أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - بلقيس خالد - الشاعرة بلقيس خالد في روايتها الأولى (كائنات البن) بين الواقعية والميتافيزيقيا / الكاتب علاء لازم














المزيد.....


الشاعرة بلقيس خالد في روايتها الأولى (كائنات البن) بين الواقعية والميتافيزيقيا / الكاتب علاء لازم


بلقيس خالد

الحوار المتمدن-العدد: 5788 - 2018 / 2 / 15 - 12:22
المحور: الادب والفن
    



(1)
لم تعد الأعمال الروائية مجرد سرد تقليدي ، أو حكايات تحكى ، يحاول فيها كاتبها نقل المشهد كما يفعل المصور الفوتغرافي ، أو القصة خون ، بل لا بدّ أن تنضج لدى الكاتب مجموعة من الأدوات والوسائل والتقنيات التي تعينه على صوغ هذه الحكاية أو تلك في قالب قصصي بديع ، فيه عمق الفن ، وثراء التجربة ، وقوة الملاحظة ، والتشويق ، لدفع القارئ لتكملة القراءة ؛ يقول روي بيتر كلارك وهو يفرّق بين التقارير والقصص : (( وظيفة التقرير نقل الأخبار، أمّا القصة فتصنع الخبرة ، التقرير ينقل المعرفة ، أمّا القصة فتنقل القارئ عبر حدود الزمان والمكان والخيال ، التقرير يوجهنا إلى هناك ، أمّا القصة فتضعنا هناك )) ( أدوات الكتابة ص 151 )، ثمّ قال في موضع آخر (( قيّم مدى نجاح المؤلف في دفعك إلى تكملة القراءة من عدمه )) ( أدوات الكتابة ص185 ) ، وبصفتي أحد القراء أقول : هل نجحت الكاتبة بلقيس خالد في دفعي إلى تكملة قراءة عملها الروائي ( كائنات البُن ) الصادر عن دار المكتبة الأهلية في البصرة ( 2017 ) ؟
إن الحدث الرئيس الذي ارتكزت عليه رواية ( كائنات البُن ) هي حادثة سقوط مدينة الموصل واحتلالها من قبل عصابات داعش الظلامية ، وما تمخّض عن ذلك من أحداث أخرى كالاغتصاب والتقتيل والتهجير القسري وإهلاك الحرث والنسل ، وقد كتبت الرواية بأسلوب خالٍ من التعقيد والمتاهات ، وبلغة بسيطة وسهلة تقترب من المباشرة ، لكنها بساطة تنطبق عليها صفة (( السهل الممتنع )) ، وقد استخدمت أديبتنا الشاعرة والإعلامية بلقيس خالد: اللغة على ثلاث مستويات : لغة سردية فصحى ، ولغة قريبة من لغة الشعر ، ولغة خليط من اللهجة المحكية والفصحى ( وأبعثرها للريح يتلقاها شليل زوجتي / تحمل استكانة شاي / المكان مزحوم / يقظة ماكرة تشترط قهوةً وشاياً سنكيناً / تعال نتناول الريوك معاً ) .
(2)
وكإشارة واعية من المؤلفة إلى كارثية الحدث ، وكابوسيته ، وظلاميته ، وتوقف فعاليات الحياة ، فقد كرّرت الكاتبة كلمة ( الصمت ) ومرادفاتها ( 44 ) مرة ، ابتداءً من عنوان المقطع الاستهلالي ( ص8 ) وصولاً إلى صفحة ( 46 ) ، لأنها على يقين أن التكرار يمنح عملها إيقاعاً خاصاً وتنوعاً ، الهدف من استخدامه نقل حالة نفسية للقارئ ، وإيصال مجموعة من الصور ربّما تكون غير موصولة عنده لتبيان حجم الكارثة ، فالصمت : (( ينتزع الثقة بالحياة )) ( ص8 ) ، و (( بين الكهوف نسير وننظر معطلة لغة الصوت .. الكهوف : كفن من حجر ، وأمسنا الجميل .. مثل حجر سقط من حجر ولن يعود )) ( ص41 ) .
(3)
وبعد أن تحررت الأرض من الظلاميين وصاروا (( يتساقطون واحداً تلو الآخر )) ، تحولت الكلمة ثانية إلى صوت كما كان كلّ شيء في البداية .. (( آه ، كم هو ثقيل الصمت .. قالت إحداهن .. أنعود نتنفس من الأرض ؟ هل سيعود إلى الوجوه ماءها ؟ صوت ابتهالاتهن يعلو )) ( ص53 ) وتلاشت مفردة الصمت ، ولكن (( صارت العينان مفقوءتين : حين غابوا في الأقاصي .. لا جدوى من تشغيل الكلام : فالعين عاطلة عن الأحبة )) ( ص55 ) فبرزت الحاجة إلى لفظة الصمت ثانية ، فتحول أسلوبها إلى : كلام بين صمتين ( صمت / كلام / صمت ) ، ويعد ذلك شكلاً جمالياً يستهدف مخاطبة المتلقي قصد إشراكه ، وبهذا الاعتبار يغدو النصّ مزيجاً من المصرّح به والمسكوت عنه .
(4)
ولا يفوت الكاتبة أن تكسو واقعية أحداث عملها الروائي بطبقة من الميتافيزيقا ، في قصة خطف النساء من قبل الأشباح التي تسكن الكهف (( يقال حين أمسكوهن انتزعوها من أحضاني ( صمت ) تحدّث نفسها هامسة صغيرة وترفة ..... رموا جثتها بعيداً .. وهناك من يقول أنها استفاقت وذهبت مع النساء .. لحظتها أنا من الميتات .. وقالوا خطفتهنّ الأشباح التي تسكن ذلك الكهف .. يقولون أنّ الأشباح تسكن البراري والكهوف والجثث والقبور والخرائب ونحن تجاسرنا على ممالكهم .. وآخرين أشاعوا : انفتح باب في الأرض وابتلعهن ، وهناك من يقول أن ابنتي هربت مع عشيقها الشاعر )) ( ص62 ) ، فهل كانت الكاتبة بهذا التوظيف تشير إلى عدم إمكان التواصل الإنساني بوجود هذه الجماعات الطارئة ، أم أنها أرادت الإشارة إلى سطوة قوة غامضة لا راد لها لا تريد التصريح باسمها ؟ .
(5)
وبين الواقعية والميتافيزيقا كان للحب مساحة لا بأس بها في أحداث الرواية ، تمثلت بحكايتي عشق لم تكتملا : الأولى لفلّاح ، والثانية لشاعر .
انتهت الحكاية الأولى بموت الحبيبة بجريمة اغتصاب وحشية من قبل عصابة ظلامية مجهولة : (( صرخت تستغيث ثمّ في يأس صاحت : أريد الاستحمام ، قليلاً من الماء ، ماء ماء ، وتفتت صوتها .. خرج من كان معها قائلاً : لم تحتمل )) ( ص43 ) ، وهنا ممكن أن يتحول الهم الخاص ( اغتصاب الحبيبة ) في دلالته الرمزية إلى همّ عام ( اغتصاب المجتمع ) ، أما الحكاية الثانية فبطلتها شابة منعتها أمها من الزواج بشاعر ، وقد انتهت بفقدان الحبيبة وضياعها ، ربّما سافرت إلى بلاد أخرى ، وربّما اغتصبوها حتى الموت ، ومن ثمّ أحرقوا جثتها ، وربما قتلها شبح من الأشباح ، كلّ الاحتمالات واردة ( 72 ـــ 74 ) .

(6)
وكما تنقلت الكاتبة بلقيس خالد في روايتها ( كائنات البُن ) برشاقة في لغتها بين فصحى وعامية ، وكما تركت روايتها مغفلة من الأسماء ، وكما حرصت على الدخول من بوابة الميتافيزيقا إلى عالم الواقع ، وبالعكس ، تركت نهاية روايتها مفتوحة تحتمل أكثر من وجه ، لكي تفسح المجال للقارئ لكي يتخيّل نهاية مناسبة ، تكون بداية لحياة جديدة .
المقالة منشورة في(طريق الشعب) 13 شباط 2018






#بلقيس_خالد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- منتدى أديبات البصرة : معطف غوغول
- البصرة : عاصمة مهرجان المربد
- أصبوحة السبت/ أمسية الأربعاء
- مفتاح الضفيرة
- قصائدنا جنوبية
- مفتاح النور
- ،،تقدم ،، البصرة
- أربعاء النرجس
- موسيقى شعرية
- المرأة العراقية : مستقبل العراق
- القاصر
- قصيدة النثر.. فضاء متجدد : بلقيس خالد تحاور الدكتور الناقد م ...
- الشاعرة بلقيس خالد: كل الطرق تؤدي إلى البصرة و لي عزلتي التي ...
- فرشاة تراقص الفراشات
- المرأة في البصرة .. وبناء السلم الأهلي
- أشهدُ أني لا أعرف كيف أصوغ أمتناني
- الأمسية الأولى / السنة الثانية
- طرق على الباب
- مدن ٌ.. بلا شجر
- مهرجان للقصيدة والموسيقى ..في منتدى أديبات البصرة


المزيد.....




- أزياء وفنون شعبية وثقافة في درب الساعي
- رحيل أسامة منزلجي.. رحلة حياة في ترجمة الأدب العالمي
- مصر.. مفاجأة في قضية طلاق الفنان الراحل محمود عبد العزيز وبو ...
- السودان : تدمير مباني الاذاعة والتلفزيون والمسرح من قبل الدع ...
- بعد سرقة تصاميمها... فنانة وشم بلجيكية تربح دعوى قانونية في ...
- من باريس إلى نيويورك.. أهم متاحف العالم تُطلق خططا تجديدية
- جائزة الكتاب العربي تكرم الفائزين في دورتها الثانية
- لغة الكتاب العربي.. مناقشات أكاديمية حول اللسان والفلسفة وال ...
- عاصمة الثقافة الأوروبية 2025.. مدينة واحدة عبر دولتين فرّقته ...
- تحذيرات من تأثير الشاشات على تطور اللغة والذكاء لدى الأطفال ...


المزيد.....

- أدركها النسيان / سناء شعلان
- مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111 / مصطفى رمضاني
- جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- رضاب سام / سجاد حسن عواد
- اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110 / وردة عطابي - إشراق عماري
- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - بلقيس خالد - الشاعرة بلقيس خالد في روايتها الأولى (كائنات البن) بين الواقعية والميتافيزيقيا / الكاتب علاء لازم