|
في مقولة الإستعمار و ما بعده - الحلقة الأولى -
حمزة بلحاج صالح
الحوار المتمدن-العدد: 5797 - 2018 / 2 / 24 - 22:57
المحور:
الإستعمار وتجارب التحرّر الوطني
" في مقولة الإستعمار أولا "
" في تحيين تعريف الإستعمار أو الكولونيالية / ( التعريف لي و من وضعي و تحييني )
الإستعمار هو كل توسع إمبريالي هيمني تقوم به دول الهيمنة و الأوليغارشية الدولية و نظامها المالي القائم على استنزاف ثروات الغير و تدوير رأسمال قذر استلابي منهوب فاسد و مشتبه المصدر
و لم تعد ظاهرة الإستعمار كما نشأت في أوروبا و كما تم تعريفها حكرا على الدول الأوروبية منذ و خلال الأربع قرون التي خلت
بل باتت سمة مشتركة لمحور الإمبريالية و الشر و الإستحواذ و الإستيلاء على ثروات الدول المهيمن عليها التي لا تملك القوة العسكرية و النووية و المالية و الإقتصادية و الصناعية و العلمية الكافية لتدافع عن نفسها و تحمي أوطانها من أطماع محور الشر الإمبريالي و الإستكباري
و قد انتقلت نزعة الإستعمار الجديد الى شكل اخر يؤجل الإستيطان و التدخل على أرض الدول " العاصية " في نظرهم و يدفع باليات خلخلة الإستقرار للتفتيت و التقسيم
بدل إختراق الارض و الجو و السيادة الا عند الضرورة كتأديب للعصيان الصادر عن بعض الأنظمة و الدول الرافضة للإستعداء عن طريق النهب و استنزاف الثروة و هو ما حصل في العراق و ليبيا و اليمن و سوريا التي دفعت أنظمتها الثمن باهظا و الكلفة كبيرة من خلال مقاومتها للهيمنة الإستعمارية في شكلها السافر الوقح
و هنالك من يسمي هذا الشكل الحديث الذي لم يعد مرتبطا بأوروبا بل امتد الى الدول الأنجلوسكسونية كأميركا خاصة " النيو- إستعمار " أو " الإستعمار الجديد "
تؤكد نظرية الإستعمار الجديد و الحديث مقولة و نظرية المركز و الأطراف و نظرية التبعية و النظريات العنصرية التي تبناها علم الإناسة عند نشأته أي الأنثربولوجيا في طبعتها الأولى كعلم إستعماري النشأة اشتغل بسبل تطويع الإنسان و المجتمعات لاستنزاف ثرواتها و اعتبارها في مقام السفيهة التي ينقصها التحضر و لا تملك القدرة على إسعاد شعوب و التصرف في ثرواتها و لا تتقن الحوكمة الراشدة
تغطي نظرية الإستعمار كل مفاصل الحيوية و القطاعات الرئيسة المنتجة للثروة ليس فحسب الناتجة عن الأرض و باطنها مثل المحروقات و البترول و الغاز بل بقية الثروات و كل أنواع الرأسمال منه الإنسان باعتباره رأسمالا رمزيا فهي تتدخل في قطاعات الثقافة و المعرفة و المدرسة و مناهج التعليم و السياسة و مواطن صنع القرار و طبيعة السلطة و من يكون على رأسها بل كيف تدير حكمها ليكون راشدا بمعنى يخدم تلك الدول المهيمنة الطامعة دورانا في فلكها و رهنا لقرارها عندها
يحمل الإستعمار نظرة دونية لغيره من الشعوب و يحتكم إلى تصورات عجيبة عن غيره و يوظف الإعلام في تزييف وعي شعوبه و شعوب العالم باعتبار الإعلام لوبي رهيب بين أيدي أباطرة المال الفاسد
