|
ماذا بعد التطبيع بين اربيل وبغداد؟
عماد علي
الحوار المتمدن-العدد: 5816 - 2018 / 3 / 15 - 16:29
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
منذ عملیة الاستفتاء في كوردستان و تعيش الحكومتان في حرب باردة علنية و خفية و تستعمل كل منهما ما امكنها من الحيل و المحاولات السياسية و العلاقات الكثيرة و منها الملتوية لفرض ما تريد و حتى وصلت الحال للخصام المباشر و التململ الى صفوف الشعب و قد انتظر الكثيرون الاخطر، و لم يكن الاجحاف بحق الكورد شعبا بعيدا عن كل تلك المناوشات من قبل المناوئين سياسيا او عقليا و عقيديا. و ان كان من الاجدر ان كانوا حقا يهتمون بمالح الشعب جميعا كان من المفوض و لابد ان يبعدوا الشعب عن صراعاتهم التي لم ينالوا منها الا الضرر بانفسهم و بالمكونات جميعا دون استثناء. توصل الجانبان او بالاحرى اجبروا على التوصل الى نقاط اتفاق كان بالامكان التوصل اليها في وقت قصير جدا، و من لم يعلم عن خفايا الامور التي فرضت الكثير على الجانبين و بالاخص المركز الذي انصاع متاخرا للصغوطات الخارجية الكثيرة استوضح لديه الكثر الذي يجعله ان لا يصدق الادعاءات العسلية التي نطق بها العبداي، ولم يكن مقتنعا اساسا و استغل الوضع بينما لم يتمكن من التواصل فانه خضع للامر الواقع و لكنه للااسف يريد ان يبيعه للشعب الكوردي بالاحسان . و حكومة الاقليم التي لا تعترف لحد الان بانها الان رجعت الى ماقبل المربع الاول ايضا لولا خذلانها لكانت مدعية بالخير وهي تريد ان تمن على الشعب و كانها حصلت على مكتسبات تاريخية له و تريد ان تبيع الرخيص بالغالي له ايضا، اي الجانبان بائعان سياسيان ماهران للبضائع الرخيصة للشعب و على حساب الشعب نفسه. دعنا ان لا ندخل في ماوراء الستار كثيرا و ما ظهر على الملأ من التحركات و الطلبات و الضغوطات السياسية العديدة في هذه الفترة التي فرضتها الدول المهتمة نتيجة لكثير من الدوافع الخاصة بهم التي فرضت السير في اعادة الوئام بين الطرفين لاغراض في انفسهم ايضا و لم يكن العامل الانساني واحدا منها من قريب او بعيد . لم تحل اية مشكلة كبيرة عالقة من اي جانب كان بين الطرفين، لازالت الخلافات القومية و السياسية و التاريخية و الاقتصادية و الثقافية موجودة و المؤثرات النفسية السلبية لازالت فاصلا و لم يعمل احد على اي تقارب من اية ناحية في تلك المسائل التي تعد عائقا كبيرا بين الطرفين و الذي يبعد التصالح الدائمي. ان كانت عملية الاستفتاء هي الشرارة التي اوقدت ما كانت مخفية بين المكونين فان الضغوطات السياسية الاقليمة و المواقف العالمية التي منعت اقليم كوردستان من السير في الاتجاه الذي يطمح اليه الشعب الكوردي، فان الجذوة ستبقى متقدة من تحت الرماد مهما كان الغطاء ثخينا و قويا و منع ما يمكن ان تكب النار من جديد. فان لم يصل الشعب الكوردي الى قناعة بان بقاءه تحت سقف واحد مع المكونات الاخرى ( و هذا ما لايمكن ان نتوقعه لاسباب موضوعية و ذاتية) فان التعايش يكون غير سليم او هش في كل الاحوال. القناعة المزيفة التي لا يمكن ان تفرضها القوة الغاشمة التي جربتها السلطات السابقة بكل مالديها، او القناعة الهشة و من اجل مجموعة فئات متواضعة صغيرة لفئات بالسياسة التضليلية التي جربتها ايضا بعض السلطات باشكال مختلفة، او القناعة السطحية بعرض المصالح المختلفة للقوى المؤثرة و هذه ايضا سارت عليه السلطات من قبل و لم تنجح ولو نسبيا فيها، و انما القناعة الذاتية الخالصة و هي تقنع الجميع بان التعايش و المصالحة العامة المشتركة و السلام هو الحل الذي لا يمكن تصوره الا في حال تجسدت المواطنة الحقيقية المبنية على الحرية و الديموقراطية و العدالة الاجتماعية و القناعة الفردية الذاتية بحقيقة الامر و ليس من فعل ايدي مصلحية مغرضة لاجل مصلحة قصيرة المدى، و هذا لا يمكن الا في واقع يتمتع بوجود الخصائص التي تدفع الى تحقيق المراد من الاهداف من اجل سلامة و سعادة الجميع. فان كانت العقلية المسيطرة مستندة على السياسات الطائفية و العرقية و الدينية المذهبية و العنصرية القائمة لحد اليوم كما هي مثبتة بالدلائل الملموسة التي توضحها نتائج الانتخابات و الادعاءات و الترويجات و مواقف المرشحين