أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد إنفي - المفسدون ملة واحدة، وإن اختلفت مرجعياتهم















المزيد.....

المفسدون ملة واحدة، وإن اختلفت مرجعياتهم


محمد إنفي

الحوار المتمدن-العدد: 5790 - 2018 / 2 / 17 - 03:18
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



إذا صح ما جاء في جريدة "الأخبار" (الثلاثاء 13 فبراير 2018) بعنوان مثير وبالبنط العريض على صفحتها الأولى حول تحالف حزبي الأصالة والمعاصرة والعدالة والتنمية لمناهضة تطبيق القانون وتعطيل مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة (ولا أعتقد أن الجريدة المعنية يمكن أن تجازف بإطلاق مثل هذا الكلام الغليظ والتهم الثقيلة، لو لم تكن تتوفر على ما يثبت ذلك)، فمعنى ذلك أننا قد أصبحنا قاب قوسين أو أدنى من أن يحقق هؤلاء مشروعهم المتمثل في "صناعة الدولة الفاشلة"(انظر "إنهم يمهدون لصناعة الدولة الفاشلة"، "الحوار المتمدن"، صفحة محمد إنفي، بتاريخ 24 غشت 2016)، لأهداف سياسية فوق وطنية، تتجاوز التدافع والتنافس على السلطة داخليا.
إن العنوان الذي وضعته "الأخبار" لموضوعها الرئيسي مثير حقا ومقلق فعلا؛ ذلك أن قولها: "عندما تتوحد المعارضة والأغلبية ضد مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة.. رؤساء البام و البيجيدي يتحالفون في حملة ضد افتحاص الجماعات ويطالبون بعدم تدخل النيابة العامة للتحقيق في ملفات الفساد والجرائم المالية"، يجعلنا نشعر أننا أمام وضعية خطيرة للغاية. فالأمر يدعو، فعلا، إلى القلق وإلى الخوف على الدولة وعلى المجتمع من الذين تغلغلوا في المؤسسات التمثيلية والدستورية باسم الديمقراطية والإرادة الشعبية المفترى عليهما(نحن نعلم الطرق والوسائل المستعملة في الرشوة الانتخابية للفوز بالمقاعد في المؤسسات التمثيلية).
لقد سبق للاتحاد الاشتراكي أن نبَّه إلى خطورة القطبية المصطنعة وأكد في غير ما مناسبة بأن حزب العدالة والتنمية وحزب الأصالة والمعاصرة وجهان لعملة واحدة. وهذا الكلام يسنده الواقع والتاريخ. فكلا الحزبين ولدا في حضن "المخزن" (أي الدولة) وبرعاية رجالاته. وهذا أمر معروف، ولا نحتاج للتفصيل فيه(انظر، مثلا، "التعددية الحزبية بالمغرب بين خطيئة النشأة و شرعية الواقع"، موقع "وجدة سيتي" بتاريخ 29 نونبر 2016). كما أن الهدف من هذا النوع من "التنشئة" السياسية الفاسدة لا يخفى إلا على المغفلين.
لكن التجربة أثبتت أن الاعتماد على الوسائل الفاسدة، في أي مجال كان، لا ينتج إلا الفساد (أو كما تقول القاعدة الشرعية: "ما بني على باطل فهو باطل"). فالبناء الديمقراطي المغشوش لن يستقيم ولن ينتج إلا المؤسسات الفاسدة والضعيفة؛ ولن تنفع الواجهة في تغطية عوراتها. وتتحمل الدولة المغربية، منذ الستينيات من القرن الماضي إلى اليوم، وزر هذا البناء المغشوش، الذي اعتمدت فيه على تفريخ الأحزاب الإدارية لمواجهة الأحزاب الوطنية الديمقراطية (التي خرجت من رحم المجتمع). وهو ما أعطى مؤسسات هشة وصورية لا مصداقية لها ولا فعالية. كما أن هذه السياسة ساهمت في تيئيس جزء كبير من المواطنات والمواطنين من العمل السياسي ومن جدواه. وهذا ما يفسر النسبة العالية من العزوف على صناديق الاقتراع؛ الشيء الذي يُسهِّل على "المستثمرين" في الهشاشة والمتاجرين في الفقر والحاجة، ممارسة الرشوة الانتخابية، سواء في شكلها الإحساني أو المتمثلة في الشراء المباشر للأصوات؛ وبتالي، يضمنون الفوز في الانتخابات الجماعية والتشريعية، ويستولون على المهام التمثيلية لخدمة مصالحهم الضيقة، الشخصية منها والحزبية؛ ويتبجحون، بعد ذلك، باختيار الشعب لهم.
لقد سبق لي أن كتبت مقالا بعنوان "قراءة في المشهد السياسي المغربي على ضوء الانتخابات الأخيرة: هل قدرنا الديمقراطي وجهان لعملة واحدة؟" (انظر "الحوار المتمدن"، صفحة محمد إنفي، بتاريخ 9 فبراير 2016). ويتضح من تاريخ نشر هذا المقال، أن الأمر يتعلق بالانتخابات الجماعية والجهوية التي جرت في شتنبر 2015، والتي أعطت لنا رؤساء الجماعات الترابية، الذين تجرؤوا على تقديم مطلب "عدم تدخل النيابة العامة للتحقيق في ملفات الفساد والجرائم المالية".
