أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - رحيم العراقي - تاريخ الفكر الفرنسي في القرن العشرين















المزيد.....

تاريخ الفكر الفرنسي في القرن العشرين


رحيم العراقي

الحوار المتمدن-العدد: 1485 - 2006 / 3 / 10 - 11:49
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


: كتاب تاريخ الفكر الفرنسي في القرن العشرين الضخم :جماعي. ولكن مؤلفه الحقيقي أو منسق مواده والمشرف عليها هو البروفيسور لورنس د. كريتزمان أستاذ الأدب المقارن في العديد من الجامعات الأميركية: هارفارد، ستانفورد، ميتشيغان، الخ
وكان قد نشر سابقا عدة دراسات معمقة عن الأدب الفرنسي. وبالتالي فهو أحد كبار المختصين فيه عند الأميركان. وفي هذا الكتاب الضخم الذي ألفه بالاشتراك مع العديد من مساعديه وزملائه يقدم البروفيسور كريتزمان صورة بانورامية شاملة عن الآداب الفرنسية وكذلك عن الفكر الفرنسي في القرن العشرين.
وقد ساهم معه في إخراج الكتاب البروفيسور بريان ريلي زميله في الجامعة. ويرى المؤلف منذ البداية أن الفكر الفرنسي شغل العالم في القرن العشرين مثلما شغله الفكر الألماني في القرن التاسع عشر.
فمعظم المدارس الأدبية والفلسفية ظهرت في فرنسا أو انتعشت فيها. نضرب على ذلك مثلا الفلسفة الظاهراتية، والفلسفة الوجودية،والفلسفة الماركسية، والفلسفة البنيوية، والفلسفة التفكيكية، الخ.
وحتى فيما يخص الأدب والفن نلاحظ أن فرنسا هي التي صدرت للعالم معظم الصرعات الفنية والجمالية كالدادئية، والتكعيبية، والسوريالية، الخ. ويمكن القول بأنه إذا ما حذفنا أسماء أندريه بريتون، وبيكاسو، وسلفادور دالي، ورينيه شار، وهنري ميشو، وجان بول سارتر، وألبير كامو، وكلود ليفي ستروس، وميشيل فوكو، وجاك دريدا، وجيل ديلوز..
. فإن الفكر العالمي سوف يخسر الكثير الكثير. نقول ذلك من دون أن ننسى الأدباء الكبار كجان جينيه، وآلان روب غرييه، وميشيل بوتور، وعشرات غيرهم.
ثم يضيف المؤلف قائلا بما معناه: ويمكن القول بأن الفرنسيين شغلوا العالم مرتين هذا القرن: مرة أولى أيام سارتر والوجودية، ومرة ثانية أيام فوكو والبنيوية. ويحتوي الكتاب على ما لا يقل عن مائتي مادة مخصصة لكل واحد من هؤلاء الفلاسفة أو الفنانين أو الأدباء الكبار. فهناك مادة بعنوان بيرغسون، وأخرى بعنوان، غاستون باشلاروثالثة بعنوان جان بول سارتر، ورابعة بعنوان ميشيل فوكو، وخامسة بعنوان لويس أراغون، الخ. كل مفكر أو أديب كبير مدروس على حدة. وهذه طريقة منهجية في التأليف تشبه طريقة القواميس أو فهارس الإعلام. وهي مفيدة لكي يطلع القارئ الأميركي على كل تيارات الفكر الفرنسي في القرن العشرين وشخصياته.
وهناك مواد مخصصة للمثقفين الفرنسيين الذين لا يزالون أحياء ويشغلون الساحة حاليا. نذكر من بينهم ايتيان باليبار الذي كان ماركسيا ومن تلامذة التوسير.
ونذكر أيضا جان بودريار الناقم على الرأسمالية الغربية أو الحداثة الرأسمالية التي تستغل العالم. ونذكر أيضا ريجيس دوبريه الذي كان ماركسيا ثوريا في بدايته ثم عقل بعدئذ وأصبح يمينيا تقريبا! فمواقفه الإيديولوجية والسياسية لم تعد متطرفة في الاتجاه اليساري .
كما كان عليه الحال في الستينات عندما التحق بغيفارا وصادق فيديل كاسترو. الآن أصبح مفكرا عقلانيا هادئا يعترف بميزات الحضارة الرأسمالية أو الحداثة الأوروبية على الرغم من نواقصها.
وهناك مادة في الكتاب مخصصة للفيلسوف بول ريكور الذي رحل عنا العام الماضي عن عمر طويل يناهز الخامسة والتسعين تقريبا. وقد خلف وراءه مكتبة كاملة من المؤلفات والبحوث العميقة.
ومعلوم أنه كان فيلسوفا ومؤمنا في ذات الوقت. وهذا شيء نادر في الغرب لأن كلمة الفيلسوف هنا أصبحت تعني بالضرورة الشخص الملحد! ولكن بول ريكور لم يكن يخلط بين إيمانه الشخصي وبين الفلسفة. وكان يقول بأن للفلسفة مجالها وللدّين مجاله ولا يجوز الخلط بينهما بأي شكل. واعترف بأن اطلاعه الواسع على الفلسفة ساهم في تعميق إيمانه.
فالإيمان الذي يجيء بعد تفكير ناضج أهم من الإيمان الساذج أو السطحي. وبالتالي فهناك علاقة جدلية بين العلم والإيمان، أو بين الفلسفة والدين. إن بول ريكور الذي عاش بين عامي (1912-2005) شارك في معظم المعارك الفلسفية التي دارت رحاها في في القرن العشرين.
فقد اصطدم مع سارتر ووجوديته في الخمسينات، ثم اصطدم مع كلود ليفي ستروس وبنيويته في الستينات. كما وانخرط في مناظرات معمقة مع الماركسيين والتحليل النفسي وسوى ذلك من المدارس الفكرية والتيارات.
ثم يردف المؤلف قائلا: أما ميشيل فوكو الذي عاش بين عامي (1926-1984) فقد اشتهر بعدة كتب أساسية نذكر من بينها: تاريخ الجنون في العصر الكلاسيكي (1961)، والكلمات والأشياء (1966)، والمراقبة والعقاب (1975).