و كيفية حصولهم على الاصوات، قبل اي شيء اخر، فاننا لا يمكن ان نعتقد بوصولنا الى الحلول المقنعة. ان كانت المصالحة و التقارب و النظرة الى البعض بعقلانية و من اجل استراتيجية راسخة في نظرتنا الى مستقبل العراق كبلد يمكن ان يعيش على مجموعة من المباديء الاساسية العصرية، فانهم يجب ان يكونوا واقعيين و يحسبوا لما هو موجود على الارض و تحتها و كيف يتعامل الجميع و ما في عقولهم مع الواقع، و لكن كل الاشارات تدل على ان الوصول الى الحلول الجذرية لازال بعيد المنال، لكون التقارب المرحلي اليوم هو من صنع الضغوطات الاقليمية و العالمية قبل القناعة الذاتية بالبعض من قبل الطرفين. اي، ان كانت الحلول الترقيعية من نتاج الاخرين فانها ستبتذل في اقرب وقت، و ستعود حتى الارضية التي بنيت عليها التوجهات الانية الى التفسخ و سيعاود الطرفان الكرّ مرة اخرى دون ان نحصل على اية نتيجة في المستقبل القريب. اما اذا كانت النيات صافية حقيقة، فانها ستبان في الخطوات و السلوك الذي يتم وفقه العمل. فالعمل الصحيح من هذا الجانب و في اطار القناعات التي يدعيها الطرفان تثبتها الخطوات العملية الصحيحة في التقارب و الوصول الى الحلول النهائية التي يقتنع بها الجميع شعبا و حكومة . لا يمكن ان ندعي الوصول الى الحلول في جو من التشنج الواضح المبين بين المكونات و بمثل هذه العقليات و النظرات و الافكار التي نحملها من جانب، ولا يمكن ابعاد اي طرف او مكون عن العملية السياسية من اجل مكون واحد او اثنين من جانب اخر، فتجربة مابعد سقوط النظام السابق و مواقف الاطراف و كيفية التعامل مع الموجود وفق مصالح ضيقة اثبتت عدم نجاح المواقف و لا جدوى له في الوصول الى المبتغى. الان امام الكورد و السلطة العراقية اعمال شاقة مرحلية و استراتيجية (الا انني غير متفائل لما اراه من عقول غير متمكنة من العمل بها للوصول الى حلول مقنعة للمسائل التاريخية العالقة و منها القضية الكوردية) و هو التفاهم العقلاني المبني على مصالح ملحة للاطراف ذات العلاقة جميعا، و بعيدا عن الايدي الاقليمية والعالمية المصلحية( و هنا ايضا غير متفائل لما لا تتصف به السلطة العراقية من الاستقلالية المطلوبة)، و عليه فانني على ثقة بان الحلول جميعها ستكون مرحلية ترقيعية غير مجدية على المدى البعيد و ستكرر المآسي على الجميع كما يضوحه التاريخ لنا و ما مررنا به و ما سنراه مستقبلا. ان كانت النيات صادقة و بعيدة عن متطلبات المرحلة فلابد من: *تشكيل لجان دائمية لبحث و ايجاد طرق سليمة لحل القضايا و بنفس عصري و بعقلية نموذجية بعيدة عن كل المعوقات التي تفرض نفسها اليوم على الاطراف العراقية جميعها و صنعتها العوامل الذاتية و الموضوعية التي فرضت نفسها طوال التاريخ على المكونات و بالاخص منذ تاسيس الدولة العراقية بالشكل المعلوم لدينا و التي كانت الايدي الخارجية هي المفصل في تثبيت الامر كما كان و لحد اليوم. *اختيار اللجان اصعب من عملهم، اي يمكن الاستناد على سيرة الكثير من المثقفين الذين لا يظهروا انفسهم لاي غرض كان و لهم عقلية خارج عصرهم او في مقدمته من الايجابية و النظرة العقلانية الى الاخر في صفوف جميع الاطراف و بالاخص بين العرب و الكورد انفسهم، لتكون ارائهم موضوعية و انسانية اكثر من ان تكون سياسية او مبنية على الاراء المسبقة او الفكر و العقيدة التي اوصلت العراق الى هذه الحال . * يجب ان تلجا اللجان المنبثقة من المستقلين بمعنى الكلمة الى كل الحلول الممكنة و منها الممنوعة سياسيا كي يستاصلوا المشاكل من جذورها و ان وقعت على حساب مصالح احد الاطراف. *دراسة تاريخ العراق و قضاياه و توفير الارضية لعمل اللجان و منح السلطات المطلوبة لهم لعرض اي حل مهما كان ضربا للطابوات المفروضة لحد الان. و عليه لا يمكن ان نثق باي اقتراب كوردي عربي سياسي بين السلطات الا بعد ان يقتنع المكونين بان النيات صافية و ناوية للحلول التي تبعد العودة الى الوراء كما حدث و يحدث الان. و لا حلول نهائية الا بقناعة الاطراف اي المكونات بما يطرح و يفضل من قبل الجميع و ما يكون لصالح الجميع بعيدا عن السياسة و مصالح الخارجيين من الدول الاقليمية و العالمية الذين يمتلكون زمام الامور لحد اليوم .
