أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - ماهر رزوق - هذه الأنظمة من هذه الشعوب ...














المزيد.....

هذه الأنظمة من هذه الشعوب ...


ماهر رزوق

الحوار المتمدن-العدد: 5802 - 2018 / 3 / 1 - 23:58
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


ربما مازلنا حتى الآن نتساءل : لماذا رغم كل القمع الذي تمارسه الأنظمة العربية و برغم سياساتها الفاشلة (اقتصادياً خاصة) و تفشي الفساد و النهب في جذورها و أساساتها ، و برغم انعدام أبسط متطلبات الحياة في بعض بلدانها ، و طرقها القديمة و القروسطية في التعامل مع المفكرين و المصلحين و المطالبين بالحريات المشروعة ... برغم كل ذلك مازال بيننا من يقبل هذه الأنظمة و يتبعها و يدافع عنها ، برغم وضعه الاجتماعي و المادي المتردي ، أو برغم كونه خارج البلاد متحرراً من سلطتها و متحرراً أيضا من أي ارتباط بالبلد ...؟؟

للإجابة عن ذلك لابد لنا من البحث في عقلية الإنسان العربي ، و فهم طريقة تفكيره القديمة التي مازالت حتى الآن تعوقه عن تغيير واقعه ...
يتبين لنا في الحقيقة أن هذه العقلية لديها قابلية هائلة للخضوع لهذه أنظمة ، و بدون التغيير في نمطية تفكيرها ، لا يمكن تغيير الأمر بثورات أو حروب ...
تتوضح قابلية الخضوع هذه في القبول القديم لبعض الأفكار الدينية التي تعزز هذا الخضوع و تبسطه حتى يصبح اعتيادياً و طبيعياً ... مثلاً فكرة الأضحية التي لا يمكن فصلها عن فكرة الخضوع ، فالمتدين يعتقد أن الحاكم الأكبر يحتاج منه إثباتاً على خضوعه ، و هنا يأتي دور الأضحية كتعبير عن الضعف و الحاجة الكبيرة لرضى ذلك الحاكم و التقرب منه ، عن طريق البذل و الخسارة الشخصية مقابل ذلك الامتياز ...

النظام (الحاكم ، السلطان) من ناحية أخرى يستغل هذه العقلية و يستخدم المصطلحات الدينية بشكل مفرط في خطاباته ، للتأثير في اللاوعي العام للجماهير المجهزة مسبقاً للخضوع عند تلقي هكذا مصطلحات مثل (تطهير ، تصفية ، تضحية ، شهادة الخ ) ... كذلك يعمد الحاكم عن طريق بعض التصرفات و النشاطات ، إلى إثبات نفسه كمتدين ، كالالتزام بالظهور دائماً في صلوات الأعياد و الاحتفالات الدينية ... ثم يدّعي فيما بعد ، بخطابات أخرى موجهة للعالم الخارجي ، أنه يقود نظاماً علمانياً ، معتدلاً ، يحقق العدل بين جميع أطياف جماهيره المختلفة ...

أيضا نذكر بما يخص هذا الأمر ، فكرة التصنيف التي تتبعها هكذا أنظمة (وطني ، خائن أو عميل) ، تتشابه إلى حد كبير مع الفكرة الدينية المقبولة لدى الجماهير و المتمثلة في ثنائية (كافر ، مؤمن) ... و بالتالي يسهل اعتقال التفكير و طريقة التحليل سياسياً ، عندما تكون هذه العقول معتقلة أساساً أو قابلة للاعتقال على المستوى الديني ...
و هذا ما يوضحه أدونيس في قوله :

(لعل في هذا ما يوضح ، على مستوى البحث و المعرفة ، كيف أن العقل العربي المهيمن معتقل ، و أنه لكي يموه اعتقاله كسائد ، يعتقل غيره ، كمسود ... و في أبسط الحالات نلاحظ أن العقل العربي السائد ليس إلا عبودية خضوع أو جبروت اخضاع ... فبدءاً من قبول الأضحية ، لابد من قبول الخضوع ، من جهة ، و قبول إبادة الغير ، من جهة ثانية : و الغير هنا هو العدو/العميل ، بلغة الايديولوجية السياسية ، و هو الخارج/الكافر ، بلغة التدين اللاهوتية)

إذا طريقة التفكير الدينية لا تسهّل فقط عملية الخضوع السياسي ، و لكنها تسهل أيضا تقبل قمع الآخر أو حتى تصفيته بصفته الخارج أو العميل ... و هذا ما يفسر انعدام الانسانية عند المؤيدين لهذه الأنظمة تجاه المعارض لها ، كما تنعدم الانسانية عند المتدين تجاه الخارج من دينه ...

