|
هنا القاهرة من دمشق
تميم منصور
الحوار المتمدن-العدد: 5848 - 2018 / 4 / 17 - 17:04
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
عاجلاً أم آجلاً ، سوف يصل العقلاء والدارسون والباحثون العرب وغير العرب ، أن أكثر من خسروا بعد غياب الكتلة الشيوعية عن المسرح السياسي ، خاصة الاتحاد السوفياتي هم العرب ، شعوباً وأنظمة ، لأن الاتحاد السوفياتي وقف سداً منيعاً أمام الأطماع الامبريالية ، داخل الأقطار العربية ، وساهم في المحافظة وصمود الأنظمة التي كانت تعتبر ثورية ، بعد غياب الاتحاد السوفياتي ، حدث فلتان واختلت توازن القوى في العالم ، ليس فقط في المنظمات الدولية ، خاصة مجلس الأمن ،بل أيضاً فلتان في زيادة أطماع الدول الامبريالية في منطقة الشرق الأوسط خاصة الأقطار العربية . عندما كان الاتحاد السوفياتي قائماً وإلى جانبه الكتلة الشيوعية ، بما فيها الصين ، بمواقفها الممانعة ، لم تجرؤ امريكا وأعوانها على القيام بأي عدوان مباشر على أية دولة عربية ، باستثناء غارات بعض الطائرات الامريكية على مواقع في ليبيا في عهد القذافي ، كانت امريكا وحلفاؤها يفكرون ألف مرة ، قبل القيام بأي عدوان ، أو محاولة غزو دولة عربية . نذكر أنه عندما نزلت القوات الامريكية في بيروت ، في بداية الثمانينات من القرن الماضي ، كان هذا بطلب من حكومة لبنان الموالية للغرب ، لكن هذه القوات ندمت على خطوتها ، لأن رجال المقاومة فجروا مقرها في بيروت ، وقتل 241 جندي من المارينز ، كما فجروا مقر السفارة الامريكية ، فقتل ما يقارب المائة أمريكي . كان جميع المقاومين العرب يقاتلون وظهورهم مسندة الى قوة الاتحاد السوفياتي ، وكانت جميع اسلحتهم من مصانع الكتلة الشيوعية ، لكن بعد غياب الاتحاد السوفياتي ، تغيرت نظرة الدول الاستعمارية اتجاه الأنظمة والأقطار العربية . نجحت امريكا أولاً باختراق غالبية الأنظمة العربية ، فحولوها الى أنظمة عميلة لامريكا ، كما أن أمريكا قررت أن تحذو حذو بريطانيا ، محاربة المسلمين بالمسلمين ، والعرب بالعرب ، فسارعت الى الخيار الطائفي ، خاصة بين السنة والشيعة ، أخذنا نسمع مصطلحاً جديداً هو – الدول السنية رافق ذلك شن حملة شعواء من التحريض على ايران ، وتحول هذا التحريض الى تهويل من الخطر الايراني الشيعي على الدول العربية التي اسمتها سنية ، خاصة السعودية ومشيخات الخليج . رفع شعار أن الخطر الايراني يفوق خطورته تهديد وخطر اسرائيل ، بهدف كسر طوق العداء لاسرائيل ، استغلت السعودية هذه الظاهرة الجديدة ، مستغلة عجز وضعف مصر ، والتحالف بين سوريا وايران ، كما ساعدت امريكا السعودية لقيادة المعسكر السني كما ارادت تسميته ، صدقت السعودية ذلك . فأندمجت بالسياسة الامريكية في المنطقة ومعها مشيخات الخليج ، الى درجة أن هذه الدول أصبحت تدفع لامريكا ثمن طاعتها وعمالتها ، في الماضي كانت الدول الاستعمارية تدفع الأموال للدول العملية مقابل كسب تبعيتها ، اليوم فإن العديد من الأنظمة العربية تدفع مهر خيانتها وتبعيتها لامريكا ، لأن الأخيرة لم تعد تقبل خيانة وتبعية مجانية . في ظل غياب الاتحاد السوفياتي تجرأت امريكا وقامت بغزو العراق مع حلفائها من الدول الامبريالية مدعومة من المعسكر الاسلامي السني ، الذي شكلته ورسمت خارطته ، لقد أصبح مجلس الأمن ساحة تستصدر منه امريكا القرارات للقيام بفرض هيمنتها بكافة الطرق ، لم يقتصر الأمر على العراق فقط ، بل نجحت امريكا وحلف الاطلسي بدعم من جامعة العهر العربي من استصدار قرار بالقضاء على نظام الحكم في ليبيا ، وتحويلها الى دويلات وامارات هامشية . هناك دولة عربية واحدة بقيت عاصية، و رفضت الهيمنة الامريكية ، هذه الدولة هي سوريا ومعها محور المقاومة ، ايران والمقاومة اللبنانية ، وكل القوى القومية والثورية في العالم العربي ، خاصة فلسطين والعراق ، ان غياب الاتحاد السوفياتي وحلف وارسو شجع امريكا وحلفائها من الرجعية العربية وتركيا على القيام باستهداف سوريا ، بطرق وأساليب شيطانية ، على أمل أن يكون مصيرها مثل مصير العراق وليبيا ، لكنهم فشلوا بفضل مناعة محور المقاومة ووقوف روسيا الى جانبها . الشعب الروسي الذي وقف مع الشعوب العربية زمن الاتحاد السوفياتي هو نفس الشعب الذي يقف اليوم مع