أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - علي عبد الرحيم صالح - الاغتراب الانتخابي : قراءة في سيكولوجية الناخب العراقي















المزيد.....


الاغتراب الانتخابي : قراءة في سيكولوجية الناخب العراقي


علي عبد الرحيم صالح

الحوار المتمدن-العدد: 5853 - 2018 / 4 / 22 - 22:12
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


تشهد الانتخابات السياسية في دول العالم حالة من الحراك الجماهيري الذي يتطلع فيه الافراد الى انتخاب دولة سياسية تحقق لهم الامان والرفاهية والازدهار الاقتصادي والتكنولوجي والعلمي ، إلا ان هذه التطلعات الوردية حول انتخاب حكومة مدنية فاعلة اصبحت منسية لدى العديد من العراقيين، وتحولت الى احلام رمادية آنية تتمثل بالحصول على ابسط موارد العيش والامان من دون خسارة كرامتهم واحبتهم وقوتهم اليومي، نتيجة لهذا القهر المستمر امسى العراقيون مقتنعين ان وضعهم الحالي غير قابل للتغير، ولاسيما انهم يعيشون في ظل حكومة غارقة في الديون، ومنصاعة لدول الجوار، ومدارة من قبل الميليشيات والاحزاب السياسية المتنفذة، وسلبت حقوقهم البسيطة في العيش الكريم؛ لذا اصبح المواطن يشعر بالاغتراب عن الساحة السياسية، وفقد قدرته على التأثير السياسي، وايصال صوته الانتخابي بكل نزاهة وشفافية.

*الاغتراب الانتخابي:
اهتم علماء النفس في ستينات وسبعينات القرن العشرين امثال Converse 1972 و Finifter,1970 و Olsen,1969 بدراسة السلوكيات ذات العلاقة بالمجال السياسي مثل الاتجاهات السياسية والفاعلية السياسية والقيادة والسلوك الانتخابي والاغتراب السياسي، ووجدوا ان الافراد الذين تسلب حقوقهم وقدرتهم على المشاركة والتغيير السياسي بصورة ايجابية، يظهرون سلوكيات الاغتراب في عمليات الانتخاب السياسي وضعف الرغبة في الذهاب الى صناديق التصويت، واطلق Olsen,1969 على هذا السلوك بالاغتراب الانتخابي او اغتراب الناخب VOTER ALIENATION الذي يشعر فيه المواطنين ان ارادتهم الشعبية في الانتخابات او المشاركة في صنع القرار السياسي غير فاعلة، لذلك قد يتوجهون نحو الامتناع عن التصويت او التصويت الاحتجاجي protest vote (تعبير المصوت في الورقة الانتخابية انه غير راض من الناخبين المعروضين أمامه، وانه رافض للنظام السياسي)، وهذه المؤشرات نجدها واضحة لدى الناخبين العراقيين، إذ يعبر اغلبيتهم عن سلوكيات الرفض السياسي المسبق للحكومة القادمة، وعدم الايمان بفاعليتها وشرعيتها وقدرتها في القضاء على الفساد، وعدم الرغبة بالتعرف على السياسيين المرشحين، والاعتقاد ان الانتخابات القادمة عملية تدوير للسلطة، فضلا عن فقدان العزيمة على انتخاب كتلة سياسية فاعلة في ادارة شؤون الدولة، وتبني مدركات معرفية ترى ان الانتخابات محسومة مسبقا لصالح الكتل الكبيرة، واللامبالاة في الذهاب الى صناديق الاقتراع، او رفض المشاركة السياسية على الاطلاق.