وبالعودة إلى نتائج هذه الانتخابات، يتضح أن الحزبين المعنيين بالمطلب أعلاه يتبوءان الصدارة في تسيير الجماعات الترابية. فإذا كان حزب العدالة والتنمية يتولى رئاسة أغلب المدن الكبيرة والمتوسطة، بالإضافة إلى جهتين، فإن حزب الأصالة والمعاصرة يرأس خمس (5) جهات من 12 ويسيٍّر الكثير من الجماعات القروية والمدن الصغيرة (وهو الأول من حيث الأصوات والمقاعد).
واتفاق الأغلبية والمعارضة (أي العدالة والتنمية والأصالة والمعاصرة)على تعطيل تطبيق مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة - في الوقت الذي أعطى ملك البلاد، باعتباره رئيس الدولة، المثال في تطبيق هذا المبدأ بإحداث ما سمي بالزلزال السياسي، في ملف "الحسميمة منارة المتوسط"، رغم أن التهمة الموجهة للذين شملهم الزلزال تتعلق بالاختلال في التدبير والتقصير في الإنجاز، وليس بالفساد والجرائم المالية - لهو أمر بالغ الخطورة وله مغزى سياسية، حمولتها الرمزية كبيرة، إن دستوريا أو مؤسساتيا.
وكون "رؤساء البام و البيجيدي يتحالفون في حملة ضد افتحاص الجماعات ويطالبون بعدم تدخل النيابة العامة للتحقيق في ملفات الفساد والجرائم المالية"، فهذا إعلان العصيان على القانون وعلى المؤسسات التي تعمل على تطبيقه أو حمايته، من جهة؛ ومن جهة أخرى، فهو دعوة لترسيم إطلاق اليد في تبديد المال العام، إن بنهبه وسرقته أو بتبذيره. فما معنى أن يطالبوا بعدم "التحقيق في ملفات الفساد والجرائم المالية"؟ فهل لم يعد لهم أي اعتبار يقيمونه لمؤسسات الدولة بمختلف درجاتها، بما في ذلك السلطة القضائية؟
إن رائحة الفساد السياسي والمالي...التي تفوح من هذا التحالف ومطلبه الغريب، لا تزكم الأنوف فقط ؛ بل تعلن بصراحة ووقاحة عن مستوى التحلل الذي يسعى هذا التحالف إلى إحداثه في مؤسسات الدولة حتى يتسنى لهم تحويل المهام التمثيلية إلى بقرة حلوب وورش لتعزيز سياسة الريع والزبونية والمحسوبية (في الوقت الذي تحتاج فيه البلاد إلى محاربة هذه الآفة لخطورتها على الدولة والمجتمع؛ وترتيبنا بين الدول يدل على هذه الخطورة). فالسياسة، بالنسبة لهؤلاء، ليست وسيلة للتنافس على حسن التدبير وتطبيق مبدأ الحكامة الجيدة (وهو مبدأ دستوري) خدمة للمصلحة العامة؛ بل وسيلة للاغتناء وكذا كسب الزبناء بواسطة الإهدار للمال العام لضمان أصواتهم في الانتخابات.
ورفض الافتحاص والتحقيق في الملفات دليل على الخوف من انكشاف أمر التلاعب في المال العام وافتضاح عدم صفاء الذمة المالية، وما يترتب عن ذلك من الناحية القانونية. وليس غريبا أن يتحالف المفسدون ضد القانون وضد مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة. فالمفسدون ملة واحدة ومصالحهم مشتركة، وإن فرقت بينهم المرجعيات التي يدعون أنهم ينتمون إليها. هذا، ما لم يكن تحالفهم يدخل ضمن مخطط يتجاوز السقف الوطني(انظر المقال الذي أشرنا إليه في الفقرة الأولى).
والمثال الذي نحن بصدده يستدعي من النخب الوطنية - الفكرية والثقافية والحقوقية والاجتماعية والإعلامية والسياسية...المتشبعة بالروح الوطنية والمنشغلة بأمر ترسيخ دولة الحق والقانون من خلال نضالها من أجل تطبيق مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة ومبدأ عدم الإفلات من العقاب- يستدعي الوقوف ضد هذا المد الخطير من الفساد الذي يعبر عن نفسه صراحة من خلال المؤسسات التمثيلية الترابية؛ أي المؤسسات القريبة من المجتمع. فهل بمثل هؤلاء المفسدين يمكن أن تُصان مصالح المواطنين؟ وهل بمثل هؤلاء يمكن لمجتمعنا أن يتقدم اقتصاديا واجتماعيا وثقافيا وحقوقيا وسياسيا...؟
خلاصة القول، مطلب رؤساء "البام" و"البيجيدي، يجب أن سيستنفر كل مؤسسات الدولة. وعلى الدولة أن تكون حاسمة وتفعِّل، في هذه النازلة، مؤسساتها الدستورية، وأساسا، الرقابية منها والقضائية، إذا كانت ترغب، بالفعل، في تحقيق دولة الحق والقانون ودولة المؤسسات. فرؤساء الجماعات التربية ليسوا فوق القانون وليسوا أفضل من المسؤولين الحكوميين والإداريين الذين شملهم "الزلزال السياسي".
مكناس في 16 فبراير 2018