بهذا الشكل ، يبدو لنا أن تدمير المؤسسة أو النظام القائم ، ليس هو الحل الأولي السليم ، باتجاه التحرر الكامل ، فإن غياب هذا النظام ، سيؤدي بالضرورة إلى ظهور نظام آخر بديل ، يتعامل مع الجماهير بنفس طريقة النظام السابق ، و السبب في ذلك ، أنها الطريقة الأمثل للتعامل مع هكذا عقليات ، بل إنها ربما تكون الطريقة الوحيدة التي تتناسب و مستوى التفكير السائد ...

لذلك تكون وظيفة المفكر العربي الأساسية هي تفكيك هذه العقلية و ربما مهاجمتها بصفتها العائق الأكبر أمام التحرر و تحسين الظروف المعيشية ، و هذه قد تكون هي الخطوة الأهم نحو ثورة أهم ، و التي أقصد بها ، ثورة داخل العقل ، قلباً تاماً للمفاهيم القديمة و التشكيك بها ، لتعتاد العقلية اللاحقة على ثقافة التساؤل المحرمة دينياً ، و طريقة التحليل المنطقية باعتماد مبدأ السبب و النتيجة ، و تقييم الآخر تبعاً لإنتاجيته و فائدته للمجتمع ، مع اعتبار الاحترام الكامل لإنسانيته و حقه في الحياة ، بدلاً من تقييمه تبعاً لدينه أو حزبه أو طريقة تفكيره ، و استسهال تصفيته و إنهاء حياته ... لأن الإنسان الذي أنتج عبر مسيرته الطويلة العديد من الفلسفات و الديانات ، هو الذي يجب أن يعتبر حقيقة مطلقة من الواجب الدفاع عنها ، و ليس ما أفرزه ، ذلك الانسان ، من ديانات تغيرت بشكل دائم منذ القدم و اعتبر كل منها ، نفسه الدين الأوحد و الأصح ...
و كما يقول باكونين : (سنظل عبيداً على الأرض ، مادام لنا سيد في السماء) ...
و يعلّق أدونيس على هذا القول , في مقالة قديمة له :

" أن الأعمق و الأصح ، في ضوء التجربة التاريخية ، هو أن نقول بإطلاق : (سنظل عبيداً مادام لنا سيد) و علينا أن نقاتل العبودية ، في أي مستوى و من أي نوع ، و ليس أن ننقلب على نوع منها لكي نحل مكانه نوعاً آخر ، كما نفعل اليوم"



#ماهر_رزوق (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فادي عزام : خسرت البوكر و ربحت قلوبنا
- العصبية و الخطر الوجودي
- جرأة الرواية العربية المعاصرة
- التمرد أم الثورة ... أيهما أجدى ؟؟
- السلوك العنيف وعلاقته بالتخلف
- العدوانية كوسيلة لإرضاء الغريزة
- نصوص تخنق العدم و تجتث الحقيقة
- معايير التكفير بين الأمير و الفقير
- الانجاب بديلاً عن الانجاز
- في الخرافة و التخلف
- البطل العربي
- طفولة عقل (2)
- طفولة عقل !!
- نفاق اجتماعي
- العقول المؤدلجة
- جدوى الحياة
- المثقف العربي و الجنس
- السجين
- المنتخب السوري : بين النظام و الشعب !!
- القصيدة العبثية


المزيد.....




- زيارة مفاجئة فجرا للرئيس التونسي إلى المزونة والهدوء يعود إل ...
- البنتاغون يعلن تخفيض وجوده العسكري بسوريا إلى ألف جندي
- قاضية تمنع إدارة ترامب من إجراء تغييرات على جوازات سفر -الأم ...
- إعلام: المسودة الأمريكية لصفقة أوكرانيا لا تتضمن ضمانات أمني ...
- خبير عسكري: الجيش الروسي يقطع شريان حياة المقاتلين الأوكراني ...
- الرئيس الكونغولي السابق كابيلا يعود من منفاه إلى غوما الواقع ...
- -تبت إلى الله-.. تفاصيل التحقيق مع مدرس استدرج طالبة إلى منز ...
- رئيس أركان البنتاغون يغادر منصبه قريبا بعد فضيحة تسريب معلوم ...
- ماكرون يدعو الباحثين من جميع أنحاء العالم إلى اختيار فرنسا و ...
- مجلس الشورى الإيراني: يجب أن يعود الاتفاق مع الولايات المتحد ...


المزيد.....

- سور القرآن الكريم تحليل سوسيولوجي / محمود محمد رياض عبدالعال
- -تحولات ظاهرة التضامن الاجتماعي بالمجتمع القروي: التويزة نمو ... / ياسين احمادون وفاطمة البكاري
- المتعقرط - أربعون يوماً من الخلوة / حسنين آل دايخ
- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - ماهر رزوق - هذه الأنظمة من هذه الشعوب ...