|
ضوء نقدي (( شموع الانتظار )) الشاعرة الفلسطينية (( فاطمة جلال ))
منير الكلداني
الحوار المتمدن-العدد: 5851 - 2018 / 4 / 20 - 00:18
المحور:
الادب والفن
النص : شموع الانتظار الشاعرة الفلسطينية : فاطمة جلال ضوء نقدي : منير الكلداني
النص
لَقَدْ تَعِبَتُ وَأَنَا أُطَارِدُ الحُلْمَ فوق سُفُوحٍ اِنْهَزِمِي
وَأَنَا أَبْحَثُ عَنْ أَمَلٍ فِي وَاحَاتِ صَبْرِي
وَأَنَا أَنْتَظِرُ عَوْدَة غَائِب لَا يَعُود وَلَا يَعْلَم أَنَّنِي قَدْ أَشْعَلْتُ شُمُوعَ الاِنْتِظَارِ مُنْذُ أَلْفٍ عَامٍّ أَوْ يَزِيد
رسمته فِي أَحْلَامِي أَسْكَنْتُهُ صدْرَ الحكايا خَبَّأَتْهُ فِي حُجْرَاتِ القَلْبِ وَزَّعَتْ أزاهير الياسمين تَتَدَلَّى عَلَى شُرْفَاتِه …
وَمَا زِلْتُ أُشْعِلُ لَهُ شَوْقَ العُمْرِ … حَتَّى عَقَارِبِ الزَّمَنِ ما زالت تَلْدَغُنِي بِوَقْتِهَا المسمُومُ
مَا زِلْتُ أُلَوِّحُ له بِشَالِي الحَرِيرِي كَلَّمَا مَرَّ قِطَارٍ ورحل ولَا أَمَّلُ من الانتظار…
دالة النص في تجسيد الحدث يحتاج الفرد في كثير الى ذلك التجلي الذي يخصه كانسان ومنه ينطلق الى باحات رغباته الحاضرة والتي لا تنفك عنه في لحظات عمره ، وكلما كانت تلك اللحظات عميقة كان الحال اشد على الفرد وهو يحاول ان يجسدها او يعبر عنها ويبقى ذلك التعبير الغائب خاصا جدا يدور في افق الفرد ولا يتجاوزه كثيرا ، ولعل اصعب تلك اللحظات (( انتظار العدم )) حيث يكون كابوسا مرعبا لا يتخلص منه الفرد بسهولة فهو انتظار لا امل فيه ولا منطق عقلائي يقبله فهو يمثل شعورا انسانيا نبيلا ، يمثله (( الوفاء )) ، وهذا ما لمسناه بشكل صريح في نص الاديبة (( فاطمة جلال )) حيث تقول وانا انتظر ؟ وعندما نسالها عن انتظارها تقول عودة غائب لا يعود وهي لحظة الفقد الحقيقي الذي يظهر بصورة مكثفة من العمق الدلالي الذي يحيلنا الى الفهم بمدى معاناة الشاعرة وهي تتالم في تلك الصورة الغريبة ونتيجة لان هذا الانتظار هو انتظار داخلي لا يرتبط بمدلول واقعي خارجي نجد الشاعرة تبتعد عن الزمن بالكلية لانها لا تعيش زمنا معينا في خطها الشعوري بل (( حزن عميق )) لا يحتويه الزمن
قَدْ أَشْعَلْتُ شُمُوعَ الاِنْتِظَارِ مُنْذُ أَلْفٍ عَامٍّ أَوْ يَزِيد فالف عام ما هي الا دلالة التوقف ، فلا يوجد عمر منطقي يصل اليه الفرد في وقتنا الحاضر فدالة العدم هو العدم ليس الا ، وهو ايحاء يجعل من الشاعرة تعيش حالة الفراغ تلك باقسى صورها ، فالتكرار (( رمز الاشعال )) ما هو الا وصف لتلك الظلمة التي تعيشها طيلة هذه السنوات الافتراضية ول كان تتصور فقط اشعال الشمع وما يتطلبه هذا الشيء مضافا الى ان كل هذا (( لن يجدي نفعا )) بل هو يزيد (( القلق )) ويجعل الشاعرة في حالة من عدم الوعي لما يدور حولها وفي خضم ذلك (( الجنون الرمزي )) : وَمَا زِلْتُ أُشْعِلُ لَهُ شَوْقَ العُمْرِ فهي وصل بها الحال الى اشعال العمر ، اغلى ما يملكه الانسان (( شوقا للرمز )) وتعتبر هذه الفقرة المقطعية العمق الكامل لما تشعر به حيث تمثل حالها بالذبول والوهن وعدم القدرة على الاستمرار ، اذ هي اقرب الى فقدان الوعي التام من خلال تكثيف الحدث على (( السلب الكلي )) ، وهي تحاول بطريقة ما الرجوع الى وضع يسمح لها بمعادلة تلك الانهيارات التي تعيشها وفي حال تسيطر فيه على ما تبقى منها اذ تقول رسمته فِي أَحْلَامِي وهذا الهروب من الواقع يعطي بعدا الى التخلص الجزئي في بناء عالم خاص تكون فيه مع (( الرمز )) حيث تستطيع ان تعبر ما لم تقدر عليه في واقعها الذي يشبه القوقعة المظلمة وهي طاقة (( ايجابية )) في مثل هذا الظرف الحرج (( الجنوني )) ومن ذلك الخيال ياتي مشهد تصويري مفاجا (( صدمة الحدث ))
مَا زِلْتُ أُلَوِّحُ له بِشَالِي الحَرِيرِي مقطع ياخذ الشعور ويرميه بعيدا حيث تلك (( اللقطة )) تصوير بمضمون بسيط الا انه عميق ، يجمع بين اصالة الماضي وعبق الحاضر (( الشال )) ومن حقها ان تصل الى الانهيار التام بعد ذلك وتدخل دوامة لا خروج منها وجاء الوقت لترفع راية الاستسلام بشكل صريح لقد تعبت وانا اطارد الحلم وتاتي لحظة الحقيقة التي لا بد منها ، حقيقة الفقد اللانهائي وان الحلم اصبح عائقا ولا بد من الخلاص منه ، ولهذا لا بد من صفحة اخرى تطوى رغم الالم ولا امل من الانتظار
دالة اللغة : 1 – الالفاظ بسيطة لا يوجد اي غريب فيها بل هي في متناول المتلقي . 2 – استطاعت الشاعرة بمقاطع مكثفة قليلة ان توصل مضمونها من اقرب الطرق باستخدام ادوات االبلاغة المناسبة في ذلك من استعارات وتشبيهات منتقاة باحكام 3 – تكرار (( انا )) ثلاثة مرات جاء موفقا جدا رغم ما فيه من قول من بعض ناقدي هذا النوع ، الا انه استخدم باتقان في تصوير الحالات المتكررة وغير المتشابهة وهذا اعطى بعدا اعمق لغويا ومعنى .