*الاغتراب الانتخابي من العجز الى العزلة:
يشير Finifter,1970 و Olsen,1969الى ان الاغتراب الانتخابي يظهر عبر مرحلتين متدرجتين، إذ يمر المواطن في المرحلة الاولى بحالة من الاغتراب السياسي التي يشعر فيها بعدم القدرة على ممارسة حقه الشرعي في الحياة السياسية نتيجة الضغط والقهر التي تمارسه السلطة السياسية، بعد ذلك ينتقل الفرد الى المرحلة الثانية التي يصبح فيها رافضا بإرادته الذاتية المشاركة السياسية، نتيجة استياءه الكبير تجاه السلطة التي حرمته من حقوقه الشرعية، لذلك يعزف الفرد في المرحلة الثانية عن المشاركة السياسية في عمليات التصويت.
ووجد Finifter,1970 انه وفقا لهاتين المرحلتين تظهر اربعة مجالات تعبر عن الاغتراب السياسي والانتخابي، هي:
1.العجز السياسي. شعور الفرد بأنه لا يستطيع التأثير على أفعال وقرارات الحكومة.
2.انعدام المعنى السياسي. تصور الفرد بأن القرارات السياسية غير واضحة وغير متوقعة.
3.انعدام المعايير السياسية. تصور الفرد بأن المعايير أو القواعد التي تهدف إلى تنظيم العلاقات السياسية معطلة وأن الخروج عن السلوك المحدد أمر شائع.
4.العزلة: رفض الفرد للمعايير والأهداف السياسية التي يحملها ويتشارك فيها على نطاق واسع مع الاعضاء الاخرين من المجتمع، ويظهر هذا الرفض في الامتناع عن التصويت، وعدم الانصياع لتعليمات وتوجيهات الدولة، واللامبالاة السياسية بشؤون الحكومة.
لذا يمكن أن يساهم الاغتراب الانتخابي لدى المواطنين العراقيين في التنبؤ بتدهور المستقبل السياسي للعراق، وقدرة الحكومة على تحقيق الاستقرار والامان وتسيير شؤون الدولة بصورة خالية من الأزمات والاضطرابات والاجتياحات الارهابية القادمة ، وقد تشهد الصورة السياسية حالة من الاحتجاجات والحركات وظهور الاحزاب المعارضة الى تؤدي الى فقدان الدولة العراقية لقوتها وشرعيتها بالكامل.

*الاغتراب الانتخابي ومقاطعة الانتخابات:
ينوي الكثير من العراقيين مقاطعة الانتخابات القادمة، ورغم ان هذا ليس هو الخيار الصحيح، إلا ان المواطن العراقي يحاول ان يعبر عن رفضه وسخطه تجاه الكتل والاحزاب السياسية من خلال مقاطعة عملية التصويت، إذ هي وسيلة يظهر في ضوئها كراهيته تجاه السياسيين، وعجزه المكتسب بان الانتخابات القادم سوف لا تحل مشكلاته وانما سوف تزيد من فرصة السياسيين الفاسدين في الحصول على الثروة والقوة والبقاء في السلطة.
وهذا ما أكده Hernandez & Drew,2007 بان عزوف المواطنين عن الانتخابات سببه عدم رضاهم بكل الخيارات المطروحة امامهم، كذلك يدل على ان مشروع الاحزاب السياسية لا يحقق طموحهم ومستقبلهم السياسي، لذلك يكونون مقتنعين بانه لا جدوى من التصويت، في حين عبر عنه الباحث Frankel,2009 بان مقاطعة الانتخابات نوع من الاحتجاج السياسي لدى الناخبين، ويظهر عندما يرى الناخب أن احتمالات تزوير الانتخابات قوية، أو أن النظام المشرف على العملية الانتخابية متحيز لمرشح بعينه، أو أن النظام السياسي المنظم للانتخابات يفتقد إلى الشرعية.