فلا حديث عن الإستعمار و نظريته إلا و يرافقه الحديث عن النظام المالي العالمي و النظام البنكي و " وال ستريت " و " البورصة " و العائلات المالكة للبنوك في أمريكا و التي تتحكم في الإنتخابات الأمريكية و اللوبي المالي الصهيوني و جماعة بريجينسكي سابقا و ايضا الحديث عن الرأسمال القذر و الشركات العابرة للقارات و النوادي الاقتصادية و خزانات أو صهاريج الافكار المتفرعة عنها في العالم " الثينك تانك " و غيرها من المؤسسات الفاعلة مثل الدور الذي لعبه كل من جاك أتالي و معهد مونتاين في الإتيان بالرئيس الفرنسي ماكرون
بل لا حديث عن الإستعمار دون الحديث عن تقسيم العالم الجديد و تصنيف أنظمته و تصدير الأزمات خارج منبتها و إلحاق أعباءها بالدول المستضعفة و ما سمته دول الشر بمحاور الشر و الدول الصعاليك و المارقة و العاقة و لا حديث عن الإستعمار إلا و هو يستدعي الحديث عن شرق أوسط جديد و " سايكس بيكو " جديد و الحصار على جمهورية إيران و الإستحواذ على حراكات الدول ذات الأنظمة المستبدة منها الإستحواذ على ما يسمى " الربيع العربي " و توظيفه في تدمير هذه الدول و زرع التناحر فيها و الإنقسام و تحريض طرف على اخر و اختراق هذه المحاولات و تهجينها و إن انطلقت بريئة نابعة من معضلات داخلية حيث استدركت أمريكا و بعض الدول الهيمنية الامر و راحت تترقب بل تخترق كل محاولات الثورة و الإنتفاضة و أدرجتها ضمن مخططالتها التقسيمية الإستعمارية الجديدة فأجهضت الامال و حاولت و لا زالت تحاول تدمير محور الممانعة بزرع الفتنة و الإنقسام بين الشيعة و السنة و نشر الطائفية و استنبات تيارات اسلامية هجينة مثل المدخلية و منحها الغطاء الديني الغاية منها نشر ثقافة اسلالمية هجينة خنوعة تبرر افعال الانظمة المستبدة التي تخدم مصالح الاستعمار الجديد
كما أن من بين أدوات و أذرع هذا الإستعمار الجديد مجموعة من الهيئات الدولية مثل مجلس الأمن و اليونسكو و صندوق النقد الدولي و استراتيجيات و سياسات التعليم المفروضة قهرا من طرف اليونسكو على الدول الضعيفة و منها الدول العربية و الاسلامية الا القليل منها مثل إيران و ماليزيا و تركيا و غيرها بدرجات متفاوتة و يعتمد مشروع الإستعمار الإستلابي العولمي على تجريد هذه الدول من هويتها و خصوصيتها باسم العولمة و التحديث و العالمية و الكونية و قبول نظام تعليمي يجمع البشرية في زعمهم و لا يفرق و لا ينتج الإرهاب في نظرهم
و هم يعلمون أن الإرهاب بنية معقدة ساهمت في تشكيلها في الفضاءالعام و الموازي له عوامل و عناصر عديدة لا علاقة للمدرسة بها و لا علاقة للدين مباشرة بها الا كموظف و مستخدم من جهات مورطة لا يستثنى منها الإستعمار الجديد و مخابره و مخططاته و لا يهم بعدئذ الجبة و العباءة التي تلبس للإرهاب من السلفية إلى إيران إلى المسجد إلى المدرسة إلى ايات الجهاد في القران الخ
و كثيرا ما تقع النخب العربية و الاسلامية في شراك هذه اللعبة القذرة و المخطط و الفخ الرهيب لتقسيم المسلمين و جعلهم طوائف و شيعا يتناحرون مذاهبا و طوائفا و سنة و شيعة و زيدية و سلفية و طرقية و صوفية و عقلانية و تنوير و حداثة مسلمة و عربية و قوميات فرسا و عربا و أتراكا و اسيويين الخ
#حمزة_بلحاج_صالح (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
قراءة نقدية تحليلية لمنجز أبو القاسم حاج حمد - الحلقة الأولى
...
