أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - محمد عبد القادر الفار - قليل من الحقد، كثير من الخوف














المزيد.....

قليل من الحقد، كثير من الخوف


محمد عبد القادر الفار
كاتب

(Mohammad Abdel Qader Alfar)


الحوار المتمدن-العدد: 5806 - 2018 / 3 / 5 - 13:13
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


أيُّهم أخطرُ على "التّعاطف" Empathy:

الحقد؟
أم الخوف؟
أم العقيدة (أو الضّرورة)؟

المقصودُ بالسّؤال: أيُّهم قد يرتكب فظائع أكبر، من هو تحت تأثير حقد كبير أم خوف كبير أم تحت تأثير شعور بالواجب (واجب ارتكاب تلك الفظاعات)؟

إن للتّعاطف قوّةً هائلة مردّها أعمق بواطن الطبيعة الإنسانية وغرائزها، مردّها ذكريات الطفولة والأم والأب، مردُّها سهولة إدراك المشترك بين البشر بل بين كلّ ما هو حيٌّ، في ما يتعلّق بالشّعور بالألم.

هنا يمكن عكس السؤال لنقول: قوّة التعاطف هل هي أقدر على كبح جماح العقيدة؟ أم الخوف؟ أم الحقد؟

الجواب على سؤالنا قد يكون مدهشاً ومفاجئاً. حتى نجيب يمكن أن يستحضر كلٌّ منّا أشدّ تأثيرات كلٍّ من الحقد والخوف والعقيدة عليه ويتخيّلَ موقفاً ما، يضعه في ميزانٍ أقوى من خصمه.

وفي ظنّي:

إن العقيدة (أو الإحساس بالواجب أو الضرورة) هي الحلقة الأضعف هنا وتسقط أوّلاً أمام القوّةِ الهائلة للتعاطف، ذلك أنّها في النهاية بنىً متكلّفة على الحقائق البسيطة المباشرة المتعلّقة بالمشترك الإنساني.
ولعلّ ذلك ليس مفاجأة، فالعقيدة وحدها (دون تطعيمها بحقد) لا تسلب الإنسان قدرته على التريّث، وبالتالي يجد التعاطف فرصةً كبيرة للدخول على الخط ومنع ارتكاب الفظائع. فقد يفرّط الإنسان بالمسؤولية التاريخية أو الضرورة أو الواجب الديني أمام دمعة أمٍّ واحدة.

والمفاجأة هي أنّ الخوف، لا الحقد، هو الأخطر على التّعاطف.

فالحاقد أقدر على التراجع من المذعور. وعنصر الإرادة عند المذعور أضعف. وهذا يضع التعاطف، رغم قوته الهائلة، في موقف صعب.

الخائف قد يرتكب فظاعات لا يرتكبها الحاقد. طبعاً بعد انقضاء الأمر ندم الخائف يكون أعظم من ندم الحاقد، ذلك أن الخائف كان دافعه الأساسي أن لا يلحق به هو الأذى بينما الحاقد وجد في الفظاعة نفسها ما يشفي غليله. ولكنّ النّدم ليس موضوعنا.

إنّ الخائف إذا ما امتلك القوّة، عن طريق الصّدفة، أو إذا ما حظي برافعة للقوة أتاحتها توازنات ما، هو الأخطر. فلا مقدار من التعاطف قد يمنع إنسانا خائفاً من كائن مفترس أمامه –حتى لو لم ينتبه الكائن إليه- من أن يرتكب فظاعة ما لحماية نفسه، أو حماية إنسانٍ يخصّه.

إذا كنت ممّن يشمئزّون من الزواحف أو من الحشرات –أو بعض الحيوانات- وتفاجأت بأحد تلك الكائنات يمشي على جلدك، فإنّ ردّة فعلك الخائفة غير الواعية ومنقوصة الإرادة قد تكون سحق الكائن أو تمزيقه أو توجيه ضربات هائلة تسبب ألماً شديداً جدّاً، وهي ضربات قد لا يقوم بها الحاقد.

إنّ أحد لطائف القوّة الهائلة للتعاطف هو أن التعاطف قد يدخل على الخطّ باكراً في حالة الحقد ويطفئ نار الحاقد بعد أوّل ضربة يوجهها لخصمه، أو بعد أوّل صرخة ألم أو استغاثة. أمّا الخائف، فاستاجاباته لأيّ شيء، حتى لقوة التعاطف الهائلة، تكون بطيئة وثقيلة وهو في حالة الذعر.

هنا يمكن تصوّر ما يمكن لأقلّية مستأثرة بالسلطة منذ مدة طويلة أن تفعل، إذا شعرت أنّ شمسها أوشكت على المغيب، وأنّها أمام أغلبية لديها قوة كامنة كبيرة، قد تنفجر عند هذا المغيب؟

فلا شيء يخيف، كالخائف.









#محمد_عبد_القادر_الفار (هاشتاغ)       Mohammad_Abdel_Qader_Alfar#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رحلة إلى شاطئ الوادي الأيمن في البقعة المباركة من الشجرة -3
- معنى الموت في المستقبل
- ما هو الإيجو، وكيف تمنعه من حجب سلامك الداخلي ومحبتك غير الم ...
- متى
- وأنا أيضا لا أنطق عن الهوى
- معنى اليوم الآخر
- فيروز - نص الألف خمسمية
- القادر من يعلم أنه قادر
- معنى الجسم البشري - تجارب (3)
- معنى الجسم البشري - تجارب (2)
- جمال المرأة، كحسرة للرجل
- معنى الجسم البشري - تجارب (1)
- هل تريد أن تعرف الله
- جاذبية العناد 2
- في تبرير السأم من الاهتمام
- مُتْ فوراً
- جاذبية العناد
- معنى المعاناة ومعنى الصبر عليها
- عيون مغلقة على اتساعها
- البدائية كرغبة كونية - وداعاً أتلانتيس


المزيد.....




- قطار يمر وسط سوق ضيق في تايلاند..مصري يوثق أحد أخطر الأسواق ...
- باحثون يتكشفون أن -إكسير الحياة- قد يوجد في الزبادي!
- بانكوك.. إخلاء المؤسسات الحكومية بسبب آثار الزلزال
- الشرع ينحني أمام والده ويقبل يده مهنئا إياه بقدوم عيد الفطر ...
- وسقطت باريس أمام قوات روسيا في ساعات الفجر الأولى!
- الدفاعات الروسية تسقط 66 مسيرة أوكرانية جنوب غربي البلاد
- -يديعوت أحرنوت-: حان الوقت لحوار سري مع لبنان
- زعيم -طالبان-في خطبة العيد: الديمقراطية انتهت ولا حاجة للقوا ...
- الشرع: تشكيلة الحكومة السورية تبتعد عن المحاصصة وتذهب باتجاه ...
- ليبيا.. الآلاف يؤدون صلاة عيد الفطر بميدان الشهداء في طرابلس ...


المزيد.....

- سور القرآن الكريم تحليل سوسيولوجي / محمود محمد رياض عبدالعال
- -تحولات ظاهرة التضامن الاجتماعي بالمجتمع القروي: التويزة نمو ... / ياسين احمادون وفاطمة البكاري
- المتعقرط - أربعون يوماً من الخلوة / حسنين آل دايخ
- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - محمد عبد القادر الفار - قليل من الحقد، كثير من الخوف