هيام محمود
الحوار المتمدن-العدد: 5838 - 2018 / 4 / 7 - 10:51
المحور:
الادب والفن
أعرف الكثير عن القصص الخرافية التي لا تَحدثُ إلا في خيال كتابها , قصص لطيفة تَجعلُ قراءها أو مشاهديها يتأثرون وربما يبكون أو يضحكون ويسخرون ..
قرأتُ وشاهدتُ المئات منَ القصص , بَكيتُ لبعضها وسَخرتُ من البعض الآخر و .. خِفْتُ من بعضها .
كان ذلك عندما كنتُ صغيرة , كان بكاءً بريئًا كانت سخرية بريئةً وكان خوفا بريئًا .. كنتُ صغيرة وكنتُ بريئة , وكان كل شيء بريئًا ..
اليوم كبرتُ , لَمْ أَعدْ ملاكا , صرتُ شيطانة وصار كل شيءٍ حقيقة , البكاء السخرية الخوف .. غابتْ البراءة وحَضَرَتْ الحقيقة , لَمْ أَتحسّرْ لحظة على براءتي بل قلتُ أنها .. مرحلة .
.
اليوم وُلِدْتُ وجِئتُ للحياة , كانتْ لحظة البداية .
اليوم اِلتحقتُ بالمدرسة ثم .. ثم .. ثم تَخَرَّجْتُ , كانت مرحلة .
اليوم بدأتُ العمل , وكانتْ مرحلة .
اليوم غيّرتُ كل شيء : كنت طبيبة فصرتُ نادلة في نزل جميل أو كنتُ مهندسة فصرتُ أُغَنِّي وأعزف في مطعم جميل , وتلك كانت مرحلة تجاوَزْتُها إلى مرحلة جديدة .
ماتت الأولى ولم يبقَ منها إلا الذكريات وحلّتْ محلّها الثانية : يوما ما وُلِدتُ , يوما ما كنتُ في المدرسة , يوما ما كنت طبيبة كنت مهندسة كنت نادلة كنت عازفة .
يوما ما كنتُ حيّة وكانت مرحلة .
يوما ما متُّ وكانت مرحلة .
يوما ما سحقني قطار أو سرطان , أو توقَّفَ كل شيء .. هكذا .. فمتُّ وكانت مرحلة .
يوما ما أحببتُ اِمرأة حتى العبادة وكانتْ مرحلة .
يوما ما أحببتُ رجلا حتى العبادة وكانتْ مرحلة .
يوما ما أحببتُ اِمرأة ورجلا وكانت .. المرحلة .
يومًا ما سألتُ : مِمَّا أَخَافُ وأُرْعَبُ ؟ .. السُّؤَالُ وجوابُه كَانَا مرحلة : الأجمل والأقْسَى .. الجوابُ مرحلة لَمْ تَنْتَهِ ولا يَجِبُ لها أنْ تتواصل .. أَخَافُ مِنْ أنْ أَفْقِدَ أحدهما : رُعْبٌ لا يُطَاقُ ولن يُطَاق ..
أن أفقد قلبي يعني أني بفقدانه أموتُ .. وإلى أن أموت سأتألّم .
أن أفقد كبدي يعني أيضا أني بفقدانه أموتُ . وإلى أن أموت , أيضا سأتألّم .
حتما يوما ما سأموتُ , وبموتي سيموتُ معي قلبي وسيموتُ معي كبدي . لكنّ موتي لن يَجعلَ قلبي وكبدي يتألّمان لأنهما سيموتان مباشرة معي .. والشكر للسيارات والقطارات والطائرات و .. و .. و .. المتفجرات .
حبيبتي ..
حبيبي ..
مَتَى نَمُوتُ ؟!
#هيام_محمود (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