رائد الحواري
الحوار المتمدن-العدد: 5845 - 2018 / 4 / 14 - 01:35
المحور:
الادب والفن
المخلصة في قصيدة
"نقاء"
جواد العقاد
الأنثى إحدى أهم العناصر التي تخلصنا من الهم/الضغط الي يثقلنا، ففي بيئة تفتقر لأدنى متطلبات الحياة الاجتماعية/الاقتصادية/السياسية السوية نتجه إليها، وكأنها "عشتار" التي يتدفق منها الجمالُ والخصب، سنجدُ في هذه القصيدة ما يؤكدُ أن الأنثى تشكلُ حالةً استثنائية في العقل العربي، يبدأ الشاعر بهذه الفاتحة:
"نقيةٌ جدًا
أشعرُ أنّكِ ملاكٌ طيب ٌ"
الانثى هنا تأخذ الصفة الكاملة ومطلقة الجمال والعطاء، لكن الذكر/الرجل يقدمُه لنا الشاعر ُبهذا الوصف:
"وأني شيطانٌ متمرس ،
وشاعرٌ يوسوس ُللشجيرات"
نجد الفرق بين الأنثى/الملاك والشيطان/الذكر، ونجد ُفعلَ الشر "يوسوس" والمتعلق بالأنثى "الشجرات" سنتوقف هنا قليلا، لنرى الأثر الإيجابي الذي تحدثُه الأنثى في هذا الشيطان الموسوس:
"حين تمرُ استنشقيها
فيها ما يكفي من الشعر والموسيقا
فيها ما يُغني دودةَ القز؛
لتبني حلمًا وفكرةً نبيلة"
أثر الأنثى لا يقتصرُ على الفكرة البيضاء التي جاءت بل أيضا في الألفاظ المستخدمة من الشاعر، فالأنثى جعلت "الشيطان" يطرحُ أفكارًا جميلةً مستخدمًا ألفاظًا ناعمة وسلسلة، والذي يميز هذه المقاطع أنها بمجملها جاءت كناتجٍ وأثر عن الأنثى، حتى أنها انعكست وأنجبت عناصر مؤنثة أخرى "الموسيقى، دودة القز".
من العناصر المهدئة الكتابة، فلم يقتصرْ أثر الأنثى على كونها أنثى، بل منحتْ "الشيطان" عنصر آخر يهدئ ويخفف عنه، إلا وهو الكتابة:
" تشبعُ القصيدة َدهشةً
وتحشو قلبي بالمجازات ِوالحنين".
فهنا يتم تحويل "الشيطان" الذكر إلى ملاك، متماثل بنعومته مع الأنثى، لهذا يقول: "لتبني حلمًا وفكرةً نبيلة" "فالشيطان" لم يعد يوسوس بل يكتب القصيدة َويمتلئ قلبه بالحب وليس بالحقد أو الكره كما كان في بداية القصيدة.
يكتمل التحول عند الشيطان/الذكر ليكون صافيًا على مستوى الفكرة، لكنه ما زال يستخدم ألفاظًا قاسية:
"نقية ٌ
كفراغٍ لوني في لوحةٍ زيتية ٍمذهلة ،كخطايا الملائكة
كغيرة الأنبياء
كأدعيةٍ صوفيةٍ
يرفعُها الدمعُ إلى الله
نقيةٌ يا حبيبتي
كالصلاة "
في هذه المقاطع يتذكرُ الشيطان/الذكر أنه ذكر، لهذا يستخدم تعبير "كخطايا الملائكة" لكنه تحول إلى كائن نبيل وتائب، لهذا نجده يقول "أدعية، صوفية، يرفعها، الله، نقية، حبيبتي، كالصلاة".
"الشيطان" لم يكتف بالنقاء والصفاء فحسب، بل نجدُه يتقدمُ خطوة إلى الأمام فيريد أن يرد الشر ويردعه:
"نقيةٌ يا سندي
وأنا أحارب ُالحياةَ
أتخذُ ضفائرَك ِمشانق َ
للكارهين
والسماسرة
والخونة
وتجار الدماء"
كلُّ هذه التحولات ناتجةٌ عن الأنثى، لهذا هي العنصر الأهم والحيوي لنا نحن معشر الذكور.
#رائد_الحواري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