-
قراءة نقدية تحليلية لمنجز محمد شحرور في فهم القران - الحلقة
...
-
قراءة نقدية تحليلية لمنجز محمد شحرور في فهم القران - الحلقة
...
-
قراءة نقدية تحليلية لمنجز محمد شحرور في فهم القران الحلقة ال
...
-
قراءة نقدية تحليلية لمنجز محمد شحرور في فهم القران -- الحلقة
...
-
التراثيون و الخوف من الفلسفة و تجاهل جدواها
-
الكفاءة متحررة من التصنيفات في عالمنا العربي
-
نيتشه و مفهوم العدمية : نحو قراءة منفلتة من النسق
-
النص الفلسفي و موانع تقدم النظر و الإبداع : قيود الفهم من ال
...
-
كلمة في الجنسانية و المرأة و نظرية الجندر و مكافحة التنميط
-
المقاصد الشرعية بين مرتكزين علم الكلام و الفقه ...تشخيص حالة
...
-
كلمة في مقاصد الشريعة و علم أصول الفقه
-
في الفهم الأوحدي أو المتعدد داخل المنظومة النصية العربية الإ
...
-
الابداع زمنا و شرطا و هوية
-
يا شيعة و يا سنة ..نسيت في أي قرن نعيش ذكروني أو دثروني.
-
في التاريخ العربي الإسلامي و كتابته
-
هل الخلاص في المقاصد و تجديدها
-
لا قداسة للغة العربية
-
في تجديد علم المقاصد الشرعية ..هل من جدوى
-
الإستحواذ الثلاثي على نيتشه في نظر كليمان روسيه
المزيد.....
-
-عيد الدني-.. فيروز تبلغ عامها الـ90
-
خبيرة في لغة الجسد تكشف حقيقة علاقة ترامب وماسك
-
الكوفية الفلسطينية: حكاية رمز، وتاريخ شعب
-
71 قتيلا -موالين لإيران- بقصف على تدمر السورية نُسب لإسرائيل
...
-
20 ألف كيلومتر بالدراجة يقطعها الألماني إفريتس من أجل المناخ
...
-
الدفاع الروسية تعلن تحرير بلدة جديدة في دونيتسك والقضاء على
...
-
الكرملين يعلق على تصريح البنتاغون حول تبادل الضربات النووية
...
-
روسيا.. اكتشاف جينات في فول الصويا يتم تنشيطها لتقليل خسائر
...
-
هيئة بريطانية: حادث على بعد 74 ميلا جنوب غربي عدن
-
عشرات القتلى والجرحى بينهم أطفال في قصف إسرائيلي على قطاع غز
...
المزيد.....
-
علاقة السيد - التابع مع الغرب
/ مازن كم الماز
-
روايات ما بعد الاستعمار وشتات جزر الكاريبي/ جزر الهند الغربي
...
/ أشرف إبراهيم زيدان
-
روايات المهاجرين من جنوب آسيا إلي انجلترا في زمن ما بعد الاس
...
/ أشرف إبراهيم زيدان
-
انتفاضة أفريل 1938 في تونس ضدّ الاحتلال الفرنسي
/ فاروق الصيّاحي
-
بين التحرر من الاستعمار والتحرر من الاستبداد. بحث في المصطلح
/ محمد علي مقلد
-
حرب التحرير في البانيا
/ محمد شيخو
-
التدخل الأوربي بإفريقيا جنوب الصحراء
/ خالد الكزولي
-
عن حدتو واليسار والحركة الوطنية بمصر
/ أحمد القصير
-
الأممية الثانية و المستعمرات .هنري لوزراي ترجمة معز الراجحي
/ معز الراجحي
-
البلشفية وقضايا الثورة الصينية
/ ستالين
المزيد.....
|