أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم - ليلى أحمد الهوني - البوهيمية* ظاهرة حضارية















المزيد.....

البوهيمية* ظاهرة حضارية


ليلى أحمد الهوني
(Laila Ahmed Elhoni)


الحوار المتمدن-العدد: 5808 - 2018 / 3 / 7 - 20:17
المحور: اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم
    


يظن الكثيرون حتى من هم على درجة من العلم والإدراك والمعرفة، بغض النظر عن من هم في تدني واضح من المستوى الثقافي والعلمي، بان (البوهيمي) هو مصطلح مشتق من (البهائم) وما شابه.
ولكن الدراسات المتقدمة والواقعية الجادة والواعية أيضا، وبهدف وضع الأمور في نصابها الصحيح، فإنها تعرفنا ما قد يجهله البعض بخصوصها، وعن المعنى الحقيقي لمصطلح البوهيمي.

(البوهيمي)
هو مصطلح علمي عالمي، يطلق على أصحاب السلوك الجريء المتفتح والغير محصور بالالتزامات التي يفرضها علينا العصر، وأيضا تطلق على متتبعي السلوك الحر، الذي يظنه البعض بانه شاذ على طريقة تصرفات وسلوكيات المجتمعات البشرية الطبيعية الأخرى، والتي تقيدها الأخيرة بعض الأعراف والقوانين الآدمية، والتي اضطر الإنسان اليــوم العيش فيها وتحتها، حتى وإن كان مكرها لها.
وأسباب التسمية الحقيقية، تعود إلى اسم منطقة (مدينة) تاريخية تدعى (بوهيميا) موقعها الجغرافي تحديدا على الحدود الرومانية التشيكية، إلا أنها منسوبة عالميا إلى دولة (تشيكيا) لأن معظم أجزائها تقع ضمن الخريطة التشيكية. وقد اشتهرت تلك المنطقة، بوجود فئة من الأشخاص يعيشون فيها، غير مقيدون بمنهج او عادات إجتماعية محددة، ولا حتى بقانون الدولة التي ينتمون إليها.
ومن أجل هذا تحديدٍ أطلقت التسمية على الأشخاص، الذين تظن الجهات الرسمية في بعض الدول، بأنهم فوضويين ولا يخضعون للقوانين التي وضعوها بأنفسهم، والتي يحاولون من خلالها فرضها على شعوب تلك الدول التي تعيش فيها.
وقد كان لفرنسا، دور الحي والفعال والسباق، في إكتشاف هذا النمط من السلوك، ومن ثم إطلاق هذه التسمية عليه.
اما بالنسبةِ لإكتشافه التأريخي وحسبما المراجع المناط اليها، كان ذلك تحديدا في القرن الثامن عشر ميلادي، اَي تقريبا إبان عصور النهضة الأوروبية، وقد بدأت نشاطاته تتضح وتزدهر منذ منتصف ذات القرن.
وذلك بفضل إنتشار "حراك شعبي ثقافي" يعد هو الأول من نوعه، شيع صيته في بدايات القرن التاسع عشر، سواء كان ذلك من خلال كتابات عددٍ من الأقلام الصريحة والجريئة، أو بواسطة ألألحان الارتجالية الضوضائية والصاخبة لبعض الموسيقيين، والتي خرجت تماما عن المألوف، لطبيعة السمفونيات الكلاسيكية الرومانسية المتعارف عليها في ذلك العصر.
ولا تفوتني مسألة التذكير بتنشيط نوع من "الهلوسة" الفنية الإبداعية؛ التي أشتهر بها رسامو تلك الشعوب، لتنتعش بذلك الرسومات الجلية والحية، والتي تظنها الطبقة المحافظة في ذلك الوقت، بأنها رسومات مخلة للأدب العام، بالرغم من تنافس أصحابها في تلك العصور. لتنجح اخيراً وبجدارة، في خلق وإنماء فن غير الفن التقليدي المتعارف عليه، أي فن ابتكاري وبما يتماشى والسلوك "البوهيمي" المذكور.
