|
الخطاب البتريركي الباتريمونيالي -- خطاب النظام -- ( 12 )
سعيد الوجاني
كاتب ، محلل سياسي ، شاعر
(Oujjani Said)
الحوار المتمدن-العدد: 5817 - 2018 / 3 / 16 - 13:25
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
الى جانب القوى السياسية التي استأثرت بالمشهد السياسي طيلة مرحلة النضال الوطني ، الى مرحلة النضال الطبقي / الاجتماعي الذي تعرض للتشويه من قبل كل المتدخلين ، ( الحركة الوطنية ) ، ( حزب الاستقلال ) ، ( الاتحاد الوطني للقوات الشعبية / الاتحاد الاشتراكي بعد قرارات 1972 ، ومرورا بمحطة 1974 ، والى حين يناير 1975 ) ، كان هناك خطاب القصر كقوة بتريركية بتريمونيالية ، تُحنط ضمن خطاب أبوي اوليغارشي وفيودالي ، جميع الخطابات المتناقضة مع القضية الوطنية ( القضية الوطنية هنا ليست الصحراء ) . فالمقصود بالقضية الوطنية ، الاحتلال الأجنبي ، خاصة الفرنسي والاسباني حتى 1956 ، والدولة الديمقراطية التي اخذت منعطفات وتأويلات مختلفة في فكر كل المشتغلين بالشأن العام المغربي . فرغم الظهور بمظهر المتسلط الجبار الذي تسمع أوامره ولا تُرد ، فقد نجح القصر في تقزيم كل الكائنات التي افرزها الصراع مع الكلونيال ، والصراع مع البرجوازية الكمبرادورية في محطات عديدة . هكذا سيعرف حزب الاستقلال اول انشقاق مدفوع من قبل القصر ، كما ان الحزب الجديد الاتحاد الوطني لقوات الشعبية رغم حداثة نشأته ، فان اندفاع العناصر التي تأثرت بالنماذج الشرقية في الحكم ، دفع بالموالين للقصر الى اعلان الانسحابات من صفوفه ويتقدمهم عبدالهادي بوطالب . بل سيعرف هذا الحزب اكبر انشقاق في سنة 1972 اثر انفصال جماعة الرباط عن جماعة الدارالبيضاء ( الجناح السياسي والجناح النقابي – بوعبيد . عبدالله إبراهيم ) . وقد كان للتطورات السياسية التي تمخضت كنتائج عن هزّة حركة 3 مارس المسلحة ، أثر بالغ في الدفع بالجناح الإصلاحي اليميني في الحزب ، الى الدعوة لمؤتمر القطيعة والتصفية السياسية مع تركة المهدي بن بركة والفقيه محمد البصري ، ونقل الحزب من موقعه الثوري الى الموقع الإصلاحي الذي جسدته كل قرارات المؤتمر الاستثنائي لسنة 1975 . هكذا نجح القصر في استقطاب الحزب الجديد الذي اقترح اسمه الحسن الثاني على عبدالرحيم بوعبيد " الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية " ، كحزب ملكي وليس جمهوريا ، حين طلق الحزب البلانكية الثورية ( الانقلاب من فوق ) والتحالف مع الجيش ( انقلاب 1972 ) ، خاصة رفض الفقيه محمد البصري بعد بيان الاختيار الثوري الصادر في سنة 1982 ، والقاضي بطرد الفقيه البصري وخادمة مبارك بدرگة المكنى عباس ، اجراء أي اتصال مع الجنرال احمد الدليمي . لقد اصبح الحزب بعد المؤتمر الاستثنائي يؤمن بالمنهجية الديمقراطية التي لم تكن تعني " الملكية البرلمانية " ، أي الحكم ولا حتى اقتسامه ، بل كانت تعني في فهم الانقلابيين على تاريخ الحزب وماضيه ، احقية أي حزب إذا فاز في الانتخابات ، في تشكيل الحكومة ، ليحظى بشرف تطبيق برنامج الملك ، لان الحكومة هي حكومة جلالته . وهذا ما طبقه عبدالرحمان اليوسفي بالحرف عندما عينه الملك وزيرا أولا وليس رئيسا للوزراء ، كما انه الفهم الخاطئ الذي جعل اليوسفي يتصور احقيته بتشكيل الحكومة التي خطفها له ادريس جطو . لقد غضب اليوسفي من هكذا تصرف ، لكن غضبته لم تكن موفقة امام دستور واضح وصريح لم يكن يتكلم عن المنهجية / المقلب الديمقراطية التي ذهب اليوسفي وليس الحزب ضحيتها .
