|
على مشارف عفرين الكردية الجيش الحريقتل مرتين..!
إبراهيم اليوسف
الحوار المتمدن-العدد: 5793 - 2018 / 2 / 20 - 06:16
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
لا ينظر إلى استعانة تركيا ببقايا فصائل الجيش الحر، في العدوان على عفرين، على أنها مسألة عابرة، على النطاق السوري، بل ثمة أبعاد وتبعات كثيرة تترتب على ذلك، وهي تتعلق بالأثر بعيد المدى الذي ينتج عن هذا التحالف العابر، ليس في ما يتعلق بانهيار صورة- الجيش الحر- التي سنتوقف عندها هنا، بل لمسألة أبعد، أيضاً، تخصُّ مستقبل العلاقة بين المكونات السورية، وعلى وجه التحديد، مستقبل العلاقة مع الكرد، إذ يتم الإجهاز على هذه العلاقة، بعد أن اشتغل كل من النظام و بعض أطراف ووجوه المعارضة معاً، على وأدها، وتجلى ذلك على نحو واضح، خلال السنوات السبعة من عمر الثورة السورية التي انخرط فيها الكرد إلى جانب أخوتهم السوريين، ما خلا الاتحاد الديمقراطي الذي تحول في فضاء الثورة السورية من مرحلة الهلامية إلى مرحلة اعتباره أحد أهم القوى السياسية والعسكرية الفاعلة، إذ راح يعمل لأجل تعزيز حضوره، بعيداً عن الأهداف المنشودة للثورة، ليخسر بذلك قاعدة كبيرة من جماهيريته نتيجة رؤاه المجتمعية، غير القومية، بالرغم من أنه لم يرض أوساطاً سورية واسعة، وهو الأقرب إليها في سياساته التي أتبعها ميدانياً.
لقد وضع المقدم حسين هرموش البذرة الأولى للجيش الحر قبل أن يتعرض للاختطاف في تركيا، ويظهر على التلفزيون السوري، وكان اختطافه قد تم بموجب صفقة غير معلومة، ولم تكلف المعارضة السورية المقيمة في تركيا عن كشف ملابسات هذه الجريمة، ليتم تأسيس نواة- الجيش الحر- على مراحل، ويلقى تعاطف السوريين، بعد أن واجه النظام السوري المظاهرات السلمية التي قام بها السوريون في عدد من مدنهم، بالعنف، وكان ذلك مسوغاً لتقبل هذه الفكرة، على أن تكون مهمة هذا الجيش- الدفاع عن أهله وحمايتهم- قبل أن يتم إجهاض مشروعه، بعد تجاذبه من قبل الممولين، متناقضي التوجهات، وكان طبيعياً أن يكون هناك من يؤمن لقمة أسرة العسكري المنشق، كما مستلزمات تسليحه، وكانت هذه نقطة ضعف الجيش الحر.
طبيعي، أن واجهات المعارضة، لاسيما: المجلس الوطني السوري والائتلاف، كانا مطالبين، منذ أن تبنيا مشروع الجيش الحر، ألا يتركانه- في مهب تمويل الجهات الممولة- إذ ظلت تبعيته لهما شكلية، بالرغم من تأمينه ما الغطاء السياسي له، ما انعكس على مصداقيته، بل راحت فصائل الجيش الحر، المختلفة- كما جبهة النصرة- تؤثر على اسمه وسياساته، لاسيما بعد أن تلوثت أيديها بالفساد، ودماء السوريين، وبات من يعمل باسمه- قاطع طريق- يمارس عمليات خطف الأبرياء، وطلب الفدية، ناهيك عن عمليات السلب والنهب والتهجير والتمثيل ب"جثث الضحايا"، إلى أن سجل عليه ترك مهمته الرئيسة في إسقاط النظام، بل وترك العاصمة- دمشق- والهرولة إلى المعابر الحدودية لما تدره من أموال، ما أدى إلى التناحر بين عدد منها، ناسية مسوغ وجودها، ودوفع تأسيسها.