دالة خارجية .. لكل فعل رد فعل في كل شيء انساني تقريبا ، وفي حالة التشتت الذهني لدى الفرد يقوم بحالة من المقاومة يسمونها (( الكبت )) وهم كما وصفوها – بغض النظر عن مصداقيتها التامة _ : ((عملية غير شعورية، تستبعد الأنا، بموجبها، الحفزات الغريزية، والأفكار، والصراعات، والذكريات المؤلمة، والمثيرة للقلق، والرغبات المستكرهة، من مستوى الوعي، إلى مستوى اللا وعي )) وهذا ما نراه جليا في المقطع اعلاه .. وحتى لو ضاع الامل وفقد في الطريق و كَلَّمَا مَرَّ قِطَارٍ تبقى للشاعرة فاطمة جلال رحلة لا تنتهي في مضمار المعاني العميقة
#منير_الكلداني (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
لا تأت ِ يا ربيع # 10
-
حوارية الهمس # 2 مع الشاعرة السورية ملاك العوام
-
لا تأت ِ يا ربيع # 9
-
لا تأت ِ يا ربيع # 8
-
لا تأتِ يا ربيع # 7
-
ضوء نقدي (( سليل النور )) الشاعرة الفلسطينية: ((ليلى آل حسين
...
-
لا تأتِ يا ربيع # 6
-
ضوء نقدي (( ضياع )) الشاعر السوري : ((ماهر زين))
-
لا تأت يا ربيع # 5
-
ضوء نقدي (( انت = انا )) الاديبة المغربية : (( زكية محمد ))
-
حوارية الهمس مع الشاعرة السورية ملاك العوام # 1
-
لا تأتِ يا ربيع # 4
-
ضوء نقدي (( عناق الارواح )) الشاعرة السورية : (( ليلى غبرا )
...
-
لا تأتِ يا ربيع # 3
-
ضوء نقدي : (( كرامة سيدة )) - الشاعرة الفلسطينية (( سحر العل
...
-
لا تأتِ يا ربيع # 2
-
ضوء نقدي (( اوراق مسافرة - الورقة الاولى )) الشاعرة الجزائري
...
-
ضوء نقدي (( عبثا اصوغ الكلمات )) - الشاعرة السورية ملاك العو
...
-
لا تأتي يا ربيع # 1
-
المنظورات الثلاث
المزيد.....
-
*محمد الشرقي يشهد حفل توزيع جوائز النسخة السادسة من مسابقة ا
...
-
-كأنك يا أبو زيد ما غزيت-.. فنانون سجلوا حضورهم في دمشق وغاد
...
-
أطفالهم لا يتحدثون العربية.. سوريون عائدون من تركيا يواجهون
...
-
بين القنابل والكتب.. آثار الحرب على الطلاب اللبنانيين
-
بعد جماهير بايرن ميونخ.. هجوم جديد على الخليفي بـ-اللغة العر
...
-
دراسة: الأطفال يتعلمون اللغة في وقت أبكر مما كنا نعتقد
-
-الخرطوم-..فيلم وثائقي يرصد معاناة الحرب في السودان
-
-الشارقة للفنون- تعلن الفائزين بمنحة إنتاج الأفلام القصيرة
-
فيلم -الحائط الرابع-: القوة السامية للفن في زمن الحرب
-
أول ناد غنائي للرجال فقط في تونس يعالج الضغوط بالموسيقى
المزيد.....
-
مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل
/ كاظم حسن سعيد
-
نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111
/ مصطفى رمضاني
-
جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل
/ كاظم حسن سعيد
-
رضاب سام
/ سجاد حسن عواد
-
اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110
/ وردة عطابي - إشراق عماري
-
تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين
/ محمد دوير
-
مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب-
/ جلال نعيم
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
المزيد.....
|