|
الموقف النقدي _ فن التفكير (س_س)
حسين عجيب
الحوار المتمدن-العدد: 5798 - 2018 / 2 / 25 - 09:39
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
الموقف النقدي _ فن التفكير (4_س)
.... ما هو الموقف النقدي ، طبيعته وكيفية تحديده ؟! على ضوء ما تقدم ، صار من الممكن معالجة السؤال وتفكيكه ، كما أعتقد ... .... محاولة تجريبية لتعيين مجال الموقف النقدي وحدوده... ( تجدر الإشارة إلى أن الفيزياء الحديثة ، أعادت المعرفة إلى المربع الأول ، الشعور والأحاسيس المتنوعة والموضوع...مزيج واحد _ يتعذر الفصل بين ذات وموضوع ) الموقف النقدي ، دينامي _ تطوري ، ومؤقت بطبيعته أو يتحول إلى عادة وتكرار . ويمكن تصنيفه ضمن المرحلة الثالثة أو الطور الثالث في الوعي . بعبارة ثانية ، الموقف النقدي يمثل الحل الصحيح أو المناسب لمعضلة الجدل بين نعم أو لا . وهو يتضمن النقيضين ، ويتجاوزهما بالتزامن . الموقف الأولي للإنسان ، يمثله صغار الأطفال والرضع ، التعلق الضروري بالمربين والأهل. الموقف 1 ، موقف المديح والتوحد مع العادة والفكرة ( بصرف النظر عن نوعها وشكلها ) . الموقف 2 ، أو المقاومة ، يمثله أيضا صغار الأطفال ، وينشأ خلال النمو ، وإدراك الشخصية الفردية واختلافها عن البيئة والمحيط . موقف الرفض المتكرر والآلي أو الانتقاد فقط . ويمثل الموقف النرجسي النموذجي : أنا ضد العالم . الموقف النقدي ، هو حصيلة الموقفين السابقين ونتيجتهما . وهو مزدوج بطبيعته ، تجاه البيئة والخارج أولا ، ومن خلال التطور المتكامل قد يتشكل الموقف النقدي الذاتي في مرحلة متقدمة من النمو والوعي _ ...وبعض الأفراد يفشلون في تحقيق ذلك ، أو من تطلق عليهما تسميات المرض النفسي ( أو الانحراف الاجتماعي ) وتصنيفاته الكثيرة والمتنوعة . .... الموقف النقدي ، يمثل الخطوة الأولى ، بالفعل ، في تشكيل القرار الشخصي والإرادة الحرة . يمثل أيضا ، فهم وإدراك الوضع المعقد والاحتمالي للإنسان ، في مختلف أشكال وجوده وحياته الخاصة او المشتركة . ينشأ الموقف النقدي بالتزامن مع تشكل وبروز أدوار اجتماعية جديدة ، معقدة ، ومتعددة الأبعاد والمستويات ومتطورة ، من أمثلتها ....مؤسسات القضاء والنقد الأدبي والثقافي وحرية التعبير وغيرها من الظواهر المدنية الحديثة . الموقف النقدي باختصار أحد تعبيرات المدنية والحداثة ، ويمثل محور المبادرة الحرة والهوية الفردية المتكاملة . الموقف النقدي المزدوج _ السلبي أيضا ،... له تمثيلات عديدة في المجتمع الحالي العالمي أو المحلي ، أكثرها أهمية وخطورة موقف تبرير النكوص والانحرافات عن منظومة القيم الإنسانية المشتركة ( ذروتها لائحة حقوق الانسان ) من أمثلتها المتنوعة ، تسيس الدين او القضاء أو الجيش مع بقية الحركات والنزعات العنصرية . بتعبير آخر ، التفكير الإبداعي يتأسس على الموقف النقدي بالضرورة ، وهو يمثل الحل المناسب ( والجديد ) لجدلية ... الفكرة الثابتة _ أحلام اليقظة ، كما يعبر عن تكاملهما ثانية من خلال أدوات ومفاهيم جديدة أيضا ، لعل أبرزها ظواهر... الابداع والحب والتسامح والتفكير الحر والسعادة واللاعنف...