مؤكد، أن الصورة التي رسمناها للجيش الحر تكاد تكون محسنة كثيراً عن واقعه، لاسيما عندما نتحدث عن الانزياحات التي تمت في صفوفه، وهو يغذي بعض التنظيمات والفصائل الأشد راديكالية: جبهة النصرة- داعش، إذ حدث كثيراً أن راحت بعض الفصائل تبيع أسلحتها وعتادها وحتى مقاتليها لتلك الفصائل، بعد أن تمت-أسلمتها- واستسلامها وإذعانها وتقبلها لفكرة" الخلافة" التي جعلتها مرفوضة من قبل السوريين، حتى وإن اضطر بعض وجوه المعارضة للدفاع عنهم، بالرغم من المرجعية الفكرية العلمانية لكثيرين منهم، وذلك لأن الائتلاف الوطني قد تبنى ولايزال يتبنى هؤلاء، ومنهم من هو واضح الانتماء إلى تنظيم القاعدة.
ولقد كانت تركيا، وبحكم عوامل كثيرة: جغرافيتها المتاخمة للحدود السورية، ومشروعها الديني الافتراضي، ناهيك عن أنها منصة وقناة التمويل، أو الجهة الممولة لبعض الفصائل، فقد كانت الأكثر تحكماً في حراك الجيش الحر، إذ راحت تحول مسارها عن التفكير بإسقاط النظام، من خلال زجها في مواجهات مع الاتحاد الديمقراطي، كالتفاف على سؤال الثورة، والعمل لصالح مخطط آخر، ساهم في إنهاك هذه الثورة، وخدمة آلة النظام.
إن هذه الفصائل العسكرية" المتأسلمة" رضيت أن تؤدي دور الدرع البشري للجيش التركي الذي افترض تحقيق مخطط اقتحام عفرين خلال أربع وعشرين ساعة، وذلك لاستخدامه أحدث الأسلحة المتطورة، ومن بينها- الطائرات من دون طيارين- تركية الصنع، ناهيك عن أن الجيش التركي الذي يبلغ عدده مع احتياطيه المليون عسكرياً من مختلف التشكيلات: البرية- الجوية- البحرية ماعدا الشرطة وأجهزة الأمن، مقابل حوالي عشرين ألف مقاتل كردي يلقنه دروساً مريرة، بالرغم من أن هذا العدوان يستهدف المدنيين العزل، وقد ظهر في أحد الفيديوهات تعذيب أحد الأسرى، وإهانته، وهو غيض من فيض ما يجري من أهوال وجرائم
لعبت هذه الكتائب دوراً مضراً بالعلاقة بين الكرد و العرب السوريين، بعكس ما هو مطلوب منها، نتيجة تنفيذها لأجندات خارجية، وذلك منذ العام2012، إذ حاولت غزو "سري كانيي/رأس العين" وكان من الممكن أن تكون عامل أمان للعلاقة بين مجمل المكونات السورية، إلا أن عودتها بعد مرور خمس سنوات لتكون في مقدمة الجيش التركي أجهزت على العلاقة بين أكبر مكونين سوريين: الكرد والعرب، إلى درجة انعكاس ذلك حتى على الكثير من النخب السورية التي بدت ساكتة، أو مدافعة عن هذا العدوان، وفي هذا تكريس لحالة القطيعة بين أوساط غير قليلة من ذين المكونين.
وإذا كانت تركيا تقدم على احتلال أرض بلد ذي سيادة، فإن الفصائل السورية التي تسير تحت رايته ترتكب خيانة عظمى حسب المفهوم الوطني، ناهيك عن سقوطها الأخلاقي، لاسيما وإن الطرفين: هذه الفصائل و تركيا تحققان أحد مطالب النظام نفسه الذي هدد بعض ممثليه في الأسابيع الماضية بالانقضاض على "قسد" في إطار الحديث عن تخوين طرف كردي هو الأكثر حضوراً من الناحية العسكرية. كما أن كلا الطرفين يعملان بالتنسيق مع" جبهة النصرة" أحد أجنحة تنظيم القاعدة.
