محمد عبد القادر الفار
كاتب
(Mohammad Abdel Qader Alfar)
الحوار المتمدن-العدد: 5793 - 2018 / 2 / 20 - 23:31
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
هل يستمر الوعي بعد الموت؟ ولأجعل سؤالي أوضح ما يكون: هل يحتفظ الانسان بوعيه وذاكرته بعد الموت، أي أن ذاته تغادر الجسد محتفظة بشعورها بالأنا وبذاكرتها؟
السؤال محدد وتقتصر الإجابات الممكنة له على: "نعم" و "لا".
إذا كان الجواب الصحيح "نعم" فإن الأغلبية الساحقة التي عاشت من البشر تعلم ذلك يقينا. لأن من ماتوا بالفعل هم الأغلبية الساحقة، فعمر الإنسان قصير جدا مقارنة بتاريخ وجود الإنسان، بل ويوما ما سيؤؤل عدد الأحياء إلى الصفر مقارنة بعدد من ماتوا، مهما زاد البشر. لان معدل زيادتهم لن يكون بوسعه منع ذلك طالما استمر الموت.
إذا كان الجواب الصحيح نعم فإن كل من يعتقدون بالعكس ومعهم الحائرون بخصوص الأمر هم أقلية بسيطة جدا أمرها مؤجل لوقت قصير جدا. والمتفرجون على هذه الحيرة من موقع اليقين هم اضعاف اللاعبين الواقعين في تلك التساؤلات.
المؤمنون بروح في هذه الحالة نسبتهم ساحقة مقارنة بمن يلحدون بالروح.
أما إذا كان الجواب الصحيح على سؤالنا هو "لا" فإن الأحياء فقط هم من يمكن اعتماد مواقفهم وبالتالي فإن النسب الموجودة في هذا العالم (ولعلها متقاربة بين المعتقدين بوجود روح والمنكرين لها) هي حقيقية لانها هي فقط الحية الواعية.
لقد أصبح الوجود مقبرة كبيرة جدا للبشر، فمعظم البشر الذين عاشوا هم في عداد الاموات والنسبة تزيد وتزيد. والشاهد على التاريخ من لحظة ولادة أول بشري وحتى هذه اللحظة يعلم أن الحياة استثناء وكل ابطال القصص ماتوا.
هذه المقبرة الهائلة ستصبح أوضح بعد مدة من الآن، حين تصبح لهذه الاغلبية من الموتى صور كثيرة وفيديوهات وحسابات ومنشورات وسائط تواصل.
القدرة على استعراض ماض سحيق موثق بأشد الصور والفيديوهات وضوحا سيجعل من المستقبل شيئا يشبه الحلم بالنسبة لأولئك الذين سيعيشون فيه.
إن حيرة أبناء المستقبل بخصوص سؤال ما بعد الموت سيكون مذاقها عجيبا، لان قدرتهم على تجاهل الموت ستقل كثيرا. وهذه القدرة بالذات هي خلف تكيف البشر مع هذا العالم الصامت.
يا أبناء المستقبل، إذا قرأتم كلماتي هذه فقد وصلكم سلامي من الماضي، ولكن لتعلموا أنه من الحاضر أيضا، وأنني حي الآن في مكان ما.
#محمد_عبد_القادر_الفار (هاشتاغ)
Mohammad_Abdel_Qader_Alfar#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