جوانى عبْدال
الحوار المتمدن-العدد: 1485 - 2006 / 3 / 10 - 11:39
المحور:
حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
" تعلمُ فن السياسة يجعل الانسان مواطنا صالحا ..!! "
بروتاجوراس
حقيقة للحديث عن المرأة ودورها في الحياة عامة , وفي سلوكية التكامل مع الآخر خاصة , الكثير من القول وأوجه الرأي ، ومهما حاولنا أن نحجب دورها المميز بمسميات عدة ، لا يختلف اثنان في أهمية ذلك الدور - أن نالته - ، لما له من سوية وتكامل في الفضيلة والخير .
ومهما حاول البعض بخس حقها والتقليل من شانها .. فلا يمكن أن يستقيم الدور دونها ، لأنها بالفعل نصف المجتمع ونصف الآخر المكمل له ، وقد قال احدهم (الذي هو أنا في مجموعتي القصصية تطير.. أفقا من مطر ) في حوارية لـه : ( الذكر والأنثى كانا في البدء شيئا واحدا ، كائنا واحدا فرقا ليتحدا ، ولحكمة إلهية أم خبث الهي قسم النواة فلتقين من نفس واحدة , وذات ملتحمة , وزرع فيهما رغبة محمومة بالالتقاء والتوحد في ذات جديدة مكملة ) .
وبعيدا عن الأسلوب الخطابي والصنعة .. فبروية الإيجاز .. أليست هي الأم والأخت ثم الحبيبة والزوجة وأخيرا الابنة ..؟ ، الأم منبع الحنان / والأخت متقاسمة الود / والحبيبة مترعة الحب / والزوجة شريكة الطريق الحلو والمر / وأخيرا الابنة رمز النزاهة والبراءة .
وهذه الدعوة تعني كسر جمود مقولات وبالتالي تصحيحه : دع الأمور كما هي ، وهكذا رأينا آبائنا يفعلون , ولتجرِ السفن ملء أشرعتها كعهدتها ، أي ومن مصلحة المجتمع أن يسير على ما هو وعلى هواه .. فان حركنا سطح الماء بتيارات هوائية أو موجات مائية تخلخل سير السفينة العتيقة و تمزق مزق أشراعتها الباهت , بدعوة وجود قوانين طبيعية تسير بها , وتكفلت بسعادة الأفراد أولا والمجتمع ثانيا .
فأين منا حرية المرأة في التعبير عن أفكارها ومشاعرها ، ودورها لتمارسها - وحدها أو بمساعدة الآخر – لتسنم القيادات والمراكز المتقدمة في كل المجالات , وتبوأ مكانة غير ما عهدناه سابقا وكسر جليده السميك ، في وقت بات فيه كل شيء يسير على مركبها ، ودون الخوض في النظم الإلهية ودساتير الأعراف والتقاليد ، والخروج عنها التي ألجمتها , وحاكت حولها خيوطه من شبكة عنكبوتية الرجل بدعوة إنها اقل شأنا منه ، والذي يوجه الحياة العامة في المجتمع ابتدءا من الأسرة والبيت ، والطلب منها تقديسها من بعد ، ودون النظر في معايبه وقصوره إلى الأبد .. وأين دورنا بالأخذ بـيديها من دياجير المظلمة المستديمة – إلى أفاق متنورة معا ..؟.
حقيقة أن الاستلاب الشخصي والروحي يشمل الجميع على حد سواء ، سواء رجلا كان أم امرأة ، في مجتمع قبلي وذو ذهنية سلفية ، وذات نظم إلهية دينية سابقة قبل ألف أو ألفين سنة خلت بأوهام وأباطيل توارثتها جيلا بعد جيل ، فالمرأة مازالت تعامل كناقصة عقل في الولاية وناقصة دين في العبادة ، ولكن في استمراره والبقاء على غلطه والتخفي خلفه لأشواط أخرى هو في ذاته الاستلاب الحقيقي في عصر تغير فيه كل شيء .. عكس ذلك العصر ، والتمسك بنهجه إلى الآن .. والخوف من تغيير – الذي يبديه تلكم المستحاثات - كذات وشخصية وذا بنيوية اجتماعية وثقافية / وأخلاقية وتربوية / اقتصادية سياسية واحدة , لا مبرر لـه على ثقافته المتوارثة.
