حسين داعي الإسلام*
الحوار المتمدن-العدد: 5841 - 2018 / 4 / 10 - 01:24
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
ما كان العالم يشاهده على الظاهر هو أن التظاهرات بدأت بشكل مفاجئ أواخر كانون الأول/ ديسمبر 2017 في مدينة مشهد احتجاجا على الغلاء وسرعان ما انتشرت التظاهرات حيث تحولت الاحتجاجات المطلبية التي كانت قد بدأت بشعار الغلاء إلى المطالبة بالإطاحة بالنظام وشعار الموت لخامنئي والموت لروحاني منتشرة من مدينة مشهد إلى بضعة أشهر في البداية ومن ثم العشرات وإلى 142مدينة في نهاية المطاف. والمثير هو أن المسؤولين في نظام الملالي بقضهم وقضيضهم مازالوا مصابين بالصدمة الناجمة عن الانتفاضة حيث يمر أكثر من ثلاثة أشهر منذ انطلاقة الانتفاضة، ويمكن ملاحظة ذلك بين مختلف التصريحات والأقوال والمقالات للمسؤولين والعناصر ووسائل الإعلام التابعة للنظام بشكل واضح بحيث أنهم يوجهون نفس الأسئلة التي كانوا يسألون البعض عنها الأيام الأولى وعلى سبيل المثال: كيف خرج المواطنون إلى الشوارع بين ليلة وضحاها؟ ولماذا تحولت شعارات الاحتجاجات المطلبية إلى شعارات داعية إلى إسقاط النظام؟ ودوافع المواطنين اقتصادية أو سياسية؟ وما شابهها ...
ولذلك ما يقدمونه من الوصايا والحلول من أجل احتواء الانتفاضة، تافهة وعامة جملة وتفصيلا. وفي هذا الشأن إذ أذعن أحد العناصر الحكوميين يدعى يدالله طاهرنجاد بإفلاس حكومة روحاني في مواجهة المنتفضين ومعالجة المشاكل التي أدت إلى كراهيتهم وانتفاضتهم يقول: «لم تقم الحكومة بما يقتضي من تحرك استجابة لتوقعات المواطنين. وللأسف لم تتم دراسة الأسباب المؤدية إلى هذه الاحتجاجات بشكل جاد. ومن المحتمل أن تستمر هذه الانتفاضة في عام 2018 لأنه يبدو أن لا يكون اقتصاد البلد أكثر شفافا في هذا العام بالمقارنة مع العام المنصرم».
كما إذ تذعن شهربانو أماني أحد العناصر التابعة لعصابة روحاني بخسارة سياسة القمع والسجن في مواجهة المواطنين واحتجاجاتهم اليومية، تعترف بعدم ثقة المواطنين حيال النظام ومسؤوليه وتقول: «ينبغي أن لا تفقد ثقة المواطنين بالمسؤولين من خلال هكذا تعاملات. وينبغي أن لا يقتصر الاهتمام بالمواطنين على وقت الانتخابات وعلى صناديق الاقتراع وإنما ينبغي أن نلاحظ دائما استجابة جميع المؤسسات للمواطنين وذلك هو حادث وحيد من شأنه أن يعيد الثقة الفاقدة للمواطنين إلى ما كانت عليه. وعلى المسؤولين أن يكونوا بجانب المواطنين بكل ما يتحملون من مسؤوليات ومهام معترفين باحتجاجاتهم وذلك ليس كلاميا وإنما عمليا».
وخلافا للكثير من المسؤولين والعناصر التابعة للنظام منهم علي خامنئي الولي الفقيه ممن حاولوا خلال هذه الفترة الإحياء بأن مطالبات المواطنين كانت اقتصادية بحتة، يذعن كاتب صحيفة تابناك بصراحة يقول: «فضلا عن المطالب الاقتصادية طرحت مطالب سياسية واجتماعية وثقافية أيضا مما بات عبرة ونتمنى أن يلتزم بها الكل. ولكن الحقيقة هي أن الاقتصاد دائما كعب أخيل بالنسبة للحكومات ولا يختلف ما إذا كانت الحكومة أصولية أو إصلاحية. لأنه لا يمكن إرضاء المجتمع حقيقة. كانت المطالبات ثقافية وسياسية واقتصادية».
