أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عبد الله عنتار - أنا وست مدن : ستة أغيار يخفون عالما من الأغيار (4 )














المزيد.....


أنا وست مدن : ستة أغيار يخفون عالما من الأغيار (4 )


عبد الله عنتار
كاتب وباحث مغربي، من مواليد سنة 1991 . باحث دكتوراه في علم الاجتماع .


الحوار المتمدن-العدد: 5829 - 2018 / 3 / 28 - 02:16
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


لقد كانت 12 سنة كافية لكي تجعل من الأنا ذات ملامح قروية، تعشق الغابات والوديان ومنابع المياه، كانت الطبيعة تتجسد للأنا على شكل حوريات (des nymphes)، وكانت تعتبر الحوريات أرواح القرية أو الجبال أو الأشجار أو المروج أو الكهوف أو الينابيع أو الأنهار. وهن كالبشر لسن خالدات. لكنهن يعشن طويلا كشابات. فالحورية تموت عندما يموت ماتجسده مثلا عندما تقطع الشجرة التي تتجسد بها أو يجف النبع الذي تجسده. ترمز الحورية للخصوبة والنشاط الجنسي، فحينما جفت الينابيع بالقرية شعرت الأنا بموت الحوريات وكذلك الأشجار التي يتم قطعها من الغابة والوادي الذي جف وفقد مياهه، كذلك الأمر بالنسبة للدوم الذي يتم حرقه في مواسم الجفاف والخنازير التي تصطاد ببشاعة، ناهيك عن الثعابين التي تقتل، وأيضا النمور التي رحلت عن غابة الأنا منذ زمن بعيد وتركت اسمها مدونا على صخور بنسليمان، بلاشك عندما تتجول الأنا في غابة الفلين ويلوح في البعيد النفايات المرمية والأشجار المقطوعة، ذلك سيغضب حوريات الغابة كما يغضب الأنا، وسيشعرن بالغضب والدمار، وستفقد الغابة رونقها وتتلاشى معالم الحياة، سوف ترحل الحوريات اللواتي يرقصن بين الأشجار. عشقت الأنا الحوريات، كانت تراهن يلاحقنها وهي تمضي وراء القطيع في المراعي الواسعة، كانت ترى في الشجرة حورية جميلة مخضبة بالحياة، تغني مع الطيور، وترقص أثناء الغروب، وكل مساء وبين الرماد والحلكة واللون البرتقالي كانت تتبدى إحدى الحوريات وتهتف :《إلى اللقاء، غدا مع الشروق، نلتقي بين الأشجار ونغني مع الفراشات والطيور》 كانت الأنا تلتقي مع إيكو* الجميلة، كانت تجدها جالسة بين الأشجار، ذات يوم اندفعت نحو الأنا وطوقتها بذراعيها وبادلتها الحب، هامت الأنا في حب إيكو الجميلة، وعشقت هذه الحورية حد الهيام، لا تستطيع أن تقتلع شجرة من مكانها أو تلوث ماءا أو تذبح حيوانا، أو ترمي نفاية في الطريق . إن روح إيكو الجميلة تسكن العالم، إن إيكو تمثل الغير الجدير بالاحترام، والتقدير والحب، إذ تعلمت منها الأنا احترام الطبيعة، من يعرف كهف عين الدخلة الذي يتموقع شرق مدينة بنسليمان حيث وادي الشراط ينحو نحو المحيط ؟ هناك تسكن إيكو الجميلة ! ومن يعرف شلالات عين القصب؟ هناك تسكن إيكو! لكن في الآونة الأخيرة ماتت ورحلت دون وداع ؟ بقيت الأشجار وزقزقة العصافير ولكن الشلال جف ! لقد طلقت غايا** أورانوس***، وماتت إيكو، وراح الزرزور يرتل تراتيل الرحيل على وادي الشراط الذي لفه الجفاف، وقتل فيه معالم الحياة . ورحلت الحوريات وبعد أيام سوف ترحل الأنا إلى المدينة ولم تبق الحوريات سوى ذكريات، وسوف تفقد الأنا كل معالمها القروية، وذلك أكبر اغتراب في حياتها .
------------
* إيكو : بحسب الميثولوجيا الإغريقية القديمة، كانت حورية جبلية تنتمي لجبل كيثايرون باليونان .
** في الميثولوجيا الإغريقية يقصد بها الأرض.
*** في الميثولوجيا الاغريقية تعني السماء .
عبد الله عنتار / 27 مارس 2018/ الدار البيضاء -المغرب



#عبد_الله_عنتار (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هيباتيا : فيلسوفة ناضلت ضد التعصب
- الحداثة كاملة أو لا تكون !
- أنا وست مدن : ستة أغيار يخفون عالما من الأغيار (3)
- أنا وست مدن: ستة أغيار يخفون عالما من الأغيار (2 )
- أنا وست مدن : ستة أغيار يخفون عالما من الأغيار (1 )
- العرب: رؤية من الداخل (3) الفلسفة والصحراء: نشدان المحال قرا ...
- العرب: رؤية من الداخل (2 ) القضية الفلسطينية قراءة في كتاب: ...
- العرب : رؤية من الداخل (1 ) قراءة في كتاب : العرب وجهة نظر ي ...
- الطفولة موطن للإبداع
- الإنسان، الوادي، الآبار، العيون في بني كرزاز (3 )
- الإنسان، الوادي، العيون، الآبار في بني كرزاز (2 )
- الإنسان، الوادي، العيون، الآبار في دوار بني كرزاز/ بنسليمان ...
- كلمات les mots
- متى تنزاح الثلوج عن قريتنا ؟
- من مراكش إلى ستي فاظمة
- الصهيونية حركة استعمارية وعنصرية
- قابعون في أديم الأرض
- رحلات مغربية : مذكرات عاشقين مشردين
- ردا على بعض مريدي الزاوية المباركة!
- من تطوان إلى الناظور : 12 ساعة من الطريق اختلط فيها البرد با ...


المزيد.....




- الملكة رانيا والأمير الحسين يهنئان ملك الأردن بعيد ميلاده
- بعد سجنه في -معسكر بوكا-.. ماذا نعلم عن أحمد الشرع الذي أصبح ...
- الجولة الثالثة.. بدء إطلاق سراح الرهائن في غزة و110 أسرى فلس ...
- من هي أغام بيرغر الرهينة التي أطلقت سراحها حماس الخميس؟
- هواية رونالدو وشركائه.. هذه مضار الاستحمام في الماء المثلج
- سقطتا في النهر.. قتلى في اصطدام طائرة ركاب بمروحية عسكرية قر ...
- مراسم تسليم الرهينة الإسرائيلية آغام بيرغر للصليب الأحمر في ...
- -كلاب و100 ضابط من أوروبا على حدود مصر-.. الإعلام العبري يكش ...
- أمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني يصل إلى دمشق في أول ...
- دقائق قبل الكارثة.. رجل يكشف آخر رسالة من زوجته قبل حادثة مط ...


المزيد.....

- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عبد الله عنتار - أنا وست مدن : ستة أغيار يخفون عالما من الأغيار (4 )