وكثير ما تتردد الأقوال المأثورة ( متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا ..؟ ) و ( لا فرق بين.... و ...... إلا بالتقوى ! ) وحين يتم الحديث عن الموجود أو كأن الأمر متعلق بعالم آخر وليس بهن وبنا فقط ، او كأن الحرية والاعتراف بالآخر يبدد جميع هذه المدارك , وهي بالتأكيد ليست مطلقة وإنما مقيدة بكليشات وشعارات ينادي بها بين الفينة والأخرى البعض تباكيا هنا وهناك ، ودون الاقتراب من مضامين الأمثولة أعلاه وتطبيقها إلا في حدود كلام يأخذ به الريح سريعا كغبار زوبعة على الطريق , وليس كغبار الطلع تتلاقح بين الأزهار والأقاح .
*-*
إن ما نراه في الواقع من تقصير تجاهها , اعتقد بالدرجة الأولى لا يقع عليها تبعاتها ولا مسؤولياتها , بل ان هناك أسباب ومخلفات , تصورات ومحاذير وتقاليد وأعراف ألجمتها وقيدتها رويدا رويدا إلى ما وصلت إليه الآن وما يهواه الرجل حين بدا بالتملك , إلا أنه المفهوم الأفقي للمنطقة - وسمها بالتخلف والنقص جراء نظرته إليها على أنها شرفه وكرامته , حتى يستحكم بها وصيا ومشرفا , وتلحقها آلاف المحاذير وإباحة وهدر دمائها على انها عورة , هذا هراء , كما يدعي الرجال بابو ابنه , انها السوقية , أيدعي المرء نسبا من والده وجده والبيت الأصيل أحسن وأفضل , أم من ابن لم يودي ولم يجيب بعد ..؟!
وهكذا الحال كان مع المرأة كأنثى , وليست أم وحبيبة وزوجة وابنة , مكملة لشخصية الذكر , دعك من الترهات , وعن ما يقال بأنها كانت مصانة , وكانت معززة ومكرمة , ألا ترى معي ان القول أعلاه صحيح , فلماذا يشاركها الرجل بأربع زيجات أخرى , يشاركها حياتها وممتلكاتها ونسبها , والقفز على شخصيتها وذاتها , السنا تربية مجتمع غريب إذ أتانا بوأد الأنثيات , ولا يزال الأمر معمول به كرمز على الأقل, واعتقد في هكذا تربة لن ولن يصار إلى أفضل ,هي دوامة الرجل وشهوته وما ملكت يمناه مع يسراه.
ألا ترى معي بأنها ناقصة دين ودنيا , فهي لا تملك شيئا , والنسب من صلبها يذهب إلى الآخر المشارك فيه برحمها , ومنها بالذات , وأمومتها منسوبة مئة بالمئة إليها ولا يساور أحدا الشك في شيء , رغم هذا الأولاد يذهبون إلى خانة الأب المشكوك في نسبته , ويمكن دحض أبوته في أي لحظة .. من هذا نقول بأنها ناقصة دنيا , إضافة بانها في الميراث تأخذ/ إذا أخذت- أو إذا أعطيت / نصف حصة الذكر , وشيء آخر هو طريف مني وسأسوقه كطرفه , فلو ان رجلا عازبا أو رجلا عاقا يستطيع تبني أطفالا وينسبهم إليه دون تحرج , ولكن بالمقابل أو بالمثل يطرح السؤال نفسه: اتستطيع العازب- العانس أو العاقر ان تبتني طفلا, والمعروف عن الأنثى حب النسل وتربيته ..؟, ألا انها لمقولة خرفة تستحق المقت.
وكذلك ناقصة دين , فهي في الحيض والنفاس والحمل تنقطع عن الدين كالصلاة والصوم والأمور الدينية الأخرى , تتخلف عن الركب والمسير التساوي , إذن هناك تمايز بل قل إجحاف بحقها وهضم لحقوقها كما هضم كل الحقوق , رغم انها أثبتت جدارتها على الدوام وفي كل المهام والواجبات , حين اتيحت لها الفرصة , أو وهبها القدر رغما – غفلة عن الآخر , الذي لنقل ودع أو هجر أو هكذا رأت نفسها أمامه ..الخ . في عالم الأصولية الإسلامية الذي يرى في المرأة فيزيولوجيا كل شيء فيها عورة حتى صوتها ، ناهيك عن شعرها وجسدها ، ماذا ذنبها المرأة حين يأتي الفسوق من الأخر , والفحش يعتمر أفئدته ، وحتى ينزه نفسه وخياله من الرجس لسان حاله يقول: هاهي المرأة في إهاب الشيطان !. ولا صلاح لهن إلا بوصاية الرجال عليهن
( وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُم بِالأُنثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَداًّ وَهُوَ كَظِيمٌ (58) يَتَوَارَى مِنَ القَوْمِ مِن سُوءِ مَا بُشِّرَ بِهِ أَيُمْسِكُهُ عَلَى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ أَلاَ سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ (59)النحل.