وأشار الملا قدرتالله عليخاني من العناصر التابعة لعصابة روحاني ومن رؤوس عصابات البلطجيين في الثمانينات ومن يسمى بالإصلاحي إلى عدم ثقة المواطنين بنظام الملالي ووزراء حكومة روحاني ويستهدف تركيبة اتخاذ القرار ويقول: «وسبب هذه المسألة يعود إلى أن القرارات تتخذ في مكان آخر. وعلى المسؤولين أن يسألوا أنفسهم لماذا المواطنون الذين ثاروا في وقت سابق، خرجوا إلى الشوراع بين ليلة وضحاها؟» (موقع آفتاب نيوز ـ 29آذار/ مارس 2018).
ولكن من الواضح أن هذه العناصر لا يمكنهم تقديم حل عملي سوى أقوال عامة ومجرد وهم وخيال. وبما أن علاقة هذا الحكم المشؤوم لولاية الفقيه مع المواطنين وصلت إلى الطريق المسدود هم عاجزون عن تقديم حل حقيقي وكل ما يطرح من حلول ناتج عن هذه الدائرة المغلقة.
وبالفعل انتفاضة كانون الثاني/ يناير والحركات الاحتجاجية التي أعقبتها كانت نتيجة هذا المأزق لأن المواطنين لو كانوا يعرفون أنهم يحصلون على مطالبهم من خلال طرق اعتيادية لما كانوا بحاجة إلى العصيان والانتفاضة وذلك بشعار الموت لخامنئي والموت للديكتاتور مما يعني المطالبة بإسقاط النظام برمته كما كلفوا ثمنها باستشهاد عدد من الشباب واعتقالهم.
وبالتالي خروج النظام كما خروج المواطنين من هذا الطريق المسدود أي المأزق الذي عرضهم له الحكم لا يمكن إلا بإسقاط هذا النظام وليس إلا. غير أن إسقاط هذا النظام لا يمكن على غرار الإطاحة بالأنظمة الديكتاتورية الأخرى نظير نظام الشاه من خلال تظاهرات شعبية عارمة وبمشاركة الملايين لأن النظام الديكتاتوري للولاية المطلقة للفقيه لا يسمح بتنظيم هكذا تظاهرات كما لا يقدر هذا النظام على معالجة أبسط المشاكل الاقتصادية والاجتماعية للمواطنين حيث يجد القمع والقتل والمجازر كالطريق الوحيد لبقاء حكومته وذلك بأبشع أنواعه حيث لم يسبق له مثيل في التأريخ المعاصر كممارسة التعذيب والقتل بحق شباب الانتفاضة في السجون من أجل التخويف والإرعاب والادعاء بأنهم أقدموا على الانتحار بينما يعلم الكل الحقيقة. أو تنتشر في كل الشوراع والمناطق التي من المقرر أن تنظم فيها تظاهرات قوات أمنية تابعة للنظام فضلا عن الاعتداء على المواطنين بالضرب والشتم والاعتقالات الواسعة أو حجب الشبكات الاجتماعية نظير تطبيق تليغرام وما شابهها من الإجراءات ...
ولذلك فإن المقاومة الإيرانية بنت إستراتيجيتها على تشكيل معاقل العصيان وتشكيل ألف أشرف لتستخدم هذه الخلايا للثورة تكتيكات التظاهرة والاحتجاج في النقاط وهجمات سريعة وضربات مستمرة وقاضية على الجسد العاجز لنظام ولاية الفقيه لتطيح بها في نهاية المطاف ...
ومن الطبيعي أن بلدان المنطقة التي تحملت جروحا عديدة من جراء نظام الملالي المشؤوم ينبغي لها أن تقف بجانب المقاومة الإيرانية لتقطع أذرع النظام في بلدان المنطقة وتطرده من الجمعيات العربية والإسلامية وتعترف بالمقاومة الإيرانية وتدعمها.
*عضو في المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية
#حسين_داعي_الإسلام* (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