اتسعت دائرة إطلاق هذه التسمية على شرائح عدة في المجتمع الأوروبي، فتضمنت بالتالي الفقراء الذين لا مأوى لهم، ومن ثم تطور الأمر حتى بات المصطلح يطلق عشوائيا على شريحة معينة من الفنانين، الموسيقيين والرسامين المتحررين، وايضا الكتاب والشعراء، وغيرهم الكثير من أصحاب الاّراء الڤينتوريسومية (venturesome) المختلفة، والتي أشتهرت بها هذه الشريحة الإجتماعية في تلك العهود، والذين لا يخضعون لأية قوانين دولية، أو عادات إجتماعية "بروتوكولية" محددة ومحصورة، كانت قد فرضتها عليهم مجتمعاتهم.
مصطلح (بوهيمي) تم تفصيله وشرحه لعدة تفسيرات، كلا حسب لغته:
ففي بادئ الأمر كانت (بوهيميا) كإسم، هي نفسها دولة (تشيكيا) إلى ان قامت فرنسا بإطلاق المصطلح (la Boheme) على كل ما هو شاذ وغجري، فاشتهر في أوروبا الوسطى على هذا النحو، مما جعل (تشيكيا) تتوقف عن إستخدامه كـ مسمى آخر لدولتها.
أما في اللغة الانجليزية (Bohemian) وحسب (قاموس اكسفورد) فهي تعني الشخص الغير تقليدي، والذي لا يقبل ان يظل تحت اي ضغوطات، من قبل عادات وأعراف الدولة التي يعيش فيها وينتمي إليها.
ولدى اللغة الألمانية (Böhmen) فهي تعني الأشخاص ذو المكانة الاجتماعية الهابطة والشاذة.
أما بالنسبة للغة الفرنسية (la Boheme) فهي تعني الغجري او المنحل والمتسكع.. الخ
وبخصوص اللغة الإيطالية (boemo) فهي تعني الشخص المتحرر، والغير مقيد فحسب.
وهنا وجب عليّ توضيح أمر، كان قد ضيع مني في تبين تأريخية البوهيمية، وهو إنها اَي (البوهيمية) كانت أيضا موجودة في العصر الجاهلي، اَي لدى العرب القدامى في زمن الشعراء الصعاليك .. وبالرغم ان (الصعلوك) كـ مصطلح يعد مفهوم "هابط" في الدارجة العربية، لكن في الواقع هو نفسه البوهيمي الحضاري الذي نتحدث عنه اليوم. اذاً وعلى ضوء ما ذكرته لكم قبل قليل، فإننا نصل بان للعرب ايضا شرح آخر لمصطلح (البوهيمي) ألا وهو الصعلوك.
ومن هنا تجدر بِنَا الإشارة، بان (البوهيمية) كمصطلح، لا يعنى البتة نسبة تسميتها إلى البهائم وما إلى ذلك، وايضا في حقيقة الامر لا تعني الغجر والشواذ والفوضويين أو الفئة الهابطة، فقط هم البشر أنفسهم من ساهموا في تنسيب الموضوع، وتشكيله وصقله بما يتماشى مع أفكارهم حوله، ومن ثم إطلاق تلك التسميته عليه.
وإذا عدنا لمسائلة الإنتشار، فانه ومع مرور الوقت، لَم يتوقف الأمر عند فرنسا فقط، بل انه حبا تدريجيا إلى ألمانيا، ومنها إلى معظم دول وسط أوروبا حاله في ذلك حال النهضة الأوروبية آنذاك، ومع مرور الوقت وصل الى عالمنا الحالي ككل.
هكذا عرفت (البوهيمية) منذ ان ظهرت حتى يومنا هذا، اي وكما اتفق على تصنيفها الجميع بدون اية رحمة، بانها ذلك النمط من السلوك المعيشي المتعجرف، والغير سوي والمنحرف والغجري والمنحل والغير متحضر ولا المألوف، ولا يخضع لأية عادات أو تقاليد أو أعراف ولا حتى لقوانين.
ولكن يظل أفضل ما يعزز وضعها ويرقي مكانتها، وجعلها في مستوى الظاهرة الحضارية، بانها قد أصبحت في عصرنا الحالي، هي الفكرة السائدة والطفرة الإجتماعية المميزة، او لنقل جَديلَةٌ، موضة، تقليعة صار الكثيرون من شباب اليــوم، يتباهون ويفتخرون بالسير على نهجها! وبالتالي اظنها تعد اليوم حالة إجتماعية، ضمن أفضل وأنقى حالات التطور المدني في الدول المتقدمة، بعكس الصورة التي بدأت عليها خلال عصور النهضة الأوروبية سالفة العصر وبائدة العهد.
