أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ابراهيم الحريري - يارا...و الذئب!














المزيد.....

يارا...و الذئب!


ابراهيم الحريري

الحوار المتمدن-العدد: 5841 - 2018 / 4 / 10 - 15:04
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


يارا... والذئب!**
ابراهيم الحريري

كان قد مضى وقت طويل منذ لم تزريارا جدتها. شتاء بكامله. كانت كلما طلبت من امها ان تسمح لها بزيارة جدتها، كانت تقول لها: بس يخلص الشتا! بس يخلص الشتا! بعدين الغابة مليانه ذيابه بالشتا.
كان يفصل بين بيت اهل يار و بين بيت جدتها، غابة كبيرة، كانت وجرا للذئاب، خصوصا في الشتاء، كان عواؤها يقض مضاجع السكان على جانبي الغابة.
انقضى الشتاء. اخضرت اشجار الغابة تلونت بالازهار، من كل لون. ضجت الغابة بزقزقة العصافير و كل الطيور.
كانت نسرين* ام يارا، تطبخ غذاء اليوم. تشبثت يارا باذيال ثوب امها. متوسلة: الشتا راح. الغابة اخضرت. الذئاب ولت. بعوائها الكريه. الغابة ترقص على صداح البلابل."
ارتفعت نبرة العناد في صوتها. خبطت الأرض بقدمها الصغيرة: ماما! انا مشتاقة لستو! بدي روح لعند ستو!
طيب! طيب يا بنتي. بس خليني اعملك زوادة لستك" رضخت يارا. استيقظت في الصباح الباكر. ايقظت امها. سرحت لها شعرها الكستنائي الطويل. عقدته بشريط احمر. البستها ثوبا ابيض. حشرت قدميها في حذاء احمر. وضعت في ذراعها سلة صغيرة: هذي زوادتك و زوادة ستك. بوسيلي ياها من هالخد- مقبلة خدي يارا- وهالخد. اذا سالتك عني قوليلها. الختيار مريض، ما فيها تتركو لحالو"
ابتعدت يارا. كانت امها تراقبها ملوحة، حتى غابت عن انظرها.
اوغلت يارا في قلب الغابة. كانت تزقزق كعصفور. ترقص، تطير، يتطاير ثوبها الأبيض، يلتف حولها يهفهف، كجناحي فراشة,
كانت كلما مرت امام زهرة زاهية، تضمها الى صدرها، حتى تكومت فوقه باقة كبيرة اثقلتها، مرددة: معليش! ستو بتحب الزهور. هذي هديتي لستو."
فات يارا ان تلاحظ، بين متعرجات الغابة، خصلة شعر ابيض هنا، مزقة ثوب
هناك، عظام كبيرة متناثرة.
اقتربت يارا من بيت ستها. قرعت الباب. لا جواب. خبطته بقوة, رد صوت خشن من الداخل: مين؟
ردت يارا متلهفة: هذا انا يا ستو! افتحي!
رد الصوت الخشن: انا مريضة، ما اقدر انهض. ادفشي الباب بيفتح.

دفشت يارا. دخلت.اقتربت من السرير حيت تتكوم جدتها. راعها منظر جدتها. و جه ناحل. بوز
طويل. نطارتا جدتها تختفي وراءهما عينان ملتمعتان صغيرتان ترسلان شواظا.
كم تغيرتِ يا ستي" قالت يارا و هي لا تخفي دهشتها.
مرضت من شوقي الك يا ستي" رد الصوت الخشن.
-: ليش صوتك صاير خشن؟ سالت يارا.
حشرج الصوت الخشن: صار عندي التهاب بالحنجرة"
-: ليش عيونك زغروا و عويناتك كبرو؟"
حتى شوفك منيح يا بنتي".
-: ليش مناخيرك صايرين كبار و منخارك طويل؟" -:حتى شمك منيح يا يارا" ردت الجدة و هي تتهيأ لمغادرة الفراش.