وغيرها كثير . .... الحياد ... العتبة التي ترسخت مع بوذا والمسيح ، الخبرة التي تتأس مع إدراك وجود ثابت للقطب الآخر ( الغائب أو المجهول ) ، للحقيقة والوعي والمعرفة والشعور أيضا . .... معضلة الجدل تمتد إلى مختلف تفصيلات الحياة اليومية ، العملية أو الفكرية على السواء . وهذا الموضوع المزدوج محور رئيسي في قراءتي _ كتابتي الجديدة على اختلاف أشكالها . مثالها البارز " مهارة التمييز بين الرغبة وبين التوقع " .... هي الفارق النوعي بين نظريات التوقع الحديثة ، وبين نظرية المؤامرة المتوارثة . حيث تمثل نظرية المؤامرة ، المستوى الأولي في الوعي والادراك . وبعبارة ثانية ، حيث يكون التوقع على مستوى الرغبات والشعور فقط ، وهو منفصل عن المجال الموضوعي للنشاط أو الأحداث الفعلية . بينما في نظريات المعرفة الحديثة ، يكون التوقع على مستوى الأداء ومن خلال معايير ومقاييس موضوعية وتجريبية . وأقترح على القارئة _ القارئ.... تأمل الفكرة قليلا محاولة الفصل الفعلي _ إلى درجة التناقض _ بين الرغبة والتوقع .... هي الفكرة والخبرة نفسها ، التي تتمحور حولها العبارة الشهيرة : " أهمية ( وضرورة ) تشاؤم الفكر وتفاؤل الإرادة " في الحياة العملية واليومية . .... الجملة العصبية للكائن الحي ، تشكل محور حياته ووجوده معا . وتمثل هوية الفرد . ما تزال معرفتنا العلمية _ التجريبية والدقيقة للجملة العصبية في البداية ، وتقارب معرفتنا عن الكون والفضاء الخارجي ، ما نجهله أضعاف ما نعرفه بعبارة مختصرة . للجملة العصبية ثلاثة وجوه ( أو ابعاد ) على الأقل ، وهي معروفة منذ قرون ... أولها الجانب المادي ، الفيزيائي _ الكيميائي ، وهو موضوع علم الانسان الكلاسيكي والطب الحديث أيضا . لا أحد يناقش الطب الحديث أو ينازعه على معرفة الأسنان أو العظام ، مع بقية المشاكل والأمراض الصعبة والواضحة كالسرطانات وغيرها أيضا من الأمراض الخطيرة . الجانب الثاني والمقابل للمادي ، هو الجانب العقلي والفكري ، أيضا هو موضوع كلاسيكي ومتجدد باستمرار ، والجانب الثالث العضلي والحركي ، وهو الأحدث نسبيا . الجانب الثالث يتمحور حول قوة العادة والروتين ، ....ربما هو المنجز المعرفي الأهم للتحليل النفسي ولتعديل السلوك الإنساني أيضا ، عبودية الانسان للفكرة وللعادة ، وهو موضوع عالجته مرارا . ما أريد قوله حول معرفة الانسان ، يوجد اتفاق حول الجانب الجسدي في الحالات الحدية وبقية الأوضاع الصعبة ، حيث يهرب أدعياء المعرفة ( المزيفون ) عند المحك الحقيقي ووجود المعايير والمسؤولية الشخصية . وهو الموقف الإنساني الأولي _ اللاشعوري بمعظمه ، الذي كشفه التحليل النفسي ، وابرزه تحت مصطلح المقاومة . بالمعنى الشامل ، مقاومة الانسان للجديد وللغد بشكل لاشعوري غالبا ، والرغبة الدائمة في العودة إلى الرحم بدل النمو والنضج ...والتقدم في مجاهيل الحياة وخاصة الغد _ المحدود بعد 24 ساعة . مشكلة الانسان الأساسية ، الاختيار بين اليوم أو الغد !؟ عالجت المسألة عبر نصوص عديدة منشورة على الحوار أيضا وخلاصتها : الحيرة أو الاختيار بين الأمس والغد جنون ، الغد قادم بشكل موضوعي وخارج الإرادة والوعي . ويبقى الموضوع الفعلي في توزيع الأهمية والاهتمام بين اليوم والغد . مع فكرة " صناعة الأمس الشخصي " الخبرة التي يعرفها كل من تحرر من عادة سيئة أو إدمان سابق . .... فكرة _ مهارة ..." صناعة الأمس الشخصي " ، محور ثابت في كتابتي الجديدة . مثالها البسيط والمباشر ، والمشترك أيضا : الشخص الذي ينجح في التوقف عن التدخين في اليوم الأول ، يفوق احتمال نجاحه في التحرر من العادة الادمانية ، الخمسين بالمئة . بعبارة ثانية ، اليوم الأول في الوضع الجديد ، هو الأصعب _ بل ذروة الصعوبة . وعندما ينجح الفرد في تحقيق يوم جديد ( وفق مخطط شعوري والتزام مسبق ) ، تتزايد فرص نجاحه بشكل متسارع في اكتساب مهارة " الإرادة الحرة " ...