أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حيدر سالم - طالبُ المُستنصرية الأخير - نص














المزيد.....


طالبُ المُستنصرية الأخير - نص


حيدر سالم

الحوار المتمدن-العدد: 5797 - 2018 / 2 / 24 - 02:47
المحور: الادب والفن
    


طالبُ المُستنصرية الأخير .
.....
.....
1

قبل أن تستحمّ نجمة بوهيج الفجر ، الوهج الذي تُراقِصه الألوان ، تُندّيه إبتسامة مضيئة ، وهج قدِمَ من إنفلاتة زمنية ، تلك النتوءات التي ترمي بإبتسامة موهجة لن تتكرر كثيرا ، لذلك إرتدى حيدر ، طالب المستنصرية الأخير قميصه البالي ، سمع عبد الوهاب ، وسار متمتماً ( ياورد مين يشتريك ؟ ) ، مشى بهلاهيله ، و للمفارقة تذكر أن الصوت الذي تطلقه النساء في الأفراح يسمى " هلهولة " ، لعل الفرح هلهله الزمن بشفاه أجداده مثلما ثيابه المهلهله ، وما يضيرهُ ؟ سار الطالبُ الأخير ، يرتدي ألأسمال ، ويهلهلُ الزمان وراءه ( ياورد مين يشتريك ؟)

2

خرج من " سوق الكَياره " ، أخضر الخطوة ، الأفياء تهدهد تقاسيمه ، و تزهرُ الموسيقى في رنة خطوه ، إلى المُستنرصية النُعمى ، و السُكنى ، الأثيرة ، مرّ بساحة خضراء ، و عبر الجسر ، لا ناس في الدرب و لا هم يوقظون ، إنها الجنة ؟ الرطوبة تشعلُ الجدران ، و تنثر في جيوب الهواء رعشة طفيفة ، السكون يعمّ الأرجاء ، الطقس توليب و زنبق ، الان يدخلُ حيدر ، مرقرق الخطى كالماء من الباب الرئيسي - لاتنظروا الى الصبات الكونكريتية أرجوكم -

3

في الحديقة الأمامية كانت تجلسُ الجواري ، و المستنصرُ بالله يداعب النساء ، الساعة الطويلة طول الدهر معطّلة ، ألا تنظر يا خليفة الله ؟ ، يا منصور بن محمد الظاهر ، لا بأس داعب و لاعب ، ياللهول من القادم ؟ كارل ماركس ؟ دعني أقبلُ يديك و أشمّ رائحة الله فيهما ، يد الله فوقها يا مولاي ، ألثمها مضمخة بعرق السهد ، ها هو يخرجُ بعد أن وقّع وثيقة روتينية سائراً الى بناية كلية الادارة و الاقتصاد خارج هذا المبنى الضخم ، فالمستنرصية واحدة و لكنها متعددة ،و منتشرة إنتشار الهواء ، أي والله الهواء ، العشبُ أخضر ، و الإسفلت بليل ، يكادُ يكون عشباً ، إسفلت المستنصرية أكثر طراوة من قلوب الناس ، يا كارل ماركس حفظ الله خطاك ، الموسيقى تنبعثُ من كلّ زاوية ، هاهو غانم حدّاد يعزفُ سماعي لامي ، و يبتسمُ لصالح الكويتي الذي ينصتُ متراقص الروح ، تتراقص في عينيه فرحة جامحة ، و في مسرح المستنصرية يمكث يوسف العاني ، يحضّر أوراق مسرحية المجنون مكتوبة بهذه الطريقة الساحرة ( المجنون ، كتبها البير كامي ، قصة دوستويفسكي ) ، أترون ياملائكة الله جنتنا ، يحيطها النخيل ، و نخل من السماوة قال عنه سعدي يوسف إنه نخل السماوات ، و هل أنتم أعرفُ ياملائكة الله بعذوبة الجنة أكثر من سعديّنا ، سعدي سعادة و فتوة وهاهو يحملُ السياب فوق ظهره ليهتفون ، لكنني ألمحُ بلند الحيدري يدير وجهه باحثاً عن حسين مردان الذي تأخر كعادته ، و ها هو حيدر يدلفُ الى قسمه ، قسمُ اللغة الفرنسية ، حاملاً ديوان رامبو بترجمة كاظم جهاد ، و تحت معطفه يقطن كتاب جاك دريدا ليطالعه خلسة في المحاضرة الرتيبة عن بلزاك .

