونة شديدة الضوضاء (كي تُمارس تدنية سعادة الآخرين )هي ظاهرة مستحيلة الحدوث في ظل مبدأ اسمه :حدود الآخرين، أي احترام حريات الآخرين، أو ما نطلق عليه عرفاً بان حدود الآخرين هي المجال الحيوي للحرية غير المقيدة لكي تتحقق السعادة.



#مظهر_محمد_صالح (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عمار الشابندر ... رجل السلام


المزيد.....




- الملكة رانيا تهنئ الأمير هاشم بعيد ميلاده العشرين
- انتشال 30 جثة حتى الآن لضحايا كارثة مطار ريغان في واشنطن
- الدفاع الروسية تعلن حصيلة جديدة لخسائر قوات كييف في كورسك
- فوائد -مكملات الحمل- في تقليل مضاعفات الولادة
- ماذا نعرف عن وحدة الظل في كتائب القسام المسؤولة عن تأمين الر ...
- -مخاوف من سيطرة دينية على الحكم في سوريا- - جيروزاليم بوست
- سانا: الرئيس أحمد الشرع سيلقي خطابا موجها للشعب السوري مساء ...
- شاهد: فرحة أسرة الأسيرة أغام بيرغر بعد أن أفرجت عنها حماس
- انهيار صخري في أعماق كاليفورنيا يكشف أسرار تكوّن القارات
- سر -طبيب الموت- ولغز -عاصمة التوائم-!


المزيد.....

- الخروج للنهار (كتاب الموتى) / شريف الصيفي
- قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا ... / صلاح محمد عبد العاطي
- لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي / غسان مكارم
- إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي- ... / محمد حسن خليل
- المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024 / غازي الصوراني
- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مظهر محمد صالح - مختبر الحرية