-: فهمت! بس ليش بوزك صاير طويل؟"
لم تستطع الجدة الصبر. فتحت شدقيها فتكشفت عن انياب طويلة.
عوت: حتى آكلك يا يارا! قفزت الجدة- الذئب. ركضت يارا الى الباب. خرجت وهي تصرخ: الذئب! الذئب! اكل جدتي و رح ياكلني. خرج سكان البوت المجاورة. رجالا ونساءً، هذا يحمل مسحاة، تلك تحمل مغرفة. ادركوا الذئب. احاطوه. تكاثرت عليه العصي و المساحي و المغارف، حتى لفظ انفاسه. قالت الجدة الحقيقية و هي تلتقط انفاسها، بينما يتحلق حولها الصغار يكاد النعاس يطبق احفانهم: توتي توتي... خلصت الحدوتي"
نام الصغار. لكن هل سنسمح نحن الكبار، رجالا و نساءً، للذئاب الجدد،" مدنيو المحاصصات، الصفقات، مجازر سبايكر، المتنكرين بثياب الجدات الطيبات، ان يخدعوننا؟ فليفتحوا اشدافهم: سنرى دماء الفقراء، سكان العشوائيات، ضحايا سبا يكر، الملايين من سكان المخيمات، تخر من انيابهم.
هل سنسمح لهم ان يعودوا؟
صوتوا لضمائركم! انتم مسؤولون!
امام الله، امام الناس و امام اطفالكم.
صوتوا لضمائركم، وليس للفتات المنهوب من خبزكم و خبز اطفالكم.
احملوا مساحيكم،مغارفكن، عصيكم: ضمائركم
قولوا للذئاب باصواتكم النقية الطيبة:
لن نسمح لكم ان تعودوا!
و صوتوا!

بغداد 10 4 2018
من حكايات جدتي ام حسن جرى تحويرها بنية طيبة*
• الى ام ولدي، نسرين: شكرا على كل شئ، رغم كل شيئ!



#ابراهيم_الحريري (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مدنيون...- قرش قلب-
- عناق مع الماضي
- الخضرة تليق بك 3
- الخضرة تليق بك -1
- الخضرة تليق بك -2
- مركز فالح عبد الجبار للدراسات الستراتيجية
- فالح عبد الجبار 2018-1977
- الهروب 3
- الهروب 1
- الهروب 2
- سعدون...كسرت ظهر!
- الأزمة الأخيرة -2
- الأزمة الأخيرة - الأسباب، المضاعفات، النتائج
- مؤتمر الأمل...مؤتمر العمل
- الى الشبيبة الشيوعية
- هوامش على الذكرى59 لثورة تموز-5
- هوامش على الذكرى 59 لثورة تموز -4
- هوامش على الذكرى 59 لثورة تموز - 3
- هوامش على الذكرى 59 لثورة تموز-2
- هوامش على الذكرى 59 لثورة تموز


المزيد.....




- وزير دفاع السعودية يوصل رسالة من الملك سلمان لخامنئي.. وهذا ...
- نقل أربعة أشخاص على الأقل إلى المستشفى عقب إطلاق نار في جامع ...
- لص بريطاني منحوس حاول سرقة ساعة فاخرة
- إغلاق المدارس في المغرب تنديدا بمقتل معلمة على يد طالبها
- بوتين وأمير قطر في موسكو: توافق على دعم سيادة سوريا ووحدة أر ...
- غزة البعيدة عن كندا بآلاف الأميال في قلب مناظرة انتخابية بين ...
- عراقجي يكشف أبرز مضامين رسالة خامنئي لبوتين
- بعد عقدين- روسيا تزيل طالبان من قائمة الجماعات الإرهابية
- روسيا تطلب مشاورات مغلقة لمجلس الأمن الدولي بشأن -هدنة الطاق ...
- اختتام تدريبات بحرية مصرية روسية في البحر المتوسط (صور)


المزيد.....

- فهم حضارة العالم المعاصر / د. لبيب سلطان
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3 / عبد الرحمان النوضة
- سلطة غير شرعية مواجهة تحديات عصرنا- / نعوم تشومسكي
- العولمة المتوحشة / فلاح أمين الرهيمي
- أمريكا وأوروبا: ملامح علاقات جديدة في عالم متحوّل (النص الكا ... / جيلاني الهمامي
- قراءة جديدة للتاريخ المبكر للاسلام / شريف عبد الرزاق
- الفاشية الجديدة وصعود اليمين المتطرف / هاشم نعمة
- كتاب: هل الربيع العربي ثورة؟ / محمد علي مقلد
- أحزاب اللّه - بحث في إيديولوجيات الأحزاب الشمولية / محمد علي مقلد
- النص الكامل لمقابلة سيرغي لافروف مع ثلاثة مدونين أمريكان / زياد الزبيدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ابراهيم الحريري - يارا...و الذئب!