حقيقة، إن العدوان الذي يتم على الكرد الآمنين في عفرين إنما هو جائر، سواء أكان من قبل تركيا أو من قبل هذه الفصائل التي تتهرب من الأولويات المطلوبة منها، وها هو قد بدأ خاسراً حتى وإن تغيرت موازين المعركة، لاحقاً، نتيجة الصمت والتواطؤ الدوليين، وذلك بفضل صمود مقاتلي مجرد حزب تأسس في العام هو الاتحاد الديمقراطي2003، وبدأ حضوره الفعلي في العام2012، مقابل جيش عمره قرون طويلة، ما يشكل ضربة كبرى ل"سمعة"جيش" عريق" زمنياً، لم يستطع أن يتقدم، خلال حوالي أسبوعين، إلا كيلومترات قليلة بالرغم من استعانته بحوالي عشرين ألف مقاتل سوري، وسبب ذلك استبسال المقاتلين المدافعين عن عفرين التي بات يسميها بعضهم"عفرين غراد" ولعل تداعيات العدوان عليها يحرك الداخل التركي، بما يدخل تركيا في مستنقع لا خلاص منه؟ *المقال كتب في الأيام الأولى من العدوان على عفرين
#إبراهيم_اليوسف (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
امتحان عفرين وإعادة ترتيب العلاقات ضمن المعارضة السورية
-
إيزيديو عفرين والفرمان الرابع والسبعون
-
استعادة داعش بارين كوباني تخلع رداء الزيف عن قاتليها
-
عفرين وتأشيرة فتح أردوغاني
-
الفنان الكردي كانيوار إبداع مبكر ورحيل مبكر
-
سفينة- مولانا- البغدادي
-
طائر ساسون يعود أدراجه..
-
سكاكين أمريكية في الظهرالكردستاني
-
حوار حول مصير كردستان ومرحلة ما بعد احتلال بغداد ل- كركوك -
-
انتصار ثورة الاستفتاء العظمى والحرب المفتوحة على كردستان!
-
حملة التضامن- النهائية- مع رئاسة إقليم كردستان:: النسخة النه
...
-
أربعة منشورات فيسبوكية
-
الخطاب الثقافي الإعلامي العربي في مأزقه الجديد من-الاستفتاء-
...
-
كركوك وطلقة الفراق مع كذبة أخوة الدين ...!
-
من قتل جلال الطالباني؟
-
على هامش صدور روايته-شارع الحرية- إبراهيم اليوسف: كتابة الرو
...
-
دونكيشيتيو طواحين الهواء وحربهم على الاستفتاء...!
-
رحل الفنان الكردي الكبير كانيوار وظل صوته يدوي...!
-
مشروعية الاستقلال وعدوى العداء
-
أعداء الاستقلال.. محاولات لعقلنة الاستعباد
المزيد.....
-
اتهمت جيفري إبستين باستغلالها جنسيًا.. رواية فيرجينيا جوفري
...
-
فيديو: انهيار ناطحة سحاب في بانكوك جراء الزلزال يثير تساؤلات
...
-
إسرائيل تعلن توسيع نطاق عمليتها العسكرية في غزة مع إخلاء -وا
...
-
عملية أمنية أوروبية تطيح بشبكة ضخمة لاستغلال الأطفال جنسيا و
...
-
اتهام موظف رفيع في وزارة أمريكية بالقرصنة الإلكترونية
-
مستشار ترامب: الرئيس قادر على إيجاد طريقة للترشح لولاية ثالث
...
-
مشروبات الجمال والصحة
-
-ما حدث في غرينلاند يمكن تكراره في إسرائيل- - هآرتس
-
ترامب يستعد لـ -أم المعارك- التجارية: العالم على شفير هاوية؟
...
-
مناورات صينية بالذخيرة الحية حول تايوان تحاكي ضرب موانئ ومنش
...
المزيد.....
-
أمريكا وأوروبا: ملامح علاقات جديدة في عالم متحوّل (النص الكا
...
/ جيلاني الهمامي
-
قراءة جديدة للتاريخ المبكر للاسلام
/ شريف عبد الرزاق
-
الفاشية الجديدة وصعود اليمين المتطرف
/ هاشم نعمة
-
كتاب: هل الربيع العربي ثورة؟
/ محمد علي مقلد
-
أحزاب اللّه - بحث في إيديولوجيات الأحزاب الشمولية
/ محمد علي مقلد
-
النص الكامل لمقابلة سيرغي لافروف مع ثلاثة مدونين أمريكان
/ زياد الزبيدي
-
العولمة المتوحشة
/ فلاح أمين الرهيمي
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
الخروج للنهار (كتاب الموتى)
/ شريف الصيفي
-
قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا
...
/ صلاح محمد عبد العاطي
المزيد.....
|