ان الخطاب الملكي / الابوي / البتريركي / البتريمونيالي / الكمبرادوري / الاوليغارشي / الفيودالي ، وفي خضم خطابات كل الأحزاب التي أصبحت ملكية بامتياز ، ينطلق من اعتبار ان الدولة بمفهومها المخزني ، وليس بمفهوم القانون الدولي ، لان الدولة في المغرب تكون لصيقة بالقبيلة او العائلة الحاكمة ، بحيث عند سقوط الدولة تسقط العائلة ، لتأتي دولة عائلة أخرى على حسابها ، هي ضامن مصالح الامة / الشعب / الرعايا جمعاء ، وانها الساهر الأمين الوحيد على حل مشاكلها ، وصيانة وحدة ترابها في وجه كل محاولات التفتيت ، والتقسيم ، والتجزئة ، والتفرقة التي يقوم بها البعض ( وهذا البعض أعداء المغرب ) و ( الأحزاب المختلفة وكانت في بداية الاستقلال تعني حزب الاستقلال / الاتحاد الوطني للقوات الشعبية . ومنذ السبعينات الاتحاد الاشتراكي الى غاية المؤتمر الخامس / جماعة العدل والإحسان / اليسار الماركسي اللينيني / النهج الديمقراطي/ اليسار الاشتراكي الموحد ..... لخ ) . يركز الخطاب الابوي البتريركي البتريمونيالي الكمبرادوري الاوليغارشي الفيودالي ، على " وحدة الامة " ، وعلى عدم تناقض مصالح مكوناتها . وهو هنا ولكي يكون له اشعاع ثاقب ،، يبث خطابه بواسطة الخطب الرسمية ، او عن طريق اللقاءات المباشرة التي كانت تتم بين العناصر والفئات الأكثر ارتباطا بالقصر والمعادية لمعارضيه ‘ وإن كانت معارضتهم سلمية تتم ضمن نواميس النظام لا خارجه ، كما كانت تتم بواسطة العمالات والاقاليم ، أي مسؤولي السلطة ( مثلا الاستقبالات التي كانت تتم للاستماع الى مظالم القبائل .... والخطب الملكية عبر الأجهزة الأيديولوجية للدولة ) . لقد كانت السلطة تقدم نفسها على انها الحافظ الأمين لمصالح الشعب المغربي والصائن لمقدساته وتقاليده ، خصوصا التقاليد التقليدانية والسلطوية ، في نفس الوقت الذي تقدم نفسها كحكم فوق الصراعات ، بينما تميل بكل ثقلها في اتجاه ترجيح كفة الفئات ، والطبقات الحاكمة ، والمالكة ، والرجعية الممثلة بالنخبة العميلة التي أصبحت تقليدية اكثر من التقاليد المرعية المخزنية . ان هذا الخطاب الابوي البتريركي / البتريمونيالي / الكمبرادوري / الاوليغارشي / الفيودالي يتعارض كليا مع بروز وتبلور وعي الطبقات / الفئات المستغَلة المسودة بمصالحها ، لعدة أسباب نذكر منها على الخصوص ، كون هذا الخطاب يكتسي صبغة ابوية ، حيث تعامل السلطة الافراد والجماعات كأقنان ورعايا فتوحي بعدم التمييز بينهم ، على ان تكفل حقوقهم أولا . ولأن السلطة تبت الفكر والأيديولوجية الإتّكالية ، حيث انها تغدي الآمال لدى الافراد والجماعات ، وتوهمهم انها تسهر على حل مشاكلهم وما عليهم الاّ بالصبر ، الامر الذي يؤدي الى الاعتماد عليها ، والى عدم التصدي الجماعي لحل المشاكل ، فتتحول السلطة الى حكَمِ يلجأ اليه كل الذين يحسون بالظلم ثانيا . والنتيجة لهذه السلطة الأبوية ، ان هذا الاعتقاد الخارج عن روح الدستور والعقلانية والعصرنة ، ويحيل الى العصور الغابرة والتاريخ المرعي القبلي ، يخفي الطبيعة الحقيقية والجوهر الطبقي للسلطة السائدة ، ويدعم هيمنتها ، حيث انه يركز مشروعيتها في اعين المضطهدين والمستغَلين والمنبوذين ثالثا . وفضلا عن كل هذا ، فان خطاب النظام البتريركي ، البتريمونيالي ، الكمبرادوري ، الاوليغارشي ، والفيودالي ، كان ولا يزال يدعي لنفسه احتكار الفكر الوطني " الحق " ، البعيد عن كل ديماغوجية حزبية ، ويؤكد على " وحدة الشعب " من جهة ، ولا يتردد عن تشجيع – ولو عن طريق غض طرف العين – الاتجاهات الإقليمية / القبلية المعادية للوعي الوطني الحقيقي ، وللوعي الطبقي / الاجتماعي على حد سواء من جهة أخرى . ( يتبع )
#سعيد_الوجاني (هاشتاغ)
Oujjani_Said#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الديمقراطية مطلب الجماهير ام مطلب النخبة
-
الشعار السياسي المرحلي
-
الخطاب العنصري / القبلي / الطائفي كعائق لتبلور وبروز فكر طبق
...
-
المقاومة وجيش التحرير كعائق لبروز وعي طبقي / اجتماعي جماهيري
...
-
الوعي الوطني كعائق للوعي الطبقي / الاجتماعي ( 9 )
-
الإتحاد الأوربي يعترف بالجمهورية الصحراوية . اللّهمّ لا شمات
...
-
في دولة تجمع مواصفات وصفات البتريركية ، الباتريمونيالية ، ال
...
-
سبع سنوات مرت على حركة 20 فبراير
-
الركود وراء سراب الاغتناء السريع غير المشروع -- الحركية المج
...
-
الإنتهازية والوصولية وثقافة التقاليد البالية الممزوجة بثقافة
...
-
دائما محاولة لتشخيص اسباب انعدام بروز وعي / اجتماعي / طبقي ج
...
-
عوامل حالت وتحول دون بروز وعي اجتماعي / طبقي جماهيري شعبي --
...
-
ما هي معوقات بروز وعي اجتماعي / طبقي شعبي جماهيري بالمغرب ؟
...
-
وعي جماهيري شعبي اجتماعي امْ وعي طبقي ؟ ( 2 )
-
صراع طبقي ام صراع اجتماعي ( 1 )
-
المثقف الثوري والوعي الطبقي
-
طلقات في عزّ الليل
-
الملكية البرلمانية . سؤال : ايُّ ملكية نريد ؟
-
هل اصبحت القرارات الأممية ومجلس الامن ، متجاوزين في حل نزاع
...
-
نقاش سياسي -- الجمهوريون --
المزيد.....
-
ماذا يعني إصدار مذكرات توقيف من الجنائية الدولية بحق نتانياه
...
-
هولندا: سنعتقل نتنياهو وغالانت
-
مصدر: مرتزقة فرنسيون أطلقوا النار على المدنيين في مدينة سيلي
...
-
مكتب نتنياهو يعلق على مذكرتي اعتقاله وغالانت
-
متى يكون الصداع علامة على مشكلة صحية خطيرة؟
-
الأسباب الأكثر شيوعا لعقم الرجال
-
-القسام- تعلن الإجهاز على 15 جنديا إسرائيليا في بيت لاهيا من
...
-
كأس -بيلي جين كينغ- للتنس: سيدات إيطاليا يحرزن اللقب
-
شاهد.. متهم يحطم جدار غرفة التحقيق ويحاول الهرب من الشرطة
-
-أصبح من التاريخ-.. مغردون يتفاعلون مع مقتل مؤرخ إسرائيلي بج
...
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|