وقد جدد الفكر الفرنسي والأوروبي كله بهذه الكتب المفصلية الشديدة الابتكار والجدة. فقد درس العلاقة الجدلية الكائنة بين الجنون والعقل على مدار أربعمئة سنة من تاريخ الحضارة الغربية:
أي منذ القرن السادس عشر وحتى اليوم. وبرهن على خطأ الوهم الشائع الذي يقول بأن الجنون يقع في جهة والعقل في جهة أخرى ولا اختلاط بينهما. وأثبت أن كل واحد منا فيه حبّة جنون حتى ولو كان عاقلا جدا.
كما برهن فوكو على أن نظرة الناس إلى الجنون في القرون الوسطى كانت مختلفة عن نظرتنا نحن إليه. وقل الأمر ذاته عن القرن السادس عشر وما تلاه. وبالتالي فكل عصر يشكل تصوره عن هذه الظاهرة التي ترعبنا للوهلة الأولى: أقصد ظاهرة الجنون.
ثم ختم فوكو كتابه بثناء حار على جنون العباقرة من أمثال هولورلين، ونيتشه، وأنطوين آرتو، وجيرار دونيرفال، وغويا، الخ. وقال بأن جنون العباقرة هو الذي يحق له أن يحاكم العقل الغربي المتغطرس وليس العكس. فلا يوجد أي عقل في العالم يستطيع أن يرتفع إلى مستوى جنون فريديريك نيتشه أو الشاعر الكبير هولدرلين.
وهكذا تحدث فوكو بلهجة رومانسية وشاعرية جدا عن هؤلاء المجانين الكبار الذين أتحفونا بالروائع الخالدة. ولكنه اعترف بأن الجنون يضع في النهاية حدا للإنتاج والإبداع. فنيتشه بعد أن جنّ لم يعد يؤلف كتبا عبقرية كما في السابق. لقد صمت صمت القبور.
وهولدرلين الذي ظل يخربش على الورق بعضا من أجمل القصائد سكت أخيرا. وبالتالي فالجنون إذا ما انتصر على العقل يعني نهاية النهايات. ولكن بعض جرعات الجنون مفيدة للإبداع بشرط ألا تزيد عن حدها.
ويبدو لنا من خلال كتاب فوكو أن المجتمع القمعي هو المسؤول عن جنون العباقرة وربما غير العباقرة. وهذا الكلام يتوافق مع رأي انطونين آرتو الذي جن في نهاية المطاف كما هو معروف. فقد اتهم المجتمع الإرهابي بالمسؤولية عن جنون جيرار دونيرفال وشارل بودلير ورامبو وفيرلين وسواهم عديدين.
أما الأب الشرعي للفلسفة الفرنسية المعاصرة فهو بدون شك جان بول سارتر. ولذلك يخصص له الكتاب صفحات مطولة. من المعلوم أن سارتر الذي عاش بين عامي (1905-1989) سيطر على كل مثقفي فرنسا طيلة ما لا يقل عن ثلاثين سنة متواصلة.
فمنذ صدور كتابه الشهير «الوجود والعدم» عام 1943 وحتى موته عام 1980 ما انفك يشغل واجهة الأحداث المحلية والعالمية.
ولكن البنيوية على طريقة كلود ليفي ستروس وميشيل فوكو وسواهما أنزلته عن عرشه بدءاً من أوائل السبعينات. فقد بدا لأول مرة قديما باليا في نظر الشبيبة التي أصبحت مسحورة بالمنهجية البنيوية والعلوم الإنسانية. وشحب بريق الوجودية عندئذ أمام البنيوية والعلوم الإنسانية.
ولكن ينبغي أن نعود إلى الأربعينات والخمسينات من القرن الماضي لكي نفهم عظمة سارتر وندرك حجم شهرته وإبداعه. فقد أعطى للشبيبة الفرنسية أملا جديدا بعد أن خرجت فرنسا منهكة ومحطمة من الحرب العالمية الثانية.
ويمكن القول بأنه فعل الشيء نفسه الذي فعله اندريه بريتون بعد الحرب العالمية الأولى. ففرنسا عندئذ خرجت أيضا محطمة من أكبر مجزرة في التاريخ. وكان الشباب يائسا وعاجزا عن الإيمان بأي شيء. عندئذ قدم له أندريه بريتون السوريالية كحل أو كعلاج، مثلما قدم له سارتر الفلسفة الوجودية كحل وعلاج بعد عام 1945.
في كلتا الحالتين كانت الشبيبة الفرنسية بحاجة لأن تروح عن نفسها، لأن تنسى همومها، لأن تؤمن بشيء ما يعصمها من الانهيار والجنوب بعد أن فقدت كل أمل بسبب الحرب ومآسيها وفواجعها. ولا يمكن أن نفهم سبب الانتشار السريع للسوريالية بعد عام 1920 والانتشار الكبير للوجودية بعد عام 1945 إلا إذا أخذنا هذه المعطيات الاجتماعية والسياسية بعين الاعتبار.
فالأدب هو ابن عصره وظروفه في نهاية المطاف، وكذلك الفكر والفن والفلسفة. كل شيء مرتبط بالعصر والظروف. وهناك مواد أخرى مهمة في الكتاب عن أكبر فيلسوف للعلم في فرنسا: غاستون باشلار، وعن جوليا كريستيف، وجيل ديلوز، وجان فرانسوا ليوتار، وعن عشرات الآخرين.
ومعلوم أن جان فرانسوا ليوتار هو الذي أشاع في فرنسا مصطلح ما بعد الحداثة. وكان يقصد به أن الحداثة الليبرالية أو الماركسية قد انتهت واستهلكت نفسها ولم يعد أمامنا الا الانتقال إلى مرحلة ما بعد الحداثة. وهذه النظرة متشائمة جدا في الواقع وظالمة بالنسبة لتقييم مشروع الحداثة. فهي لا تأخذ كل إيجابياتها بعين الاعتبار وإنما تنظر إلى سلبياتها فقط.
لقد تسرع هذا الفيلسوف الفرنسي إذ قال بأن كل الإيديولوجيات السابقة التي هيمنت على أوروبا منذ القرن الثامن عشر حتى الآن قد سقطت كليا. لا ريب في أنها أعطت مفعولها إلى حد كبير وربما استهلكت ذاتها أيضا. ولكن لا يمكن القول بأن فلسفة التنوير الليبرالية الديمقراطية قد انتهت.
ولا يمكن القول بأننا لسنا بحاجة إلى دولة الحق والقانون والالتزام بحقوق الإنسان. وكل هذه الأشياء من إنجازات عصر الحداثة.وبالتالي فالحداثة لم تمت ولكن ينبغي تصحيح مسارها من دون شك.