~~~~~~~~
* عن نفسي حتى وان لم ولن أسير على سلوكها نظرا للبيئة التي ترعرعت فيها، الا أني و بدون اَي أدنى شك، لم و لن أعارض من يتبعها ويسير بقناعة تامة على طريقها، بل والأكثر من ذلك فاني احترمه ولا أقلل إطلاقا من قيمته الآدمية الفكرية.

المراجع - Riferimenti - References

Portale:Antropologia

https://en.oxforddictionaries.com/definition/Bohemian

Tacitus, Germania 28.



#ليلى_أحمد_الهوني (هاشتاغ)       Laila_Ahmed_Elhoni#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- صرخة آلم .. آه يا ليبيا
- إلى ذلك الحين!
- اللعب مع الكبار
- نداء لأهلنا في غرب ليبيا الوطن
- قِرّتْ الحسوم (ارمي عباتك وعوم)
- عندما أغوى آدم حواء
- ماالذي تغير في خطاب معمر القذافي!؟
- ما الذي تريده روسيا على وجه التحديد!؟
- وماذا عن شركة -أم الجوابي-!؟
- ورقة قدمت في منتدى الإعلام العربي
- موسى كوسا بين المملوك جابر و رودلف هس
- ماذا يحدث في ليبيا اليوم!؟
- ما الذي تحتاجه تونس في المرحلة الراهنة؟
- مجرد رأي.. حول انتفاضة تونس المشرفة
- من -بالفعل- يستحق جائزة نوبل للسلام!؟
- الأهم قبل المهم
- ميليشيات اللجان الثورية الإرهابية
- تعددت الجرائم والقاتل واحد
- 41 عام (غصايص)*
- سيف القذافي وعُقدة الشُهرة


المزيد.....




- الجيش الأوكراني يتهم روسيا بشن هجوم بصاروخ باليستي عابر للقا ...
- شاهد.. رجل يربط مئات العناكب والحشرات حول جسده لتهريبها
- استبعاد نجم منتخب فرنسا ستالوارت ألدرت من الاختبار أمام الأر ...
- لبنان يريد -دولة عربية-.. لماذا تشكّل -آلية المراقبة- عقبة أ ...
- ملك وملكة إسبانيا يعودان إلى تشيفا: من الغضب إلى الترحيب
- قصف إسرائيلي في شمال غزة يسفر عن عشرات القتلى بينهم نساء وأط ...
- رشوة بملايين الدولارات.. ماذا تكشف الاتهامات الأمريكية ضد مج ...
- -حزب الله- يعلن استهداف تجمعات للجيش الإسرائيلي
- قائد الجيش اللبناني: لا نزال منتشرين في الجنوب ولن نتركه
- استخبارات كييف وأجهزتها العسكرية تتدرب على جمع -أدلة الهجوم ...


المزيد.....

- قراءة ماركس لنمط الإنتاج الآسيوي وأشكال الملكية في الهند / زهير الخويلدي
- مشاركة الأحزاب الشيوعية في الحكومة: طريقة لخروج الرأسمالية م ... / دلير زنكنة
- عشتار الفصول:14000 قراءات في اللغة العربية والمسيحيون العرب ... / اسحق قومي
- الديمقراطية الغربية من الداخل / دلير زنكنة
- يسار 2023 .. مواجهة اليمين المتطرف والتضامن مع نضال الشعب ال ... / رشيد غويلب
- من الأوروشيوعية إلى المشاركة في الحكومات البرجوازية / دلير زنكنة
- تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت ... / دلير زنكنة
- تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت ... / دلير زنكنة
- عَمَّا يسمى -المنصة العالمية المناهضة للإمبريالية- و تموضعها ... / الحزب الشيوعي اليوناني
- الازمة المتعددة والتحديات التي تواجه اليسار * / رشيد غويلب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم - ليلى أحمد الهوني - البوهيمية* ظاهرة حضارية