*الاغتراب الانتخابي بين التهديد الشخصي واليأس السياسي
إن رفض المشاركة في الانتخابات السياسية ليست تعبير عن السخط السياسي فحسب وانما هو ميكانزم يتخذه المواطن لحماية نفسه من انتخاب السياسيين الفاسدين، إذ وجدت نظرية Long,1978 عاملين اساسيين يعملان على ظهور رفض المشاركة السياسية، يتمثل العامل الاول بتصورات التهديد الشخصي الوشيك من النظام السياسي-الاجتماعي perceptions of imminent personal threat from the sociopolitical system ويتمثل بمعتقدات المواطنين ان عملية الاقتراع يمكن تؤدي الى فوز مرشحين غير مؤهلين لإدارة الدولة وهو يشكل خطر كبير على مستقبلهم الشخصي والعائلي والامني، مما تعمل هذه المعتقدات على شعورهم بالتهديد والخطر والامتناع عن التصويت، في حين يتمثل العامل الثاني بمشاعر العجز السياسي feelings of political hopelessness، ويشير الى شعور المواطنين بان المشاركة في التصويت ليس لها جدوى في تغيير الوضع الحالي للدولة، إذ عندما يشعر المواطن بان الحكومة التي ستُنتخب عاجزة عن تحقيق الرفاه الاجتماعي والاقتصادي، وعاجزة عن التأقلم مع مشكلات البلد المتراكمة، وتعيش في حالة صراع سياسي مستمرة، فانه سيصاب باليأس وعدم الجدوى من الانتخاب، لذا يؤدي هذان العاملان الى تعزيز الشعور بالاغتراب السياسي والانتخابي وزيادة العزلة السياسية.
نجد مما سبق ان المواطنين العراقيين بحاجة الى ناخبين يشعرون بمعاناتهم وتهجيرهم واحباطهم وعجزهم وتحسين واقع الخدمات الامنية والصحية والتعليمية والادارية، ولا يحتاجون الى مرشحين نرجسيين يتمركزون حول إعلاناتهم وصورهم وامتيازاتهم اكثر من اهتمامهم بتوفير الآمن وإشباع بطون الفقراء وتوفير الادوية ومستلزمات التعليم.



#علي_عبد_الرحيم_صالح (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الوعي التمردي في الشخصية العراقية
- سيكولوجية التغيير في العقل العراقي
- الف حرز وحرز : سيكولوجية العقل المزيف
- الاغتصاب الجنسي الداعشي : المشروع الجديد لخلافة دولة العراق ...
- ذاكرتنا .. هويتنا .. شخصيتنا
- اقحام الذات : هل انت شخصية متطفلة؟
- سيكولوجية التجاوز الايجابي
- الشخصية الخيالية : (برنامج عرب ايدول نموذجا)
- هل انت من النمط الشخصي موافق - غير موافق
- التعافي الايجابي : طريقنا نحو تجاوز محن الحياة
- الشخصية العفوية : التلقائية الايجابية للذات
- الشخصية الشرائية القهرية : سيكولوجية في انفاق الموارد الذاتي ...
- منعشات الحياة
- أناقة الشخصية : مهارات تنظيم جمال الذات
- الصيام الروحي للذات : طريقنا الى قهر غرائزنا الدنيوية
- الشخصية المثرثرة : سيكولوجية اضاعة الوقت وهدر الجهد
- المختصر في الشخصية الداعشية السلفية : التعريف ، العقلية الفك ...
- عتاب الذات سيكولوجية الترميم والتوجيه الايجابي
- مثلث الحب سيكولوجية الالفة والشغف والالتزام
- الانطباع الايجابي : سيكولوجية ثراء العلاقات الاجتماعية


المزيد.....




- الجيش الأمريكي يعلن استهداف -أحد كبار قيادات- تنظيم تابع لـ- ...
- مجلس الشيوخ الأمريكي يقر تعيين دوغ بورغوم وزيرا للداخلية
- مباحثات إيرانية قطرية حول اتفاق وقف إطلاق النار بغزة ولبنان ...
- ترامب يعلق على تقارير سحب القوات الأمريكية من سوريا
- روبيو: ترامب مقتنع بضرورة حل الصراع في أوكرانيا بالوسائل الد ...
- واشنطن: استمرار الصراع يدمر أوكرانيا ويفاقم خسائرها في الأرا ...
- المغرب.. تفاصيل دقيقة حول الآليات والمواد والمساحيق التي تم ...
- الولايات المتحدة تخطط لفرض رسوم جمركية على الصين بسبب -شحنات ...
- روبيو: عرض ترامب شراء غرينلاند -ليس مزحة-
- العثور على الصندوقين الأسودين للطائرة المتحطمة في واشنطن وإر ...


المزيد.....

- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - علي عبد الرحيم صالح - الاغتراب الانتخابي : قراءة في سيكولوجية الناخب العراقي