4

قسم اللغة الفرنسية تظلله شجرة كبيرة ، مورقة بزقزقات العصافير ، خضراء هي المستنصرية ، سيزورنا عمار الشريعي حسب اللافتة المرفوعة فوق جدران الجامعة ، الجامعة تجمعُ سبل الحياة ، خلف القسم شجرة شاهدها حيدر ، و رواها كل يوم ، شجرة غريبة ، نصفها أخضر و الآخر أصفر ، يقف أمامها المتنبي كالمجنون ويُنشد ( و بضدها تتميز الاشياء ) ، - إقتلعوا هذه الشجرة فيما بعد ! - ، كان حيدر جالساً يبتسمُ لبودلير وهو يكتب سأمهُ من باريس ، و هيغو الذي ما زال واقفاً عند جملة لم تصف رائحة الأزقة الباريسية بدقة ، و سارتر ينفث الدخان من غليونه مُبتعداً قدر الامكان عن الاخرين / الجحيم ، بيد أن المشهد الرتيب سرعان ما دخلته البهجة فور وصول جان جينيه ، آه يا جان ، فور دوخله ضاحكاً ضحكنا ، تخيلوا أن ميشيل فوكو ترك إبحاره في سفينة الحمقى لأنه فضل أن يشاهد هذه الضحكة في المستنصرية ، نعم لكل قسم أناسه ، ونحبهم جميعاً ، لكن أرسطو صرعنا كلما مررنا بقسم الفلسفة ، يقرعنا مراراً لأننا لا نحضر الغاز لمصباح ديوجين الذي يحتاج لمصفى الدورة بكامله ، و لطالما التقينا بسركون بولص وهو يترجم نصوص الن غينسبرغ الجديدة ، لكن حيدر يتمنى الذهاب الى قسم الهندسة لينظر من مسافة قصيرة- و دون أن يدعه يراه بالطبع - ؛ رفعت الجادرجي ، و ينظر لمحمد مكية ، ينظر لقحطان عوني الذي أبدع هذه المستنصرية ، الزهرة التي سقطت من الجنة الى الارض .

5

و الان سيأتون الأساتذة و الطلبة ،
سيخرجُ حيدر ، لأن الجامعة ستتحول الى سوق هرج ،
الجامعة تجمع الناس للحياة ، و ليست الجامعة التي تقضم أيدي المساجين
سيخرجُ حيدر من الباب الخلفي ، لأن الباب الرئيسي سيكون مزدحماً بالأساتذة و الطلبة .



#حيدر_سالم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حنا مينه قاصاً
- سكّان الأزقة الكافكوية ، سعدي عباس العبد أنموذجا
- إبتسامة هاربة - قصة قصيرة
- العنف اللغوي في الاغنية العراقية
- برستيج العامل الجديد
- عن سوق مريدي (3 ) / مروءة أهل العراق البلاستيكية
- الأخطل الصغير و دماء الورد !
- الابنودي أصابع الطين - مقال
- باليه فوق الجثث - قصة قصيرة
- كافكا و جليل القيسي
- مهرجان الغايات و الوسائل
- عن جدي و الشهد و الدموع
- عجين مريدي - قصة قصيرة
- عن سوق مريدي - مقال
- عن سوق مريدي ( 2 ) - مقال
- جدار الاوراق _ قصة قصيرة


المزيد.....




- -الشارقة للفنون- تعلن الفائزين بمنحة إنتاج الأفلام القصيرة
- فيلم -الحائط الرابع-: القوة السامية للفن في زمن الحرب
- أول ناد غنائي للرجال فقط في تونس يعالج الضغوط بالموسيقى
- إصدارات جديدة للكاتب العراقي مجيد الكفائي
- الكاتبة ريم مراد تطرح رواية -إليك أنتمي- في معرض الكتاب الدو ...
- -ما هنالك-.. الأديب إبراهيم المويلحي راويا لآخر أيام العثمان ...
- تخطى 120 مليون جنيه.. -الحريفة 2- يدخل قائمة أعلى الأفلام ال ...
- جائزة الشيخ حمد للترجمة والتفاهم الدولي تكرِّم المؤسسات الإع ...
- نقل الموناليزا لمكان آخر.. متحف اللوفر في حالة حرجة
- الموسم السادس: قيامة عثمان الحلقة 178 باللغة العربية على ترد ...


المزيد.....

- مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111 / مصطفى رمضاني
- جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- رضاب سام / سجاد حسن عواد
- اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110 / وردة عطابي - إشراق عماري
- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حيدر سالم - طالبُ المُستنصرية الأخير - نص