#محمد_إنفي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الدرس الألماني في مفهوم الديمقراطية وفي تدبير المفاوضات السي ...
- كلام في البلطجة السياسية: بنكيران نموذجا
- خسئ الملفِّقون ولو... !!!
- تاريخ الاتحاد الاشتراكي، نزيف داخلي دائم وهدم ذاتي قائم؛ ومع ...
- بين -سيكوم- و-سيكوميك-، يكمن سر المؤامرة: فأين نحن من المقاو ...
- النصب والتحايل على العمال وعلى الدولة ومؤسساتها: -سيكوم- و-س ...
- عيِّنة من الفساد الاقتصادي والاجتماعي والإداري: النصب على ال ...
- هل -كرة القدم مثلها مثل السياسة- ؟
- على هامش محاكمة نشطاء -حراك الريف-: سؤال الدفاع بين أخلاقيات ...
- ما أحوجنا إلى سقراط!!!
- من وحي الحلقة الأخيرة من برنامج -ضيف الأولى-
- في ربط المسؤولية بالمحاسبة
- الإعلام الإليكتروني بين تنفيذ التعليمات وتصفية الحسابات: -هس ...
- المغربي وثقافة التعميم
- في الفرق بين الولاء للمؤسسات والولاء للأشخاص أو للمصالح الشخ ...
- آهٍ من هذه الحسيمة التي عطلت تفكيري !!!
- عن اللغو والغلو في شأن قرار تعويض بنكيران بالعثماني على رأس ...
- السكيزوفرينا السياسية
- التحليل السياسي بين الرغبات الذاتية ومعطيات التاريخ والواقع
- في السلفية الحزبية


المزيد.....




- النيجر.. إطلاق سراح وزراء سابقين في الحكومة التي أطيح بها عا ...
- روسيا تشهد انخفاضا قياسيا في عدد المدخنين الشرهين
- واشنطن تدرس قانونا بشأن مقاضاة السلطات الفلسطينية بسبب هجمات ...
- هل يمكن للسلطة الجديدة في سوريا إعادة ترتيب العلاقات مع بكين ...
- الرفيق جمال كريمي بنشقرون يناقش غلاء الأسعار وتسييس القفة ال ...
- إسرائيل تعدل إجراءات الإنذار استعدادا لهجمات صاروخية كبيرة و ...
- القضاء الأمريكي يرفض نقل قضية ترحيل الطالب محمود خليل المؤيد ...
- باراغواي تستدعي السفير البرازيلي لديها وتطالبه بتوضيحات حول ...
- موسكو: سنطور الحوار مع دول -بريكس- ومنظمات أخرى لبناء الأمن ...
- تبديد أسطورة فائدة أحد مكونات النبيذ


المزيد.....

- أمريكا وأوروبا: ملامح علاقات جديدة في عالم متحوّل (النص الكا ... / جيلاني الهمامي
- قراءة جديدة للتاريخ المبكر للاسلام / شريف عبد الرزاق
- الفاشية الجديدة وصعود اليمين المتطرف / هاشم نعمة
- كتاب: هل الربيع العربي ثورة؟ / محمد علي مقلد
- أحزاب اللّه - بحث في إيديولوجيات الأحزاب الشمولية / محمد علي مقلد
- النص الكامل لمقابلة سيرغي لافروف مع ثلاثة مدونين أمريكان / زياد الزبيدي
- العولمة المتوحشة / فلاح أمين الرهيمي
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- الخروج للنهار (كتاب الموتى) / شريف الصيفي
- قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا ... / صلاح محمد عبد العاطي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد إنفي - المفسدون ملة واحدة، وإن اختلفت مرجعياتهم