الصفة الإنسانية الأهم للفرد . ثمار الموقف النقدي .... الإرادة الحرة ، والحب ، والسعادة وبحسب خبرتي الشخصية ، الخطوة الأولى هي التسامح . التسامح بالمعنى الشامل والموضوعي : تغيير الاتجاه الشخصي... من التركيز على الأمس إلى الاهتمام الفعلي باليوم والغد . وكما ذكرت أكثر من مرة : أعتقد أن الاتفاق النووي بين إيران والغرب وفي مقدمته أمريكا ، هو إنجاز إنساني ( خصوصا لجون كيري وجواد ظريف ) ...جديد ونوعي . أول مرة في التاريخ الإنساني ، يتم حل مشكلة دولية بالحوار فقط . والجديد النوعي يتمثل عبر محاور ثلاثة على الأقل ، أولها تغيير الاتجاه والاهتمام من الأمس إلى الغد ، وثانيا استبدال أداة ووسائل التعامل القديمة من القوة والعنف إلى ... المنطق والحوار ، والثالث الذي لا يقل أهمية _ وربما الأهم في العلاقات الإنسانية ، استبدال الموقف السابق (الموروث) والصراع على الحق ، بالموقف الجديد ، الذي يتمثل عبر الاتفاق على المصلحة القادمة والمشتركة بالضرورة . ....
#حسين_عجيب (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الموقف النقدي _ فن التفكير (3_س)
-
الموقف النقدي _ فن التفكير (2_س)
-
الموقف النقدي _ فن التفكير (1_س)
-
الفكر العالمي الحديث بعد سبينوزا ( س_س)
-
الفكر العالمي بعد سبينوزا (2_س)
-
الفكر بعد سبينوزا ....(1_س)
-
الفكر العالمي الحديث بدا مع سبينوزا 5
-
الفكر العالمي الحديث بدا مع سبينوزا 4
-
الفكر العالمي الحديث بدا مع سبينوزا 3
-
الفكر العالمي الحديث بدا مع سبينوزا 2
-
الفكر العالمي الحديث بدا مع سبينوزا _ 1
-
تكملة الاعتماد النفسي
-
الاعتماد النفسي كمحدد لهوية الفرد
-
علاج ما بعد الصدمة !؟
-
تكملة تعديل السلوك المعرفي
-
تعديل السلوك المعرفي 2
-
تعديل السلوك المعرفي _ مقدمة
-
التحليل النفسي _ أمثلة تطبيقية...
-
التحليل النفسي _ تكملة
-
حكم العادة
المزيد.....
-
بعد تحرره من السجون الإسرائيلية زكريا الزبيدي يوجه رسالة إلى
...
-
أحمد الشرع رئيساً انتقاليا لسوريا...ما التغييرات الجذرية الت
...
-
المغرب: أمواج عاتية تضرب السواحل الأطلسية وتتسبب في خسائر ما
...
-
الشرع يتعهد بتشكيل حكومة انتقالية شاملة تعبر عن تنوع سوريا
-
ترامب: الاتصالات مع قادة روسيا والصين تسير بشكل جيد
-
رئيس بنما: لن نتفاوض مع واشنطن حول ملكية القناة
-
ظاهرة طبيعية مريبة.. نهر يغلي في قلب الأمازون -يسلق ضحاياه أ
...
-
لافروف: الغرب لم يحترم أبدا مبدأ المساواة السيادية بين الدول
...
-
الشرع للسوريين: نصبت رئيسا بعد مشاورات قانونية مكثفة
-
مشاهد لاغتيال نائب قائد هيئة أركان -القسام- مروان عيسى
المزيد.....
-
حوار مع صديقي الشات (ج ب ت)
/ أحمد التاوتي
-
قتل الأب عند دوستويفسكي
/ محمود الصباغ
-
العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا
...
/ محمد احمد الغريب عبدربه
-
تداولية المسؤولية الأخلاقية
/ زهير الخويلدي
-
كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج
/ زهير الخويلدي
-
معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية
/ زهير الخويلدي
-
الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا
...
/ قاسم المحبشي
-
الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا
...
/ غازي الصوراني
-
حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس
/ محمد الهلالي
-
حقوق الإنسان من منظور نقدي
/ محمد الهلالي وخديجة رياضي
المزيد.....
|