أما لماذا يطبق عليها حداً شرعياً ، أما من دوافع نفسية التي تدفع لا شعورياً إلى ارتكاب أفظع الجرائم ضدها والضمير مرتاح , هي الدوافع المكبوتة وخاصة الجنس المكبوت ، لأنهم يمارسون الجنس لا شعورياً باغتصاب رمزي.
ولا احد يلقن في دروسه الدينية أن المرأة " النساء شقائق الرجال" كما يقول الحديث وأن "المؤمنين والمؤمنات بعضهم أولياء بعض" كما يقول القرآن ، وليس ناقصة عقل ودين .
إن
الحاصل والواقع الذي يشملها هو "الآخر" , والمتمثل لمحظورات وتقاليد وأعراف مرت عليها مئات السنين .. ولا تستطيع منها فكاكا .. إلا بمساعدة الآخر المكمل لها هذا , واني أرى ان ذلك مستحيل مستحيل ..!!
ان قولي هذا يرتكز على ملاحظة الشرقيين المغتربين في مجتمعات غربية مسيحية منفتحة متساوية الحقوق ..الخ وبعد عشرات السنين , والذين يدعون بأنهم أولاد اليوم وليس أولاد الشرق .. ولكن لا .. ولا يجوز لهم تجاوز العقلية الشرق-أوسطية-إسلامية .
فالسؤال لماذا لا تستطيع حراكا , ألان الدين يلزمها بقانون سماوي ؟, بالحجاب والعورة وتقاليد الشرف وما لا اعرف من مسميات , بعدم الحرية الشخصية والتملك والحرية والقرار.
من هنا تكفي الدلالة , والفهم كفاية فيما لا داعٍ لإطالة الحديث هذا ..
*-*
وهنا .. هي دعوى الجميع إلى تحرير المرأة للمشاركة في حياة أفضل لنا و للمجتمع اجمع , نضال آخر يضاف إلى مجموع الشعارات المقدسة وغيرها : توفير الحريات العامة وإشاعة الديمقراطية وتحقيق المساواة والعدالة الاجتماعية ، بالإرادة الحرة والصدق مع ألذات والآخر ، والحفاظ على التفكير والقدرة على العمل والإنتاج بطريقة إرادية واعية طواعية ، للاختيار المسؤولية الحقة , والتخلي عن النظرة الفوقية تجاهها بحجة قصورها الفكري أو الفطري الذي لا يزال يراها ( الرجل ) أدنى منه مرتبة عقلا وحجما ودورا وحقوقا ، تلك النظرة الدونية التي وقفت حجرة عثرة كعائق حقيقي من الرجل .. للحجر عليها في الحرملك وكبح تطورها وتقدمها كما في كل المجتمعات السوية .
وقولي هذا .. إنما يفصح على أني أحاول فهم الآخر من بني الإنسان , وهو قول لا يخرج عن منطق حقل الملاحظة ورصد الموجود ، ملاحظة حياتية : ولان الإنسان موجود في ألذات والآخر بالتناوب .. والمرء ابن بيئته وعصره ، وابن لأثنيته وقوميته , وما يجري للاخرين يجري له بالتوازي والمعاشرة .
*-*-*
ولكلمة أخيرا : واقل ما يمكن أن يقال أن يتم تحرير المرأة من اللجم والقيد ومن العوز والحاجة ، ومن الخوف بيومه وغده ، وهي بجانب من يكون لها أبا وأخا وزوجا وابنا ، و دعمها لتحمل مسئولياتها بكل جدارة وألق لـتـتبوأ ما يليق بالكوردية بالوقوف إلى صفها وقفة صادقة , لنضالها مع الرجل الذي هو في جهاد الوجود في الراهن الآتي بالضياع .
خريف العام /2003/درباسية-سوريا
#جوانى_عبْدال (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