محور المقاومة بقيادة بوتين ، لكن يبقى هناك فوارق كبيرة بين ثوابت ومواقف الاتحاد السوفياتي وبين حكام روسيا الحاليين ، للرئيس بوتين حساباته ، فيها الكثير من التناقض مثلاً يقيم علاقات مميزة مع رئيس حكومة اسرائيل ، المعروفة بتطرفها ونظرياتها العنصرية . كما انه يداري تركيا ، رغم اطماعها في سوريا ودورها في دعم الإرهاب . لا أحد ينكر الدعم والمساعدات الروسية لسوريا وايران من أسلحة ودعم في مجلس الأمن ، والوقوف الى جانب سوريا في مجلس الأمن ، وعلى ما يبدو حتى الآن ، انها اكتفت في ذلك في مواجهة العدوان الاجرامي الأخير على سوريا ، في حين فإن الاتحاد السوفياتي بقيادة بولغانين ، حسم المعركة لصالح مصر عام 1956 م من انذاراه التاريخي المعروف لبريطانيا وفرنسا . هذا هو الفرق بين تهديد وموقف روسيا اليوم ، وتهديد وموقف الاتحاد السوفياتي ، كانت قدرات حلف وارسو وحدة مرعبة ، 30 ألف دبابة ، لقد قدر المحللين العسكريين في حينه ، ان باستطاعة هذا الحلف احتلال اوروبا ، جدير بالذكر ان مجموعة الدول الأوروبية ، أثبتت أنها كومبارس لامريكا ، فقد أصدرت بياناً أعلنت فيه أنها تؤيد العدوان الثلاثي على سوريا . أما الأنظمة العربية البائدة ، فلا أحد يتباكى على موقفها من العدوان ، لأنها تابعة لبيت الطاعة الامريكي ، الذي بادر للعدوان ، حتى أن مؤتمر القمة العربي الذي عقد في بداية الأسبوع الحالي في السعودية ، لم يشجب هذا العدوان ، وهذا قمة السقوط . السؤال الذي يطرح نفسه ، كيف نسي الشعب المصري موقف سوريا من العدوان الثلاثي عليها عام 1956 ؟ أثناء العدوان المذكور قصف المعتدون محطات البث المصرية ، في الحال انطلق صوت المذيع السوري المعروف " عبد الهادي الكبار " هنا القاهرة من دمشق ، وقد اعترف عبد الناصر في أكثر من خطاب له بعد العدوان ، بأن الدولة الوحيدة التي طلبت الدخول في المعركة أثناء العدوان الثلاثي على مصر هي سوريا ، هل نسي أهلنا في مصر البطل السوري " جول جمال " الطالب في الكلية الحربية المصرية ، لقد سارع هذا البطل الى تفجير نفسه في احدى السفن الفرنسية التي كانت تهاجم مدينة بور سعيد . لم ولن يمض وقت طول على بداية محاسبة هؤلاء الحكام الذين فرطوا بكرامة وشرف شعوبهم ، لأن الشعوب تمهل ولا تهمل . والتاريخ يملك ذاكرة قوية من الصعب النسيان .
#تميم_منصور (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
صور من حالات التعليم في زمن الانتداب - الحلقة الاخيرة
-
صور من حالات التعليم في فلسطين زمن الانتداب 5
-
صور من حالات التعليم في فلسطين - 4 -
-
صور من جالات التعليم في فلسطين زمن الانتداب -3-
-
التعليم في فلسطين زمن الانتداب
-
موقف حزب مباي من المواطنين العرب (2)
-
من ارشيفات حزب مباي
-
كفى .. لقد شبعنا مزايدات
-
الحصان الفلسطيني بقي وحيداً
-
مائة عام على ميلاد جمال عبد الناصر
-
زمن خريف التساقط العربي
-
نتنياهو يرى القشة في العين الايرانية ولا يرى الخشبة في العين
...
-
هنا محطة الشرق الأدنى للإذاعة العربية
-
هنا القدس (2) سيرة حياة بلاد ومثقفين وحياة اجتماعية واعدة
-
الاذاعات العربية في فلسطين زمن الانتداب
-
موقف الصحافة المصرية من الصهيونية في الفترة الواقعة ما بين س
...
-
موقف الصحافة المصرية من الصهيونية في الفترة الواقعة ما بين 1
...
-
بمناسبة مضي مائة عام على صدور وعد بلفور (2) اغتيال الوسيط ال
...
-
بمناسبة مرور مئة عام على وعد بلفور
-
صح النوم يديعوت احرنوت
المزيد.....
-
رجل وزوجته يهاجمان شرطية داخل مدرسة ويطرحانها أرضًا أمام ابن
...
-
وزير الخارجية المصري يؤكد لنظيره الإيراني أهمية دعم اللبناني
...
-
الكويت.. سحب الجنسية من أكثر من 1600 شخص
-
وزير خارجية هنغاريا: راضون عن إمدادات الطاقة الروسية ولن نتخ
...
-
-بينها قاعدة تبعد 150 كلم وتستهدف للمرة الأولى-..-حزب الله-
...
-
كتاب طبول الحرب: -المغرب جار مزعج والجزائر تهدد إسبانيا والغ
...
-
فيروز: -جارة القمر- تحتفل بذكرى ميلادها التسعين
-
نظرة خلف الجدران ـ أدوات منزلية لا يتخلى عنها الألمان
-
طائرة مساعدات روسية رابعة إلى بيروت
-
أطفال غزة.. موت وتشرد وحرمان من الحقوق
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|