#رحيم_العراقي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بوشكين
- أمرأة حكمت الهند..
- في بيتنا خادمة
- الروحانيون
- خاتمة السو ء...
- الفن والمجتمع
- يهود الجزيرة العربية
- من التعايش الى تحالف الحضارات
- فيلم لم يفهمه الجمهور
- لن يُصلب المسيح من جديد
- عنزة في حديقة إدوارد ألبي
- إدغار ألن بو..قصائده وتنظيره للشعر
- القصة العائلية لفرويد
- منعطفات ارثر ميللرالزمنية
- ماركسية ماركس
- قراءات في الفلسفة المثالية الألمانية
- كيف ظهرت الحداثة في غرب اوربا وأميركا.. ؟
- خمس سكان العالم تحت مستوى خط الفقر...لماذا..؟.
- فوكو..ما يزال يثير الجدل..
- أطفالنا يحلمون


المزيد.....




- نيللي كريم تعيش هذه التجربة للمرة الأولى في الرياض
- -غير محترم-.. ترامب يهاجم هاريس لغيابها عن عشاء تقليدي للحزب ...
- أول تأكيد من مسؤول كبير في حماس على مقتل يحيى السنوار
- مصر.. النيابة تتدخل لوقف حفل زفاف وتكشف تفاصيل عن -العروس-
- من هي الضابطة آمنة في دبي؟ هذا ما يحمله مستقبل شرطة الإمارات ...
- حزب الله يعلن إطلاق صواريخ على الجليل.. والجيش الإسرائيلي: ا ...
- بعد مقتل السنوار.. وزير الدفاع الأمريكي يلفت لـ-فرصة استثنائ ...
- هرتصوغ ونتنياهو: بعد اغتيال السنوار فتحت نافذة فرص كبيرة
- الحوثي: الاعتداءات الأمريكية لن تثنينا
- -نحتاج لمواجهة الحكومة لإعادة الرهائن-


المزيد.....

- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي
- فلسفات تسائل حياتنا / محمد الهلالي
- المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر / ياسين الحاج صالح
- الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع / كريمة سلام
- سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري - / الحسن علاج
- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - رحيم العراقي - تاريخ الفكر الفرنسي في القرن العشرين