#عماد_علي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ازدواجية موقف العبادي ازاء الحشد و البيشمركَة
-
البديل الواقعي المناسب للنظام العراقي
-
الكورد و اسرائيل و تلفيقات العنصريين العرب
-
وجود القائد المرحلي و ليس التاريخي هو مشكلة العراق
-
يغطون فساد العراق بتحرشهم بكوردستان
-
هل عملیة الاستفتاء هي التی فتحت ابواب ضغوطات بغد
...
-
نستدل ما تحمل امريكا من دقائق تعاملها مع قضايا منطقتنا
-
العبادي سهل اجراء الاستفتاء من اجل اهدافه
-
ان كان الحكم هو الخصم
-
عندما ندينهم من افواههم
-
المحكمة الاتحادية نطقت بما كان معلوما من قبل
-
اليس من حقي ان اعيش حياتي و لا اجدها في العراق اليوم ؟
-
الاستقلال قرار الاغلبية المطلقة للشعب الكوردستاني و ليس من ص
...
-
لماذا قاسم سليماني متنفذ في السليمانية ؟
-
مواقف بغداد تثبت صحة الاسباب الموجبة للاستفتاء
-
تاكدنا من نظرة العراقيين بكافة مشاربهم الى توجهات الكورد
-
هل العبادي احجن حقا
-
انه الاحتلال بذاته
-
اخبث المواقف ازاء استفتاء كوردستان من بريطانيا قبل الاخرين
-
رسمت عملية الاستفتاء حدود جمهورية كوردستان السياسية
المزيد.....
-
بعد إعلان حالة التأهب القصوى.. لماذا تشعر اليابان بالقلق من
...
-
-روتانا- تحذف أغنيتي شيرين الجديدتين من قناتها الجديدة على ي
...
-
منطقة حدودية روسية ثانية تعلن حالة الطوارئ مع استمرار تقدم ا
...
-
كييف تتحدث عن تقدم قواتها في كورسك وموسكو تعلن التصدي لها
-
هاري كين يكشف عن هدفه الأبرز مع بايرن ميونيخ
-
منتدى -الجيش - 2024-.. روسيا تكشف عن زورق انتحاري بحري جديد
...
-
وزير تونسي سابق: غياب اتحاد مغاربي يفتح الباب للتدخلات الأجن
...
-
أيتام غزة.. مصير مجهول بانتظار الآلاف
-
سيناتور روسي يؤكد أن بايدن اعترف بتورط واشنطن في هجوم كورسك
...
-
حصيلة جديدة لعدد المعاقين في صفوف القوات الإسرائيلية جراء حر
...
المزيد.....
-
الخطاب السياسي في مسرحية "بوابةالميناء" للسيد حافظ
/ ليندة زهير
-
لا تُعارضْ
/ ياسر يونس
-
التجربة المغربية في بناء الحزب الثوري
/ عبد السلام أديب
-
فكرة تدخل الدولة في السوق عند (جون رولز) و(روبرت نوزيك) (درا
...
/ نجم الدين فارس
-
The Unseen Flames: How World War III Has Already Begun
/ سامي القسيمي
-
تأملات في كتاب (راتب شعبو): قصة حزب العمل الشيوعي في سوريا 1
...
/ نصار يحيى
-
الكتاب الأول / مقاربات ورؤى / في عرين البوتقة // في مسار الت
...
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
هواجس ثقافية 188
/ آرام كربيت
-
قبو الثلاثين
/ السماح عبد الله
-
والتر رودني: السلطة للشعب لا للديكتاتور
/ وليد الخشاب
المزيد.....
|