ملك الموت يعلن استقالته

فلورنس غزلان

الحوار المتمدن-العدد: 1490 - 2006 / 3 / 15 - 10:28
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

أرسله الله في مهمة اعتاد عليها...هي وظيفته منذ بدء الخليقة...ولطالما كانت دورة الموت كريمة معطاءة ...كلفه الرب بأخرى جديدة.. شاقة وشائكة وحذره ....أنه سيلقى صعوبة جمة في إزهاق الأرواح...ولن تتاح له أي فرصة ليلتقط أنفاسه...هذه المرة لن تنعم بالهدوء أبدا ...ولن تتمكن من الراحة في تلك الأرض!!.
خرجت من الملاك ذو الجناحين الناريين ابتسامة فيها القليل من السخرية و الكثير من الثقة ...إنه الأعلم والأدرى بمقدرته ...وبإمكانيته على اجتثاث الأرواح بسرعة خارقة لا مثيل لها...سبق للرب العالي ...أن عرف قدرته وخبرها.. لهذا اختاره لهذا المنصب العظيم!! والذي لا يليق بملاك سواه ...ولا ينافسه أحد فيما يختص به من قدرات خارقة...انحنى طائعا وسجد راكعاً ... مرددا ...: ــ لا تقلق يا سيدي الرب وأنت الأعلم بحالي والأدرى بطاعتي لأوامرك وسرعتي في الاصطياد ...ومقدرتي على تخليصك ممن اخترت نهايتهم المحتومة...هل سبق أن خذلتك في مكان ما من الأرض؟؟ ..هذه المرة ...لم يجبه الرب بابتسامة...بل كان التجهم والعبوس والألم ... مرتسمة جميعها بشكل لم يسبق للملائكة أن شاهدتها على هذا النحو !!!!!!!
ما الخطب يا مولاي؟؟ولم القلق...واني العارف بكل بقعة من بقاع كوكب الأرض....واني القاضي الذي لا يرمش له جفن ..ولا يقف عند حد من حدودك ونواهيك ..لا يعصي لك أمراً..ويؤدي دوره على أكمل وجه!!!
ـــ نعم يا ملك الموت نعم...
لكنك هذه المرة سيكون لمهمتك وجها مختلفاً ولوناً غريباً ...سأرسلك لبلاد ... أهلها من يقوم عنك في مهمة الموت إني أخشى عليك وعلى سلطتي هناك ...!!! ابتسم ملك الموت ساخرا وألقى تحية الإكبار والإجلال ...ركع وسجد ...بسمل وحوقل ...ثم أصدر صهيله مودعا ..طالبا من الرب أن يحدد له المكان والزمان...قبل فوات الأوان وضياع الوقت..فالوقت ثمين و قبض الأرواح ليس لعبة أحد سواه ..ربما هي الأرخص هذه المرة كما صور له !!.....لكنه متيقن أن مهمته ستكون غاية في السهولة...طالما أن الأرواح رخيصةوسهلة الاصطياد! ...فهذا يجعل من الأمر أكثر يسرا وأقل تعقيداً ...ولن يؤنبه ضميره على اقتراف الموت أبدا!!!.رسم الرب ... بيده المباركة العظيمة... خريطةالبلد المطلوب ..وكانت ...( العــــــراق) .....حدد له أماكن الموت ..بسرعة مذهلة لدرجة جعلت الملاك يتوه وتدور رأسه قبل أن يتمكن من فهم المهمةبالتحديد ، لم يستطع قراءة وتعيين المواقع الجغرافية!!
لكنه خرج مسرعا لا يلوي على شيء ...موقنا أنه قادر لا محالة ...على تنفيذ الرغبة الإلهية.
هبط ملك الموت...من عليائه السماوية، ومر بسرعة الضوء فوق الأماكن المحددة .........ليجد أنه جاء متأخرا كثيرا!!...كثيرا.جداً ..............فهناك من قام بالمهمة بدلا عنه ..هناك من استخدم قدراته الطبيعية...في البطش
هناك من سيطر على مهمته وسطا عليها.........وهم كثر ...كثر ولا يستطيع الانتقام لنفسه ...بل لم يتمكن من الإمساك بروح أحدهم ...كما تعود طيلة وجوده أن يفعل........إلا وكان الآخرون قد قبضوا على عشرات الأرواح في نفس اللحظة!!!!! ركض يمنة ويسارا ...عموديا وأفقيا ...حرث أرض العراق شرقا وغربا جنوبا وشمالا........
.في كل بقعة كان يهبط بها يجد من يقوم بالمهمة بدلا منه...............خجل من نفسه ...لعن حظه العاثر ..............لعن الانسان...............لعن إنسان هذا المكان ...................لعن منافسيه....كيف يفشل؟؟؟ وللمرة الأولى يعلن فشله !! للمرة الأولى يعلن خسارته ويعترف بها طائعا راضيا ..............خرَّ راكعا بين يدي الله عز وجل .....................وأعلن أمام الملائكة جميعا ...وعلى الملأ ...أمام أهل الأرض ...كي يسمعوه كلهم ، وصـــاح : ــ
يا أهل الأرض والسماوات ...إني أعلن استقالتي .............إني أستقيل ..........لست مسؤولاً عن موتكم ...لست مسؤولاً عن موتكم................اذهبوا ...اذهبوا من طريقي ...اغربوا عني ، فاني أعلن أمامكم فشلي ...إنكم معشر البشر ...أكثر مقدرة على الموت مني ...أكثر مقدرة على الموت مني................................عزرائيل

#فلورنس_غزلان (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات